إياك نعبد وإياك نستعين

أي يا من هذه الصفات صفاته : نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة نعبدك ولانعبد غيرك و نستعين بك ولا نستعين بغيرك وفي هذه الآية رغم قصرها أسرار غريبة معاني عجيبة حتى ان ابن القيم رحمة الله قال : (وسر الأمر والخلق والكتب والشرائع والثواب والعقاب انتهى الى هاتين الكلمتين و عليهما مدار العبودية والتوحيد حتى قيل انزل الله مائة كتاب وأربعة كتب جمع معانيها في التوراة والإنجيل والقرآن وجميع معاني هذه الكتب الثلاثة في القرآن وجمع معاني القرآن في المفصل وجمع معاني المفصل في الفاتحة و جمع معاني الفاتحة في إياك نعبد وإياك نستعين
وهما الكلمتان المقسومتان بين العبد و بين ربه نصفين فنصفهما له تعالى وهياياك نعبد ونصفها لعبده و هو إياك نستعين) وقال أيضا التوكل نصف الدين والنصف الثانية الانابه فان الدين استعانة وعبادة فالتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة ثم غاص في أسرر هذه الآية العجيبة في ثلاثة مجلدات في كتابة الممتع مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد زاياك نستعين
بل ان اياك نعبد واياك نستعين هي ملخص رسالة الحبيب صلى الله عليه وسلمودعوته فالفاتحة تضمنت أنواع التوحيد الثلاثة :
فتوحيد الأسماء والصفات دل على ذلك قوله الحمد لله فإثبات الحمدالكامل له يقتضي ثبوت كل ما يحمد عليه من صفات كماله و نعوت جلاله التي أثبتها لنفسه وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه
أما توحيد الربوبيةفيؤخذ من قوله رب العالمين فهو المنفرد بالخلق والتدبير والنعم
وأما توحيد الإلوهية إفراد الله بالعبادة فمن قوله إياك نعبد وإياك نستعينفلا تعبد إلا إياك حبا و خوفا و رجاء وطاعة تعظيما ولا نستعين الا بك توكلا و ثقة واعتمادا و يسمى أيضا توحيد العبادة
و ماهي العبادةاسم جامع لكل مكا يحبه الله و يرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنه
اذا فنحن خلقنا لعبادة الله لا نعبد الا إياك يا ربنا ولا نخضع الا لك ولانذل الا لك فتنبهوا ايها الإخوة لحقيقة العبادة فالكثير الكثير يشكو قسوة قلبة و تعلقه بالشهوات و ثقل إقباله على ربه و عدم خشوعه رغم البراهين الواضحات فمن اراد العلاج فليعلم أن العبادة تقوم على ركنين و تجمع أصلين مهمين هما غاية الحب بغاية الذل ولا الخضوع والعرب تقول طريق معبد أي طريق مذلل والتعبد هو التذلل و الخضوع فمن أحببته ولم تكن خاضعا له لم تكن عابدا له و من خضعت له بلا محبة لم تكن عابدا له حتى تكون محبا خاضعا فياهل ترى هل نحن نقبل على الله تعالى حبا وخضوعا ام لا ؟؟؟ هذا هو السر في قسوة قلوبنا و بعدها عن الخشوع فتنبهوا
من أراد حلاوة الإيمان و حقيقة الإيمان ليقبل على الله محبا خاضعا فليساحد احق بالحب من الله و ليس احد أحق ان يخضع له و يذل له الا الله
فانفع المحبة على الإطلاق واجلها وأعلاها محبة من جبلت القلوب على محبتهفقولوا لي اين القلوب التي تعلقت بغير الله من (اياك نعبد) من عبدة القبور والأحجار والأضرحة اين اهل الوجد والتصوف والتمتمات من فهم إياك نعبد اين عباد الشهوات أين عباد الدرهم والدينار اين العشاق اهل الحب والوتر والغناء عن جمال اياك نعبد
سبحان الله ألستم ترددونها في كل ركعة من صلاتكم اين أثرهاأين حقيقتها فهي عهد ووعد منكم لربكم أن لا نعبد غيرك يا الله
فاعلم با عبد الله ان كل من تحبه من الخلق و يحبك انما يريدك لنفسه ولغرضه منك والله تعالي يريدك لك فهو غني عنك أفلا تستحي ان يكون ربك لك بهذه المنزله وأنت معرض عنه مشغول بمحبة غيره
والله لو تغذى القلب بالمحبة الصادقة لذهبت عنه بطنةالشهوات
واعجبا لمن يدعي المحبة ويحتاج لمن يذكره بمحبوبه سبحان الله كل منتعامله من الخلق ان لم يربح عليك لم يعاملك اما الله تعالى يعاملك لتربح انت أعظم االربح فالحسنة بعشرة أمثالها الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة والسيئة بواحدة وهي اسرع شيئا محوا
الله اكبر يا ابن أدم !!! خلقك الله لتكون عزيز فتأبى الا ان تكون ذليلاللمخلوقين خلقك لان تكون طليقا فتأبى الا ان تكون أسيرا للشهوات فقم يا مسكين وافهم حقيقة اياك نعبد
اسق الروح من معين إياك نعبد و اخرج من ضيق الدنيا الى سعة الآخرة و كماقال شيخ الاسلام ابن تيمية ( من اراد السعادة الحقيقيه فليلزم عتبة العبودية) (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى لنحيينه حياة طيبة)

