موقف الشريعة الإسلامية من المسكرات والمخدرات

وهنا صورة توضح ما يخل بأمن الدولة تتمثل في إفشاء السر وهو أمر خطير جدا إذا كان متصلا بالحكومة وسياسة الدولة وشئونها العسكرية ، ولهذا يعتمد الجواسيس على المسكرات والمخدرات في إنجاح مهمتهم .

أخطار على أمن الدولة

أما مضارها الاقتصادية على البلاد فيمثل في أمرين : الأول : - شل الحركة الإنتاجية لبعض أفراد المجتمع فإنهم يقضون جل أوقاتهم في حالة غيبوبة لا تمكنهم من العمل مع أن كثيرا منهم يشغلون الأطباء من الدولة لمعالجتهم .

الثاني : - تلك المبالغ الطائلة التي ينفقها هؤلاء التعساء في المسكرات والمخدرات فيما يؤثر على ثروة الدولة ؛ لأنهم من هذا المجتمع وخصوصا مع حالات التهريب التي تستهلك كثيرا من العملة الصعبة التي تحتاج إليها البلاد ، ثم انتقل إلى ناحية مكافحة الإسلام لتلك الجرائم .

أولا : من الناحية الروحية التهذيبية بالوعيد على تعاطيها والوعظ الناجع الذي يحول دون التورط فيها ثم عقوبة الجلد لكل متعاط للخمر بمثل قوله -صلى الله تعالى عليه وسلم- من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه وواضح أن هدف الشارع من العقوبة تقويم الشارب ومنعه من استرسال مع تكفير ما خطئته ، وقد علم الشارع أن الشارب يحاول الهروب من الحقائق إلى سعادة التخيلات فحارب ذلك بالعقوبات الرادعة التي ترده إلى مواجهة الحقيقة في ذلك العذاب الأليم وكان مع ذلك عذاب نفسي يتجلى في الذي يقع على الشارب بعد الجلد .

ثم قال : إن جمهور العلماء متفقون على وجوب جلد الشارب ولو شرب قطرة واحدة من الخمر لغذاء أو غيره إذا قامت البينة العادلة أو اعترف وكان مسلما عاقلا بالغا مختارا للشرب لا مكرها عليه ، وتناول مقدار الجلد فقال روي أن رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم- جلد في الخمر إلى حد الأربعين ثم تجرأ الناس على الشرب في عهد عمر فأشاروا عليه بأن يصل به إلى الثمانين جلدة وهو حد القذف ونقل أن الصحابة أجمعوا على ذلك لكن يرى بعض الأئمة ومنهم الشافعي أنه لا يزاد على الأربعين .

وأما عقوبة من يتعاطى المخدرات بأي طريقة كان المتعاطي فما ثبت أنه مسكر مثل الحشيش والأفيون فإنه يلحق بالخمر وما ليس مسكرا بحكم الأطباء فعقوبته التعزير ( عن مجموع الفتاوى ) وقد حرص الإسلام على مقاطعة المتعاطين ونهى عن ارتياد مجالس أهل الشرب وفي الخبر من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة زاد عليها الخمر ، وكان عمر بن عبد العزيز فيما أثر عنه يجلد من شهد مجلس الخمر وإن لم يشرب ، ويستدل على ذلك بالآية الكريمة الآية .

ثم تناول تعريف بعض الفقهاء للسكر والسكران تمهيدا لرأي الفقهاء في تصرفاته ثم قال إن للعلماء قولين في ذلك ، الأول : - أن السكران يؤاخذ مؤاخذة كاملة فعقوده نافذة وطلاقه واقع ولو زنى فعليه الحد ويقتص منه إذا قتل سواء ارتكب عامدا أو مخطئا .

(الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 369)

والقول الثاني أنه لا يسأل عن تصرفاته مطلقًا ؛ لأنه فاقد الإدراك الذي هو أساس المسئولية . والقول بالمؤاخذة هو الراجح ؛ لأنه لا أثر للشرب في إسقاط التكليف ، وتناول البحث أن الشارع حرم الاتجار بالخمر ولو مع غير المسلم كما في الحديث إن الله حرم بيع الخمر والميتة والأصنام .

وكذلك حرم الشارع العمل في حوانيت الخمر وصناعتها ؛ لأن كل ذلك وسيلة للشرب ، ومن أجل ذلك لعن رسول الله تعالى عليه وسلم الأطراف المتعاملة في الخمر ودعا عليهم بالطرد . وعن أنس رضي الله تعالى عنه لعن رسول الله تعالى عليه وسلم في الخمر عشرة : عاصرها ، ومعتصرها ، وشاربها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وساقيها ، وبائعها ، وآكل ثمنها ، والمشتري لها ، والمشتراة له رواه الترمذي وابن ماجه ورواته ثقات .

وبمقتضى ما مر من أن اسم الخمر يتناول المسكرات والمخدرات فإن ذلك يتناول تحريم الاتجار بالمخدرات . وقد نص العلماء على عدم جواز بيع العنب لمن يعمله خمرا منعا من الإعانة على المعصية وقد حرم الشارع أيضا إهداء هذه الأشياء ولو لغير المسلم ، وتكلم في زراعة الحشيش والأفيون والقات ونحوها فقال إنها إعانة على المعصية ثم هي معصية من جهة أخرى لما فيها من مخالفة ولي الأمر وطاعة ولي الأمر واجبة في غير المعصية .

وبناء على ذلك يكون ثمن هذه المسكرات والمخدرات وأرباحها حرام وهي داخلة في أكل أموال الناس بالباطل وقد نص العلماء على أن من يبيع العنب لمن يعصره خمرا حرم عليه ثمنه مثل السلاح إذا بيع لمن يقاتل به مسلما .

وبناء على ذلك فهو مال خبيث وإنفاقه في القربات والصدقات غير مقبول ثم قال إن ما يحز في النفس أن قوانين بعض الدول الإسلامية خال من النص على تحريم الخمر وهي تعمل على مكافحة المخدرات والمخدرات فرع والخمور أصل فكيف وكيف يستقيم لها ذلك وهي لا تحارب الأصل ؟ .

ثم قال إن خير ما يوصى به في ختام البحث تأكيد الاهتمام بالنص في جميع القوانين على تحريم الخمر وبجميع أنواعها والاتجار بها مع دراسة إمكان بذل معونات الدول التي تقوم ببعض اقتصاديات على زراعة المخدرات تعويضا لها حتى يتحول نشاطها إلى النافع المثمر هذا مع إقامة برامج توعية لتوضيح مضار المسكرات والمخدرات من جميع النواحي والتوجيهات . . والله ولي التوفيق .

مجلة البحوث الاسلامية


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 722 مشاهدة
نشرت فى 7 مايو 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

938,692

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.