د .محمد ناصر
السمسار.
عاد الحاج أبو العبد لمنزله مساءً عند وصوله للمنزل وجد أم العبد على غير عادتها عابسة الوجه وعندما رأته اغرورقت عيناها بالدموع فسألها الحاج أبو العبد:
- يا كفا الله شرك يا امرأة أجابته:
- ابني يا حاج مُتعَب.
- لا حول ولا قوة إلا بالله ما العمل؟
وهمس ، ما في غير أبو زياد ، الرجل الوحيد القادر أن يعطيني – بعض النقود – لأخذ أبني إلى الدكتور لبس عباءته وذهب إليه .
وصل الحاج لبيت أبو زياد
- دخل عليه عابس الوجه ، وعندما جلس قال :
- لي عندك طلب
- أطلب يا رجل نحن أصدقاء !.
- ابني مريض وبحاجة لدكتور وأنت تعرف أن الموسم لم يحن بعد.
- أنت تعلم أن المال الذي معي دين عند العالم لكن أصبر يوم وسأدبر الأمر من صديق لي.
عاد الحاج أبو العبد خائباً، وعندما رأته أم العبد قالت:
- أنشاء الله خير
- خير
وفي اليوم الثاني ذهب الحاج أبو العبد لأبي زياد طرق الباب ودخل بجسد مهدود من السهر قائلاً ..
- يا أبو زياد أبني مريض .
- لقد رأيت صديقي ووافق أن يعطيك المال بعد أن أخبرته القصة وأنت تعلم أن الدنيا حياة وموت وله شرط.
- ما هو ؟
- أن تكتب له سنداً بقطعة الأرض لمدة سنة يفلحها طول السنة وإذا لم ترد المبلغ تصير ملكه، يشتريها منك.
فكر الحاج أبو العبد : أيُِرهن قطعة الأرض ليعالج أبنه أم يتركه هكذا وبعد برهة وافق الحاج ووقع العقد .
وبسرعة مضى للبيت، حمل أبنه للمستشفى بعد أيام مات الطفل حَزن الحاج أبو العبد كثيراً لقد دَفعّت للمستشفى والطفل مات.
عاد ليشتغل بكل قوته ليعيد الأرض لكن الموسم لم يقدم شيئاً مضى العام والحاج لم يستطع الحصول على المبلغ جاء أبو زياد .
- يا حاج صاحبي يريد المال
- من أين ؟
- إما أن تدفع وإما تبيعه الأرض، وعندما يكون معك مال سأشتري لك أرضاً أفضل منها.
سلم الأرض إلى أبو زياد ودموعه تنهمر من عينيه .
أبو زياد لعب تلك اللعبة مع الكثير من أهالي القرية لعبها مع واحد من أهل القرية الذي أجبره على أن يبيع أرضه ليدفع مهر ابنة أخيه ويأخذها زوجة لأبنه بثمن بخس بعد أن علم أنه أعطى وعداً لتحديد موعد الخطبة مع أخيه وأهل القرية .
وبنفس الرواية التي رواها للحاج أبو العبد أن له صديقاً سيقرضه المال، وسأضغط عليه إلى أن سحب الأرض من هلال وجعله يوقع على عقد البيع دون أن يدري هلال لمن باع أرضه وممن أخذ الثمن.
بعد فترة زمنية استيقظت القرية وأهلها على ضجيج عمال حضروا للقرية ومعهم رجل يضع نظارة على عينيه يرافق أبو زياد ، ومعهم عرف أهل القرية أن المشتري المغتصب عدوهم المشترك وأن أبا زياد كذب عليهم .
تجمع أهل القرية في ساحة الرئيسية وعلى رأسهم أبن أبو زياد الذي كان يتلقى العلم بالخارج بعد أن علم ما فعله والده ، صرخ الشاب : - أيا مغتصب ، أيها المغتصبون لن تحرثوا أرضنا وأرض أجدادنا .
قال أبوه :
أسكت يا ولد ماذا تريد أنت أرضنا معنا ومالنا ومال هذه القصة كلها فما كان من خليل أبن هلال إلا أن أستل خنجره وطعن أبو زياد بكتفه وهجم أهل القرية على العمال ومن معهم .
وعندما رأى المغتصبين أن الناس يريدون المجابهة بدئوا بإطلاق الرصاص فأصابوا أبن أبو زياد وأردوه قتيلا .
تجمع الأطفال والنساء والرجال وساندهم في ذلك أهالي القرى المجاورة وصمدوا دفاعاً عن أرضهم ولم يستطع المغتصبون مواجهة الفلاحين الذين قدروا على استرداد الأرض والعيش بكرامة في وطنهم.
تجمعوا في ساحة القرية شيعوا أبن أبي زياد الذي كان يصرخ : ولدي مات ولدي مات كان أهالي القرية كلهم ينظرون إليه بسخرية وقرف وعيونهم كانت تصرخ في وجهه .
أيها الكذاب المنافق المخادع لقد عرفناك يا سمسار.
كشف القناع عن وجهك وها أنت عار أمام الكل .
أما هو فكان يضمحل شيئا فشيئا أمام سياط العيون التي كانت تجلده.
ساحة النقاش