د . محمد ناصر (الخوالده) 

نظرية التعاقب الدوري للحضارات:
ابن خلدون (732هـ /1332م – 808هـ /1406م) 
ابن خلدون من بين المفكرين الذين لم يقدرهم معاصرون له واللاحقون عليه ثم شغف به ايما شغف المتأخرون والمحدثون، ويفسر اهمال السابقين له بانه نشأ ابان انحلال الدولة الاسلامية فكان حاله كحال الدولة ابان تدهورها وقد وصف من يحاول النهوض بها بمثابة الوهج الذي يحدث قبل انطفاء الشمعة.
وكتب عنه توينبي: إنه لم يستلهم احد من السابقين ولا يدانيه احد من معاصريه بل لم يثر قبس الالهام لدى تابعيه مع انه في مقدمته التاريخ العالمي قد تصور وساق فلسفة للتاريخ تعد بلا شك اعظم عمل من نوعه .
وقال عنه جورج سارتون: لم يكن اعظم مؤرخي العصور الوسطى شامخاً كعملاق بين قبيلة من الاقزام فحسب ، بل كان من اوائل فلاسفة تاريخ قبل ميكافلي وبودان وفيكو وكونت وكورنو.
اما كباحث نظري في التاريخ فليس له مثيل في اي عصر او قطر حتى ظهر فيكو بعده باكثر من ثلاثة قرون، كما لم يكن افلاطون او آرستو او سان او غسطين اندادا له ولا يستحق غيرهم ان يذكر الى جانبه، انه يثير الاعجاب باصالته وفطنته بعمقه وشموله، لقد كان فريداً ووحيداً بين معاصريه في فلسفة التاريخ كما كان دانتي في الشعر وروجر بيكون في العلم، لقد جمع مؤرخوا العرب المادة التاريخية ولكنه هو وحده الذي استخدمها.
ويرجع تنازع هذه المدارس الفكرية حول تصنيف مقدمته، انه كان متعدد الجوانب فلم يكن منحازاً الى واحدة منها بالذات بينما درجت المدارس الفكرية على المذاهب الواحدية، انه لم يفسر الظواهر الاجتماعية او الوقائع التاريخية في ضوء نظرية معينة دون غيرها بل نجد التفسيرات الاقتصادية الى جانب التأويلات السيكولوجية فضلا عن التفسير الجغرافي.
يعد ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع في انكاره ادارج المقدمة ضمن فلسفة التاريخ.
ان واقعية آرائه لا تعني خلوها من لفكر الفلسفي او تعذر استخلاص آراء بل نظريات فلسفية منها، وفي نظريات فلسفة التاريخ التي تقترب من التاريخ كثيراً ما تكون الآراء الفلسفية بعدية وليست مسبقة وفقاً للمنهج الاستقرائي، ولكن الحتمية التاريخية واضحة في آراءه وفي الآيات القرآنية التي يختم بها فصوله مثل "سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلاً" كذلك التعاقب الدوري يعد اهم معالم عرضه لتطور الحضارات.
كذلك كان ابن خلدون على وعي بان علمه لا يتدرج ضمن الفلسفة بمفهومها التقليدي، فليس هو من السياسة المدنية التي هي تدبير المدنية بما يجب بمقتضى الاخلاق والحكمة فليس علمه اذا معيارياً كفلسفة السياسة – بحث فيما يجب. ولكنه واقعي ، وهو لن يتناول احوال الدول في سكونها او استاتيكيتها وانما في ديمومتها وديناميكيتها.
اخذ ابن خلدون من الفلسفة نظرتها العقلية التعميمية ومن التاريخ واقعيته والاستردادية في منهجه ليكون منهما علماً واحدا يجذب فيه التاريخ الفلسفة الى عالم الوقائع حتى لا تحلق في سماء اليوتوبيات، وتعمق في الفلسفة من التاريخ حتى لا يصبح مجرد رواياد وسرد اخبار. 
واذا كانت آراء ابن خلدون يمكن ان تدرج في فلسفة تاريخ فهي لا بد خاضعة لمقولاتها: 
1- الكلية:
ونعني بها ان تكون المقدمات متعلقة بالتاريخ العالمي ثم ان تكون النتائج كلية، اما ما يتعلق بمقدمات او مادته فلابن خلدون حصيلة واسعة من المعلومات عن اخبار العب مشرقهم ومغربهم وعن الامبراطوريات القديمة، حقيقة ان الامثلة التي يذكرها في الغالب مستقاة من شعوب المغرب والاندلس، الامر الذي جعل بعض الباحثين يعدونه قد وقع في خطأ منهجي حين لم يستقرء الظواهر إلا عند امم معينة وفي عصور خاصة، او ان بحثه طوبوغرافي مقصور على مجتمع معين ولم يتعد العرب والبربر في شمال افريقيا في عصره.
وخلاصة القول ان العبرة في الكلية بالنتائج التي توصل اليها ومدى انطباق قضاياه الكلية التي استخلصها على غير ما درسه من مجتمعات بل مدى انطباق نظريته العامة في التعاقب الدوري " بداوة ثم ازدهاراً ثم تدهوراً" على سائر الحضارات.

