السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته صحبة الخير والايمان معا نستكمل سلسلة علمتني سورة المائدة الجزء

الثالث 

🥀

﴿ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحْنُ أَبْنَٰٓؤُا۟ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ﴾

 [ سورة المائدة آية:﴿١٨﴾ ] 

 

إن كان الأمر كما زعمتم أنكم أبناؤه وأحباؤه؛ فإن الأب لا يعذب ولده، والحبيب لا يعذب حبيبه، وأنتم مقرون أنه معذبكم! وقيل: (فلم يعذبكم) أي: لم عذب من قبلكم بذنوبهم؛ فمسخهم قردة وخنازير؟! (بل أنتم بشر ممن خلق): كسائر بني آدم؛ مجزيون بالإساءة والإحسان. 

🥀

﴿ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِّنَ ٱلرُّسُلِ ﴾

 [ سورة المائدة آية:﴿١٩﴾ ]

 

 والمقصود: أن الله بعث محمداً ﷺ على فترة من الرسل، وطموس من السبل، وتغير الأديان، وكثرة عبادة الأوثان والنيران والصلبان، فكانت النعمة به أتم النعم، والحاجة إليه أمر عمم؛ فإن الفساد كان قد عم جميع البلاد، والطغيان والجهل قد ظهر في سائر العباد، إلا قليلاً من المتمسكين ببقايا من دين الأنبياء الأقدمين، من بعض أحبار اليهود، وعباد النصارى، والصابئين.

 🥀

 

﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِۦ يَٰقَوْمِ ٱذْكُرُوا۟ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنۢبِيَآءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَءَاتَىٰكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾

 [ سورة المائدة آية:﴿٢٠﴾ ] 

 

ففعل معكم بذلك وغيره من النِعم التي فضلكم بها على العالمين في تلك الأزمان فِعل المحب مع حبيبه، والوالد مع ولده، ومع ذلك عاقبكم حين عصيتم، وغضب عليكم إذ أبيتم، فعُلِم أنَّ الإكرام والإهانة دائران بعد مشيئته على الطاعة والمعصية.

 🥀

 

﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِۦ يَٰقَوْمِ ٱذْكُرُوا۟ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنۢبِيَآءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَءَاتَىٰكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾

 [ سورة المائدة آية:﴿٢٠﴾ ]

 

 وعن الحسن وزيد بن أسلم: أن من كانت له دار وزوجة وخادم فهو ملك، وهو قول عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- كما في صحيح مسلم ..... ويقال: من استغنى عن غيره فهو ملك.

 🥀

 

﴿ ٱذْكُرُوا۟ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ 

[ سورة المائدة آية:﴿٢٠﴾ ]

 

 بقلوبكم وألسنتكم؛ فإن ذكرها داعٍ إلى محبته تعالى، ومنشط على العبادة.

 🥀

 

يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ

 الآية 21  المائدة 

 

يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة -أي المطهرة، وهي "بيت المقدس" وما حولها- التي وعد الله أن تدخلوها وتقاتلوا مَن فيها من الكفار، ولا ترجعوا عن قتال الجبارين، فتخسروا خير الدنيا وخير الآخرة

 

🥀

{ قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُون }

المائدةَ (22)

 

أي : اعتذروا بأن في هذه البلدة - التي أمرتنا بدخولها وقتال أهلها - قوما جبارين ، أي : ذوي خلق هائلة ، وقوى شديدة ، وإنا لا نقدر على مقاومتهم ولا مصاولتهم ، ولا يمكننا الدخول إليها ما داموا فيها ، فإن يخرجوا منها دخلناها وإلا فلا طاقة لنا بهم .

🥀

﴿ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا ٱدْخُلُوا۟ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَٰلِبُونَ ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓا۟ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِ ﴾

 [ سورة المائدة آية:﴿٢٣﴾ ] 

 

ذيلا بقولهما: (إن كنتم مؤمنين) لأن الشك في صدق الرسول مبطل للإيمان.

🥀

 

﴿ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا ٱدْخُلُوا۟ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَٰلِبُونَ ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓا۟ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِي ﴾

 [ سورة المائدة آية:﴿٢٣﴾ ]

 

 (أنعم الله عليهما) أي: بالإسلام، أو باليقين والصلاح. (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون): قالا لبني إسرائيل: لا يهولنكم عظم أجسامهم؛ فقلوبهم ملئت رعبا منكم، فأجسامهم عظيمة وقلوبهم ضعيفة.

