سكري الأطفال.. المدرسة مسؤولة عن اضطرابه وتخلخله!
الإفطار الصحي المنزلي أفضل للطالب
إعداد: د. بسام صالح بن عباس
الجميع يتحدث عن دور المدرسة في علاج سكري الأطفال وهي التي يمضي فيها الطفل معظم وقته وجل يومه. وأود من مقالتي هذه أن أسرد بعض البحوث والدراسات العالمية التي بحثت في هذا الموضوع وتوصلت إلى بعض النصائح التي قد يكون اتباعها والاسترشاد بها وسيلة لضبط مستويات السكر لدى الأطفال المصابين بسكري الأطفال.
أولاً: شددت هذه الدراسات على دور طعام الإفطار والذي يعتبر الوجبة الأساسية والرئيسة للطفل للحد من اختلال سكر الدم، حيث إن عدم تناولها يؤدي في الغالب إلى انخفاض سكر الدم في المدرسة، وغالبا ما يعقب هذا الانخفاض ارتفاع في السكر، حيث إن الطفل سيفرط في تناول الوجبة الخفيفة في الفسحة الأولى بالإضافة كما هو معلوم أن كل انخفاض يعقبه ارتفاع وبالتالي يؤدي هذا الأمر إلى تذبذب مستوى السكر في الدم وكذلك تأرجحه. ويشكو الكثير من الأهالي أن الأطفال لا يقبلون على وجبة الإفطار وبالتالي إن إجبارهم على الإفطار ليس منطقياً وغير ممكن. وهذا الطرح صحيح والطريقة الأفضل لتفادي هذه المشكلة هي إيقاظ الطفل بمدة كافية قبل الذهاب للمدرسة وبالتالي يشعر الطفل بالجوع ويكون لديه الاستعداد لتناول الطعام. أما إيقاظه بفترة بسيطة قبل موعد الذهاب للمدرسة فإن ذلك يربكه ولا يعطيه الفرصة للإحساس بالجوع وتناول الطعام. وحيث إننا نتحدث عن وجبة الإفطار فإنه يجب أن تكون وجبة الإفطار وكذلك بقية الوجبات وخاصة وجبة المدرسة الخفيفة ثابتة من ناحية الكم ويجب على الأم معرفة كيفية حساب الطعام إما اتباعا لنظام البدائل أو اتباعا لنظام حساب الجرامات من الكربوهيدرات.
ثانيا: الوجبة المدرسية الخفيفة: وتعتبر هذه الوجبة هي المسبب الرئيس لتذبذب مستوى سكر الدم، وذلك نتيجة لتفاوت كمها أو نوعها. ولا يقف الحد عند ذلك بل إن هذه الوجبة الخفيفة يعقبها وجبة أخرى في الفسحة الثانية أو وجبة ثالثة لدى مغادرة المدرسة. وهنا ننصح كما تشير الدراسات أن هذه الوجبات لابد أن تحد بوجبة واحدة وليس وجبات ثلاثاً، فمثلا تكون الوجبة في الفسحة الثانية فقط حيث إن الطفل قد تناول طعامه في المنزل فهو ليس بحاجة إلى أن يتناول وجبات ثلاثاً. ويفضل أن يتم تحضير هذه الوجبة الخفيفة في المنزل ولا يطلب من الطفل شراؤها من المدرسة، ليس فقط كون ما يباع في مقاصف المدارس لا يلائم طفل السكري ولكن لكي يتم تحديد كمية ونوعية الأكل المتناولة.
ثالثا: تحليل السكر المدرسي: يفضل أن يعطى كل طفل جهاز تحليل للسكر بحيث يستطيع الطفل تحليل سكره في المدرسة إما بواسطة الطفل نفسه إن لم يكن هناك طبيب أو ممرض في الوحدة الصحية أو بمساعدة مدرس الفصل أو مدرسة الفصل. ويفضل كذلك تحليل السكر قبل وبعد حصة الرياضة البدنية وقبل وبعد الوجبة المدرسية الخفيفة.