2- التعليل
وللتعليل في آراء ابن خلدون عدة خصائص اهمها: 
• انه ليس تعليلاً جزئيا لحوادث فردية معتبرة زمانا ومكانا كما هو الحال في التاريخ العادي، وانما يتجاوز التعليل قيود الزمان ليتخذ طابعاً عاماً قائماً على وحدة الطبيعة البشرية، وهذه اهم خصائص التعليل في فلسفة التاريخ.
• انه ليس تعليلا ظاهريا برانيا كما هو الحال في العلوم الطبيعية، ولكنه تعليل باطني جواني كامن خلف احداث تاريخ الظاهرة بل ليست هذه إلا معلولة لها، وهو ما اشار اليه ابن خلدون لقوله: وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها الدقيق.
• ان التعليل عند ابن خلدون اقرب الى تعليل الاصوليين ، والواقع انه اذا كان ابن خلدون قد افاد من طائفة في الفكر الاسلامي فهم الاصوليون ، انه يستخدم مسطلحاتهم : قياس الغائب على الشاهد، قياس الاشباه والنظائر، تعليل المتفق والمختلف، ما طبقه ابن خلدون على مسار التاريخ يكاد يماثل ما طبقه الاصوليون على قضايا الشرع، هؤلاء مادتهم ما يتعرض له الناس من اقضية تقتضي احكاماً شرعية ومادته ووقائع تاريخ التي تقتضي تعليلات واحكاما كلية.
• يتخذ التعليل عند ابن خلدون صفة الضرورة، الامر الذي جعل نظريته تتصف بالحتمية التاريخية، انه يؤكد دائماً ان ما حدث هو سنة الله في خلقه، انه على سبيل المثال اذا كانت الدولة في دور انحطاتها او هرمها كان ذلك كالهرم في الانسان امراً طبيعياً لا يتبدل وانه حتى اذا تدارك بعض اهل الدول ذلك التدهور بالاصلاح فان الامر لن يزيد عن ومضة مصباح قبل انطفائه توهم انها اشتعال وهي انطفاء..... ولكن اجل كتاب.
ولكن الى جانب خضوع نظرية ابن خلدون لمقولتي فلسفة تاريخ فقد انفردت نظريته بمنهج خاص بها ، يتلخص فيما يأتي:

1- الديناميكية
وهذه ما تجعلنا ندرج نظريته في فلسفة التاريخ لا علم الاجتماع، انه مع تسليمه بوحدة الطبيعة الانسانية، انه مع تسليمه بذلك يرى انه من اللط الخفي في التاريخ الذهول عن تبدل الاحوال في الامم والاجيال بتبدل الاعصار ومرور الايام وان احوال العالم والامم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر، انما هو اختلاف على الايام والازمنة وانتقال من حال الى حال.

2- الديالكتيكية
انه كان لابن خلدون تصور واضح المعالم عن الديالكتيكية كمنهج – كما هو الال لدى هيجل – حتى يطبقه على التاريخ ومساره ، وانما يمكن ان تستخلص الديالكتيكية من مسار نظريته.

ان عامل قيام الحضارة هو نفسه عامل تدهورها وفنائها، العصية اساس قوة القبيل ولا تكون الرياسة الا في اهل اقوى العصائب وان العصبية تهدف الى الملك وتنقل المجتمع من البداوة الى التحضر.
ولكن اذا كان صاحب الدولة قد وصل الى الرياسة بمقتضى العصبية فإ، الرياسة لا تستحكم له الا اذا جدع انوف اهل عصبيته وعشيرته المقاسمين له في نسبه، ومن ثم فإنه يدافعهم عن الامر ولا يطيب له الملك الا بالاستغناء عن المعصية التي بها اكتسب المجد، ثمة اذن قضيتان متعارضتان في مسار التاريخ: بالعصبية تتم الرياسة، ولا تطيب الرياسة إلا بالاستغناء عن المعصية ، او بتعبير آخر: اهل العصبية عون لصاحب الدولة في قيامها، اهل العصبية مناوثون لصاحب الدولة في رياسته، وثمة مركّب لهاتين القضيتين: اتخاذ الموالي والصنائع كبيد عن اهل العصبية ومن ثم تتم حركة التاريخ: بداية تدهور الدولة.
ثمة مثال آخر وهو الترف: انه يزيد الدولة في اولها قوة الى قوتها، انه غاية الحضارة والملك، به تتباهى الدول المتخضرة وبه تقاص حضارتها وقوتها، وبه ترهب الدول المجاورة، ولكن الترف هو العلة الاساسية لطروق الخلل في الدول ، انه مؤذن بالفساد ، إذا حصل الترف اقبلت الدولة على الهرم، ثمة قضيتان متعارضتان:
- الترف مظهر الحضارة، الترف هادم للحضارة.
- الترف غاية العمران ، الترف مؤذن بنهاية العمران

الترف يرهب الامم المجاورة ، الترف يغري القبائل واهل البداوة بالانتقضاض، وثمة مركب لهاتين القضيتي: حتمية انتقال الحاضرة الى الهرم والافول.

