المرأة … حريتها في إسلامها
يرى بعضهم مِن مَن يدعي و يسعى مدافعا عن المرأة و مطالبا بتحريرها - الحجاب مظهرا من مظاهر فقدان المرأة لحريتها وسببا من أسباب تخلفها , و إنه من لوازم تحررها أن تخلعه و تلقي به . ويرون أيضاً أنه من لوازم تحررها أن تتساوى مع الرجل كون المرأة إمتدادا للرجل و نصف المجتمع فلا توجد حرية وديمقراطية ؛ من غير هذه المساواة !! , و المساواة تكون في كل شيء دون قيود ودون ضوابط ؟! و لقد بالغوا في ذلك حتى لم يعودوا قادرين على تمييز حدود المساواة التي يقولون بها بل ولا حتى تعريف هذه المساواة و عند أية حقوق و أية واجبات تقف , و يقول أن العلمانية و القوانين المدنية الحديثة قد ضمنت حقوق المرأة على عكس الإسلام و شريعته .
رويدكم ألم تطالبوا بخلع الحجاب بحكم أنه مظهر من مظاهر فقدان حرية المرأة , ألم تختزلوا بهذا المرأة ألم يجعل هذا المرأة الحرة هي من تعرض مفاتنها ؟! ولكن هذه تضل إشكالية بسيطة ؛ فدعونا نجاري الكذاب حتى عتبة الباب إذا كنتم تؤمنون بالتساوي بين الرجل و المرأة كون المرأة امتداد للرجل و هي نصف المجتمع ! فإليكم بهذا في الإسلام لا يقتصر دور المرأة على كونها إمتدادا للرجل فالمرأة ليست نصف المجتمع ؛ بل هي المجتمع بأسره فإذا صلحت صلح و إذا فسدت فسد ، فهي للرجل أمٌّ و أختٌ و زوجةٌ و بنتٌ ؛ فأنتم تنادوا بالمساوة دون قيود أو ضوابط بين الرجل و المرأة و بالمثل في الإسلام فقد عدل وساوى الإسلام ما بين الرجل والمرأة في كل شيء و هذه نقطة سوف نرجع لها لاحقاً , ولكن ما تنادوا به من مساواة تخطى حدود المساواة إلى حدود الإفساد بالنسبة للمرأة و الرجل مما يؤدي إلى هلاك المجتمع .
فنراكم تقولوا أن العلمانية و القوانين المدنية قد ضمنت حقوق المرأة و لكن في ماذا ؟! حقها في التعلم ؟ حقها في الميراث بحيث إنها تتساوى مع الرجل فيه ؟ , حقها في الترشح للمناصب الحكومية و في مجلس الشعب ؟! و غير ذلك من هذه الأمور . و لكن أين الكرامة و العفة للمرأة من و مع هذا كله ؟! فلنلقي نظرة على المرأة في الإسلام , فالإسلام قد ضمن حقوق المرأة بقوانين ثابتة وغير قابلة للتغيير مع عدم سلب كرمتها وكبريائها ، فقد أعطى الإسلام المرأة حقوقها كافة سواءً المادية كالإرث وحرية التجارة والتصرف بأموالها إلى جانب إعفائها من النفقة حتى ولو كانت غنية أو حقوقها المعنوية ؛ كما لها حق التعلم ، والتعليم ، بما لا يخالف دينها ، بل إن من العلم ما هو فرض عين تأثم إذا تركته , وحقها في ممارسة دورها السياسي سواء كان في مجالس الشورى أو خلاف ذلك .
وعلى ا لرغم من أن بعض العلماء و المؤرخين يختزلون دورها نسبة للرجل لكن في واقع الحال فإن المرأة كانت لها أدوارها المؤثرة في صناعة التاريخ الإسلامي بمنأى عن الرجل . فنرى المرأة صانعة سلام ( كدور السيدة أم سلمة في درء الفتنة التي كادت تتبع صلح الحديبية ) .. و نراها محاربة ( حتى تعجب خالد بن الوليد من مهارة إحدى المقاتلين قبل اكتشافه أن ذلك المحارب امرأة ) .. و دورها في الإفتاء بل و حفظ الميراث الإسلامي كالسيدة عائشة أم المؤمنين فعن رسول الله – صلى الله علية وسلم – قال ” فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ” , فلا ريب أن عائشة ام المؤمنين أدّت إلى الأمة من العلم ما لم يؤد غيرها و احتاج إليها خاص الأمة وعامتها .
