بسم الله الرحمن الرحيم
ـــــــ من محض الخيال / الكاتب السوداني عمر عيسى قصـة الأسرار القاتلة !!
هي قولة ترسخت في أذهان البعض بأن الدم هو أقوى الرباط بين العشيرة .. وخاصة إذا كانت العلاقة بين إخوة أو أخوات .. ولكن كم من القصص التي تحدثت عن الإخوة الأعداء .. وهنا نموذج يماثل تلك القصص .. فالأب لأسرة مكونة من أولاد وبنات كان كثير الأسفار .. وغامض الأسرار .. وكان ماهراً في أخفاء المعالم .. كان يدعي بأنه يتعامل بالتجارة الحرة حيث يسافر لبلدان يأخذ منها البضائع ثم يبيعها في بلدان أخرى .. تلك كانت رواياته دائماً ولكن لم يكن هناك في يوم من الأيام شاهد عيان يثبت حجته .. وعندما كبر أولاده وحاولوا أن يقفوا على المزيد من أسرار مهنته كان يقفل الموضوع فوراً .. وتظهر علامات الغضب على وجهه .. ولذلك كانوا لا يعيدون المحاولة .. والرجل بالرغم من كل ذلك كان غنياَ يملك الكثير من الأموال والعقارات .. ولكن دوام الحال من المحال .. والأقدار هي الأقدار .. فمات الرجل فجأة بنوبة قلبية .. ودون أن يستعد لذاك اليوم فلم يقل لأهله الكثير من أسراره .. أما الأسرة فقد حزنت كثيراً .. ثم بدأت في ترتيب أحوالها حيث فوضوا الابن الأكبر لحصر التركة ومعرفة الأرصدة للأب في البنوك وشركات الاستثمار .. وفعلاً أجتهد الابن في إخراج شهادة وفاة الأب .. ثم بدأ يحصر التركة والموجدات بعد أن منحوه التواكيل اللازمة .. وأخذت الإجراءات وقتاً ليس بالقصير .. وفي النهاية تم تحويل كل الإرث لأفراد الأسرة حسب الشرع .. وكانت الأموال كافية ومغرية للغاية والأملاك في مواقع كثيرة .
وفي ذات يوم طرق أحدهم الباب .. وكان شاباَ فيه الكثير من ملامح أبيهم .. وخلاصة القول أدعى ذلك الشاب بأنه وأسرة أخرى مكونة من أولاد وبنات هم أبناء ذلك الرجل .. وأنهم كانوا يجهلون كلياً بأن أبيهم قد توفي .. وكذلك يجهلون كليا بأن هناك أسرة أخرى لأبيهم .. وبالصدفة وجدوا صورة أبيهم مع النعي في الجرائد .. وبالتحري توصلوا إلى عنوان الأسرة الأولى .. ولكن أفراد الأسرة الأولى لم يتقبلوا القصة .. وأنكروا كل الرواية .. بل وطردوا الأخ من المنزل .. فأصبحت القضية بين أسرتين أمام المحاكم .. الابن الأكبر يقود قضية الأسرة الأولى ثم الابن الأكبر يقود قضية الأسرة الثانية .. ودامت القضية أمام المحاكم لفترة ليست بالقصيرة .. وفي النهاية كسبت الأسرة الأولى القضية بينما خسرت الثانية لعدم توفر إثباتات وثيقة زواج الأب من أم الأسرة الثانية .. وبالتالي نشأت عداوة شديدة بين الأسرتين وخاصة بين الأخوين الكبيرين .. وبالرغم من أن أفراد الأسرتين أولاداَ وبناتاَ كانوا يتشابهون كثيراً في الملامح .. وكانت أفراد الأسرة الأولى على يقين تام بأن رواية الأسرة الثانية صحيحة .. ولكن المطامع والأموال حالت دون الرضوخ لأمر واقع .. وقد تحدى الأخوان بعضهما البعض .. ودخلا في حرب طويل ضروس . وبدأ ابن الأسرة الثانية في التنقيب عن أسرار والدهم .. وعن أعماله وعن سفرياته .. وتوصل إلى أسرار كثيرة لم تكن معروفة .. فالأب لم يكن تاجراً عادياً بل كان رحالاً ومزواجاً .. وقد أكتشف لأبيه أسر أخرى وعائلات أخرى ..
وفي خضم معركة الإخوة الأعداء فكر الابن الأول للأسرة الأولى في الزواج وأختار شريكة حياته .. وأعلن النبأ .. ولما سمع أفراد الأسرة الثانية بدأ ألابن الكبير في تقصى الحقائق ومعرفة أسرار الزواج الجديد .. وفي ذات يوم دخل على أخيه العدو في مكتب .. وصرح له بأنه سمع بمشروع الزواج ولكن أقسم بالله ثلاثاً بأن تلك الزيجة لن تتم إطلاقاً ما دام هو موجود على وجه الأرض .. فقبل الأخ العدو بالتحدي .. بل أعلن في تحد قوي وشديد مماثل بأنه في حالة نجاح ذلك التحدي وفشل الزواج فإنه سوف يعلن أمام الجميع بأنهم أخوة وأن الأسرتين ينتمون لأب واحد .. وتفارق الأخوان والكل يصر في نفسه في خذلان الآخر ..
ثم كان يوم مناسبة الزواج .. وأجتمع الأهل والجيران في مناسبة كبيرة حافلة تليق بمقام الأسرة الثرية .. وحضر في المناسبة الأعيان والكبار .. ثم بدأ المأذون في إجراءات عقد القران .. بحضور العريس وبحضور أهل العروسة .. وفجأة دخل عليهم الأخ العدو وأمر بإيقاف إجراءات العقد وسط دهشة وذهول الجميع .. فقام الأخ العدو متحدياً وحاول أن يطرده من الساحة إلا أن أخيه العدو أخرج سنداً من جيبه تؤكد بأن العروسة هي أخت العريس بشهادة ميلاد موثق .. وكانت مفاجأة للجميع .. وحاول الأخ العريس أن يتحرى الصدق فوجد الكلام صحيحاً .. فالعروسة هي أخت لهم وحيدة ماتت أمها منذ فترة وهي صغيرة .. فتربت في أحضان أسرة تكرمت وقبلت بتواجدها معها عندما وجدوها متشردة في الشوارع .. وهكذا كل مرة تظهر أسرار ومفاجآت للأب الغامض .. مما استلزم من الأسرتين إعادة الحسابات .. وتوحيد التعاضد والقبول بالآخر .. والتنقيب من جديد في مجاهل الأسرار .
ساحة النقاش