نحن الآن نعيش برصيد أبائنا من الأعمال الصالحة

وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

[ الإسراء ]

<!--وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ

حكم الله وألزم كل إنسان على وجه الأرض بصفة عامة والمؤمنين بصفة خاصة أن لا يعبدوا إلا الله ولا يشركوا بعبادته شيئا، والأبوين هما الوسيلة العملية لنحقق هذا.

<!--وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا

وكأن العبادة لا تصح إلا بالإحسان الذي يبدأ بالوالدين وينتهي إلى كل فروع الحياة، فسبحان الله العلي العظيم أن جعل النجاح مرتبط ارتباطا وثيقا برضا الوالدين.

<!--إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا

لو أن هناك أخوة رجالا ونساء فعلى من يعود الضمير ( عندك ) ؟ من وجهة نظري يعود الضمير على أكثرهم حبا لله وإحسانا بوالديه وأعظمهم حظا وقربا من الله.

<!--فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا

أحيانا يتواكل الإخوة بعضهم على بعض فيترك مسئولية رعاية الوالدين على الآخرين، والأعذار كثيرة، لذلك استخدم الله تبارك وتعالى لفظ عندك ليلتزم به الأكثر حبا لله ولوالديه والأكثر حظا ونصيبا من التقوى.

<!--وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)

  أيضا كلمة عندك تحتمل أن يتسارع كل من الإخوة لتنفيذ أمر الله محبة وطواعية وتقربا لله وعرفانا بالجميل ، فلا تدع الفرصة تهرب من بين يديك فهما طال العمر فهو قصير.

<!--وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ

* قال الولد لأبيه:

ما الفرق بين ابتسامتي وابتسامتك؟

* قال الأب :

أنت تبتسم عندما تكون سعيدا، وأنا ابتسم عندما أراك سعيدا.

في مرحلة الشباب نقترف كثيرا من الأخطاء، بحكم عنفوان الشباب وغليان المشاعر وكثرة الفتن وأصدقاء السوء ومغريات الحياة وميول معظم الشباب إلى اقتحام المجهول، ومع ذلك يحفظنا الله ويحمينا ثم يردنا إليه ردا جميلا ذلك بفضل دعاء الوالدين وبفضل ما تركوه لنا من رصيد من الأعمال الصالحة.

<!--وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

ولدينا إلزام آخر أكثر قوة وأوسع مجالا في حياة الآباء والأولاد:

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)

[ الأحقاف ]

على كل إنسان يريد أن يُدرك المعنى الكبير لهذه الآية الكريمة أن يتذكر طفولته ومراحل نموه والنعم التى لا تُعد ولا تُحصى في حياته كلها وسوف يجد قلبه يرجُف حبا وعطفا ومحبة لوالديه.

أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16 الأحقاف ).

وهذه هي النتيجة التى تنتظر كل من يلبي ويطبق أوامر ربه.

جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه والحمد لله رب العالمين.