عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد و القائد المصل 

 

أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية بن عبد شمس، والدته أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، وُلد رحمه الله سنة 62هـ ، بالمدينة النبوية.

 

وكان في صغره يحضر مجالس الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، لمكان أمه منه، ثم يرجع إلى أمه فيقول: يا أمه، أنا أحب أن أكون مثل خالي يريد عبد الله بن عمر!

 

فلما كبر سار أبوه عبد العزيز بن مروان إلى مصر أميراً عليها ثم كَتَب إلى زوجته أم عاصم أن تقدم عليه بولدها، فأتت عمها عبد الله بن عمر فأعلمته بكتاب زوجها إليها، فقال لها: يا ابنة أخي هو زوجُكِ فالحقي به، فلما أرادت الخروج قال لها: خلّفي هذا الغلام عندنا، يريد عمر، فإنه أشبهكم بنا أهل البيت فخلفته عنده ولم تخالفه، فلما قدمت على عبد العزيز أخبرته بخبر عمر، فسُرَّ بذلك وكتب إلى أخيه عبد الملك بن مروان يخبره بأمره، فكتب عبد الملك أن يجرى عليه ألف دينار في كل شهر، ثم قدم عمر على أبيه بعد ذلك مسلِّماً عليه فأقام عنده ما شاء الله.

 

نشأته وطلبه للعلم:

اعتنى أبوه بتربيته واستصلاحه منذ نشأته، فكتب إلى الإمام صالح بن كيسان بالمدينة أن يتعاهده ويرعاه، وكان صالح يلزمه الصلاة، فأبطأ يوماً عنها فقال: ما حبسك؟ قال: كانت مُرَجّلتي تسكّن شعري، فقال: بلغ بك حبك تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة! وكتب إلى أبيه بذلك، فبعث إليه عبد العزيز رسولاً فلم يبارحه حتى حلق شعره.

 

وقد استفاد عمر بن عبد العزيز كثيراً من العلماء الذين كانوا بالمدينة المنورة التي كانت في ذلك الوقت مركزاً للعلم والعلماء وقد تفقه عمر في الدين على يد أساتذة أجلاء من الصحابة، منهم أنس بن مالك، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، ومن كبار التابعين كسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله بن عمر.

 

صفاته وأخلاقه:

كان عمر بن عبد العزيز كريم الشمائل، حميد السجايا، جميل الأخلاق، واجتمع له من مكارم الأخلاق والآداب ما لم يعرف لأحد من معاصريه، وهذا طرف من أخباره في ذلك:

 

كان عمر لا ينكث وعده، ولا ينقض عهده، يعتقد الحق فيجاهر به ولا يتهيب فيه غضبة السلطان ونقمته، فقد أراده الوليد بن عبد الملك إبان خلافته على أن يبايع لابنه عبد العزيز ويخلع أخاه سليمان من ولاية العهد فقال له: يا أمير المؤمنين إنا بايعنا لكما في عقدة واحدة فكيف نخلعه ونتركك!. -

وكان عمر ينهى سليمان بن عبد الملك عن قتل الحرورية ويقول: ضمنهم الحبوس حتى يحدثوا توبة، فأتي سليمان بحروري مستقتل، فقال سليمان: علي بعمر بن عبد العزيز، فلما أتى عمر عاود سليمان الحروري فقال: ماذا تقول؟ قال: ماذا أقول يا فاسق يا ابن الفاسق! فقال سليمان لعمر: ما ترى يا أبا حفص؟ فسكت، فقال: أقسمت عليك لتخبرني ماذا ترى عليه؟ فقال: أرى أن تشتمه كما شتمك، وتشتم أباه كما شتم أباك، فقال سليمان، ليس إلا؟ قال: ليس إلا فلم يرجع سليمان إلى قوله، وأمر بالحروري فضرب عنقه.

 

فكان عمر بن عبد العزيز يحب الرفق كما يحب العدل ولا يفرق في موقف الخصومة بين الخليفة الأكبر وبين أي شخص من المسلمين وإن كان مبتدعاً خارجياً.

 

حاله بعد الخلافة :

 

ذكرنا نبذة يسيرة من أخلاقه قبل أن يلي الخلافة وأما بعد الخلافة فقد كان على نفس ما ألفه من الأخلاق النبيلة والشمائل الغراء قبل خلافته وكان أبرز ما فيه، رعايته الحق وذوده عنه، وإقراره العدل بين رعيته، ورفعه المظالم عن كواهلهم..

