الإنجاز العدواني ما بين الإنجاز والعدوان :

        لا شك أن كلمة " إنجاز Achievement " تعد من المفاهيم الشائعة التي تثير في الذهن عوامل إيجابية مرتبطة بالتفوق والامتياز وغيرها من السمات الإيجابية التي من شأنها أن تعمل على الارتقاء بالفرد والمجتمع .

 

        وعلى النقيض فإن كلمة " عدوان Aggression " تعد من المفاهيم الأكثر شيوعاً والتي تثير في الذهـن عوامل سـلبية عديدة مرتبطة بالعنف والأذى والتدمير والتخريب وغيرها من السمات السلبية التي من شـأنها أن تعمـل على الانحطاط من شأن الفرد والمجتمع .

 

        أما مصطلح " الإنجاز العدواني Aggressive Achievement " يعد من المصطلحات غير الشائعة من حيث المفهوم والذي يثير في الذهن أفكار متعددة مختلفة باختلاف الفرد والبيئة والموقف حيث يرى البعض أن هناك علاقة بين العدوان والإنجاز ، في حين يفصل البعض مصطلح الإنجاز عن العدوان ، بينما يتجه آخرون إلى أن كل من الإنجاز والعدوان يمثلان متصلاً إيجابياً ، كما يتمثل ذلك في الدفاع عن الحق وما سلب ، فيعد العدوان هنا بأقصى درجاته مرتبطاً بالإنجاز وهو تحقيق النصر أو إعادة الحق أو ما سلب أو الدفاع عن النفس ... الخ .

 

        في حين يفصل آخرون بين مصطلح " الإنجاز " ومصطلح " العدوان " فالعدوان يؤدي إلى الدمار دائماً أما الإنجاز فيؤدي إلى الارتقاء باستمرار .

 

        ولذا يقوم الباحث بعرض مفهوم الإنجاز ومفهوم العدوان كل على حدة ، وذلك على النحو التالي :

 

أولاً : الإنجاز            ثانياً : العدوان

أولاً :  للإنجاز Achievement  

        يكاد يجمع علماء النفس على أنه يمكن تفسير معظم أنماط السلوك الإنساني من خلال أحد المكونات الدافعية الهامة وهى الحاجة أو الدافع للإنجاز .

 ط

        فيرى علماء النفس أن الدافع للإنجاز ليس من الشروط الضرورية لبدء التعلم والعمل فحسب ، بل إنه ضروري للاحتفاظ باهتمام الفرد وزيادة جهده ، بحيث يؤدى إلى تركيز الانتباه وتأخير الشعور بالتعب فيزيد الإنتاج ، كما أن الدافع للإنجاز يكون مصدر هام من مصادر التحصيل الدراسي لدى الطلاب ، فقد يغير الدافع طالباً فاشلاً فيجعله متفوقاً ، وقد يكون الافتقار للدافع سبباً وراء رسوب طالب آخر ، بينما يجعل الدافع طالب ثالث يؤدى عمله بنجاح .

        ويرجع مفهوم الدافع للإنجاز من الناحية التاريخية إلى " ألفرد أدلر Adller " الذى أشار إلى أن الحاجة للإنجاز دافع تعويضي مستمد من خبرات الطفولة ، كما أن " كيرت ليفين Levin " الذى عرض هذا المصطلح فى ضوء تناوله لمفهوم الطموح وذلك قبل استخدام مورى للمصطلح (الحاجة للإنجاز) .

 

        ولقد برز مفهوم الدافعية للإنجاز خلال العقود الثلاثة الماضية وفرض نفسه على الساحة العلمية ، وتراكم حوله عدد كبير من الدراسات التى حللته ودرست علاقته ببعض المفاهيم الأخرى .

        وكمـا يرى " Waslow , 1954 " أن دافـع الإنجاز يعد مكوناً أساسياً فى سعى الفـرد تجاه تحقيق ذاته حيث يشـعر الإنسـان بتحقيق ذاته من خلال ما ينجز ، وفيما يحققه من أهـداف وحيث يعتبر تحقيق الذات أرقى مسـتويات الدافعية الإنسـانية لتحقيق ما لديه من إمكانيات ، لتغدو حقيقة واقعة ، وفقاً لنموذج ماسلو للدافعية .

