هل يمكن لنا أن نجمع بين حظوظ الدنيا وحظ الآخرة ؟
الإجابة نعم وبكل تأكيد فقد علمنا ربنا كيف نفعل ذلك في الآيات التالية:
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِحَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّاكَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)
*/*/*/*
هل الحكمة البالغة شيئا سهل المنال؟
وبمعنى آخر هل يمكن للإنسان أن يكون حكيما طول الوقت؟
وتأتينا الإجابة كاملة شافية وافية من كتاب الله :
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)
هذه تُبين لنا أن ذكر الله تبارك وتعالى حكمة بالغة بالغة بالغة.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
[ سورة البقرة ]
وهذه تعطينا مفتاح الدخول إلى عالم الملكوت حيث الفهم الصحيح عن الله، فنرى أن الحقيقة الكاملة لا تكون إلا في معية الله فيزول إحساسك بكل من سواه ولا ترى غيره في السراء والضراء وفي المنع والعطاء. . وهنا ربما وجدنا الإخلاص لله وحده.
وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)
[ سورة البقرة ]
كل من مات أو قُتل وهو تحت راية الإيمان والتوحيد بالله فهو عند ربه حيّ ٌ يُرزق يتمتع بما عند الله مرتاح البال ومستبشرا بمن خلفهم من أباء وأبناء وأزواج وذرية:
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
[ آل عمران ]
الآن دعونا نتعرف على أنفسنا في هذا المجال .. مجال الصبر والصلاة ومعية الله الواحد القهار لنرى أين نحن من كل هذا ؟ والموضوع في نفس سياق آية الصبر سالفة الذكر:
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ
[ سورة البقرة ]
الذين سبقونا بالإيمان من آباء وأبناء وأزواج أحياء عند ربهم يرزقون ينتظروننا، ولكننا نُخطئ ونُصيب، ومن أجل هذا وإكراما لهم جعل لنا ربنا باب الصبر مفتوحا على مصراعيه وهو باب خاص جدا فيه الرحمة والبشرى و متاعا حسنا إلى يوم الدين.
وفي نفس السياق قال رسول الله ﷺ :
هَؤُلاءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ.
عَنْ ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ :
« اللَّهُمَّ إِنَّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى الْعَفَافَ وَالْغِنَى » .
وعَنْ طارِقِ بنِ أَشْيَمَ قالَ: كَانَ الرَّجلُ إِذا أَسْلَمَ عَلَّمَهُ النَّبيُّ ﷺ، الصَّلاةَ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَدعُوَ بهَؤُلاءِ الكَلِمَاتِ:
اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي، وَارْحمْني، واهْدِني، وعافِني، وارْزُقني
رواهُ مسلمٌ.
وفي رِوايَةٍ لَهُ عَنْ طارقٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ وَأَتاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي؟ قَالَ: قُلْ:
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْني، واهْدِني وَعَافِني، وَارْزُقني، فَإِنَّ هَؤُلاءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ.
الآن يجب علينا أن يكون شعارنا في الحياة بل وهدفنا الكبير كالآتي بغير تفريط ولا تسويف ولا إهمال :
قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
[ سورة الأنعام ]
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ
[ سورة البقرة آية رقم 165 ]
قبل أن تلجأ إلى مخلوق لله مثلك لا يملك لك نفعا ولا ضرا إلا بإذن عليك أن تلجأ إلى الله الواحد القهار فهو سبحانه بيده ملكوت كل شيء وإن أرادك بخير فلا راد لفضله وإن أصابك بشر فلا كاشف له إلا هو سبحانه، كما جاء في كتاب الله العزيز الحميد.
ساحة النقاش