 

ولقد رووا كثيراً من أخباره المنبئة بمبالغته في التورع والتحرج من أن ينال شيئاً من غير حله، من ذلك أنه جاءه تفاح من الفيء، فجعل يقسمه بين المسلمين، فجاء ابن له صغير فتناول تفاحة فانتزعها من فيه، فسعى إلى أمه مستعبراً باكياً، فأرسلت إلى السوق فاشترت له تفاحاً، فلما رجع عمر وجد ريح التفاح، فقال: يا فاطمة هل أتيت شيئاً من هذا الفيء؟ قالت: لا، وقصت عليه القصة، فقال: والله لقد انتزعتها من ابني لكأنما انتزعتها من قلبي، لكن كرهت أن أضيع نفسي من الله عز وجل بتفاحة من فيء المسلمين.

 

وكان لا يحابي في الحق قريباً لقرابته، ولا عظيماً لعظمته، بل يحق الحق للحق، ويسوي في عدله بين الجميع، وقد خاصم مسلمة بن عبد الملك عنده أهل دير إسحق، فقال له عمر، وهو ابن عمه وصهره، لا تجلس على الوسائد وخصماؤك بين يدي، ولكن وكّل بخصومتك من شئت، وإلا فجاث القوم بين يدي، فوكّل مولى له بخصومته، فقضى عليه.

 

وكان يتقدم إلى الحرس إذا خرج عليهم ألا يقوموا له ويقول لهم: لا تبتدأوني بالسلام، إنما السلام علينا لكم. وقال يوماً لرجل: مَن سيد قومِك؟ قال: أنا، قال: لو أنَّك كذلك لم تقله.

 

ترفه قبل الخلافة وزهده فيها:

ذكر المؤرخون أن عمر كان أعظم أموي ترفهاً، غذّي بالملك ونشأ فيه، لا يُعرَف إلا وهو تعصف ريحه، فتوجد رائحته في المكان الذي يمر منه ويمشي مِشية تُسمى العمريّة، وقد ترك كل شيء كان فيه لما استُخلِف ما عدى مشيته، فإنه لم يستطع تركها، فربما قال لمزاحم: ذكّرني إذا رأيتني أمشي، فيذكره، فيخلطها، ثم لا يستطيع إلا إياها فيرجع إليها.

 

وكان يطبع بخاتمه فيعلق العنبر بالطينة، فلم يزل على ذلك حتى ولي الخلافة فزهد في الدنيا ورفضها.

 

وحدّث رجل فقال: رأيته في المدينة وهو أحسن الناس لباساً، ومن أطيب الناس ريحاً، ومن أخيل الناس في مشيته، ثم رأيته بعد ذلك يمشي مشية الرهبان.

 

وحدث شيخ كان في حرس عمر قال: رأيته حين ولي فإذا به من حسن اللون وجودة الثياب والبزة، ثم دخلت عليه بعد وقد ولي فإذا هو قد احترق واسودّ ولصق جلدُه بعظمه حتى ليس بين الجلد والعظم لحم.

 

كل هذا يصور لك بجلاء أنه لم ينس نصيبه من الدنيا في شرْخ صباه فلما أن ولي الخلافة خرج من جميع ما كان فيه من النعيم في الملبس والمأكل والمتاع.

 

قصة استـخـلافه:

كان الخليفة سليمان بن عبد الملك بناء على مشورة العالم الجليل رجاء بن حيوة الكِندي، الذي كان مقرباً من سليمان حيث يأتمنه ويأخذ برأيه، قد عهد بالخلافة من بعده إلى عمر بن عبد العزيز وبايع الناس على ذلك فلما أعلنت وفاته تلي الكتاب الذي حصلت البيعة عليه فإذا فيه أن الخليفة عمر بن عبد العزيز فحاول رحمه الله أن يزيحها عنه فلم ينفع وقام الناس فيايعوه فقال لهم إذا بايع أهل الأمصار ورضوا بي خليفة وإلا فأنا منها بريئ فما لبث أن جاءته البيعة من أهل الأمصار أيضا واتفق الناس عليه.

 

فلما لم يجد بدا من تولي الخلافة على كره منه رحمه الله قام بها على أحسن وجه فأعاد سيرة الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم وكان يتمثل الوقوف أمام الله يوم الحساب في كل شيء يفعله.