 

 

        ويشير محمد شلبى (1985) أن الدافعية للإنجاز قد لقيت اهتماماً كبيراً من علماء النفس عما حظيت به الدوافع الإنسانية الأخرى ، ويرجع ذلك إلى أن إشباع الدافع للإنجاز لدى الفرد ربما حقق إشباعاً لرغبات أخرى ، فالحصول على درجات مرتفعة فى المدرسة ربما ساعد الفرد على إشباع حياته للقبول الاجتماعى وتعاطف الآخرين وتجنب العقاب وينعكس ذلك على حياة الجماعة .

        والفرد المنجز هو مصدر ثروة المجتمعات وهو وحده القادر على أن يوظف الأرض من أجل بناء الحضارة ، وهو القادر على السيطرة على البيئة الفيزيقية والاجتماعية ، فهو الذى يستطيع التغلب على العقبات ويصرح بإلحاح على النهوض بالأعمال الصعبة ويكافح من أجل تحقيق ذاته ويسعى لبلوغ معايير الامتياز .  

 

        وتعد دافعية الإنجـاز مظهر من مظاهر تطور الدوافع الغريزية وبمثابة دليل قوى على تعديل السلوك ، فالحاجة للإنجاز تبرز الطاقـة الكامنة للنجاح .

)

 

        وقد أكد هذا " ماكيلاند Mccleland , 1962 " وغيره من العلماء والباحثين الذين اهتموا بالدافع للإنجاز ، انطلاقاً من أنه يشكل ضرورة لأحداث النمو فى ميادين الحياة الاجتماعية والاقتصادية ، والتى تتمثل فى زيادة معدل الإنتاج ، وحسن إدارة الأعمال ، وإحساس الفرد بالنجاح فى مجال عمله ، وكل ما من شأنه أن يساعد على النمو الإنساني بشكل سليم ، والنمو الاقتصادي الذي يمثل عصب الحياة فى عالمنا المعاصر ، الأمر الذي جعل الدافـع للإنجاز عاملاً هاماً من عوامل نمو الشخصية ، لما له من ارتباط بكثير من أنواع السـلوك المنجز ، الذي يجعل الفرد أكثر إحساساً بوجوده ، ويدفعه لتحقيق ذاته ، خاصة ، وأن طبيعة الحيـاة فى هذه الأيام تتطلب مزيداً من ذوى دافعية الإنجاز المرتفعة الذين يسهمون فى مسايرة تقدم مجتمعهم وتطوره التكنولوجي .

 

 

        وقد برهنت العديد من البحوث على أن الإنجاز لا يتخذ شكلاً أو نمطاً محدداً فى الثقافات المختلفة بل يختلف من ثقافة إلى أخرى ومن ثقافة فرعية إلى ثقافة فرعية أخرى ، كما أصبح من المهم معرفة العوامل الثقافية التى تسهم فى تشكيل نمط الدافعية للإنجاز ، وتكشف عن السياق الملائم لإثارة الدافعية عند الأفراد فى المجتمعات العربية ، والظروف المحددة لاستثارة السلوك الإنجازى لدى هؤلاء الأفراد ، ومعرفة ما هى الخصال (الخصائص) التى يتسم بها الفرد المنجز فى الثقافة العربية وما هى المثيرات الملائمة للدافعية للإنجاز .

 

        وبذلك يعد الدافع للإنجاز هو المحرك الأساسي لنمو وتطور الجوانب الإنسانية الأساسية التى تساعد على ازدهار المجتمعات .

المصدر: جزء من بحث للباحث ناجى داود اسحاق السيد
Nagydaoud

مع اطيب امنياتى بحياة سعيدة بناءة من اجل نهضة مصر

  • Currently 49/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 523 مشاهدة
نشرت فى 17 مايو 2011 بواسطة Nagydaoud

ساحة النقاش

دكتورناجى داود إسحاق السيد

Nagydaoud
هدف الموقع نشر ثقافة الارشاد النفسى والتربوى لدى الجميع من خلال تنمية مهارات سيكولوجيا التعامل مع الاخرين ، للوصول إلى جودة نوعية فى الحياة مما ينعكس على جودة العملية التعليمية مما يساهم فى تحقيق الجودة الشاملة فى شتى المجالات للارتقاء بوطننا الحبيب ، للتواصل والاستفسارات موبايل 01276238769 // 01281600291 /nnng75@hotmailcom »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

887,251