برنامج الامم المتحدة للبيئة (UNEP) وضع تقريره السنوي للعام ,2008 ووزعه خلال الاجتماع غير العادي لمجلس الادارة ، على المستوى الوزاري (اكثر من 100 وزير بيئة) في مدينة موناكو ما بين 20 ـ 22 شباط المنصرم. مع العلم ان مجلس الادارة يتكون ايضا من شخصيات في عالم الاعمال، والنقابات، والمتخصصين، والمجتمع المدني.
وقد جاء هذا التقرير بعد اقل من سنة على وضع «خارطة الطريق» في بالي في اندونيسيا، لاتفاقية تغير المناخ، حيث اعتبرت هذه الخريطة بمثابة التمهيد لوضع بروتوكول جديد للمناخ في سنة 2009 في كوبنهاغن، ووضع برنامج للنظام المناخي حتى سنة 2012 تحت شعار: «تحفيز الإدارة المالية تجاه التحدي المناخي».
«الاقتصاد الأخضر»
يحاول التقرير ان يقدم صورة جديدة عن «الاقتصاد الأخضر»، في وقت ازداد عدد المؤسسات التي تعتمد سياسات متعلقة بالبيئة، وارتفعت الاستثمارات الى مئات المليارات من الدولارات في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة.
والمعلوم ان الاحتباس الحراري، كما يعود ويؤكد التقرير الجديد، هو المسؤول عن تغيير البيئة العالمية وهو السبب المباشر لذوبان الجليد في القطب والارتفاع الحراري المتزايد. وهو يرصد البدء بتغيير طرق التفكير، ان عبر سياسات الحكومات وحركة ارباب العمل، او عند الرأسماليين، المتعهدين، او عند القيادات والنقابات العمالية.
ويؤكد التقرير ان النضال ضد التغيير المناخي هو «فرصة»، وليس حملا ثقيلا، هو طريق نحو التقدم بدل ان يكون كابحا للارباح وفرص العمل.
مشاريع جيوهندسية
جديدة لمعالجة الانحباس
يؤكد التقرير السنوي (2008) على ان «الاقتصاد الأخضر» الجديد ينمي ايضا الخيال ويدفع بالتجديد وبالاختراع عند المهندسين الى مرحلة اعلى بكثير منذ كانت الثورة الصناعية في القرنين المنصرمين.
وهنا تدخل الاهمية المتنامية لمشاريع الجيوهندسية مثل المجمعات الضخمة لثاني اوكسيد الكربون التي تمتص الغازات الدفيئة بنفس طريقة التركيب الضوئي للأشجار، «معتمدة على التقنية المستعملة في مصافي الاكواريوم وتطويرها». وقد استطاع باحثون من جامعة كولومبيا الاميركية بالتقاط الـ CO2 في الامكنة المثالية وتخزينه بالاعتماد على الطريقة المسماة «ضبط الهواء».
ويحاول العلماء في ايسلندا دراسة ضخ ثاني اوكسيد الكربون في الصخور الباسلتية المتوفرة في البلاد ، كما يحاول باحثون آخرون ايجاد طرق للتخفيف من غازات الدفيئة كالميثان، وذلك بضخ كميات ضخمة في قعر المحيطات وفي القطب الشمالي. ومن المعروف ان هذا الغاز اقوى 25 مرة من ثاني اوكسيد الكربون وهو من اهم اسباب الانحباس الحراري.
وفي نفس الوقت، هنالك امكانية كبيرة للاستفادة من هيدرات الميثان، وهي وقود نظيف، اذا استطاع الانسان ان يجد طريقة اقتصادية وآمنة لتحويلها.
المشكلة أكبر من حجم دعم الأبحاث
بالرغم من المحاولات العديدة التي تجري، تبقى التحديات كبيرة حيث ان دعم الابحاث في هذه المجالات يبقى غير كاف. كما ان مساعدة الدول لتخفيض ثمن استعمال التكنولوجيا للطاقة البديلة غير مرض. وبحسب التقرير فإن المؤسسات المالية والمصارف لا تساهم في اعطاء قروض وحوافز للطبقات الفقيرة في مجالات الاستفادة من الطاقة الشمسية والهوائية.