كل من العصبية والترف يتميز اذن بالتناقض الداخلي في الدور الذي يقوم به في مسار التاريخ، وتتعدد العوامل التي تقوم بما يقوم به كل من العصبية والترف، من دور ديالكتيكي الى حد يمكن اعتبار سار التاريخ لكل حضارة والتعاقب الدوري للحضارات انما هما وليدا تفاعل العوامل الديالكتيكية المتناقضة، بل لا يمكن فهم ديناميكية نظرية ابن خلدون منعزلة عن الديالكتيكية التي تحرك باطن احداث التاريخ، واذا كانت استنتاجاته الكلية تدل على مقدرة فائقة على التعليل والتعميم فإن ديناميكية التاريخ وحركته وفقاً للديالكتيكية انما تدل على بصيرة نافة استطاع ابن خلدون بها ان يستشف باطن التاريخ والمحرك الفعلي لاحداثه.

تتعاقب على الدول والحضارات اطوار ثلاثة:
1- طور البداوة: كمعيشة البدو في الصحاري والبربر في الجبار والتتار في السهول، وهؤلاء جميعاً لا يخضعون لقوانين مدنية ولا تحكمهم سوى حاجاتهم وعاداتهم.
2- طور التحضير: حيث تأسيس الدولة عقب الغزو والفتح ثم الاستقرار في المدن.
3- طور التدهور: نتيجة الانغماس في التف ولانعيم.

وتشير الى خصائص كل طور والعوامل الديناميكية المؤدية الى انتقاله الى الطور الذي يليهفي شيء من التفصيل.

اولاً: طور البداوة
يعتبر ابن خلدون هذه المرحلة سابقة على مرحلة التحضير لان اجتماع البدو من اجل الضروري من القوت بينما يتعلق اهل الحضر بفنون الملاذ وعوائد الترف، والضروري اقدم من الكمالي.
وتحكم افراد البدو رابطة العصبية حيث نصرة ذوي الارحام والاقارب وما يلزم عنهامت تعاضد وتناصر، وتحتفظ القبيلة بالسلطة ما احتفظت بعصبيتها، ويدعم العصبية عاملان: احترام القبيلة لشيخها ثم حاجتها المستمرة للدفاع والهجوم.
ويشير ابن خلدون الى ان حياة التقشف تسبغ على البدو اخلاقاً فاضلة كالدفاع عن النفس والنجدة، والشهامة والغيرة على الاستقلال.

ثانياً: طور التحضر وتأسيس الدول
ويتوقف تقدم الحضارة على ثلاثة اشياء: مزايا الارض ومزايا الحكومة وكثرة السكان، اما الارض فلأنها مصدر الانتاج، وما الحضارة الا ثمرة عمل منظم متواصل للنشاط البشري لاستثارة الارض، واما الحكومة فانها يجب ان تكون قوية لحماي السكان وليطمئنوا على ثمار عملهم ، عادلة لتشجيعهم على مواصلة نشاطهم والتمتع بثمرته، كريمة لتشجع التجارة وتفرض الضرائب المعقولة، ولذا فإن ازدهار الحضارة دليل على غنى الحكومة كما ان غنى الحكومة دليل على ازدهار الحضارة.
والترف يزيد الدولة في اولها قوة الى قوتها ، ذلك انه اذا حصل الملك والترف كثر التناسل فتقوى العصبية .
ومن مظاهر تحضر الدولة الاستكثار من المواني والصنائع، انهم من لوازم الترف كما يستظهر بهم صاحب الامر ويدفع عنه اهل عصبيته.
وتعبر الدولة عن قوتها وتحضرها بالآثار، وعلى قدر قوتها تكون آثارها، فمباني الدولة وهياكلها العظمية انما تكون على نسبة قوة الدولة، لان ذلك لا يكون الا بكثرة الفعلة واجتماع الايدي على العمل.

