السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته صحبة الخير
معكم ومع سيرة ذاتية جديدة من سور القرآن الكريم ومع سورة ق ..
🌿
تعريفٌ عامٌّ بسورة ق ..
سورة ق من السّور المكيّة التي نزلت قبل هجرة النَّبي عليه الصّلاة والسّلام باستثناء الآية الثَّامنة والثَّلاثين منها فهي مدنية،
وعدد آياتها خمسٌ وأربعون آيةً،
وهي السّورة رقم خمسين في ترتيب سور القرآن الكريم،
والسّورة الرّابعةُ والثّلاثون في ترتيب نزول السّور على الرَّسول عليه الصّلاة والسّلام،
وعدد كلماتها ثلاثُ مئةٍ وثلاثٌ وسبعون،
وقد نزلت بعد سورة المُرسلات وقبل سورة البلد،
وهي في الجزء السّادس والعشرين من القرآن الكريم.
🌿
سبب تسمية السُّورة ..
سُمِّيت السُّورة بهذا الاسم لابتدائها بالحرف الهجائي (ق)
والإبتداء بالأحرف الهجائيَّة المقطَّعة كما رجَّح ابن كثير بيان إعجاز القرآن الكريم وعظمته، وأنَّ الخَلق عاجزون عن الإتيان بمثله رغم أنَّه مكوَّنٌ من هذه الحروف المقطَّعة التي يتخاطبون بها،
والقاف حرفٌ قويٌّ من حروف الاستعلاء المجموعة في قولهم: (خصّ ضغطٍ قظ)
🌿
وممَّا يُدلِّل على ذلك ويؤكِّده أنَّ كلَّ السّور التي افتُتِحت بالحروف المقطَّعة تُبِعَت بآياتٍ تُبيّن إعجاز القرآن وتُعظِّمه وتنتصر له،
ومثل ذلك في سورة ق: (ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)،
وفي قول الله تعالى:
(الم ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)،
وغيرها من فواتح السّور التي ابتدت بالحروف الهجائيّة المُقطَّعة.
🌿
سبب نزول السّورة ..
ورد أنَّ اليهود كانت تقول: إنَّ الله خلق الخَلق في ستَّة أيامٍ، ثمَّ استراح في اليوم السَّابع وهو يوم السّبت يوم الرَّاحة عندهم، فأنزل الله تعالى قوله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ)،
فقد روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أَنَّ الْيَهُودَ أَتَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَتْ عن خلق السموات وَالْأَرْضِ فَقَالَ:
"خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَالِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَمَا فِيهِنَّ مِنَ الْمَنَافِعِ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ الشَّجَرَ وَالْمَاءَ وَخَلَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ السَّمَاءَ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ النُّجُومَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ"،
قَالَتِ الْيَهُودُ: ثُمَّ مَاذَا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ:
"ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ"، قَالُوا:
قَدْ أَصَبْتَ لَوْ تَمَّمْتَ ثُمَّ اسْتَرَاحَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَضَبًا شَدِيدًا، فَنَزَلَتْ:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ)).
🌿
فضل السّورة
فضل سورة ق
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقرأ سورة ق، ويداوم على قراءتها وخصوصا في صلاة الفجر، كما كان -عليه الصلاة والسلام-، يرددها أمام الصحابة على المنبر يوم الجمعة، لدرجة أن الصحابة -عليهم السلام- حفظوها من كثرة ترديد الرسول -صلى الله عليه وسلم- لها أمامهم.
🌿
كما رُوي عن أمِّ هشام بنت حارثة بن النعمان رضي الله عنها أنَّها قالت: (مَا حَفِظْتُ (ق) إِلاَّ مِنْ فِيّ رَسُولِ اللَّهِ -عليه الصّلاة والسّلام- يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ، قَالَتْ وَكَانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسُولِ اللَّهِ -عليه الصّلاة والسّلام- وَاحِدًا).
🌿
كان النّبي عليه الصّلاة والسّلام يُردّدها في صلاة عيدَي الفطر والأضحى، فقد روى عبيد الله بن عبد الله رضي الله عنهما:
(أنَّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سأل أبا واقدٍ الليثي -رضي الله عنه- عمَّا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -عليه الصّلاة والسّلام- فِى الأَضْحَى وَالْفِطْرِ فَقَالَ: كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِ (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) وَ (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ))،
🌿
تُعتبر سورة (ق) كما في الرّاجح عند المُفسّرين أنَّها أوَّل المُفصَّل في القرآن الكريم، ويُقصَد بالمُفصَّل سور القرآن القصيرة التي كَثُر الفصل بينها بالبسملة، فسورة (ق) هي حدُّ بداية المُفصَّل وأوَّله على الصّحيح من أقوال المُفسّرين.
🌿
محور مواضيع السورة ..
عالجت سورة ق عدة مواضيع من أهمها أصول العقيدة الإسلامية: "البعث، والوحدانية، والرسالة" ، ولكن المحور الرئيس التي تدور حوله السورة هو موضوع "البعث والنشور"، حيث عالجته السورة بالحجة وبالبرهان الناصع، وهذه السورة شديدة الوقع على الحس، تريح النفس وتهز القلب وتثيره، وفيها أيضا رعشة الخوف والإعجاب، بما فيها من ترهيب وترغيب.
🌿
كما فيها تحذير لليهود والكافرين من ثباتهم وبقائهم على كفرهم وطغيانهم، وكيف أن الغطاء ينكشف عن بصيرتهم وقلبهم، فيرون الحق حقا، وشبه الله -عز وجل- قوة بصرهم بالحديد.
غدا بحول الله وقوته نستكمل معاً سيرة ذاتية جديدة من سور القرآن الكريم ..
من إعداد ..
ليالي الرسول عتمان 🌷