فمن اراد السعادة فعليه بكثرة العبادة فهي اقرب طريق الى اللهوالى حب الله لك فأما ان تحب انت الله فهذا امر فطري طبعي لكن ان يحبك الله يحبك المالك الخالق الغني عنك هل تريد ان يحبك الله اسمع ( وما يزال عبدي يتقرب الي بالنواقل حتى احبه ) طريق محبة الله
حافظ على الفرائض أكثر من النوافل افهم شمولية العبادة لتجعل كل شيء فيحياتك عبادة ( قل إن صلاتي و نسكي و محياي ومماتي لله رب العالمين )
ابتسامتك صدقة , الكلمة الطيبة صدقة , الأذى تميطه عن الطريقصدقة , الشهوة تقضيها في الجلال تؤجر عليها جماع الأمر أيها الإخوة انما هو بتكميل عبودية الله في الظاهر والباطن فتكون حركات نفسه و جسمه كلها في محبوبات الله و كمال عبودية العبد موافقته لربه في محبة ما أحبه و بذل الجهد في فعله و موافقته في كراهة ما كرهه و بذل الجهد في تركه وهذا انا يكون للنفوس المطمئنة
واعلم أن العبادة تكون عبادة اذا كانت مأخوذة من رسول الله صلى الله عليهوسلم مقصودا بها وجه الله وحدة أي الإخلاص والمتابعة - بهاذين الأمرين تكون عبادة و عندها كما قال الحق عز و جل (يا أيها الذين آمنوا اركعوا و اسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون)
و اليوم أيها الإخوة في هذا الزمن نحن أحوج ما نكون لتأكيد عقيدة التوحيدفي النفوس والتواصي بالثبات في زمن الفتن والشهوات والشبهات في زمن الخوف والضعف والسحر والشعوذة في زمن العولمة والانفتاح في زمن التمييع والتنوير في زمن الكيد والمكر والصد فتنبهوا لدينكم أيها الاخوة فهو أغلى وأعلى فالدين ينقض عروة عروة والفتن اليوم تعرض عودا عودا والعبد غافل ساهي لاهي حتى اذا فطن فاذا هو غارق في جاهلية العصر الحديث باسم المدنية والحضارة والتقدم والتطور فتنبهوا يا أيها المصلون الراكعون الساجدون أيها العقلاء جددوا العهد من االقلب بأياك نعبد
وهنا عند اياك نعبد يكون قسم الرب عز وجل و من قوله واياك نستعين قسمالعبد فالله تعالى يقول قسمت الصلاة أي الفاتحة بيني و بين عبدي نصفين و لعبدي ما سأل
وتأمل لم يقل اياه نعبد بل قال اياك نعبد وهذا مناسب لحال العبد مع ربهفهو واقف بين يديه يدعوه بالضراعة والإخبات في الصلاة و يقر بالضراعة باب المناجاة فناسب حال الشاهد لا حال الغائب وتأمل ايضا قال نعبد ولم يقل اعبد وفي هذا تواضع وافتقار وانكسار أي انني واحد من عبيدك فلست اهلا أن اتقدم الى جنابك العظيم لوحدي بل اضم نفسي الى سائر عبيدك فعسى ان اكون مقبول العبادة مجاب الدعوة ولو قال اياك اعبد لكان معظما لنفسه قد ولج باب الكبرياء كأنه وحيد الميدان
وتقديم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص و من تقديمحقه تعالى على حق عبدة ولأن العبادة هي المقصود الاعظم من العبد والاستعانة وسيلة اليها وايضا لان في تأخير فعل الاستعانه توافق رؤس الايات مما يضفي جمالا على النظم القرآني فتأمل اعجاز القرآن و اسرار الفاظه
ولما كان العبد ضعيفا فقيرا احتاج أن يسأل الله تعالى العون ( قال ايكنستعين ) والاستعانة هنا على إطلاقها فنستعين بك يا الله على كل شيء وان كان أعظم مقاصدها هما العون على العبادة
(نحن يا ربنا نريد أن نطيعك و نعبدك و نتقرب اليك فان لم تعن على ذلك فقدخسرنا ) تأمل هذه المعاني وأنت تقرأ في الصلاة فلا حول ولا قوة لنا الا بك لذلك كا انفع الدعاء طلب العون على مرضاته
قال معاذ بن جبل أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اني احبك يامعاذ فقلت وأنا أحبك يا رسول الله قال صلى الله عليه سلم فلا تدع أن تقول في كل صلاة رب أعني على ذكرك وشكرك و حسن عبادتك
و يقول شيخ الإسلام اببن تيمية رحمة الله ( تأملت أنفع الدعاء فاذا هوسؤال العون على مرضاته ثم رأيته في الفاتحة في اياك نعبد زاياك نستعين ولهذا روي ان حملة العرش انما اطاقوا حمل العرش بقولهم لا حول و لا قوة الا بالله و قد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال انها كنز من كنوز الجنة )
و كما أن اياك نعبد تبرأ من الشرك فإياك نستعين تبرا من الحول والطول والقوة و تفويض لله للواحد القهار
فالاستعانة هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع و دفع المضار معالثقة به في تحصيل ذلك ) فأين نحن من ذاك أيها الاخوة أين نحن من الاستعاتة بالله و نحن نرددها كل يوم في صلاتنا سبحان الله