ثالثا: طور التدهور:
ان عوامل تحضر الدولة هي ذاتها عوام تدهورها ذلك ان الحضارة وان كانت غاية العمران فهي في الوقت نفسه مؤذنة بنهاية عمره.
واول هذه العوامل هو العصبية التي بها تتم الرياسة والملك، ولكن صاحب الرياسنة يطلب بطبعه الانفراد بالملك والمجد، واذا استظهر الملك على اهل عصابته بالموالي والصنائع فإن هؤلاء بدورهم من عوامل ضعف الدولة.
على ان العامل الحاسم في ضعف الدولة هو الترف، انه اذا كان قد زاد من قوة الدولة في اولها فإنه اشد العوامل اثراً في ضعفها وانهيارها، ويفسر ابن خلدون ذلك باسباب اقتصادية واخلاقية ونفسية.
اما العامل الاقتصادي فان طبيقة الملك تقتضي الترف حيث النزوع الى ورقة الاحوال في المطعم والملبس والفرش والآنية، وحيث تشييد المباني الحافلة والمصانع العظيمة والامصار المتسعة والهياكل المرتفعة فحسب بل من جانب الرعية ايضاً اذ الناس على دين ملوكهم.
ومن ناحية اخرى يتجاسر الجند على لادولة ويلجأ السلطان الى مداراتهم ومداواتهم بالعطايا وكثرة الانفاق، واذ لا تفي المكوس بذلك فقد تسول للسلطان نفسه الىجمع المال من املاك الرعايا من تجارة او نقد بشبهة او بغير شبهة، وقد يلجأ الى مشاركة الفلاحين و التجار في شراء الحيوان والبضائع، ولا يجرؤ احد على منافسة السلطان في الشراء ، فيبيع البائع بضاعته بثمن بخس مما يؤدي الى كساد الاسواق وقعود الفلاحين والتجار عن تثمير اموالهم فتقل الارباح.
اما العامل الاخلاقي النفسي الذي يجعل الترف اهم معول هدم مؤدي الى انهيار الدولة فذلك لما يلزم عن الترف من فساد الخلق، ان عائد الترف تؤدي الى العكوف على الشهوات وتثير ممومات الخلق فتذه عن اهل الحضر طباع الحشمة ويقذعون في اقوال افحشاء فضلاً عن ان الترف يذهب خشونة البداوة ويضعف العصبية والبسالة حتى اذا انغمسوفي النعيم فانهم يصبحون عيالاً على الدولة كانهم منجملة النسوان والولدان الحتاجين الى المدافعة عنهم، فالترف مفسد لبأس الفرد ولشكيمة الدولة والترف مفسد للخلق.
ولا يكتفي ابن خلدون بالحتمية التي يضفيها على آرائه الى حد ان يقيس الدولة او الحضارة على حياة الانسان ، اذ انتقالها في هذه الاطوار كتطور الانسان وكسائر الامور الطبيعة لا تتبدل ، ولكنه يجعل للدول اعماراً طبيعة كالاشخاص، فعمر الدولة ثلاثة اجيال : الجيل الاول ما زال في خلق البداوة خشونتها مرهوب الجانب والناس له مغلوبون، والجيل الثاني قد انتقل من البداوة الى الحضارة ومن الشظف الى الترف، اما الجيل الثالث فلم يذق إلا حياة الترف ونضارة العيش، ولا يكان يتأخر عمر الدولة عن ذلك إلا في النادر حيث يكون للدولة من الهيبة مما يجعل القبائل المجاورة لا تقدر عليها بالمناجزة وانما بالمطاولة، اذا الغلبة في الحروب لا تتم بالقوة فحسب وانما بامور نفسانية، كذلك قد الف الناس طاعة الدولة المستقرة مما قد يبعث على الفتور في نفس صاحب الدولةالمستجدة فلا يجرؤ على مهاجمتها حتى يتضح له هرمها واضمحلالها بما يقع من القحط والمجاعة.
وبصرف النظر عما قدره ابن خلدون من عمر الدولة الذي قد يقل او يزيد عن ذلك تبعا للاسباب التي اشار اليها، ومع ان مادته التاريخية في هذه القضايا العامة مستقاة من تاريخ محدود زمانا ومكانا الا ان كثيرا من آرائه لا تزال تصدق على احوال الدول التي تنشأ مستعينة بالقوّة العادية حتى وان التمست بعد استقرارها الاستناد الى القوّة التقليدية، ومع انه ليس من الضروري ان تكون نشأة الدولة من استيلاء قبائل تجمعها عصبيةالا ان آراءه بصدد دوري التحضر والتدهور والديناميكية الفاعلة في انتقال الدول من هذا الدور الى ذاك تتسم ببصيرة نافة وحدس ثاقب، وستظل لهذه الآراء قيمتها وما دامت القوة مبدأ قيام الدولة.

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 2638 مشاهدة
نشرت فى 14 يوليو 2011 بواسطة MOMNASSER

ساحة النقاش

د .محمد ناصر.

MOMNASSER
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

357,207