المعلم : احمد عبيدات
(المتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور )...أداء و مراقبة و إدارة امتحانات التوجيهي و اختبار النزاهة
بسم الله الرحمان الرحيم
إن كلاً من طالب الثانوية العامة في حال الامتحانات الوزارية ، و المراقب ، و المسؤول المعني في الحكومة بدرجة أقل - لهو في حالة امتحانٍ أكثر حساسية من الامتحانات التي تقيم مستوى الطلبة في المواد ، و هو امتحان تقييم مستوى النزاهة لديه . فإذا اعتبرنا أن مقاومة كثير من الطلبة لإغراء الغش ضعيفة بحكم حداثة سنهم و نقص خبرتهم و ربما أيضاً ضحالة إدراكهم لعمق المعاني المتعلقة بالقيم النبيلة و خطورتها كقيمة النزاهة مثلاً ، و بحكم مسيس حاجتهم للتحصيل الجيد – إذا اعتبرنا أن محاولتهم تعاطي الغش أمرٌ متوقع ؛ فما بال المراقبين !
إن الحليم من المراقبين ليحار فيمَ يفعل إزاء الضغوطات الأدبية عليه المسلّطة من قبل الطالب الذي يتمسكن ، و من قبل الناس الآخرين ، بل و من قبل ضميره ! كيف لا يسمح للطلبة أن يغشوا في وقتٍ يعلم فيه أن كثيراً من القاعات في أرجاء المملكة يتم فيها الغش و التغاضي عنه بشكل فج و مقيت ! و الحالة هذه يلدغه ضميره بتساؤلات من شاكلة : أليس حراماُ عليك أن تشدد على طلابك و تمنعهم من الغش بعكس ما يفعل أكثر الناس في البلاد ؟! أليس منهم ضعاف القدرات و من قل نصيبهم من الذكاء و من أدوات التحصيل الجيد فتزيد بتشددك من سوء حظهم و تكرس عثرتهم ؟! فيقاوم في صراعٍ داخل نفسه و خارجها قائلاً : أليس قد أقسمت بالله أن أقوم بواجب المراقبة و منع الغش ؟ أليس يظلم الطالب المجدّ إذا سمحنا لغيره أن يغش و يتساويان في التحصيل بغير حق ؟! أهو من العدل أن يشارك النائم الكسول الزارع الكادح في حصاد زرعه ! أما عاد في العالم اعتبار لمعاني النزاهة و الكفاءة المهنية و الأكاديمية ؟! هل سنبقى نمشّي ضعاف الهمة و ضعاف الكفاءة على حساب الأداء الوطني العام من خلال وضع الشخص غير المناسب في المكان الحسّاس و الخطير ؟!
إنّ ظاهرة تفشي الغش في امتحانات التوجيهي فضلاً عن سواها لهي دليل تخلف إداري و قيمي فردي من قبل كثيرين ممن يتعاطون هذا الشأن من طلبة و مراقبين و مسؤولين – إلا ما رحم الله ، و جمعي لأن الصورة هذه ما هي إلا مرآة لواقعنا المرير و و قيمنا المرتبكة و إداراتنا الحكومية الفاشلة التي لا تحسن صنع الحلول الناجعة لمعالجة قضايا خطيرة كهذه القضية .
و ما هذا إلّا حجرُ صغير ألقيه في المستنقع الراكد لهذه المشكلة المزمنة علّه يلفت انتباه أحد ليرمي وراءه أحجاراً و يعكر صفوه الخادع من أجل أن ينعم الوطن بما يستحقه من احترامٍ للذات و احترام من قبل الغير ، و لينهض من وهاد التخلف و ارتباك القيم و ضآلة الأداء و انحراف السّويّة العامة . و الله المستعان و عليه التكلان و لا حول و لا قوة الا بالله .