أهميّة دور المعلّم

    لقد شهد التّاريخ للمعلّم بالرِّفعة والقَداسة، فكان تاج الرؤوس ذا هيبة ووقار، لا يُجارى ولا يُبارى في المجتمع فهو الأمين المستشار وهو الأب الحنون البار لدى الكبار والصغار، وهو السّراج الّذي ينير الدرب للسالك، يروي العقول والأفكار ويحميها من الانحراف والانجراف نحو التيارات الفاسدة المضرّة ، فالمعلم مرب في المقام الأول والتعليم جزء من عملية التربية. وقد أشار القرآن الكريم إلى دور المعلمين من الأنبياء وأتباعهم في كثير من الآيات القرآنية مبيناً أن من أهم وظائف الرسول صلى الله عليه وسلم تعليم الناس الكتاب والحكمة وتزكية الناس – أي تزكية نفوسهم وتطهيرها – فقال الله تعالى {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} (129) سورة البقرة . وقد بلغ من شرف مهنة التعليم أن جعلها الله من جملة المهام التي كلف بها رسوله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} (164) سورة آل عمران. وقوله تعالى {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (9) سورة الزمر. 
وقوله تعالى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (11) سورة المجادلة . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( العلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا  العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)  . ولكي ينجح المربي المسلم في عمله التدريسي والدعوي وفي تأدية أدواره الأخرى في المجتمع الإسلامي والمجتمع العالمي لا بد أن تكون له شخصيته الإسلامية المتميزة .فالمعلم ليس مجرد ملقّن للمعلومات أو حارس للفصل الدراسي من الفوضى. لكنّ المعلّم من يساعد طلابه على اكتساب المعارف والمهارات، كما يهتم بصحتهم وبتوافقهم الشخصي والاجتماعي، وبآمالهم وأهدافهم وطموحاتهم، يساعدهم ليكونوا أجيالاً عالمة ناقدة مثقفة لا حملة شهادات وألقاب جامعيّة فارغة. أجيالاً عالمة بعلم نافع وكثير يخدم الحياة والتطوّر على المستويات جميعاً: الفكريّة والصناعيّة والزراعيّة والتجاريّة والصحيّة والقانونيّة والتربويّة، أجيالاً ناقدة أي محصنّة ضد البشاعة والغوغائيّة والسطحيّة والتفاهة والسخف والادّعاء على الصعد كافّة: الفكريّة والفنيّة والسياسيّة والدينيّة حتى المعيشيّة.
لذلك اشتهر القول ( من علّمني حرفاً كنت له عبداً ) أي خادماً . ولا ننسى في هذا الصدد أن نذكر قول أمير الشعراء أحمد شوقي في المعلم:
        قـم للمعــلّم وفّه التّبجيلا         كاد المعلّم أن يكون رسولاً
        أريت أعظم أو أجلَّ من الذي        يبني وينشئ أنفساً وعقولاً
ومما يزيد المعلّم شرفاً وعزّة أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم قال : ( إنّما بُعـثت معلّمـاً ) .
    ولقد أثبتت البحوث التربويّة أنّ التدريس الفعّال Effective Teaching يعتمد بالدرجة الأولى على شخصيّة المعلّم وذكائه ومهاراته التدريسيّة التي يتمتع بها. ويشير عالم من علماء التربية هو شاندلر Chandler إلى أنّ مهنة التدريس هي المهنة الأم The Mother Profession وذلك لأنها تعتبر المصدر الأساس الذي يمهد للمهن الأخرى ويمدها بالعناصر البشريّة المؤهلة علميّاً واجتماعيّاً وفنيّاً وأخلاقيّاً. ويعتقد المعلمون أنّ عملهم في مهنة التدريس هو خير ما يمكن أن يقدموا لمجتمعاتهم، وليس هذا فحسب، بل أنهم بعملهم إنّما يسهمون في تشكيل مستقبل تلك المجتمعات بتكوينهم لشخصيّات الشباب منذ نعومة أظفارهم، هؤلاء الشباب الذين يحملون عبء المسؤوليّة في مستقبل أوطانهم وشعوبهم.

المصدر: موقع بناء الاجيال
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 134 مشاهدة
نشرت فى 20 إبريل 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

902,438

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.