رابعا: التسهيلات المقدمة لطفل السكري: ينصح بأن يعطى كل طفل جهاز جوال (وأن تسمح المدرسة بذلك) لكي يستطيع هذا الطفل الاتصال بأهله إن دعت الحاجة ويجب على الجهة الصحية التي يتبع لها هذا الطفل ويتابع فيها أن تزود المدرسة بتقرير طبي يفصل الحالة التي يعاني منها هذا الطفل وكيفية التعامل معها. وأن يسمح للطفل الذهاب لدورة المياه إن احتاج لذلك وكذلك الأكل والشرب أثناء الدرس إن رغب في ذلك.
لقد أوضحت دراسة محلية ضمت واحداً وتسعين طفلا ينتمون إلى خمس وستين مدرسة أهمية دور التثقيف الصحي للمدرسين والمدرسات عن مرض السكري للأطفال. فقد أشرف على هذه الدراسة المحلية مرشدة مرض السكري سعدية خيري ومرشدة مرض السكري هوازن العتيبي والدكتورة عفاف الصغير استشارية أمراض الغدد الصماء والسكري من مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وكذلك الدكتور حافظ دراج استشاري أمراض الغدد الصماء والسكري من مستشفى الأمير سلمان بوزارة الصحة، وكان لي شخصيا شرف المشاركة والإشراف على هذه الدراسة حيث قامت مجموعة العمل هذه بزيارة العديد من مدارس الرياض للبنين والبنات وقدموا الكثير من المحاضرات التثقيفية المتعددة والتي كان لها الأثر الكبير في خلق المزيد من التعاون بين المدرسين والمدرسات والأطفال المصابين بالسكري. لقد وجدت هذه الدارسة تخوفا لدى العاملين في القطاع التعليمي من التعامل مع طفل السكري من باب التخوف من تحمل المسؤولية وكذلك لعدم وجود الوحدات الصحية المفعلة والتي تحوي أطباء أو ممرضات متخصصات. كما أن عددا منهم لم يكن لديه الدراية الكافية عن مرض السكري وأسبابه وعلاجه، فكانت هذه الزيارات سبيلا لإطلاع القطاع التعليمي عن مرض مهم يصيب عددا كبيرا من أبنائنا. لقد أعرب عدد من المسؤولين في القطاع التعليمي أن مثل هذه الزيارات تلغي حاجز الخوف من التعامل مع طفل السكري وأن أمر العلاج والمتابعة ليس بالصعب أو المستحيل كما هو متوقع. لقد قام فريق العمل بزيارة المدارس التي فيها أطفال مصابون بمرض السكري وقاموا بتقييم الوضع قبل وبعد الزيارة وتأثيره على مستوى السكر في الدم ووجدوا أن هناك تحسنا ملحوظا في معدل السكر التراكمي ومستوى السكر أثناء الصيام ومستوى السكر بعد الأكل وكذلك عدد مرات انخفاض السكر المدرسي وكذلك ارتفاعه. والجميل في الأمر أن هناك أسئلة طرحت على بعض المدرسين والمدرسات ووجد أن مستوى المعلومات حول مرض السكر قد تحسن قبل وبعد الزيارات التعليمية التثقيفية. من هذه الدراسة ومثيلاتها ندرك أهمية تكاتف الفريق الطبي والفريق المدرسي وأن علاج مرض السكري في الأطفال لا يقتصر على المستشفى أو العيادة فقط بل يجب أن يتعداه إلى المدرسة وبطبيعة الحال المنزل ولكن هذا يستلزم فريقاً طبياً متكاملاً وكبيراً حتى يمكن تغطية هذه الجهات الثلاثة المدرسة والمنزل والعيادة. يتضح لنا مما سبق أن علاج سكري الأطفال وهنا نخص سكري الأطفال أنه يبدأ من المدرسة وكذلك من المنزل وأن الخلل كل الخلل من المدرسة وهذه شكوى الكثير من الأمهات المتابعات للأطفال المصابين بمرض السكري.
بحاجة إلى تحليل مستمر