في دراسة أثارت القلق وشملت معالجات الألم القوية وكذلك المهدئات
الأدوية المنوّمة ... تزيد نسبة خطورة الوفاة المفاجئة ثلاثة أضعاف !
قد تؤدي للإدمان
الأدوية المنوّمة والأدوية القوية المعالجة للألم وكذلك الأدوية المهدئة المعروفة بالبنزوديازابين تزيد من نسبة خطورة الوفاة المفاجئة بمعدل خمس مرات على الأقل ، وتزيد من شخصٍ لآخر وكذلك الإدمان على هذه الأدوية يزيد الخطورة أكثر ، وأما زيادة الجرعات وتناول أدوية متعددة من هذه الأدوية فهذا يزيد من خطورة الوفاة المفاجئة.خلال الثلاثة أسابيع الماضية كانت الصحف البريطانية تتحدث بشكلٍ مكثّف عن هذه الدراسة التي أثارت قلقاً واسعاً في الأوساط الطبية.
قالت الصحف البريطانية إن ملايين البريطانيين كثيراً ما يستخدمون الأدوية المنوّمة للتغلّب على الأرق الذي أصبح شكوى عامة بين جميع سكّان الأرض ، ومع انتشار مشكلة الأرق ارتفعت نسبة الأشخاص الذين يتناولون الأدوية المنوّمة، بعضهم يتناول هذه الأدوية بصورة منتظمة وبعضهم يتناولها بصورة متقطّعة عند الحاجة لهذه الأدوية المنوّمة. لذلك ازداد عدد الأدوية المنوّمة في الأسواق بوجهٍ عام . الأدوية التي نتحدث عنها هنا ليست الأدوية التي تُباع بدون وصفة طبية أوبوصفة طبية عادية إنما هي الأدوية المنوّمة المقيدة ، والتي تُصرف بوصفات مقننة ، أي وصفات خاصة للأدوية الخاضعة للرقابة ، مثل النيترازيبام والتمازيبام والزولباديم وبقية الأدوية الخاصة بالتنويم والمساعدة على النوم.مشكلة الأرق وعدم القدرة على النوم ، أصبحت شائعةً اليوم بسبب تغيّر أسلوب الحياة التي أصبح الناس يعيشونها ، وهذا قاد إلى ازدياد كبير جداً في إقبال الناس على تناول الأدوية المنومة إضافة إلى استخدام بعض المواد الطبيعية وبعض الناس في الغرب يستخدمون الكحول للمساعدة على النوم.
الملايين يستخدمون الأدوية المنوّمة للتغلّب على الأرق
وللأسف متى تعوّد الشخص على النوم بأدوية منوّمة أو أي مادة تساعده على النوم فإنه يُصبح معتاداً على هذه الأدوية أو المواد المنوّمة ولا يستطيع أن يتركها ويعود مرةً آخرى للنوم بشكلٍ طبيعي.المشكلة الآخرى والمهمة هي أن بعض الأشخاص بعد فترة يضطرون لزيادة الجرعة حتى يستطيعوا أن يناموا بشكل أفضل ، نظراً لأن الجرعة السابقة لم تعد تجلب له النوم ، وكذلك زيادة المشروبات الكحولية لمن ينامون بتعاطي الكحول.أفضل وسيلة للبعد عن الإدمان على الحبوب المنوّمة أو المواد التي تُساعد على النوم هو عدم البدء في استخدامها والبعد عن أي مواد كيميائية تساعد على النوم حتى لا يتم التعوّد على مثل هذه الأدوية أو المواد الكيميائية والتي كما تقول الدراسة بان استخدام الأدوية المنوّمة قد يقود إلى الوفاة المفاجئة على الأقل ثلاثة أضعاف الأشخاص العاديين الذين لا ينامون بالأدوية المنوّمة. خلال عملي يمر عليّ كثير من الأشخاص الذين تعوّدوا على الأدوية المنوّمة ، ولا يستطيعون أن يتركوا هذه الأدوية لأنهم لا يستطيعون النوم بدون هذه الأدوية ، وأعرف مدى صعوبة هذه الأدوية وكذلك صعوبة التخلّي والاستغناء عنها.