بالرغم من ذلك، قال اشيم ستينر المدير التنفيذي لبرنامج الامم المتحدة للبيئة، «بوجود مئات مليارات الدولارات موظفة في قطاع تكنولوجيا الطاقة النظيفة والمتجددة. وان هناك ترليون من الدولارات المنتظرة من الحكومات، بحال تم الاتفاق على نظام بيئي لما بعد 2012 متزامنة مع انشاء آليات السوق الضرورية للوصول الى هذا الهدف».
ومن المتوقع وجود عراقيل عديدة يمكن ان تواجه تنفيذ الاتفاقيات اذا نظرنا الى البعد المصلحي للدول، ولا سيما اذا طبقت بنود هامشية وترك الاساس المسبب للتلوث.
لا تخفيض للانبعاثات الصناعية
يقدر التقرير حجم شبكة الاستثمارات في قطاع التغييرات المناخية، الى اكثر من 3 مليارات دولار. كما قدر عدد المؤسسات التي تشكل هذه الشبكة بما يقارب 50 مؤسسة، منتشرة في العالم.
ويرصد التقرير، ان عددا كبيرا من المؤسسات اصبحت مقتنعة بأن التقنيات النظيفة يمكن ان تحسن بالانتاج. ويسرد امثلة عديدة عن حالات زادت قيمة اسهم شركات تحولت الى 25٪ من الاسواق المالية. ودلت احصاءات عديدة في البلدان الغربية (اميركا، فرنسا، ألمانيا، انكلترا) على تزايد الاولويات البيئية لدى الكثير من المؤسسات.
وبالرغم من ذلك يشير التقرير الى ان تخفيض الانبعاثات الصناعية لا يزال بطيئا. كما تشير تقارير وإحصاءات انه في مجالات عديدة هناك تقدم بعض الشيء في معالجة انبعاث الغازات الدفيئة وخاصة في قطاع صناعة السيارات والصلب بينما ازدادت الملوثات في القطاعات النفطية والمواد الكيميائية.
نشاط أسواق الكربون
أنشأت بحسب اتفاقية كيوتو والتجارة العالمية للانبعاثات ما سمي «اسواق الكاربون». وهي تهدف الى مساعدة وتمويل مشاريع غايتها تخفيض الكربون في الجو.
ويرصد التقرير وجود اكثر من 50 دولة استفادت من البرنامج وبمعدل 850 مشروعا. وقد اعطت بعض الايجابيات ومن بينها ايجاد تكنولوجيا حديثة تخفض انبعاث غاز HFC في صناعة البرادات، تخفيض أكسيد نتري 10٪، تحويل نفايات الميثان في الكهرباء 11٪ ، وقود حيوية 7 ؟...
لحماية البساط الاخضر في العالم، تقوم منظمات ودول بتمويل شراء اراض شاسعة في اميركا والمكسيك وافريقيا ( تنزانيا) بغاية حمايتها وتدريب اختصاصيين مهمتهم دراسة حجم ثاني اوكسيد الكربون في كل غابة وذلك بحسب اهداف كيوتو. احد عناوين المشاريع المنفذة: «فكر امميا ومحليا». وهذه المشاريع تساهم في حماية التنوع البيولوجي وترفع من مستوى حياة الفرد.
وأورد التقرير، ان الغاء المساعدات للوقود الاحفوري تخفض انبعاث ثاني اوكسيد الكربون الى 6 ؟ سنويا.
ضعف تمويل الأبحاث
اما لناحية تشجيع الابحاث والتنمية وتمويلها بشكل كاف، فقد بين التقرير ان هناك تراجعا في الابتكار بمعدل 50؟ بين سنة 1980 و.2004 وأكد انه للتوصل الى هدف 550 جزءا في المليون من ثاني اوكسيد الكربون، يجب زيادة التمويل في الابحاث من 30 الى 90 مليار دولار سنة 2015 بحسب الخبراء.
اما في معدلات توفير الطاقة، فقد رصد التقرير رفع الاهداف الاجمالية لتحسين انتاج الطاقة بـ5,2 ؟ سنويا. وهذا تتبعه سياسات وقواعد بمجالات البناء المستدام وبتحميل المخالفين غرامات كبيرة اذا لم تستعمل المواد الصديقة للبيئة ورسم صفات للتنظيم المدني وبينها ما يتعلق بقطاع النقل المشترك والأدوات المنزلية.
ساحة النقاش