قلم د./ أبو العلاء عبد المنعم الزوي

إن مخاطر التلوث على بيئة حوض البحر الأبيض المتوسط ، آخذة في التفاقم ، بسبب العديد من العوامل التي تتداخل فيما بينها لتشكل مشكلة حقيقية ، أصبحت تعاني من تداعياتها كل الدول المطلّة على حوض المتوسط، ونظراً لخطورة هذه المشكلة ، والتي تم وضعها من أبرز القضايا البيئية في منطقة البحر المتوسط التي تشغل الرأى العام رأينا أن نتناول هذه القضية ضمن صفحات الزحف الأخضر ، في حلقات حتى نتمكن من الإلمام بهذا الملف من مختلف جوانبه .

 أن  تلوث البحار أدى إلى تكاثر البكتيريا المستهلكة للأكسجين مما أنعكس وبشكل خطير على حياة الكائنات البحرية وتظهر خطورة التلوث في الشواطىء والبحار المغلقة مثل حوض البحر الأبيض المتوسط « من الناحية المورفلوجية يقسم البحر الأبيض المتوسط إلى حوضين كبيرين بواسطة العتبة الممتدة بين تونس وصقلية ، القليلة العمق « 400 م » . كما يضم كل من هذين الحوضين عدة أحواض صغيرة تشكل بحاراً ثانوية .. وأن لهذه الملاحظات أهميتها إذ أن التحركات المائية الخاصة بهذه البحار ، ستحدد إلى درجـــــة ما طرق انتشار المواد الملوثة وترسبها .

أولا : الحوض الغربي : يتصل بالأطلسي عبر مضيق جبل طارق « عرضه 14.3 كم ، وعمقه 365 م » ، وهو يشمل :

أ ـ بحر البوران « اسم الجزيرة » ، الواقع بين اسبانيا والمغرب ، وهو ممر انتقالي .

ب ـ الحوض الواسع الممتد بين الجزائر والشواطىء المتوسطية الفرنسية « البروفانس » أو منطقة الأعماق الكبيرة التي تتراوح بين « 2800» و « 3300 » متر .

جـ ـ البحر التيراني : الأصغر والأعمق ، المحصور بين سردينيا وإيطاليا والغني بالبراكين « التحت ـ بحرية » .

ثانيا : الحوض الشرقي : وتظهر في وسطه إنطلاقا من الغرب إلى الشرق ظهرات ومنخفضات متوازية يتراوح عمقها بين « 2500 » و « 3000 » متر ، وتشكل العتبة المتوسطية الشرقية ، تحيط بهذه العتبة من الشمال عدة حفر يزيد عمقها على « 4 » أو « 5 » آلاف متر في جنوب غربي البلونونيز وجنوب تركيا ويمتد البحر الأبيض المتوسط في الشمال على البحرالبحر الأسود عبر مضيقي البوسفور والدردنيل ، الأدرياتيكي وبحر إيجه ، كما يتصل هذا الأخير ببحر مرمرة و

أما في جنوب العتبة المتوسطية الشرقية فنميز منطقتين :

1 ـ في الغرب ، بحر سرت الذي يشمل رصيف خليج قابس الواسع ثم تنتهي الهضبة فجأة بانحدار شديد في جنوب مالطا .

2 ـ تهيمن على أقصى شرقي هذه المنطقة دلتا النيل التي تمتد على أكثر من « 100  كلم2» وتؤثر تأثيراً واسعا في نوعية مياه الحوض الشرقي .

تعقيد النظام البيئي :

إن أحد العوامل الأساسية في سلامة كل نظام بيئي هو تعقيده ، وإذا أدى العمل الإنساني إلى تبسيط الأنظمة البيئية فإن ذلك يسهم في خلخلة توازنها ويجعلها أكثر عرضة للتهدم والإضمحلال ، فنحن إذا قطعنا الغابات الطبيعية المؤلفة من أنواع مختلفة من الأشجار والشجيرات والنباتات العشبية ذات الأعمار المختلفة واستعضنا عنها بأشجار من نوع واحد وعمر واحد بحجة الحاجة إلى أخشاب من صفات معينة ، وخلال فترة قصيرة من الزمن فإننا نكون أدخلنا « عطلا » في البيئة وجعلناها أكثر عرضة للتدهور ، لأن هذه المجموعات الشجرية الوحيدة النوع والعمر هي أكثر عرضة للأمراض وللاصابات الحشرية من الغابات الطبيـعية كما أنها لا تؤمن المحافظة على التربة .