تزيد من نسبة خطورة الوفاة المفاجئة
ففي دول مثل فرنسا وهولندا تنتشر هذه الأدوية المنوّمة بكثرة نظراً لصعوبة التوقّف عن تناول هذه الأدوية بعد أن تعوّد الشخص عليها وأصبحت جزءا من طقوس النوم عنده وبدونها لايستطيع أن ينام. مشكلة هذه الأدوية أن لها دورا في الإصابة بمرض الزهايمر حسب ما تقول الدراسات ، ولهذا يُحذّر الأطباء من الإدمان على الأدوية المنوّمة ، وقد أُضيف لهذا الأمر الآن ما تقوله الدراسات الحديثة من أن الإدمان على الأدوية المنوّمة قد يقود إلى الوفاة المفاجئة.الأمر الآخر وهو الإدمان على الأدوية المخدرة التي تُعالج الألم. وهذا لا يعني استخدام هذه الأدوية لفترة قصيرة خلال فترة يحتاج المريض فيها إلى أدوية مضادة للألم بصورة قوية نظراً لطبيعة المرض الذي يُعاني منه المريض والذي يحتاج إلى هذا الدواء ويجب أن يكون هذا الأمر تحت إشراف طبي مُباشر ودقيق. المشكلة هنا عندما يُصبح الشخص مدمناً على هذه الأدوية التي تُعالج الألم ، ويستخدمها ليس لعلاج آلام أو لغرض طبي ولكن يتعاطى هذه الأدوية المخدرة القاتلة للألم للمتعة والرفاهية ، حيث قد يصرف الشخص المدمن على هذه الأدوية القاتلة للألم مبالغ طائلة ، حيث تُعتبر نوعاً من المخدرات ، برغم من أن هذه المواد الكيميائية هي فعلاً طبية ولكنها مخدرات في تركيبها وفي الغرض من صناعتها من قِبل شركات الأدوية إلا أن هناك نسبة لا يُستهان بها تستخدم هذه الأدوية القاتلة للألم كنوع من رفع المزاج والمتعة وليس للعلاج الطبي. لا أحد يُدرك مدى صعوبة استخدام هذه الأدوية القاتلة للألم وكيفية الإدمان عليها بسهولة ، لأن الشخص يُصبح مدمناً بعد فترةٍ قصيرة من الاستخدام. وقد ذكرتُ في مقالٍ سابق بأن كثيرا من الأشخاص الذين أدمنوا على الأدوية التي تُعالج الألم ، أدمنوا عليها بعد فترة من علاج حقيقي لأمراض تستحق استخدام مثل هذه الأدوية ، ولكن الشخص بعد ذلك أصبح مدمناً ، لذلك يجب استخدام هذه الأدوية بحذر شديد لأن التعّلق بها وإساءة استخدامها أمر سهل وسريع وقد يجد المريض الذي كان يتعالج من مرض مؤلم يحتاج إلى أدوية قوية لمعالجة الألم وبعد ذلك يستسيغ الشخص تناول أو تعاطي هذه الأدوية الخاصة بعلاج الألم ويُصبح يتعاطاها بدون داعٍ طبي ولكن للمتعة ويُصبح مدمناً عليها ويبحث عنها كما يبحث مدمن المخدرات عن المخدرات بأي شكل ومستعد لدفع أي مبالغ للحصول على هذه الأدوية لذلك أصبحت تجارة الأدوية القاتلة للألم في السوق السوداء أمرا معروفا ، حيث يُحرم الأشخاص الذين بحاجة حقيقية لمثل هذه الأدوية ولكن بعض الأشخاص يُتاجرون في مثل هذه الأدوية ، وهذا يجري في جميع دول العالم دون استثناء ؛ ففي الدول الغربية مثل الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية وكذلك الدول العربية هناك سوق سوداء لبيع الأدوية الخاصة بمعالجة الألم القوية ، وفي بعض المستشفيات الخاصة قد يتساهل الأطباء في صرف بعض الأدوية القوية الخاصة بعلاج الألم ، خاصةً التي تؤخذ عن طريق الحقن مثل البثيدين والترامادول وبقية الأدوية القوية التي تُعالج الألم ، ولعل الفنان العالمي مايكل جاكسون توفي نتيجة استخدامه لأدوية قوية قاتلة للألم ، لا تُستخدم إلا في غرف العمليات ، ولكن الطبيب الذي يُعالج مايكل جاكسون قام بإعطائه دواء قويا لا يُستخدم إلا في غرف العلميات وقد قام بإعطائه إياه في المنزل وكان السبب في وفاة مايكل جاكسون الذي كان يتناول هذه الأدوية لكي ينام ، حيث إنه يُعاني من أرق شديد ويستخدم أدوية قوية لكي ينام ومن ضمنها هذه الأدوية الخاصة بالألم ، وساعده على ذلك الأموال الكبيرة التي كان ينفقها في إغواء الأطباء الذين يتعاملون معه ولكن بعد وفاة مايكل جاكسون ، أدين طبيبه الخاص بجريمة القتل لأنه اعطى مايكل جاكسون هذه الأدوية التي أدت إلى قتله ، وحُكم على الطبيب الخاص لمايكل جاكسون بالسجن لمدة أربع سنوات.
