د. محمد ناصر الخوالده
في: 12/10/2005

<!--<!--


التاريخ: 12/13/2005 6:42:49 AM


الوحدة الوطنية والأعمى الذي يقود البصير ...!!

 

من المعيب كل العيب أن يستمر الحديث - مجرد الحديث عن "الوحدة الوطنية" وعن عدم جواز الاقتتال الداخلي وعن المواثيق التي تطرح بين الفينة والأخرى وتحرم هذا وذاك من الأمور التي لا تستوجب حتى ذكرها ، لأنها من الأمور الأبجدية التي يجب أن تكون من الأبجديات الحياتية لكل مواطن فلسطيني وحتى عربي .

أما الحديث عن الوحدة الوطنية وعن أهميتها ، ورفع شعاراتها ، خاصة ... عندما يكون المقصود الضمني لها تكريس التجزئة والتمزيق في النسيج الاجتماعي والسياسي !!!

عن أي "وحدة وطنية" يتحدث هؤلاء المجرورون بالخديعة الصهيونية ، التي تدعو إلى شريك سلام فلسطيني ، وعن المنظمات الإرهابية وضرورة شطبها ؟!!

الوحدة الوطنية تعني وحدة شعب في وحدة وطن في آراء مختلفة حول المواضيع السياسية التي تهم هذا الوطن ، إضافة إلى ثوابت لا تخضع للمناورة أو المجازفة ، وتقديم فاتورة حساب محصلتها النهائية نسف الوحدة الوطنية ، والعمل الوطني ككل .

الفلسطينيون بكافة أطيافهم ليسوا إلا جزء واحد ، والوطن واحد ، ولا يجوز لأحد كائننا من كان وتحت أي حجة مهما كانت أن يعمد إلى تفتيت هذا الجزء الفلسطيني المتكامل ، فالشعوب لا تنشأ بإرادات المحتلين والطامعين والمستعمرين .

وحدود الوحدة الوطنية لا تقررها وتحددها ، رغبات المحتل وخطوط أقلامهم أو ألوان خرائطهم السياسية والفكرية .!!

أليست هذا ما تفعله الصهيونية من خلال كيانها الاستعماري ؟!.

إذن لماذا تثار مثل هذه العصبية التنظيمية والسياسية الشوهاء كلما دق الكوز بالجرة ، وكلما ارتفعت أذنان عن القطيع ؟؟؟؟! 

الكارثة هنا ... أننا لا نتحدث عن شركات سياسية ولا عن طبقة من العقليات السياسية المتعفنة التي جّرت على الويلات والكوارث على الوطن وهذا الشعب العظيم ، حرصا منها على تأمين خصوصياتها الأنانية وضمان نفوذها ،  ولكننا نتكلم  عن تنظيمات وأحزاب مناضلة  ومقاتلة وطليعية ، متمسكة بتحرير الأرض والإنسان . ولا نتكلم عن أفراد أو طلاب جامعات والذين بدورهم قد يصبحون مسكونين بتلك المفاهيم  ، التي قد تصبح عبأً ثقيلا إن لم يتم إدراك مغزاها الحقيقي والمتأصل داخل روح أبناء هذا الشعب البطل .

لنعترف هنا ... أن مؤسساتنا ومعظم تنظيماتنا السياسية والإعلامية  وفي مقدمتها مؤسسات السلطة الفلسطينية ، قد سجلت نجاحا باهراً في فشلها الصارخ بخلق السياسي والتنظيمي والمواطن الواعي الناضج المسلح بالمعرفة والثقة واليقين ، بماهية المسلمات والمفاهيم الوطنية التي لا يمكن المساس بها أو الحديث عنها بتأويلات تخدم أجندة معينة أو طرف بعينه !!.

