بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

       

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قصتهــا  والأخ     !!!!!!!!!

 

على حين غفلة من الحذر كان حظها أن تتواجد وحيدة في زاوية الظلام .. وما رغبت في ذلك ولكنها تاهت .. ثم حاولت أن تصحح مسارها .. ولكنها تعمقت أكثر في متاهات الأزقة والمسارح الخلفية .. تلك التي تمثل مأوى الذئاب والكلاب .. هناك الوجوه الغريبة .. تلك التي تعودت التمرد والتمرغ في الأوحال .. والتي تمارس كل أنواع المعاصي بجدارة دون أسف أو ندم .. فهناك زوايا المخدرات .. وزوايا الميسر والقمار وهناك خلايا الدعارة والبيوتات المشبوهة .. بجانب قطاع الطرق واللصوص .. وتلك الزوايا والأزقة الضيقة تخاف اللجوء إليها أجهزة الأمن .. ناهيك عن تواجد بريئة أوقعها حظها في أتونها   .. وتلك ضالتنا في حيرة تنظر يميناً وشمالاً فلعلها تلمح عيناً تشفق على حالها .. أو نفساً تحن عليها .. أو يـداً تأخذ بيدها إلى بر الأمان .. ولكنها لا ترى أمامها  إلا عيوناً جائعة بشهوة .. أو راغبة في فريسة سهلة تماثل حالها ..  ثم بدأت تتكاثر أعداد الكواسر حولها .. وتضيق عليها الخناق .. وبما أن الفريسة سهلة المنال بطبيعة حالها الجسماني والأنثوي .. فإن الذئاب أدركت أن المعضلة ليست في نيلها ولكن المعضلة أمامها هي من سينالها أولاً .. ولذلك بدأت الكلاب والذئاب  تتشاجر مع بعضها البعض .. فظهرت في الساحة وجوه أكثر شراسة وعدوانيةً .. والمسرح أصبح كالغابة السيادة فيه للقوي ..  فيتقدم الشرس نحو الفريسة لينالها بينما تتراجع الأقل شأناً في الشراسة عن المحاولة .. فأدركت المسكينة أنها لابد هالكة .. ولا أمل في نجاتها .. فأخفت وجهها بيدها بعد أن جلست على الأرض  ثم انزوت في ركن ضيق ..  ومن حولها ازدادت معارك التنافس .. واشتدت الضربات بين الفئات المتنافسة .. وهناك سالت الدماء واستخدمت كل أنواع الأسلحة من عصي وخناجر .. وهي جالسة مرهوبة ترتجف كالريشة في مهب الرياح .. واستمرت مراحل الخوف والرعب في جوفها كأنها سنوات .. حتى أنها تمنت في داخلها لو أن النهاية قد دنت حتى ترتاح من تلك المعاناة .. عينها مغمضة من شدة خوفها .. ولكن سمعها تلتقط كل أنواع السباب والشتائم والتهديد بين المتنافسين .. وتسمع الضربات القوية وصيحات التوجع والآلام .. كما أنها تسمع أصوات سقوط الأجساد المترنحة على الأرض .. واستمرت المعارك لساعات .. فالفريسة جاذبة ومغرية وسهلة المنال ولكن الطريق إلى نيلها محفوف بالمتنافسين ..

                       أما قصتها فقد عاشت مع أهلها عزيزة ولها أخ عزيز تحبه ويحبها .. ثم لما بلغ الأخ مراحل المراهقة بدأ مثله ومثل من في عمره أن يتظاهر بكمال القوة واكتمال الثقة بالنفس .. فأخذ يقدم ويؤخر .. ويخرج عن قوانين البيت .. فهو دائماً على خلاف مع أبيه وأمه .. فيرى الصواب في أفكاره .. والخطأ في أفكار والديه .. وفي يوم من الأيام كانت الخلافات عميق بينه وبين والده فخرج من البيت غاضباً .. ومهدداً بعدم العودة للبيت مرة أخرى .. وتلك المراحل لم تعجب الأخت التي تاقت لرؤية أخيها الذي غاب عن الدار لأكثر من أسبوع ..  فخرجت تبحث عنه في شوارع المدينة الرئيسية .. لعلها مصادفة تجده أمامها .. ولكنها مرت الأيام في بحثها فلم توفق .. فسولت لها نفسها أن تحاول البحث عن أخيها في المراحل الخلفية للمدينة .. فكانت القصة والورطة كما رأينا .. أما المعارك التنافسية حول الفريسة فقد اشتدت مرة أخرى .. ثم هدأت  ثم مرة أخرى تهديدات ووعيد .. ثم ضرب وعنف وسب وشتم .. ثم فجأة لفـح الساحة هدوء غريب .. وكأنه ذلك الهدوء الذي يسبق العواصف .. فقالت المسكينة في نفسها الآن دنت لحظة الموت .. فأخذت ترتجف بشدة .. دون أن تفتح عينيها ..  سائلاً المولى في أعماقها أن ينقذها .. ثم مرت فترة السكون لدقائق أخرى .. ولكن بالنسبة لها كانت لحظات ترقب وخوف .. وهي أشد اللحظات ألماً ومعاناة  .. وأطول اللحظات عمراً وزمناً .. ثم فجأة أحست أن يداً تلمس كتفها .. فانتفضت مذعورة صارخة بصوت حاد .. ولكن إذنها التقطت صوتاَ مألوفاَ هادئاً يطمئنها .. فهدأت من روعها ثم فجأة فتحت عينيها لتجد نفسها في أحضان أعز إنسان لها في الدنيا .. هو أخوها ذلك العزيز الذي قدم إليها في أشد لحظات الحوجة منها إليه .. فكأنه ملك نزل من السماء .. فرمت بجسدها في أحضان أخيها وهي تبكي بشدة وحرقة .. ودموعها خليط من دموع الألم بدموع الفرح  .. ثم لما ذهب الروع عنها تفقد حال أخيها .. فإذا هو مصاب بالجروح في كل بقعة من جسده .. فقد دافع عن أخته بكل ما يملك من شجاعة ورجولة حتى أنه أستطاع أن يهزم جبابرة الأزقة الذين تراجعوا في النهاية لما تيقنوا أن الفريسة ليست بتلك السهولة التي كانوا يؤملونها .. أما هي فأخذت تشفق على أخيها الذي يعاني من الجروح والدماء السائلة .. أما هو فكان عتابه لها أنها بغفلة وبلاهة أوجدت نفسها في موقع المحرمات والمكاره والإجرام .. ثم أمسك بأخته بيده حول كتفها ثم خرج بها من متاهات أزقة الإجرام والفسوق . ثم إلى بيت الأسرة .. وكان هو البطل الحقيقي الذي طالما أمنت به أخته دون سواها .          

ــــــــــــ

 قصة من محض الخيال / للكاتب السوداني عمر عيسى محمد أحمد

 

 

 

 

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 29/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
13 تصويتات / 255 مشاهدة
نشرت فى 29 إبريل 2011 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

778,657