من هو اﻷب؟..
سؤال تم طرحه على مجموعة من طلاب الماجستير في إحدى الجامعات، وكانت الأجوبة جميلة وتقليدية ..
إلاّ جواباً واحداً استوقف المحاضر وأدمع عينيه..
اﻷب.. في صِغرك، تلبس حذاءه فتتعثر من كِبر حذاءه وصِغر قدمك، تلبس نظاراته فتشعُر بالعظمة..
تلبس قميصه فتشعُر بالوقار والهيبة ..
يخطر ببالك شيء تافه فتطلبه منه فيتقبل منك ذلك بكل سرور ويحضره إليك..
يعود إلى المنزل فيضمك إلى صدره ضاحكاً وأنت ﻻتدري كيف قضى يومه وكم عانى في ذلك اليوم في عمله..
واليوم في كبرك ..
أنت ﻻ تلبس حذاء أبيك فذوقه قديم وهو لا يعجبك!
تحتقر ملابسه العتيقة وأغراضه القديمة ﻷنها ﻻ تروق لك! أصبح كلامه وسؤاله عنك هو تدخل في شؤونك وذلك ﻻيروق لك!..
حركاتُه تُصيبك بالحرج.. وكلامه يشعرك بالاشمئزاز! ..
إذا تأخرت وقلق عليك وعاتبك على التأخير حين عودتك تشعر أنه يضايقك، وتتمنى لو لم يكن موجودا لتكون أكثر حرية! رغم أنه يُريد الاطمئنان عليك ليس إﻻّ ..
ترفع صوتُك عليه وتضايقه بردودك وكلامك، فيسكت ليس خوفاً منك، بل حباً فيك وتسامحاً معك..
إن مشى بقربك محدوب الظهر لا تمسك يده فلقد أصبحت أنت اطول منه!.
أنت باﻷمس تتلعثم بكلامك وتخطئ في الحروف فيضحك مبتسماً ويتقبل ذلك برحابة صدر ..
وأنت اليوم تتضايق من كثر تساؤﻻته واستفساراته بعد أن أصابه الصم أو أصابه العمى لكبر سنه..
لم يتمنى أبوك لك الموت أبداً ﻻ في صغرك وﻻ في كبرك .. وأنت تتمنى له الموت، فلقد ضايقك في شيخوخته وقد يُضايق من معك أيضا..
تحملك أبوك في طفولتك، في جهلك، في سفهك، في كبرك، في دراستك، في عوزك، في فاقتك، في شدتك، في رخاءك، تحملك في كل شيء، فهل فكرت يوماً أن تتحمله في شيخوخته ومرضه؟
أحسن إليه فغيرك يتمنى رؤيته من جديد.