حرب المخدرات.. معركتنا الطويلة بين الوعي والمعلومات

ليتنا بذات النجاح الأمني في قضايا المخدرات نحقق نجاحاتنا في مجالات التوعية والإرشاد والسعي باتجاه صناعة وغرس قيمة تربوية عليا هي التي تتولى مواجهة المخدرات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست الندوة الإقليمية الثانية لمكافحة المخدرات وتبادل المعلومات التي احتضنتها الرياض مؤخرا إلا جانبا من الاستعداد المستمر والدائم للمعركة التي لا تنقضي وللمعركة التي نواصل خوضها على جبهة هي الأخطر والأكثر إيلاما والأجدر ببذل كل العوامل للانتصار في مجرياتها، معركتنا مع المخدرات.
يمتلئ سجل وزارة الداخلية السعودية بتاريخ طويل من المواجهات في هذه المعركة، وبتاريخ مشرف أيضا من الانتصارات والنجاحات، والأرقام والكميات التي يتم الكشف عنها بين فترة وأخرى على لسان المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي، تكشف كلها بوضوح أن ما يحدث ليس صنيعة أفراد ولا مجرد حفنة من المهربين، إنها معركة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة.
تقع مسؤوليتنا الثقافية والإعلامية في أننا طيلة السنوات الماضية لم نستطع أن نصنع خطابا حقيقيا وواعيا في مجابهة المخدرات، قمنا بما قمنا من رؤية وحملات وتوعية انطلاقا من وعي مرحلي أخذنا فيه نتعامل مع المخدرات من منطلق الوعظ والتذكير بالتحريم فقط هذا تحذير ربما كان جيدا في وقته لكنه ليس كافيا لوحده. التحريم قيمة دينية عليا ومؤثرة نخاطب بها من يتأثر بها، لكن ماذا عمن لا يتأثر بذلك. هنا تأتي الحاجة إلى خطاب مستمر وجديد وقادر على مخاطبة الوعي المتغير لدى جيل الشباب.
نعم هذا الجيل هو الفئة المستهدفة أولا وقبل غيرها بالمخدرات، إن الحروب الفعلية هي التي لا تستهدف الحاضر فقط وإنما تستهدف المستقبل من خلال محاولة ضرب أهم مقدراته وعوامل قوته والتي تتمثل في الشباب.
ليتنا بذات النجاح الأمني في قضايا المخدرات نحقق نجاحاتنا في مجالات التوعية والإرشاد والسعي باتجاه صناعة وغرس قيمة تربوية عليا هي التي تتولى مواجهة المخدرات كما تتولى مواجهة السرقة والعبث بالممتلكات والحفاظ على الحقوق، حتما هناك فئة تؤدبها العقوبات والأنظمة، لكن القضية ليست هنا، القضية في الحفاظ على جيل كامل وعلى ثقافة ومجتمع من قابلية الانجراف نحو هذه الأخطار، لم نرسخ مثلا في عقول الشباب أن المخدرات أعلى أنواع العبودية، وأعلى أنواع الاستلاب، دعم من المشاهد الدرامية السطحية التي تصور متعاطي المخدرات على أنه يضحك ويهلوس ويصاب بالصداع حين يحتاج للجرعة، كل هذه الصور أصبحت لا تؤثر في المتلقي إلا سلبا. في فترة من الزمن استطاعت مكافحة المخدرات أن تقدم مواد إعلامية مؤثرة حين اعتمدت تقديم فكرة النموذج أو المثال، عرض مجموعة من المدمنين المتعافين وهم يسردون قصصهم وما كانت عليه حياتهم قبل الإدمان وما الذي حدث لهم، مثل هذه التجارب كانت تساهم في توضيح ما لا يتم توضيحه بالحث والإرشاد من خلال تقديم النموذج الواقعي، ومن خلاله يتضح أن حجم الخسارة الحقيقية التي تخلفها المخدرات على القيمة الإنسانية للفرد أولا، أيضا يتضح حجم الإذلال والعبودية الذي يصبح سمة ملازمة للمتعاطي، مثل هذه المعاني يمكن أن تؤثر في مستوى التلقي والتأثير.
بالفعل نحن بحاجة لكل ذلك، لسبب واضح جدا هو أن المعركة لن تتوقف، وأن التعامل مع المخدرات يقوم على مبدأ المكافحة المستمرة لا على مبدأ الردع، ليست عدوا يمكنك قتله والتخلص منه، إنها حرب مستمرة وطويلة.
أبرز وأهم الجوانب في هذا النوع من الحروب هي المعلومات، ولأن المملكة العربية السعودية هي المستهدف الأول في هذه المعركة في واقع تتحالف فيه القوى الباحثة عن المال مع تلك التي ترى في المخدرات سلاحا فتاكا وهو كذلك، هنا تصبح المملكة هي الأولى والأجدر بأن تقود تحالفات إقليمية ودولية في هذا الجانب الخطر والمؤثر وهو المعلومات.
التاريخ الطويل في مكافحة المخدرات يثبت أهمية الجانب المعلوماتي، بل إن الوصول إلى المعلومات هو العامل الأبرز والأهم في إيقاف وإحباط كثير من عمليات الترويج والتهريب، بل وفي إيقاف واكتشاف الخلايا والمنظمات التي تقف خلف ذلك.
تميزت الدورة التي اختتمت مؤخرا في الرياض بتركيزها على قضايا التناولات الإعلامية للمخدرات وأهمية إشراك الوسائل الإعلامية الجديدة في هذا الجانب، وهو ما يمثل إشارة إلى حيوية الندوة وحرصها على الإحاطة بمختلف المستجدات وعلى توظيفها لخدمة هذا الغرض النبيل، وكذلك في المحاور المتعلقة بأهمية الحوار.
مثل هذه الندوة من شأنها أن تسهم في ترسيخ الثقل الحقيقي الذي تلعبه المملكة في مواجهة المخدرات، وفي ذات الوقت تكشف للعالم أن ثمة تناميا مستمرا في الآليات والتوجهات والإمكانات السعودية في مواجهة ومكافحة المخدرات.

المصدر: جريدة الوطن
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 90 مشاهدة
نشرت فى 15 مايو 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

896,495

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.