يقيس المغاربة مؤشر ارتفاع سعر الأسماك في السوق من خلال سعر السردين، فاذا كان سعره مرتفعا فمعنى ذلك ان لا مجال للاقتراب من انواع الاسماك الاخرى البيضاء، مثل «الجمبري»، والكلامار « الحبار»، والصول «سمك موسى»، وغيرها من انواع الاسماك «الحوت»، كما يسميها المغاربة.

وقياس ارتفاع سعر الحوت بالسردين، يؤكد على اهميته الاستهلاكية البالغة لدى غالبية المغاربة وبالاخص سكان المدن الساحلية الذين اعتادوا على كونه السمك الارخص ثمنا، والذي يشكل وجبة رئيسية، مفيدة وغنية، بالرغم من كونه ينعت بأنه سمك الفقراء.

يتراوح سعر السردين ما بين 10 الى 13 درهما (الدولار يساوي 7.10 درهم)، الا ان سعره قد يرتفع الى 20 درهما للكيلو غرام، في بعض الاحيان بسبب عوامل كثيرة مثل نقص الانتاج وارتفاع تكاليفه،او بسبب سوء الاحوال الجوية التي تمنع البحارة من تحريك مراكبهم لمواجهة الامواج العاتية.

يقول احد الباعة في سوق السمك المركزي في الرباط، الذي يوفر مختلف انواع الاسماك الطازجة، ان السردين يكون متوفرا بكثرة في جميع الفصول، ويقل نسبيا في شهري ديسمبر (كانون الاول) ويناير (كانون الثاني)، اما اهم المدن الساحلية التي تزود الاسواق بالسردين، فهي الحسيمة، والعرائش، والدار البيضاء، واسفي، واكادير، والمدن الصحراوية.

ويؤكد هذا البائع ان افضل انواع السردين هو سردين مدينة الحسيمة (شمال المغرب)، فمذاقه لذيذ جدا، مضيفا ان الناس يقبلون على شراء السردين لان سعره مناسب بالاضافة الى انه مغذ، ويفضل الغالبية من الناس السردين من الحجم الصغير المخصص للقلي، اما الحجم الكبير، فيصلح للشواء، ويتم الاقبال على شرائه في نهاية الاسبوع لان بعض الاسر تخرج في نزهات خارج المدينة، سواء الى شاطئ البحر، او الغابات القريبة، وهناك تصبح وجبة السردين المشوي على الفحم الاكلة الألذ والأشهى، طالما انه من غير الممكن شي السردين داخل الشقق، بسبب الدخان المتصاعد منه، الذي يمكن شمه على مسافات بعيدة.

وبما ان قيمة السمك تكمن في طزاجته، يرشد هذا البائع مستهلكي السردين الى بعض العلامات التي تدل على طراوته حتى لا يقعوا ضحية غش بعض البائعين، وهي ان تكون قشرته الخارجية لامعة، وان تكون السمكة صلبة عند لمسها وليست مرتخية، وعيناها براقتان غير محمرتين، اما اذا لم تتوفر هذه العلامات فينصح بعدم شرائه، لانه يصبح خطرا على الصحة، لان الاسماك عموما تتعرض للتلف بسرعة.

واذا لم تكن لديك رغبة في تحضير السردين في البيت، فالمطاعم الشعبية توفره لزبائنها مقليا او مشويا كلما رغبوا في تناوله سواء وقت الغداء، او العشاء، او كوجبة خفيفة في المساء، بل لا حاجة لك للبحث عن مطعم، فأصحاب «المطاعم المتجولة» يقربون اليك هذه الوجبة اينما كنت، ولا شك انك ستصادف احدهم واقفا خلف عربة خشبية، وهو يقدم لزبائنه وجبة خفيفة من السردين المقلي المحشو في نصف او ربع خبزة حسب الطلب، او «شواية» من السردين الذي يعصر فوقه القليل من الليمون، وزبائن هذه المطاعم المتجولة ليسوا فقط من الطبقة الاجتماعية الفقيرة، بل من جميع الفئات، فقد تجد بينهم شخصا مرتديا بذلة انيقة، واقفا ينتظر دوره في الحصول على نصف خبزة محشوة بعدد من السردينات، في مشهد يثير الاستغراب احيانا، ربما لأنه لم يستطع مقاومة رائحة السردين المتبل المنبعثة من العربة المركونة في زاوية احد الشوارع!.

يحضر السردين على الطريقة المغربية بعدة طرق، فالمقلي، له طريقة خاصة، اذ ينظف جيدا، ثم ينزع الشوك الداخلي، حتى تصبح السمكة منبسطة، ثم تتبل بالثوم والبقدونس والفلفل الاحمر المطحون، وقليل من الزعتر، والكمون، وقليل من عصير الليمون، وتوضع فوقها شريحة سمك اخرى، ثم يغمس في الدقيق ويقلى في زيت حار الى ان يتحمر من الجهتين، ويؤكل ساخنا.

اما السردين المشوي فلا يحتاج الى نزع احشائه، بل يغسل جيدا ويضاف اليه الملح، ويوضع فوق المشواة على الفحم، او داخل فرن الغاز، وترفق معه سلطة الطماطم والبصل والفلفل الاخضر.

وهناك طريقة اخرى لتحضير السمك وهي تحويله الى كفتة، بحيث ينظف وينزع منه الشوك، ثم يطحن، ويعمل منه كويرات صغيرة بعد تتبيلها بالبقدونس والثوم والفلفل، والكمون، والملح، ثم تطهى مع صلصة الطماطم، او يعمل منها دوائر مبسطة تقلى في الزيت الحار.

ولتحضير طاجين من سمك السردين، فهناك ايضا عدة طرق، منها، ان تصف دوائر البطاطس اسفل الطاجين المخصص للسمك ويكون مصنوعا من الفخار، وشكله بيضاويا، ويضاف اليها دوائر الطماطم، ثم دوائر من الفلفل الاخضر، والليمون، ثم يوضع فوقها شرائح سمك السردين المزدوجة، ويتبل بنفس الطريقة مع اضافة الفلفل الحار حسب الرغبة، ثم يصب فوقه القليل من الماء ويترك لينضج على نار هادئة في الفرن حتى يصبح السردين مقرمشا، كما يمكن اعداد طاجين السردين باضافة الطماطم المطحونة، او المقطعة الى شرائح صغيرة فقط، وعمل نفس التوابل، وتركه ينضج في الفرن.

ويعتبر السردين من الاسماك الغنية بالبروتين والفيتامينات والمعادن مثل الكالسيوم والماغنيزيوم، كما يعد مصدرا اساسيا لزيوت (اوميغا 3) المفيدة لجهاز المناعة والجهاز العصبي.

وبالرغم من ان المغرب يتوفر على 3500 كيلومتر من الشواطئ، الا ان معدل استهلاك الفرد من الاسماك لا يتجاوز 10 كيلوغرامات.

أعدته للنشر على الموقع/ أمانى إسماعيل

MedSea

أمانى إسماعيل

ساحة النقاش

MedSea
موقع خاص لأمانى إسماعيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

914,181