جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
أخلاق الإسلام في التعامل مع الضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة
|
|
المقدمـــة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد النبيين وأفضل خلْق الله أجمعين، وبعد: فلقد كان الإسلام وسيظل إلى قيام الساعة هو دين الرحمة والرفق بكل المخلوقات، وصدق الله إذ يصف نبيه ورسالته بقوله عزّ وجلّ: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء: 107]. فرسالة الإسلام هي رسالة "الرحمة"، وهي بشرى اليائسين في حياتهم، وبلسم البائسين في معيشتهم، بها تهدأ النفوس وتسكن الأفئدة، ويتواءم النّاس ويطمئن بسببها الضعيف -أيًّا كان موقعه أو مستواه أو نوعه وجنسه-؛ فالإسلام دين يراعي حقوق كل العباد: كبيرهم وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم، صحيحهم ومريضهم، حاكمهم ومحكومهم، ذكرهم وأنثاهم، يساوي في التكاليف، يساوي في الحقوق والواجبات. وها هو النبي الأكرم والرسول الأعظم يقول: «إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَأَبَاكُمْ وَاحِدٌ، وَلَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى» [رواه الطبراني في المعجم الأوسط (5/ 86)]. ولقد تعدّت هذه الرحمة من الإنسان إلى كل مخلوق -حتى الحيوانات- فالناظر في القرآن الكريم، وسنة النبي العظيم يرى احترامًا لحقوق الحيوان لا سيّما وهو الضعيف -في حالات- الأبكم الذي يتكلّم بلغات البشر، فيحتاج -في بعض الأحيان- إلى رعاية واهتمام ومساندة.... فهل تذكرون ما كان من عتاب رب العالمين لنبي من أنبيائه من أجل "نملة"؟!! ففي رواية البخاري في الصحيح: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ: " نَزَلَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ، فَأَمَرَ بِجَهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِبَيْتِهَا فَأُحْرِقَ بِالنَّارِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً" [صحيح البخاري (4/ 130)]. وفي رواية ابن ماجة: «إِنَّ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَرَصَتْهُ نَمْلَةٌ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ، فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ: أَفِي أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ، أَهْلَكْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ، تُسَبِّحُ» [سنن ابن ماجه (2/ 1075)]. فانظروا رحمكم الله كيف أنّ الإسلام عظيم في رحمته حتى بالمخلوقات العجماوات!!!. أم هل تتذكرون معي تلك المرأة التي عُذِّبت في هرّة حبستها فاستحقت نار جهنم؟ يقول النبي الرحيم: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ» قَالَ: فَقَالَ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ: «لاَ أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلاَ سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا، وَلاَ أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا، فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ» [صحيح البخاري (3/ 112)]. أم تذكرون معي تلك المرأة البغي أو الرجل الزاني من بني إسرائيل وقد سقى كلبًا -كان عطشانًا يلهث- فشكر الله له فأدخله الجنة؟!! ففي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْرًا، فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». [صحيح البخاري (3/ 111، 112)]. أم تذكرون معي قول النبي في شأن الكلاب، ففي الحديث الصحيح: عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا، فَاقْتُلُوا مِنْهَا الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ، وَمَا مِنْ قَوْمٍ اتَّخَذُوا كَلْبًا، إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ، إِلَّا نَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ" [سنن ابن ماجه ت الأرنؤوط (4/ 364)]. أو في شأن العصفورة إذا قُتلَت بلا داعٍ أو احترام لحقها، ففي الحديث الصحيح عن ابْنِ عَمْرٍو، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَقْتُلُ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا إِلَّا سَأَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: «حَقُّهَا أَنْ يَذْبَحَهَا فَيَأْكُلَهَا وَلَا يَقْطَعَ رَأْسَهَا فَيَرْمِيَ بِهِ» [المستدرك على الصحيحين للحاكم: (4/ 261) (وقال عنه الإمام الحاكم: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ)]. فإذا كانت حقوق الحيوان محفوظة -في الإسلام- بهذه الدرجة، فأوْلى بالاحترام والتقدير ذلكم الكائن المكرّم -الإنسان- وهو الذي خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته تشريفًا وتكريمًا، وعظّم شأنه، ومن أجله وله سخّر السماء والأرض وما فيهما. الضعفاء في الإسْلام: وكلمة الضعفاء في الإسلام تطلق على ذوي الضعف البدني أو المادي أو النوعي، وتطلق على من ضعف في أي حالة من حالات الحياة (شدة ورخاء، غنى وفقرًا، حرية وأسْرًا، صحة ومرضًا، ذكرًا وأنثى، .......) وليس قولنا عن أي من هؤلاء: ضعيف، يعني أنه مهملٌ أو متروك، أو لا يُأْبه له في حياة المسلمين؛ لا بل له حقوق يجب أن يؤديها له باقي المجتمع. فالمرأة من الضعفاء ... وكبار السّنّ من الضعفاء ... المريض ... الطفل ... الأسير ... المظلوم ... اليتيم ... الأرملة .... ذوو الاحتياجات الخاصة ... المعاقون ... الكفيف ... الأعرج ... المسكين .... الفقير مالاً ...... كل هؤلاء من الضعفاء، الذين تزداد الأهمية في الاهتمام بشأنهم والقيام بحاجاتهم... مكانة الضعفاء في الشريعة الإسلامية: ولقد اهتمت شريعة الإسلام بحال الضعفاء وعظّمت قيمتهم وطاقتهم -فليسوا طاقات مهمّشة، ولا أُناس مهمَلين-، كما عظَّمَت ثواب الذي يعين ضعيفًا من هؤلاء، ولا ينتظر ثوابًا من البشر، بقدر ما تكون نيته وغايته نيل رضا الله تعالى، ومعاملته بالمثل في الآخرة؛ لا سيّما وهي دار الضعف، ولا يقوى فيها إلا من قوّاه الله تعالى، وثبّته وأيّده ووفقه لجنته ورضوانه. ففي الحديث: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» [صحيح البخاري (3/ 128)]. إنّه دين الإسلام الذي يربي في النفوس حب الآخرين والوقوف بجوارهم، والعمل على معونتهم ورفع البأساء والظلم عنهم. ومما يبيّن عظمة الضعفاء في الإسلام ما يأتي: أنّ الخير والبركة لا تحل إلا بسبب مراعاتهم والقيام بقضاء حوائجهم، ففي الحديث الصحيح: «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ» [صحيح البخاري (4/ 37)]. فمن أرْضَاهم وعمِل على خدمتهم ورفع الحرج والظلم عنهم رزقه الله وأعانه ونصره وأيّده في الدنيا قبل الآخرة. وبالضعفاء تنتصر الأمّة. تعظيم شأن القائم منهم على بناء وطنه وأمّته، وفي كل جانب من جوانب حياة الضعفاء تلحظ دروًا بارزًا لهم في بناء الأوطان والبلدان، فذوو الاحتياجات الخاصّة والضعفاء بناة للأُمّة، وليسوا عبئًا على الأُمّة؛ بل كان لهم دور عبر التاريخ وتمّ توظيف طاقتهم الخادمة للدين والدنيا، ومن النماذج السريعة الدالة على ذلك: عبدالله بن مكتوم ودوره في القادسية ونصرة الإسلام. المرأة السوداء التي كانت تقمّ المسجد وشهادة النبي بالجنّة. والمرأة الطبيبة المجاهدة رُفَيْدَة التي كانت تطب المصابين في غزوة الأحزاب وغيرها. الرجُل الأعرج عمرو بن الجموح، ويريد نصرة الدين بعرجته، ويريد الجنّة بعرجته، وتتحقق أمنيته فيدخل الجنّة وهو الضعيف الأعرج. وأحرج الأصحّاء بحركته... فلا نامت أعين الجبناء!. الشيخ محمد رفعت وكان قائدًا عظيمًا في قراءة القرآن وأسلم على يديه أناس بقراءته للقرآن وكان رجلاً كفيفًا أعمى. وكذا الشيخ كشك رحمه الله تعالى. الشيخ أحمد ياسين ذلكم القعيد الذي أحيا الله به الأُمّة وأيقظ به فريضة الجهاد ومقاومة المحتل السارق للأرض والمغتصب للعِرْض. الأطفال ودورهم البارز في بناء الأوطان وخدمة صاحب الرسالة، فزيد بن ثابت يجتهد، وأسامة يقود، ومعاذ يدعو، ومصعب ينشر الخير في المدينة، و...... ومما يبيّن عظمة الضعفاء في الإسلام: أنّ رحمت الله قريبٌ من المحسِن إليهم، فرسولنا علّمنا كيف تكون خدمتهم وقضاء حوائجهم، كما كان يصنع مع الجارية ويحمل لها