مشكلة الأرق وعدم القدرة على النوم أصبحا شائعين بسبب تغيّر أسلوب الحياة
وقبل مايكل جاكسون كان المطرب الشهير الفيس بريسلي أيضاً الذي توفي نتيجة تعاطي أدوية مخدرة بكميات كبيرة وآخرون كثيرون ربما كان آخرهم المطربة الأمريكية الشهيرة ويتني هيوستن.الأدوية الآخرى وهي الأكثر انتشاراً هي الأدوية المهدئة والتي أشهرها الأدوية التي تستخدم لعلاج القلق وتسمى البنزوديازابين ، مثل الفاليوم ، والزاناكس ، وغيرهما من الأدوية المعروفة من هذه المجموعة الدوائية والمشهورة جداً في جميع أنحاء العالم. وذكرت التقارير بأن الفاليوم والتمازيبام بالاسم بأنها من الأدوية التي قد تُسبب الوفاة المفاجئة لمن يتعاطونها بشكل مستمر أو حتى متقطّع. وللأسف فإن هذه الأدوية تُستخدم بشكلٍ كبير بين الناس لعلاج القلق وكذلك يستخدمها بعض الأشخاص للمساعدة في النوم. وتُعتبر هذه الأدوية من أكثر الأدوية استخداماً في العالم ، وتقييدها أقل مثلاً من الأدوية الخاصة بعلاج الألم ، حيث ان بيعها أكثر سهولة من شراء الأدوية الخاصة بعلاج الألم. وفي بعض دول العالم تُباع هذه الأدوية بصورة سهلة دون قيود كبيرة ومُشدّدة ، لذلك يسهُل الحصول على هذه الأدوية المهدئة والتي لها خطورة كبيرة على صحة الإنسان وكذلك كما أشارت الدراسات الحديثة بأن هذه الأدوية قد تقود إلى الوفاة المفاجئة والمبكّرة إذا كان الشخص يستخدمها بشكلٍ دائم. هناك كثير من الأشخاص يستخدمون الأدوية المهدئة دون الاستشارة الطبية ، ولا يصرفونها من اطباء بل يشترونها من اشخاص يبيعونها بأسعار خيالية ، حيث تُباع بأسعار مضاعفة ربما تصل أكثر من عشرة أضعاف سعرها الرسمي ، ويستهين الكثيرون بخطورة هذه الأدوية برغم أن استخدامها بشكل مستمر يُسبّب الإدمان على هذه الأدوية وما ينتح عن تعاطيها من مشاكل صحية كثيرة ، أهمها الإدمان على هذه الأدوية والتي هي مشكلة صحية كبيرة. إن الهروب من الضغوط النفسية باللجوء إلى الأدوية المهدئة التي تقود إلى الإدمان ومن ثم إلى مشاكل صحية خطيرة ، قد تُسبّب الوفاة. للأسف فإن الأشخاص الذين يُدمنون على هذه الأدوية في أغلب الأحيان لا يستطيعون الانفكاك من تعاطي هذه االأدوية المهدئة ، وبذلك يعيش الشخص الذي يتعاطى هذه الأدوية المهدئة طوال عمره على تعاطي هذه الأدوية المهدئة.هذه الدراسة التي تُشير إلى خطورة استخدام الأدوية المنوّمة والأدوية الخاصة بعلاج الألم وكذلك الأدوية المهدئة ، لذلك يجب على من يستخدم مثل هذه الأدوية أن يُراجع طبيبا متخصصا ، حيث لا يجب على الشخص التوقف عن مثل هذه الأدوية فجأة دون إشراف طبي .
إننا نُعاني في العيادات النفسية من كثرة المترددين على العيادات ويطلبون ويُلحّون في أن يحصلوا على هذه الأدوية المهدئة والمنوّمة ، وتشعر بالعطف والشفقة عليهم لطلباتهم مثل هذه الأدوية.نشرت مجلة الأسبوع "The Week" في عددها 859 الصادر بتاريخ 10 مارس 2012 ، وهي مجلة تعنى بما يصدر خلال الأسبوع ، وقالت المجلة في صفحة 19 ، تحت عنوان " الفزع الصحي خلال الاسبوع". حيث تحدثت هذه المجلة بأن الباحثين وجدوا بأن استخدام الأدوية المنوّمة والتي يتعطاها الملايين من البريطانيين تزيد خطورة الوفاة المبكرة والمفاجئة لخمسة أضعاف عن الأشخاص الذين لا يتعاطون مثل هذه الأدوية. وذكرت ما أشرنا إليه في هذا المقال من خطورة تناول الأدوية التي ذكرناها.
مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.