و بهذا يتميز الإسلام بمرونته في تناوله للمرأة . فقد وضع الأسس التي تكفل للمرأة ” المساواة ” و الحقوق , كما سنّ القوانين التي تصون كرامة و كبرياء المرأة وتمنع استغلالها جسديا أو عقليا ، ثم ترك لها الحرية في الخوض في مجالات الحياة . و يبقى أمام و صول المرأة المسلمة إلى و ضعها العادل في المجتمعات الشرقية هو التمسك بالعقيدة الصحيحة و الإبتعاد عن العادات و الموروثات الثقافية و الإجتماعية التي تضرب بجذورها في أعماق نفسية الرجل و ليس العائق الدين أو العقيدة .
فمن ناحية العقيدة : أكّد الإسلام أن الفروق الفسيولوجية بين الرجل و المرأة لا تنقص من قدر أي منهما : فهي طبيعة كل منهم المميزة و التي تتيح له أن يمارس الدور الأمثل من الناحية الإجتماعية . و كل هذا منصوص عليه في الموروث الإسلامي و المصادر النقلية من الكتاب و الأحاديث . وكثر هي القصص التي تشير إلى هذا ولكن لا يسع المقام لذكر فالتطلب من كتب تاريخنا الإسلامي .
فبهذا نرى أن الإسلام ساوى المرأة بل فضلها و جعل الجنة تحت أقدامها و ضمن حقوقها وكرامتها أكثر مما قد يحلم به العلمانيون و غيرهم ؛ و لكن للأسف أني لا أتحدث عن مسلمي العصر فهم ما من الإسلام في شيء , فمن غير المتوقع أن يحدث تغيير في أحوال المرأة إلا بدعوة صادقة إلى الإسلام تعود به في نفوسهم إلى صورته الأولى التي أنزلها الله , و إلى الآن لم يضهر في الأفق ما ينبئ بهذه العودة و بالتغير في أحوال المرأة ( اللهم إلا بعض الأضواء الخافتة التي تظهر في أوقات عصيبة وأزمنة شديدة ) فقد تحول الإسلام إلى تقاليد خاوية من الروح , يحافظ عليها من أجل أنها تقاليد و بهذا هي لاتعطي ما كانت تعطيه من معاني حقيقية تنشأ في نفس المسلم كتلك التقاليد التي نشئت أول مرة . و من ثم إن التقاليد ” بالنسبة للمرأة ” كانت قد صارت أقرب إلى الجاهلية منها إلى الإسلام .
و نرى وضع المرأة المسلمة الآن بسبب هذه العادات و الموروثات الثقافية والاجتماعية , فقد أصبحت مكانة المرأة في بلاد المسلمين كمّاً مهملاً أقرب إلى ما كانت علية في الجاهيلية , لا تتعلم , و لا يؤخذ رأيها في أخص شئونها و هو الزواج , ويتعدى على حقها في الميراث دون أن تجد من تشكو إليه , ولا تتعدى اهتماماتها شئون المنزل القريبة , و الرعاية التقليدية للأطفال .. و أصبحت مكانتها عند الرجل بمكانة الخادمة , وتعيّر بأن مهمتها أن تحمل و تلد و تربي الأطفال ولا زيادة , بل تتعرض للضرب و للإهانة , و لكن ما هو سبب هذه المعناة ؟! الجواب هو و الابتعاد عن الدين و التمسك بالعادات والموروثات الثقافية والاجتماعية عند الرجل و المرأة , وليس العائق الدين أو العقيدة .
و لكن كيف تتفرغ المرأة لما هوا أعلى و أسمى و أهم و أخطر , وهو تنئشة الأجيال وبناء المجتمع على أسس صحيحة , و لست أعني بقولي هذا اختزال دور المرأة في كونها أمّاً فقط و لكن منذ خلق الله – تعالى – الكون و المرأة هي المربي الوحيد فالرجل لا يربي فليس لديه الصبر و العطف اللازم و … إلى آخره من ما يلزم أن يكون في المربي على غرار المرأة فهذه الفطرة التي فطر الله عليها المخلوقات جميعاً سواء كانوا بشرا أو غير ذلك , فالمرأة طبيبة و مدرسة و فقيهة في الدين و غير ذلك الكثير , ولكن بامتهان المرأة لنفسها و انسياقها خلف الغرب التي بدأت عندهم الحكاية على لقمة طعام وانتقلت إلينا على انها تحرر من الدين , و اتجاهها لتحكيم قوانينهم , التي تأخذ منها مكانتها الحقيقية و تستبدلها بمكانة أقل , بهذا لن تجد المرأة حقوقها و إنما ستدور في حلقة مفرغة من الوهم حتى ينخر المجتمع و يهلك .
و ختاماً أقول لأختي المرأة أنه لا يوجد في الإسلام مذاهب ولا فرق بعضها يرفع و بعضها يحط من قدر المرأة , و إنما يوجد إسلامًا و مسلمين و في هذا الإسلام أنت ملكة فوق رأس كل رجل , فلا تحملي الدين شيئاً هو ليس منه ولا قام عليه .