الرباط- شكك خبراء ومعارضون مغاربة في مزايا اتفاق الصيد البحري الذي أبرمته الحكومة مع الاتحاد الأوروبي والذي يسمح لسفنه بالصيد في المياه المغربية مقابل مبالغ مالية. المعارضون اعتبروا المزايا التي أعلنت الحكومة أنها ستعود على المغرب مجرد "سراب كاذب" وأن أوروبا هي المستفيد الوحيد، وتوقعوا أن يتأثر قطاع الصيد البحري والثروة السمكية سلبا جراء هذا الاتفاق.

وفي تعليقه على مصادقة البرلمان المغربي خلال الأسبوع الجاري على الاتفاق ، قال عبد الرحمن اليزيدي، الأمين العام لنقابة ضباط وبحارة الصيد بأعالي البحار: "هذا البرلمان ليست لديه القوة أو المصداقية ولا الصلاحيات الضرورية لحماية مصلحة المغاربة، في مواجهة ما تتعرض له ثروات الوطن من تضييع غير محسوب العواقب".

وقال اليزيدي في تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" اليوم الخميس: إن الحكومة فرطت في مصالح البلاد والعباد، ولم تحافظ على الثبات الذي أبدته والمكاسب التي حققتها في مواجهة أوروبا عام 1999 حينما رفضت تجديد الاتفاقية.

وينص اتفاق الصيد البحري الذي يمتد العمل به لمدة 4 سنوات على دخول 119 سفينة أوروبية من بينها 20 لصيد السمك السطحي، و20 للصيد بالأعماق ذات حمولة تقل عن 40 طنا من أجل الصيد التقليدي في الشمال، و20 أخرى للصيد التقليدي بالجنوب، على أن تضاف إليها 7 سفن للصيد في الأعماق و11 قاربا و17 باخرة للصيد بالصنارة. وستدخل الاتفاقية حيز التطبيق مباشرة بعد مصادقة مجلس المستشارين (الغرفة السفلى) عليها.

"سراب كاذب"

وفي حديثه عن إيجابيات الاتفاق، قال مراد الغزالي الكاتب العام لـ"جمعية مهندسي الصيد البحري": إنه "إلى جانب عائداته المهمة ماديا فإنه سيمكن المغرب من تطوير أسطوله البحري، وحسن استغلال سواحله البحرية الهائلة التي تبلغ 3500 كلم". لكنه اعتبر أن هذه الإيجابيات مجرد "سراب كاذب"؛ لأن الاتحاد الأوروبي لم يحم سوى مصالح أعضائه وخاصة إسبانيا.

ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي سيحقق أرباحا جراء الاتفاقية تتجاوز 167 مليون يورو سنويا على أقل التقديرات، "بينما عائدات الرباط لن تتجاوز 36 مليون يورو رغم أن البضاعة خاصة بها، والأرض أرضها والبحر بحرها".

غير أن مصادر مقربة من وزارة الفلاحة والصيد البحري رأت أن الاتفاقية تمكن المغرب من تحقيق مكاسب كثيرة، منها ما هو سياسي ومنها ما هو مالي صناعي. واعتبرت أن الاتفاقية ستجعل المغرب يستفيد من دعم أوروبي مهم في قضاياه السياسية الكبرى، وخاصة ما تعلق منها بقضية الصحراء الغربية، مؤكدة أن موضوع الاتفاقية خضع لكثير من التضخيم.

غياب المراقبة

غياب المراقبة على السفن الأوروبية المرخص لها بالصيد في المياه المغربية، بالإضافة إلى فرص العمل المحدودة التي سيوفرها الاتفاق للمغربيين، عنصران آخران أضافتهما المعارضة لسلبيات الاتفاقية.