اسأل ... وفي حلقي حصة ، وفي روحي وجع :

كم أستاذا جامعيا ، وكم طالبا من الطلاب الفلسطينيين ، وكم من أبناء التنظيمات وما يحسب عليهم ، وكم من أفراد هذا الشعب المقاوم ومن المقاومين أنفسهم يعرف ... ما هي الاتفاقيات المبرمة بين السلطة والكيان الصهيوني ، وما هي صكوك الاحتلال بعد غزة ، وماهية اتفاق معبر رفح ، وما هي أجندة السلطة الفلسطينية المرحلية أو الإستراتيجية ، ناهيك عن معرفة أجندة المقاومين أنفسهم ، ومنهم من لا وجه له تستطيع التعرف من خلاله على أجندته ، فالكيان الصهيوني أصبح (يدير) بعض المقاومة من خلال فرض أجندته هو وليس العكس ، فأصبح البعض مقاوم (رد فعل) ... وبالتالي ما هي تداعيات ردة الفعل هذه ، كذلك ما هي تداعيات ، الحركة السياسية للسلطة الفلسطينية من خلال الاتفاقيات والالتزامات والأجندة التي لا يعرف باطنها ، على حياة المواطن الفلسطيني وتاريخه المعاصر ؟!! .

السياسيون وأعضاء التنظيم الحاكم في السلطة الفلسطينية من أعضاء حركة فتح وهم كثر مشغولون وراء المناصب الحكومية والتنظيمية الداخلية . فالتصريحات واستخدام المفردات المنمقة والتنظير ،  وشهادات التحصيل العلمي ، حسب هذه المرحلة أصبحت بمثابة جوازات سفر للأستيزار والمناصب والمواقع التنظيمية !! . بديلا عن السيرة النضالية الطيبة والتضحية والاندماج مع الثوابت الفلسطينية .

فهل أصبح الدكتور وأبن العشيرة والموالي والانتهازي الوصولي ، ممن لم يتعايشوا يوما أو بعض يوم مع الفعل النضالي الفلسطيني على الأرض ، هم من يتأهل ويفوز في الرتبة والمراتب والمناصب إن كانت تنظيمية أو سلطوية ؟!!.

هل هذه المؤهلات هي تجعل البعض في المواقع بدلا عن هؤلاء المناضلين ، الين يحملون شهادات نضالية ، وشهادات علمية ، وحتى شهادات حسن سلوك وانتماء خالص لأجندة شعبهم الفلسطيني ؟ .

كم من المناضلين ممن تجاوزت سنوات سيرتهم النضالية أكثر من ثلاثين عاما  وما يزيد وكم من المناضلين المؤهلين يصطفون على قارعة الطريق ، ينتظرون إن تيسر لهم المخصص الذي يمن به عليهم في وجهة نظر لبعض . وكأنه ليس حق لهم مقدس لا يمكن المساس به لأي كائن من كان .

الداهية الدهياء ، انه بالفعل يجري إبعاد المناضلين ، والكثير منهم لم يحصل حتى على حقه الطبيعي في الرتبة ومنهم من أعرفه  لم يرفع  منذ حوالي أربعة وعشرون عاما ومؤهلون ويحملن سيرة نضالية وشهادات علمية عليا  ، على الرغم من اللجان التي تشكل لبحث في قضايا الأفراد والتظلمات ، وحدث بدمن حرج ؟!!  .  

حكاية القائد والسياسي والمنظر مع المناضلين هي نفس حكاية الشاعر الأعمى بشار بن برد ، الذي قال :

أعمى يقود بصيراً لا أباً لكم
قد ضلّ من كانت العميان تهديه !!

ترى .. ماذا عساهم  يقولون أستاذة التاريخ وعلم الاجتماع والاتصال الجماهيري في مدارسنا وجامعاتنا ,وفي المحاضرات العامة ، حينما يشيرون إلى ما قاله بسمارك موحد ألمانيا في القرن التاسع عشر ، عندما عزا السبب في نجاح مشروعه النهضوي الوحدوي إلى ...  المعلم (المناضل ، السياسي ، التنظيمي) ؟!!

بسمارك قال : "... غلبنا جارتنا بالمعلم" ، أما نحن .. رافعي شعارات ( الوحدة الوطنية ) ، فأننا لم نتغلب على المحتل اليهودي وصناع الاستعماريين وعملائهم ، إلا بالجهل و ... التجهيل !!!.

 

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 248 مشاهدة
نشرت فى 15 يوليو 2011 بواسطة MOMNASSER

ساحة النقاش

د .محمد ناصر.

MOMNASSER
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

357,335