السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته صحبة الخير والايمان معا نستكمل سلسلة علمتني سورة المائدة
ج الثاني
🥀
﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَـَٔانُ قَوْمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعْدِلُوا۟ ۚ ٱعْدِلُوا۟ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿٨﴾ ]
فإذا كان البغض - الذي أمر الله به- قد نهي صاحبه أن يظلم من أبغضه، فكيف في بغض مسلم بتأويل وشبهة، أو بهوى نفس؟ فهو أحق أن لا يظلم، بل يعدل عليه.
🥀
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كُونُوا۟ قَوَّٰمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَـَٔانُ قَوْمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعْدِلُوا۟ ۚ ٱعْدِلُوا۟ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿٨﴾ ]
اشهدوا بالحق من غير ميل إلى أقاربكم، وحيف على أعدائكم.
🥀
﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَكَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَآ أُو۟لَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلْجَحِيمِ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿١٠﴾ ]
الملازمون لها ملازمة الصاحب لصاحبه.
🥀
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱذْكُرُوا۟ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوٓا۟ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ ۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ۚ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿١١﴾ ]
ولما أمرهم بذكر النِّعمة، عطف على ذلك الأمر: الأمر بالخوف من المُنعِم أن يبدل نعمته بنقمة، فقال: (واتقوا الله) أي: الملك الذي لا يطاق انتقامه؛ لأنه لا كفء له، حذراً من أن يسلط عليكم أعداءكم، ومن غير ذلك من سطواته.
🥀
﴿ وَنَسُوا۟ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦ ۚ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿١٣﴾ ]
(ونسوا حظاً) أي: نصيباً نافعاً، معلياً لهم،
(ذُكِّروا به) أي: من التوراة على ألسنة أنبيائهم: عيسى ومن قبله -عليهم السلام- تركوه ترك الناسي للشيء لقلة مبالاته به، بحيث لم يكن لهم رجوع إليه.
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: «قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية»، وتلا هذه الآية.
🥀
﴿ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ ۙ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿١٣﴾ ]
أي: يتأولونه على غير تأويله، ويلقون ذلك إلى العوام.
🥀
﴿ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَٰقَهُمْ لَعَنَّٰهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَٰسِيَةً ۖ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿١٣﴾ ]
أي: غليظة لا تجدي فيها المواعظ، ولا تنفعها الآيات والنذر، فلا يرغبهم تشويق، ولا يزعجهم تخويف،
وهذا من أعظم العقوبات على العبد: أن يكون قلبه بهذه الصفة التي لا يفيده الهدى والخير إلا شراً.
🥀
﴿ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَٰقَهُمْ لَعَنَّٰهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَٰسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ ۙ وَنَسُوا۟ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿١٣﴾ ]
وقد جمعت الآية من الدلائل على قلة اكتراثهم بالدين ورقة اتباعهم ثلاثة أصول من ذلك؛
وهي: التعمد إلى نقض ما عاهدوا عليه من الامتثال، والغرور بسوء التأويل، والنسيان الناشئ عن قلة تعهد الدين، وقلة الاهتمام به.
🥀
﴿ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿١٤﴾ ]
فألقينا بينهم العداوة والتباغض لبعضهم بعضا، ولا يزالون كذلك إلى قيام الساعة،
وكذلك طوائف النصارى على اختلاف أجناسهم: لا يزالون متباغضين متعادين؛ يكفر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا؛ فكل فرقة تحرم الأخرى، ولا تدعها تلج معبدها.
🥀
﴿ وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓا۟ إِنَّا نَصَٰرَىٰٓ أَخَذْنَا مِيثَٰقَهُمْ فَنَسُوا۟ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿١٤﴾ ]
أي: ومن الذين ادعوا لأنفسهم أنهم نصارى يتابعون المسيح ابن مريم عليه السلام، وليسوا كذلك، أخذنا عليهم العهود والمواثيق على متابعة الرسول، ومناصرته ومؤازرته، واقتفاء آثاره، والإيمان بكل نبي يرسله الله إلى أهل الأرض،
أي: ففعلوا كما فعل اليهود؛ خالفوا المواثيق، ونقضوا العهود.
🥀
﴿ وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓا۟ إِنَّا نَصَٰرَىٰٓ أَخَذْنَا مِيثَٰقَهُمْ فَنَسُوا۟ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ ۚ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿١٤﴾ ]
فهذا نص في أنهم تركوا بعض ما أمروا به؛ فكان تركه سببا لوقوع العداوة والبغضاء المحرمين،
وكان هذا دليلا على أن ترك الواجب يكون سببا لفعل المحرم؛ كالعداوة والبغضاء.
🥀
﴿ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿١٥﴾ ]
أمرهم جميعاً أن يؤمنوا بمحمد ﷺ، واحتج عليهم بآية قاطعة دالة على صحة نبوته، وهي:
أنه بَيَّن لهم كثيراً مما يخفون عن الناس، حتى عن العوام من أهل ملتهم ...
فإتيان الرسول ﷺ بهذا القرآن العظيم الذي بَيَّن به ما كانوا يتكاتمونه بينهم -وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب- من أدل الدلائل على القطع برسالته.
🥀
﴿ يَهْدِى بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿١٦﴾ ]
أي: يهدي به من اجتهد وحرص على بلوغ مرضاة الله، وصار قصده حسناً، سبل السلام التي تسلم صاحبها من العذاب، وتوصله إلى دار السلام؛ وهو العلم بالحق والعمل به.
🥀
﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ۚ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿١٧﴾ ]
ولا وجه لاستغرابهم لخلق المسيح عيسى ابن مريم من غير أب؛
فإن الله يخلق ما يشاء: إن شاء من أب وأم كسائر بني آدم، وإن شاء من أب بلا أم كحواء، وإن شاء من أم بلا أب كعيسى، وإن شاء من غير أب ولا أم كآدم.
🥀
﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْـًٔا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُۥ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا ۗ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿١٧﴾ ]
لو كان المسيح إلها كما تزعم النصارى لكان له من الأمر شيء، ولقدر على أن يدفع عن نفسه أقل حال ولم يقدر على أن يدفع عن أمه الموت عند نزوله بها، وتخصيصها بالذكر مع دخولها في عموم من في الأرض لكون الدفع منه عنها أولى وأحق من غيرها،
فهو إذا لم يقدر على الدفع عنها أعجز عن أن يدفع عن غيرها.
🥀