أهم أعماله والأحداث في خلافته:

 

أولاً: إصلاحه ما أفسده بعض الخلفاء والأمراء من قبله وإعادته جميع المظالم إلى أهلها:

عندما تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة، بدأ بنفسه وأهل بيته، فأعاد الأراضي التي وُهِبَت له ولزوجته وأولاده من بيت مال المسلمين، وطلب من بني أمية إرجاع ما أخذوه من بيت مال المسلمين بدون وجه حق، كما جلس ينظر في مظالم الرعية، فأعاد إلى الناس ما اغتصبه أفراد أسرته منهم، وطلب من موظفي الدولة والعمال مراعاة الحذر في أموال الدولة، وعدم استخدامها للحاجات الشخصية، وعزل الولاة الظالمين والعمال القساة وعين بدلاً منهم ولاة جدداً، وكان يراقب تصرفاتهم، كما قضى ديون المعسرين من بيت المال، وشملت رعايته أهل السجون، فكان ينفق عليهم ويكسوهم ويتعهد مريضهم.

 

روى الإمام أبو نعيم في "حلية الأولياء" أن عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز دخل على أبيه عمر بن عبد العزيز فقال: (يا أمير المؤمنين! إن لي إليك حاجة، فأخْلِني وعنده مسلمة بن عبد الملك، فقال له عمر: أسِرٌّ دون عمك؟ فقال: نعم! فقام مسلمة وخرج، وجلس بين يديه، فقال له: يا أمير المؤمنين! ما أنت قائل لربك غداً إذا سألك فقال: رأيتَ بدعةً فلم تُمِتْها، أو سنة فلم تُحْيِها؟ فقال له: يا بني أشيء حَمَّلَتْكَهُ الرعية إليَّ، أم رأيٌ رأيته من قِبَل نفسك؟ قال: لا، واللهِ، ولكن رأيٌ رأيته من قِبَل نفسي، وعرفت أنك مسؤول؛ فما أنت قائل؟ فقال أبوه: رحمك الله وجزاك الله من ولد خيراً؛ فوالله إني لأرجو أن تكون من الأعوان على الخير. يا بني! إن قومك قد شدُّوا هذا الأمر عقدة عقدة، وعروة عروة، ومتى ما أريدُ مكابرتهم على انتزاع ما في أيديهم لم آمن أن يفتقوا عليَّ فتقاً تكثر فيه الدماء، واللهِ لَزوالُ الدنيا أهون عليَّ من أن يهراق في سببي محجمة من دم، أَوَ ما ترضى أن لا يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا إلا وهو يميت فيه بدعة ويحيي فيه سنة، حتى يحكم الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الحاكمين ؟!".

 

ثانياً: مواصلة الدعوة إلى الإسلام:

ركّز الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله في دعوة الناس إلى الإسلام على أمرين هامّين هما:

1- إسقاط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة، وقد أسفر هذا العمل عن دخول كثير من سكان تلك البلدان في الإسلام، وعندما أرسل له أحد عماله أن الخراج قد نقص بسبب رفع الجزية عمن أسلم، أجابه عمر: "إن الله عز وجلّ بعث محمداً هادياً ولم يبعثه جابياً".

 2- مكاتبة الملوك والأمراء في أنحاء العالم ليدعوهم إلى الإسلام بالطرق السلمية، متبعاً في ذلك قول الله تعالى:

{ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}.

وقد أسلم عدد من ملوك السند وبإسلامهم أسلم كثير من شعوبهم.

 

ثالثاً: الناحية الاقتصادية والمالية:-

اهتم الخليفة عمر بالمجال الاقتصادي والمالي، حيث وحد المكاييل والموازين في جميع أنحاء الدولة الأموية، واستصلح الأراضي للزراعة، وساعد الناس بإقراض المزارعين وحفر الآبار لهم، فازداد دخل الدولة كما ازداد دخل الناس حتى لم يعثر على مستحق للزكاة في عهده. رابعاً الناحية العلمية: اهتم الخليفة عمر بالناحية العلمية، فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم كما اهتم بتدوين الحديث النبوي وجمعه، وأوكل ذلك إلى واليه على المدينة "أبو بكر بن حزم".