فتقول المعارضة إن غياب المراقبة سيشجع الأسطول الأوروبي على خرق القوانين المنظمة للمجال البحري لأجل تحقيق مكاسب أكبر؛ وهو ما سيلحق ضررًا لا يعلمه إلا الله بالثروة السمكية الوطنية، بحسب مراسل "إسلام أون لاين.نت".

وعلى صعيد فرص العمل التي سيوفرها الاتفاق، أشارت المعارضة إلى أن الاتفاق لم ينص على ضرورة أن تفرغ كل السفن محتوياتها في الموانئ المغربية، وهذا من شأنه حرمان يد عاملة مهمة من الاستفادة من عائدات التعامل مع السفن الأوروبية.

من جانبها شددت النائبة البرلمانية سمية بنخلدون عن حزب العدالة والتنمية خلال مناقشتها مشروع الاتفاقية داخل البرلمان الأسبوع الماضي على أن هذه الاتفاقية ستشغل على أقصى تقدير 300 بحار مغربي فقط، بينما ستوجد 12 ألف منصب شغل للأوروبيين!.

كما أبرزت في حديث نشرته صحف محلية الثلاثاء الماضي أن الاتفاق يسمح للأسطول الأوروبي بالصيد في مصايد تعيش حالة نزيف كمصايد السمك الأبيض، والتي كانت الحكومة تمنع الأساطيل المغربية ذاتها من دخول مناطقها.

وانتقد الفريق البرلماني للعدالة والتنمية "قبول الحكومة الانتقاص من سيادتها"؛ حيث إن المادة السابعة من برتوكول الاتفاقية تلزم المغرب بإبلاغ المجموعة الأوروبية قبل 30 سبتمبر من كل سنة بكيفية توظيفه للأموال التي دفعت له!".

تغييب المهنيين

عبد الرحيم لعبيدي، رئيس رابطة أرباب الصيد الساحلي، اعتبر من جهته أن هذه الاتفاقية لا تراعي سوى مصالح الاستعمار الأوروبي الجديد.

وعبَّر في حديث نشرته صحف محلية خلال الأيام القليلة الماضية عن استيائه من الطريقة التي دبرت بها الحكومة المفاوضات، معتبرا أنها "غيبت المهنيين عمدا". وقال لعبيدي: "قطاع الصيد يعيش أزمة خانقة بسب هذه السياسة، وقد اضطر الكثيرون إلى تغيير المهنة بحثا عن مستوى عيش أفضل".

وفي سياق الاعتراض على الاتفاق أكد الصحفي المغربي محمد الحناش المهتم بالعلاقات المغربية الأوروبية، على أن إسبانيا هي المستفيد الأول والأخير من الاتفاقية، بعد أن حصلت سفنها على أكثر من 85% من رخص الصيد، تليها البرتغال.

كما انتقد الحناش في تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" آلية عمل البرلمان قائلا: "للأسف لدينا برلمان يناقش ويصادق على قوانين في غاية الخطورة والأهمية بسرعة خيالية في حين ظلت أوروبا وهي المستفيدة تناقش المشروع طيلة عام كامل تقريبا.. وأجزم أن ثلاثة أرباع النواب الذين صوَّتوا لصالح المشروع لا يعرفون عنه شيئا".

وكان وزراء الصيد الأوروبيون قد صادقوا في 22 مايو 2006 على اتفاق للصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي يمكن 119 باخرة أوروبية، موزعة بصفة رئيسية بين سفن من إسبانيا التي حصلت على مائة رخصة، والبرتغال وهولندا وليتوانيا وألمانيا من الصيد في المياه المغربية.وجاء ذلك بعد أن صادق البرلمان الأوروبي على الاتفاق في 17-5-2006 في مدينة ستراسبورج الفرنسية.

أعدته للنشر على الموقع/ أمانى إسماعيل

المصدر: إسلام أون لاين.نت - صلاح السعدي
MedSea

أمانى إسماعيل

ساحة النقاش

MedSea
موقع خاص لأمانى إسماعيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

889,870