السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته صحبة الخير معكم نستكمل علمتني سورة الأنعام الجزء العاشر 

🥀

﴿ وَمَا قَدَرُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِۦٓ إِذْ قَالُوا۟ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَىْءٍ ۗ قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَٰبَ ٱلَّذِى جَآءَ بِهِۦ مُوسَىٰ ﴾

 [ سورة الأنعام آية:﴿٩١﴾ ] 

 

(وما قدروا الله حق قدره) أي: ما عرفوه حق معرفته في اللطف بعباده والرحمة لهم؛ إذ أنكروا بعثه للرسل، وإنزاله للكتب. والقائلون هم اليهود؛ بدليل ما بعده، وإنما قالوا ذلك مبالغة في إنكار نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم. ابن جزي:1/278

🥀

﴿ وَمَا قَدَرُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِۦٓ ﴾ [ سورة الأنعام آية:﴿٩١﴾ ]

 

 قال ابن عباس في رواية الوالبي عنه: «هذه في الكفار، فأما من آمن أن الله على كل شيء قدير فقد قدر الله حق قدره». 

🥀

{ وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ۚ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَهُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ }

 الآية 92 من سورة الأنعام 

 

وهذا القرآن كتاب أنزلناه إليك -أيها الرسول- عظيم النفع، مصدق لما تقدمه من الكتب السماوية، أنزلناه لنخوِّف به من عذاب الله وبأسه أهل "مكة" ومن حولها من أهل أقطار الأرض كلها. والذين يصدقون بالحياة الآخرة، يصدقون بأن القرآن كلام الله، ويحافظون على إقام الصلاة في أوقاتها

🥀

﴿ وَلَوْ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلظَّٰلِمُونَ فِى غَمَرَٰتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلَٰٓئِكَةُ بَاسِطُوٓا۟ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوٓا۟ أَنفُسَكُمُ ۖ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ ءَايَٰتِهِۦ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ 

[ سورة الأنعام آية:﴿٩٣﴾ ]

🥀

 (والملائكة باسطوا أيديهم): بالعذاب والضرب؛ يضربون وجوههم وأدبارهم، وقيل: بقبض الأرواح. (أخرجوا) أي: يقولون: أخرجوا (أنفسكم) أي: أرواحكم كرها؛ لأن نفس المؤمن تنشط للقاء ربه، ونفس الكافر تكره ذلك. والجواب محذوف؛ يعني: لو تراهم في هذه الحال لرأيت عجبا. 

🥀

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِىَ إِلَىَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَىْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ ۗ ﴾

 [ سورة الأنعام آية:﴿٩٣﴾ ] 

 

إنما كان هذا أظلم الخلق لأن فيه من الكذب، وتغيير الأديان -أصولها وفروعها- ونسبة ذلك إلى الله، ما هو من أكبر المفاسد. 

🥀

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِىَ إِلَىَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَىْءٌ ﴾ 

[ سورة الأنعام آية:﴿٩٣﴾ ] 

 

ومن هذا النمط من أعرض عن الفقه والسنن وما كان عليه السلف من السنن؛ فيقول: وقع في خاطري كذا، أو أخبرني قلبي بكذا، فيحكمون بما يقع في قلوبهم ويغلب عليهم من خواطرهم ... فيستغنون بها عن أحكام الشرائع الكليات، ويقولون: هذه الأحكام الشرعية العامة إنما يحكم بها على الأغبياء والعامة، وأما الأولياء وأهل الخصوص فلا يحتاجون لتلك النصوص. 

🥀

﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَآءَ ظُهُورِكُمْ ۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَٰٓؤُا۟ ۚ ﴾

 [ سورة الأنعام آية:﴿٩٤﴾ ] 

 

الجميع عبيد لله، والله مالكهم والمستحق لعبادتهم، فشركهم في العبادة وصرفها لبعض العبيد تنزيل لهم منزلة الخالق المالك، فيوبخون يوم القيامة.

🥀

﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَآءَ ظُهُورِكُمْ ﴾

 [ سورة الأنعام آية:﴿٩٤﴾ ] 

 

والمعنى: جئتمونا واحدا واحدا؛ كل واحد منكم منفردا بلا أهل، ولا مال، ولا ولد، ولا ناصر ممن كان يصاحبكم في الغي. 

