الثالث عشر
﴿ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُوا۟ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَٰنًا وَقَالُوا۟ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ ﴾
[ سورة آل عمران آية:﴿١٧٣﴾ ]
🌷
(حسبنا الله ونعم الوكيل) كلمة يدفع بها ما يخاف ويكره, وهي التي قالها إبراهيم- عليه السلام- حين ألقي في النار، ومعنى «حسبنا الله»: كافينا وحده؛ فلا نخاف غيره، ومعنى: «ونعم الوكيل»: ثناء على الله، وأنه خير من يتوكل العبد عليه، ويلجأ إليه. (فانقلبوا) أي: رجعوا بنعمة السلامة، وفضل الأجر.
🌷
﴿ فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوٓءٌ وَٱتَّبَعُوا۟ رِضْوَٰنَ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾
[ سورة آل عمران آية:﴿١٧٤﴾ ]
لما فوضوا أمورهم إليه، واعتمدوا بقلوبهم عليه؛ أعطاهم من الجزاء أربعة معان: النعمة والفضل، وصرف السوء، واتباع الرضا، فرَضَّاهم عنه، ورضي عنهم .
🌷
﴿ إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
[ سورة آل عمران آية:﴿١٧٥﴾ ]
فالخائف من الله تعالى هو أن يخاف أن يعاقبه: إما في الدنيا، وإما في الآخرة، ولهذا قيل: ليس الخائف الذي يبكي ويمسح عينيه، بل الخائف الذي يترك ما يخاف أن يُعذب عليه
🌷
﴿ إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
[ سورة آل عمران آية:﴿١٧٥﴾ ]
أولياء الرحمن إذا ثبتوا لأجل الله أنجز الله لهم ما وعدهم من النصرة على أولياء الشيطان, ومن خاف من تخويفه وعمل بموجب خوفه ففيه ولاية له
🌷
﴿ وَلَا يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَٰرِعُونَ فِى ٱلْكُفْرِ ۚ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّوا۟ ٱللَّهَ شَيْـًٔا ۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِى ٱلْءَاخِرَةِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾
[ سورة آل عمران آية:﴿١٧٦﴾ ]
(إنهم لن يضروا الله شيئاً) تعليق نفي الضرر به تعالى تشريف للمؤمنين، وإيذان بأن مضارتهم بمنزلة مضارته سبحانه وتعالى.
🌷
﴿ مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ ﴾
[ سورة آل عمران آية:﴿١٧٩﴾ ]
(حتى يميز الخبيث من الطيب) بأن يفضح المبطل -وإن طال ستره- بتكاليف شاقة، وأحوال شديدة, لا يصبر عليها إلا المخلص من العباد, المخلصون في الاعتقاد.
🌷
﴿ مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ ﴾
[ سورة آل عمران آية:﴿١٧٩﴾ ]
ما كان الله ليدع المؤمنين مختلطين بالمنافقين، ولكنه ميز هؤلاء من هؤلاء بما ظهر في غزوة أحد من الأقوال والأفعال التي تدل على الإيمان، أو على النفاق، (وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) أي: ما كان الله ليطلعكم على ما في القلوب من الإيمان والنفاق.
🌷
﴿ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾
[ سورة آل عمران آية:﴿١٨٠﴾ ]
أخبر تعالى ببقائه ودوام ملكه، وأنه في الأبد كهو في الأزل؛ غني عن العالمين، فيرث الأرض بعد فناء خلقه وزوال أملاكهم، فتبقى الأملاك والأموال لا مدعى فيها. القرطبي: 5/442.
🌷
﴿ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا۟ وَقَتْلَهُمُ ٱلْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ﴾
[ سورة آل عمران آية:﴿١٨١﴾ ]
كانوا راضين بما فعل أوائلهم من قتل من قتلوا من الأنبياء، وكانوا منهم، وعلى منهاجهم من استحلال ذلك، واستجازته؛ فأضاف -جل ثناؤه- فعل ما فعله من كانوا على منهاجه وطريقته إلى جميعهم؛ إذ كانوا أهل ملة واحدة ونحلة واحدة، وبالرضى من جميعهم.
🌷
﴿ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا۟ وَقَتْلَهُمُ ٱلْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ﴾
[ سورة آل عمران آية:﴿١٨١﴾ ]
سلاه ربه في تكذيب المكذبين للرسل من قبله ليتأسى بهم؛ فموت النبي الكريم وقتله ممكن كما كان من قبله من إخوانه من الرسل. وختم بالإخبار بأنه وقع قتل كثير من الرسل, فكان ذلك محققاً؛ لأنه لا يصان من الموت خاص ولا عام.