في عصور الظّلمة الّتي تمرّ بالأمم آناً بعد آن يعمد الباطشـون إلى تقييد حريّة القلم والكتابة، وفي سبيل ذلك يُصلون أرباب الأقلام حرباً لا رحمةَ فيها ولا هوادة، فمن إرهاقٍ إلى سجنٍ، إلى نفيٍ وتشريدٍ. وهم في حربهم هذه يندفعون ضدّ الكُـتَّاب كاشرةً أنيابُهُم أشبه بالكواسر المفترسة حين يُـغريها منظر الدّم فيهيج كلّ غرائزها الوحشـيّة، ولا يهدأ لهم بالٌ، ولا يطمئنُّ لهم خاطر إلا إذا اطمأنوا إلى أنهم حطّموا تلك الأقلام إلى غير عودة إلى الكتابة،وأذلّوا نفوس حملتها إذلالاً لا قومةَ لهم من بعده
أمّا أن يحارب البغاة القلم وحريـّة أربابه فلهم في ذلك كلّ العذر،فحريـّة القلم هي المظهر الأسمى لحريـّة الإنسان في أسمى صورها و مظاهرها


وحريـّة القلم إنـّما تكون حين يُمسك بالقلم ربٌ من أربابه لا عاملٌ من عمّـاله … ربٌّ تؤتيه الطّبيعة من قوّة الخلق والإنشاء ما لا سبيلَ إليه إلا في جوٍّ من الحرّيّة المطلقةِ، وتدفعه ليخلق هذه الحرّيّة حوله خلقاً ولو ألقي به في غيابات السجون، بل تدفع ذكراه لخلق هذه الحرّيّة إذا هو غُيّب بين صفائح القبور


و نحن ما نزال نرى ثمرات تلك الأقلام منذ آلاف السّنين الماضية هي الّتي تهزّ العالم حتى اليوم هزّاً و تنشئ فيه إلى اليوم و إلى الأبد ألواناً من الخلق جديدةً، ذلك بأن القلم هو الأداة لتصوير النّفس الإنسانية في التماسها الحق والحرّيّة والجمال والخير .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1142 مشاهدة
نشرت فى 14 ديسمبر 2011 بواسطة MOMNASSER

ساحة النقاش

د .محمد ناصر.

MOMNASSER
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

379,580