يمرض المريض فيكون للطبيب وأمله في الدواءوينسى رب الأرض والسماء و من بيده الشفاء
تنزل بالإنسان المحن و تشتد عليه الفتن فينطرح على كثير من الأعتاب و يلجاالى الأحبة والصحاب و تنقطع به الأسباب و ينسى اللجوء الى العزيز الوهاب
و يعجز بعض الناس عن الكسب و يظل في هم و كرب و يغفل ان الرزق بيد الربفما أحوجنا الى عقيدة الاستعانة بالله و التوكل عليه تنغرس في الاذهان و تتأصل في الجنان فمن توكل على الله حق توكله كفاه و من استعان به اعانه الله ووقاه
سبحان الله تأملوا من انتشل ذا النون من الظلمات من نجى نوحا من الكرباتانه الله المستعان من جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم و من جمد الماء لموسى الكليم من حفظه و قد تربى و نشاء في بيت فرعون عدوه اللئيم انه الله المستعان من عصم محمد في الغار من كيد أعداءه الأشرار انه الله المعين
اللهم إنا ستعينك و نستهديك و نؤمن بك و نتوكل عليك و نستغفرك و نتوب اليك
أيها لاخوة في زمن المصائب والآلام من المعين اذا ادلهم الخطب وحل الكرب وعم الجدب إياك نستعين من المعين اذا ضعف الإيمان وكثرت فتن الزمان و تفرق الإخوان إياك نستعين من المعين عند فقد الأحباب و موت الأصحاب وقع المصاب إياك نستعين من المعين اذا قست القلوب و كثرت الذنوب و ظهر ت العيوب اياك نستعين من المعين اذا عم الكبر و كثر السحر و نافق الشعر اياك نستعين من المعين اذا كثر افساد ذات البين و كثر الدين و صوبت العين اياك نستعين
سبحان الله أنطلب العون من المخلوقين بل اياك نستعينفاستغفروة ثم توبوا اليه إن ربي قريب مجيب )
عجبا أيفزع للسحرة و المشعوذين بل اياك نستعين أم من يجيب المضطر اذا دعاهو يكشف السوء إنه الله رب العالمين عجبا لمن يتعلق بالتمائم والطلاسم بل إياك نستعين أتطلبون العون من القبور والميتين بل إياك نستعين ( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير - ان تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم و يم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبؤك مثل خبير )
أيها المسلم انت قوي بالله فأحفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك اذاسألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله واعلم ان الامة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك الا بشي قد كتبه الله عليك
اذا ايها الاخوة اعلموا أن حقيقة الاستعانه توكل على الله و تفويض الامركله الى الله و ثقة بالله وان اردتم المثال ( أم ترمي ولدها فلذة كبدها في البحر تتقاذفه الامواج ايعقل هذا ؟؟ ( فاذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني) ففعلت و فعلها عين الثقة بالله
هل قرأتم عن اب يهم بذبح ابنه بالسكين امتثالا لامر رب العالمين (فلمااسلاما وتله للجبين ) الله أكبر هكذا لاستعانة بالله والتوكل عليه
قال عبدالله بن الزبير لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت الى جنبه فجعليوصيني بدينه و يقول يا بني إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه بمولاي قال فوالله ما دريت ما اراد حتى قلت يا اباه و من مولاك قال (الله) قال فواالله ما وقعت في كربة من دينه الا قلت يا مولى الزبير اقض عنه دينه فيقضيه كما في صحيح البخاري
الله أكبر ما استعان عبد بالله الا اعانه و ما توكل عليه متوكل جقتوكله الا كفاه فاستعن بالله حق الاستعانة توكل على الله حق التوكل و لا تنظر للمخلوقين الا فيما يقدرون عليه فانه لا بأس أن تستعين بالناس فيما يقدر عليه الناس و الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ولكن ان استغنيت عنهم فالغنى غنى النفس اللهم اجعلنا أفقر خلقك اليك واغنى خلقك بك اللهم اغننا عمن اغنيته عنا
هذه نتف من أسرار (اياك نعبد واياك نستعين) فانظر اخي لنفسك وانت تقرأهافي الصلوات اين مكانك منها فإياك نعبد تمنع الكبرياء واياك نستعين تمنع الرياء وكلما كان العبد أتم عبودية كانت الاعانة من الله له أعظم فكونوا معاشر المؤمنين من أهل (اياك نعبد واياك نستعين)

المصدر: كلمة الاسلام
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 417 مشاهدة
نشرت فى 9 مارس 2014 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

896,580

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.