 

 وفاته رحمه الله:

توفي الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، في سنة 101هـ  بعد حكمٍ دام سنتين وخمسة أشهر، عم فيه الرخاء والعدل جميع أقاليم الدولة الإسلامية العظيمة. وكان رحمه أفضلَ خلفاءِ بني أمية بعد معاوية رضي الله عنه، حتى قال فيه محمد بن علي بن الحسين: "أما علمت أن لكل قوم نجيباً وأن نجيب بني أمية عمر بن عبد العزيز".

  

من فوائد سيرة الخليفة الراشد:

1- دور البطانة الصالحة للحاكم المسلم وبخاصة إذا كانت من قرابتة كما هو ظاهر في نصح هذا الابن البار المشفق على أبيه الخليفة العادل، وهذا من علامة توفيق الله - عز وجل - للحاكم المسلم.

ولكن متى يظهر أثر البطانة الصالحة ؟ إنها لا تظهر إلا إذا وجد الاستعداد الصادق عند الحاكم؛ بحيث يظهر عليه حب أهل الخير والسعي إلى تقريبهم، وبُغض أهل الشر والنفاق والنفور منهم ، وأما إذا وجد العكس من ذلك فإن الأثر سيكون ضعيفاً؛ بل وربما كان معدوماً .

2- التماس العذر لمن لم يتمكن من أهل الخير من الإصلاح السريع وتغيير كل الفساد الذي يقوم به مَنْ تحت أيديهم، ويكفينا أن نرى السعي الجاد للتغيير من قِبَلهم، وأن نرى الخير يزداد والشر يتناقص يوماً بعد يوم ولو كان ذلك قليلاً.

وهذا الكلام يسري من باب أوْلى على من تولى من أهل الخير الحكم في بلد من بلدان المسلمين وأراد صادقاً أن يحكم بشريعة الله عز وجل وأن يحارب الفساد العظيم في مرافق الحياة الذي ورثه ممن سبقه، فهنا يجب أن نطبق ما قال عمر بن عبد العزيز لابنه حينما طالبه بالتغيير السريع الشامل، ونلتمس العذر فيما يقوم به الحاكم الصادق من التغيير المتدرج، ويكفي أن نلمس الصدق والإرادة الحازمة منه في التغيير، وأوضح القرائن على ذلك الصدق في العزيمة والبدء في إبعاد البطانة الفاسدة عن مواقع التأثير، وتقريب البطانة الصالحة.

أما أن يبقى أهل السوء والفساد في مواقعهم متسلطين على مقاليد الحكم ويظل أهل الصلاح وأهل الخير مبعدين أو مغيبين في السجون فإن هذا أبعد ما يكون عن الإسلام.  

3 - التدرج في دعوة الناس، وعدم مطالبتهم بالتغيير السريع في أنفسهم؛ وذلك لما ألِفوه وتلبسوا به دهراً طويلاً من الزمان من المنكرات والمخالفات، وضرورة أخذهم بالرفق والبدء بالأهم فالمهم.

ومما يدخل في ذلك ما ينبغي أن يقوم به المربون في تربيتهم لأولادهم وطلابهم، وأن لا يطالبوهم في بداية تربيتهم بما يطالبون به أنفسهم أو من أمضى سنوات في التربية والتزكية، ولذلك قيل: "على الزاهد أن لا يجعل زهده عذاباً على أهله وإخوانه".

ومما يلحق بذلك أيضاً: التدرج في دعوة الداخلين في الإسلام حديثاً، وأن يبدأ معهم بالأهم وهو توحيد الله - عز وجل - وبيان ما يضرهم من الشرك بجميع أنواعه، ثم إعلامهم بواجبات الإسلام ومنهياته.

ولا يعني هذا التسويف واتخاذ التدرج وسيلة للإبطاء بالالتزام بأحكام الله - تعالى -؛ وتطبيق شرعه، بل المقصود الرفق بالمدعو وأن يبدأ بالأهم الذي هو الأصل في النجاة من عذاب الله - تعالى -؛ إذ ما قيمة أن يصلي الداخل في الإسلام أو يحج أو يصوم وهو لا يعرف التوحيد، أو لا يزال متلبساً بما كان عليه في ديانته السابقة من شرك بالله - تعالى -؟

هذا، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: موقع الكلم الطيب موقع –نور الاسلام موقع – اوزبكستان الخلفاء الراشدين
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 745 مشاهدة
نشرت فى 10 ديسمبر 2012 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

908,493

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.