🥀

{ إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ ۖ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُون َ}

 الآية 95 من سورة الأنعام

 

إن الله تعالى يشق الحب، فيخرج منه الزرع، ويشق النوى، فيخرج منه الشجر، 

يخرج الحي من الميت كالإنسان والحيوان مثلا من النطفة، ويخرج الميت من الحي كالنطفة من الإنسان والحيوان، 

ذلكم الله أي: فاعل هذا هو الله وحده لا شريك له المستحق للعبادة، فكيف تُصْرَفون عن الحق إلى الباطل فتعبدون معه غيره؟

🥀

{ فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }

96 -الأنعام

 

والله سبحانه وتعالى هو الذي شق ضياء الصباح من ظلام الليل، وجعل الليل مستقرًا، يسكن فيه كل متحرك ويهدأ، وجعل الشمس والقمر يجريان في فلكيهما بحساب متقن مقدَّر، لا يتغير ولا يضطرب، ذلك تقدير العزيز الذي عزَّ سلطانه، العليم بمصالح خلقه وتدبير شئونهم. والعزيز والعليم من أسماء الله الحسنى يدلان على كمال العز والعلم.

🥀

﴿ وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُوا۟ بِهَا فِى ظُلُمَٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلْءَايَٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾

 [ سورة الأنعام آية:﴿٩٧﴾ ] 

 

والله سبحانه هو الذي جعل لكم أيها الناس النجوم علامات، تعرفون بها الطرق ليلا إذا ضللتم بسبب الظلمة الشديدة في البر والبحر، قد بيَّنَّا البراهين الواضحة؛ ليتدبرها منكم أولو العلم بالله وشرعه.

ودلت هذه الآية ونحوها على مشروعية تعلم سير الكواكب ومجالها، الذي يُسَمَّى علمَ التسيير؛ فإنه لا تتم الهداية ولا تمكن إلا بذلك.

 

🥀

﴿ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلْءَايَٰتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ﴾

 [ سورة الأنعام آية:﴿٩٧﴾ ]

 

 أي: لأهل العلم والمعرفة؛ فإنهم الذين يوجه إليهم الخطاب، ويطلب منهم الجواب، بخلاف أهل الجهل والجفاء، المعرضين عن آيات الله وعن العلم الذي جاءت به الرسل؛ فإن البيان لا يفيدهم شيئاً، والتفصيل لا يزيل عنهم ملتبساً، والإيضاح لا يكشف لهم مشكلاً. 

🥀

{ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُون َ}

 الآية 98 من سورة الأنعام 

 

والله سبحانه هو الذي ابتدأ خلقكم أيها الناس من آدم عليه السلام؛ إذ خلقه من طين، ثم كنتم سلالة ونسلا منه، فجعل لكم مستقَرًا تستقرون فيه، وهو أرحام النساء، ومُستودعًا تُحفَظُون فيه، وهو أصلاب الرجال، قد بينا الحجج وميزنا الأدلة، وأحكمناها لقوم يفهمون مواقع الحجج ومواضع العبر

🥀

{ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا }

الأنعام 99

 

والله سبحانه هو الذي أنزل من السحاب مطرًا فأخرج به نبات كل شيء، فأخرج من النبات زرعًا وشجرًا أخضر، ثم أخرج من الزرع حَبًّا يركب بعضه بعضًا، كسنابل القمح والشعير والأرز، 

🥀

{ وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۗ}

الأنعام 99

 

وأخرج من طلع النخل -وهو ما تنشأ فيه عذوق الرطب- عذوقًا قريبة التناول، وأخرج سبحانه بساتين من أعناب، وأخرج شجر الزيتون والرمان الذي يتشابه في ورقه ويختلف في ثمره شكلا وطعمًا وطبعًا. 

🥀

{ انْظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون َ}

الأنعام 99 

 

انظروا أيها الناس إلى ثمر هذا النبات إذا أثمر، وإلى نضجه وبلوغه حين يبلغ. إن في ذلكم - أيها الناس - لدلالات على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته لقوم يصدقون به تعالى ويعملون بشرعه.

وخص الدانية بالذكر؛ لأن من الغرض في الآية ذكر القدرة، والامتنان بالنعمة، والامتنان فيما يقرب متناوله أكثر.

🥀

غداً بحول الله وقوته نستكمل معا هذه السلسلة المباركة من علمتني سورة من القرآن الكريم

من إعداد

ليالي الرسول عتمان 🌷

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 23 مشاهدة
نشرت فى 13 ديسمبر 2020 بواسطة Laialysousam

عدد زيارات الموقع

51,488