 🥀

 

﴿ قَالُوا۟ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَآ أَبَدًا مَّا دَامُوا۟ فِيهَا ۖ فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ ﴾

 [ سورة المائدة آية:﴿٢٤﴾ ] 

 

(إنا هاهنا قاعدون) أي: لا نذهب معكما؛ فكان فعلهم فعل مَن يريد السعادة بمجرد ادعاء الإيمان من غير تصديق له بامتحان بفعل ما يدل على الإيقان.

 🥀

 

﴿ قَالُوا۟ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَآ أَبَدًا مَّا دَامُوا۟ فِيهَا ۖ فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ ﴾

 [ سورة المائدة آية:﴿٢٤﴾ ] 

 

(فاذهب أنت وربك): إفراط في العصيان وسوء الأدب، بعبارة تقتضي الكفر والاستهانة بالله ورسوله، وأين هؤلاء من الذين قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لسنا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى، ولكن نقول لك: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون).

 🥀

 

﴿ قَالُوا۟ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَآ أَبَدًا مَّا دَامُوا۟ فِيهَا ۖ ﴾

 [ سورة المائدة آية:﴿٢٤﴾ ] 

 

وفي هذه القصة أوضح دليل على نقضهم للعهود التي بُنِيَت السورة على طلب الوفاء بها وافتُتِحت بها، وصرَّح بأخذها عليهم في قوله: (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل...) الآية

 [المائدة:12]. 

 

🥀

﴿ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِى ٱلْأَرْضِ ﴾

 [ سورة المائدة آية:﴿٢٦﴾ ]

 

 وهذه عقوبة دنيوية، لعل الله تعالى كفر بها عنهم، ودفع عنهم عقوبة أعظم منها. وفي هذا دليل على أن العقوبة على الذنب قد تكون بزوال نعمة موجودة، أو دفع نعمة قد انعقد سبب وجودها، أو تأخرها إلى وقت آخر.

 🥀

 

﴿ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِى ٱلْأَرْضِ ﴾

 [ سورة المائدة آية:﴿٢٦﴾ ] 

 

ولعل الحكمة في هذه المدة أن يموت أكثر هؤلاء الذين قالوا هذه المقالة، الصادرة عن قلوب لا صبر فيها ولا ثبات، بل قد ألِفَت الاستعباد لعدوها، ولم تكن لها همم ترقيها إلى ما فيه ارتقاؤها وعلوها، ولتظهر ناشئة جديدة تتربى عقولهم على طلب قهر الأعداء، وعدم الاستعباد، والذل المانع من السعادة.

🥀

 

﴿ لَئِنۢ بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَآ أَنَا۠ بِبَاسِطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّىٓ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿٢٨﴾

 

يقول له أخوه الرجل الصالح ، الذي تقبل الله قربانه لتقواه حين تواعده أخوه بالقتل على غير ما ذنب منه إليه : ( لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ) أي : لا أقابلك على صنيعك الفاسد بمثله ، فأكون أنا وأنت سواء في الخطيئة

🥀

{ إِنِّىٓ أُرِيدُ أَن تَبُوٓأَ بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَٰبِ ٱلنَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَٰٓؤُا۟ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ 

[ سورة المائدة آية:﴿29﴾ ]

 

 (إني أريد أن تبوء ) أي: ترجع، (بإثمي وإثمك) أي: إنه إذا دار الأمر بين أن أكون قاتلا أو تقتلني، فإني أوثر أن تقتلني، فتبوء بالوزرين، (فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين): دل هذا على أن القتل من كبائر الذنوب، وأنه موجب لدخول النار.

 🥀

 

﴿ فَطَوَّعَتْ لَهُۥ نَفْسُهُۥ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُۥ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ ﴾

 [ سورة المائدة آية:﴿٣٠﴾ ]

 

 (فطوعت له نفسه قتل أخيه) أي: سهلت نفسه عليه الأمر، وشجعته، وصورت له أن قتل أخيه طوعٌ سهلٌ له.

 🥀

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 33 مشاهدة
نشرت فى 19 نوفمبر 2020 بواسطة Laialysousam

عدد زيارات الموقع

51,340