ويعطينا العلم المعاصر أمثلة أخرى واضحة عن هذه « الأعطال » التي ابتدأت تظهر ليس فقط حيث البحيرات والأنهار بل وحتى في البحار والمحيطات ، كما أن « التلوث الجوي بدأ يغير بوضوح المناخ على كوكبنا ، ونحن كلما حولنا الغابات والمراعي الطبيعية إلى أراضٍ زراعية إزدادت كمية الغبار المنتشرة في الجو مسببة إضطرابات في الطقس نشهدها في هذا المكان أو ذاك من العالم » .. هذا وتقذف البلاد المتقدمة صناعيا كمية كبيرة من الغازات التي تؤثر في صفاء الجو ، حيث أن القسم الأكبر من حوضالبحر الأبيض المتوسط قريب جدا من المنابع الكبرى للتلوث .«8»

 مصادر التلوث :

ثمة مصادر رئيسية لتلوث مياه البحار هي :

1 ـ التلوث المقصود .

2 ـ التلوث غير المقصود .

3 ـ التلوث المرتبط بالنشاطات العسكرية .

الفقرة الأولى : التلوث المقصود

إن التلوث المقصود هو الذي يتم بفعل إرادي واع جاعلا من البحر مكبا سهلا للنفايات والعوادم ، وذلك يحصل بشكل أساسي في حالتين أثنتين :

أ ـ غسيل ناقلات النفط بمياه البحار ، وبالفعل « كشفت الحالات الأكثر خطورة أن معدل 0.3% من الزيت الخام الذي ينقل بحرا ينصرف إلى البحرالبحر حتى سنة 1977م هو مليون طن من مجموع 700 مليون طن ، أي بواقع « 600 » طن يوميا وهذه الكميات المنصرفة إلى البحر بفعل غسيل البواخر ربما تكون قد تضاءلت بعد ما تم التوصل إلى ما يعرف بطريقة الشحن فوق القمة التي تقضي بأن تجميع مياه غسيل الناقلات تم تترك حتى تتسرب المياه ويعاد تعبئة الزيت فوق الشحنة الجديدة .. وهنا تجدر الملاحظة « إن حوالي نصف كمية النفط المنقول بالناقلات العملاقة تفرغ في أحد مرافىء الساحل الشمالي للحوض الشمالي للحوض المتوسطي ، وذلك يعني أن هذه المسافات القصيرة نسبيا لا تسمح بتطبيق نظام « التحميل العلوي » « load on top » الذي يتيح تخفيف مقدار « الهيدروكربور » في الرواسب المائية المطروحة في البحر . نتيجة لهذا الغسيل ، وتبين أن كمية ما كان ينصرف إلى

إذن « يجب أن تفرغ الرواسب الزيتية لمياه « الصابورة».

 في المنشآت الملائمة للمرافىء النفطية ، كما نص على ذلك اتفاق لندن الدولي لعام « 1954 » ، إلا أنه في عام « 1972 » ، كانت خمس محطات نهائية فقط من المحطات الأربع عشرة المتوسطية مجهزة بمعدات لا تعمل دائما إلى أقصى حدّ من طاقاتها ، بينما لا توجد مثل هذه التجهيزات في إيطاليا ، وفي الجماهيرية الليبية واحدة من المحطات النهائية الخمس تستطيع إستقبال مياه الصابورة ، كم لا يوجد في بقية دول الحوض الشرقي ـ باستثناء « فلسطين المحتلة » أي تجهيز من هذا النوع »«9»

وفي مجال المقارنة من المفيد الإشارة إلى أن جميع مرافىء تفريغ النفط الخام في البحر الأسود مجهزة بمنشآت ضرورية وتستخدم بصورة إلزامية لقاء بدل معين ، بكلفة أدنى من الكلفة الفعلية . ويقدر أن كلفة .

MedSea

أمانى إسماعيل

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 1974 مشاهدة

ساحة النقاش

MedSea
موقع خاص لأمانى إسماعيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

922,730