حاجتها، -وهو مَن هُو - لم يكتف النبي بالعمل بنفسه، بل وشجّع غيره وعظّم ثواب من خدم وقضى حوائج الضعفاء فقال عليه الصلاة والسلام: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ» [صحيح البخاري (7/ 62)]. الضعفاء ليسوا عِبْئًا على أُسَرِهِم وأَهْلِيهم، بل لأهليهم الثواب الكبير إذا صبروا وتحمّلوا وخدموا وعالُوهم بخير معونةٍ وأشرف خدمةٍ، ففي باب البلاء بضعف الضعيف يكتب الثواب لمن ابتلي بذلك: وقد ورد عن البخاري في الصحيح: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ». فعلى الإنسان إذا ابتلي بشيء من ذلك أن يتحمّل ويصبر ويتقبل الأمور برضا بقضاء الله وقدره. "وبشر الصابرين". وفي الثواب للأهل: فليعلم كل مبتلى بضعيف من هؤلاء أنّهم منحة ونعمة من الله تعالى، لا تعرف قيمتها إلا إذا فقدتها، وبسببهم تكثر البركة في بيتك ومالك وأهلك، وتجد المعونة من الله تعالى. حرّمَ الإسلام السخرية من شأن الضُّعفاء (امرأة أو طفلاً أو عاجزًا في مرض، أو فقيرًا ......) فلهم مشاعر وأحاسيس يجب أن تحترم كباقي الناس، لا سيّما ذوي الاحتياجات الخاصّة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات: 11]، ويقول النبيّ : «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» صحيح مسلم (4/ 1986). والمسلم صاحب أدب راقٍ لا يعتدي باللفظ ولا بالفعل على الآخرين، لا سيّما من اشتد به الضعف والفاقة والحاجة. ومن رأى ضعيفًا أو مبتلى فليتعلّم من سيد النّاس وهو يقول إذا رأى مبتلى، فكما عند الترمذي وقال عنه الألباني: "حسن" «مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ، فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلَاءِ كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ». وما ذاك إلا إيمانًا من المسلم بأنّ دوام الحال من المُحال، فالفقير قد يكون غنيًّا يومًا والعكس، والمريض قد يكون صحيحًا والعكس، والأيّام دُول، فالحذر الحذر. مراعاة الإسلام لحقوق الضعفاء: ولقد احترم الإسلام حقوق الضعفاء، واتخذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم وصيانة حياتهم من البطش والظلم، ومن بين الصور التي وجّه الإسلام بها المسلمين إلى حماية الضعفاء الآتي: 1. توفير الحياة الكريمة في المأكل والمشرب والمسكن والدواء والكساء والعشرة الحسنة الطيبة. (موقف عمر من المسكين النصراني وإعطائه له من بيت مال المسلمين؛ احترامًا لكبر سنّه ولو كان غير مسلم). 2. احترام المشاعر والأحاسيس للضعفاء، فيحترم الفقير والمريض والمبتلى في بدنه. (موقف النبي من الصحابة لما ضحكوا من دقّة ساق ابن مسعود). 3. الحفاظ على أموالهم من الضياع أو الإتلاف أو البطش والمصادرة. (موقف النبي صلى الله عليه وسلّم من حلف الفضول ونصرة المظلوم) وأوْلى بالأمة الإسلامية إذا رأت مظلومًا ضعيفًا في موقف أن تقف بجواره وأن تنصره وألا تخذله في موطن يحب النصرة فيه. 4. الحافظ على أموال اليتامى خاصة، والتحذير من أكلها بغير حقّ، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10]. 5. إصلاح حال الضعيف بقدر المستطاع: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 220]. 6. الاهتمام بشأن المرأة في الإسلام -لضعفها- فحرّم الاعتداء عليها بالقتل في الصغر لأي غرض -كعادة أهل الجاهلية-، وحرّم اغتصاب حقها في الميراث من مال أبيها أو زوجها أو أخيها ... الخ، وحقها في العشرة الطيبة مع زوجها، وبرها وهي أم كبيرة السنّ. وهكذا يراعي الإسلام حقوق الضعفاء جميعًا باختلاف أنواعهم، وتباين أسباب ضعفهم، ويعمل على احترام مشاعرهم وتقديرها، وتقدير جهودهم في خدمة دينهم ونصرة شريعتهم، وأداء خدمات لأوطانهم. فهلمّوا أيها الأخوة والأخوات: نعمل على خدمة الضعيف من الناس، فنعطي الفقير ونطعم المسكين، ونزوّج من لا تستطيع الزواج، ونسد دَيْن المدين، وننصر المظلوم في مظلمته ونقف معه وبجواره ولا نخذله، بل نخذّل عنه، ونقدّر كبار السنّ، ولا نستهزئ بالمعاق أو الأعرج أو الكفيف. وكما تدين تدان. وتذكروا أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء.
|