دكتور خالد ممدوح

دراسات قانونية في عصر الذكاء الاصطناعي وتقنية الميتافيرس

حماية المستهلك في عقود التجارة الإلكترونية - دكتور / خالد ممدوح <!--?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /-->

- المفهوم العام لحماية المستهلك الإلكتروني :

      تكمن أهمية توفير الحماية للمستهلك لأنه الطرف الضعيف في التعاقد بينما المهنيون في مركز القوة في مواجهة المستهلكين ، وأيضا لأنه في المعاملات الإلكترونية يكون التعاقد عن بعد ولا يكون المنتج محل التعاقد بين يدي المستهلك .

     ونظراً للمخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها العملية الاستهلاكية في جميع مراحلها ولوقاية المستهلك من مخاطر ما يقتنيه من سلع وخدمات ولوقايته من شر الوقوع ضحية لنزعته الاستهلاكية ، لذلك وجب على القانون أن يتعرض لحماية المستهلك في المعاملات الإلكترونية لاستخراج الآليات اللازمة لإعادة التوازن في العلاقات الاستهلاكية بما يرفع ضرر والخطر عن المستهلك ، وليس ذلك على المستوي الوطني فقط بل أن المعاملات الإلكترونية ولأنها في الغالب تكون معاملات دولية تتم عن طريق شبكة المعلومات الدولية الإنترنت لا تعرف الحدود ومن ثم فهي تمتد لتشمل كافة أرجاء المعمورة مما يستدعي توحيد النظام القانوني الدولي بهدف التنسيق بين المراكز القانونية للمتعاقدين واتساع نطاق الحماية القانونية للمستهلك ، ومن هنا تظهر أهمية التعريف بالمستهلك والعملية الاستهلاكية قبل أن نبين ما هي الضمانات الواجب توفيرها له .

- مفهوم المستهلك في التجارة الإلكترونية Definition du Consommanteur

وعرف مشروع قانون الاستهلاك الفرنسي الصادر في 26 يوليو1993 المستهلكون بأنهم هم " الأشخاص الذين يحصلون أو يستعملون المنقولات أو الخدمات للاستعمال غير المهني . ولكن صدر القانون خالياً من أي تعريف للمستهلك .

       فالمستهلك الإلكتروني إذن : هو ذلك الشخص الذي يبرم العقود الإلكترونية المختلفة من شراء و أيجار وقرض وانتفاع وغيرها من أجل توفير كل ما يحتاجه من سلع وخدمات لإشباع حاجاته الشخصية أو العائلية دون أن يقصد من ذلك إعادة تسويقها ودون أن تتوافر له الخبرة الفنية لمعالجة هذه الأشياء وإصلاحها .

3-  حماية المستهلك في القانون المقارن

      أن حماية المستهلك ليست بالفكرة الحديثة على التشريعات الوضعية بل هناك كثير من  التشريعات المختلفة التي اهتمت بتوعية المستهلك وتنوير إرادته قبل أن يقدم على إبرام العقود بهدف حمايته في مواجهة المهني .

     كما أنشئت أيضا جمعيات تهدف إلى حماية المستهلك وهي جمعيات مدنية لا تهدف إلى تحقيق الربح وتتبع في دفاعها عن المستهلكين عدة طرق ومن أهمها التوعية والدعاية المضادة contre - publicite والامتناع عن الشراء Grève des Achats والامتناع عن الدفع Grève des paiement.

     ومن الدول من بادر بإصدار قانون خاص بالمعاملات التجارية الإلكترونية وضمنه نصوص خاصة بحماية المستهلك ومنها على سبيل المثال :

- قانون الاستهلاك الفرنسي

     أصدر المشرع الفرنسي قانون الاستهلاك الفرنسي الجديد رقم 949 – 93 الصادر في 62 يوليو 1993 وهو يتكون من خمس أجزاء تتعلق بإعلام المستهلك وحمايته وتنظيم جمعيات المستهلكين وتطابق وأمان المنتجات والخدمات .

     ولكن المشرع الفرنسي قبل إصدار هذا القانون كان قد وضع ترسانة هائلة من التشريعات والنظم الخاصة بحماية المستهلك وقد تمخض عن تلك القوانين نظام قانوني قائم بذاته لا يتردد البعض عن تسميته بالنظرية القانونية لحماية المستهلك .

- قانون التجارة الإلكترونية لدوقية لوكسمبورج :

     كما أنطوي قانون التجارة الإلكترونية لدوقية لوكسمبورج علي نصوص لحماية المستهلك وأهمها إعلام المستهلك بالمعلومات الخاصة بالمورد وبمواصفات السلع و الخدمات والعملة التي يتم بمقتضاها السداد ومدة العرض والسعر وشروط القرض وحق المستهلك في العدول عن التعاقد ، كما فرض قانون التجارة الإلكترونية بإيطاليا الموردين بإحاطة المستهلكين بالمواصفات التفصيلية للبضاعة أو الخدمة بما في ذلك الضرائب الإلكترونية في الوقت المناسب قبل إبرام العقد .

- قانون المعاملات والتجارة الإلكترونية لإمارة دبي

       صدر قانون المعاملات والتجارة الإلكترونية رقم (2) لعام 2002 لإمارة دبي بهدف إحلال الوسائل التقنية الحديثة في المعاملات التجارية محل الوسائل التقليدية ، وقد تضمن من بين نصوصه بيان المعاملات الإلكترونية وإنشاء العقود وصحتها ، إلا أن هذا القانون لم يبين قواعد حماية المستهلك في المعاملات الإلكترونية وماهية حقوقه باعتباره الطرف الضعيف في مواجهة التاجر المحترف ، ولعل المشرع قصد بذلك الرجوع إلى القواعد العامة .

        ومع ذلك فأننا نجد في دولة الإمارات العربية المتحدة ظهرت بعض الجمعيات التي تهدف إلى حماية المستهلك وهذه الجمعيات لا تهدف إلى تحقيق الربح وإنما تهدف إلى توحيد الجهود والخبرة لتوفير وسائل الدفاع عن مصالح المستهلكين ومنها جمعية الإمارات لحماية المستهلك والتي تتطابق أهدافها مع أهداف جمعيات حماية المستهلك في الدول الأوربية ، ومن أهم أهداف هذه الجمعية خلق وعي عام لدي المستهلك وإرشاده وتوعيته بمضار الإعلانات التجارة الخادعة والمضللة وإرشاده لكيفية التأكد من سلامة المواد الاستهلاكية والتأكد من إنها غير ممنوعة من التداول في بلد المنشأ لأي سبب يتعلق بصحة المستهلك وحمايته ، وقد تأسست هذه الجمعية في 11/3/1987 ومقرها مدينة الشارقة وتم إشهارها وفق القرار الوزاري رقم 246 لسنه 1981 وقد انضمت لعضوية الاتحاد الدولي للاستهلاك .

ثانياً : حماية المستهلك في توجيهات المجلس الأوربي

ولما كانت التعاقدات الإلكترونية تتم في الغالب على المستوى الدولي لذلك وجب العمل على وضع الوسائل القانونية المناسبة من أجل الحماية الدولية للمستهلك ، ولذلك أصدر المجلس الأوربي توجيهين في هذا الشأن ، التوجيه الأول ونص فيه على أن من أجل الحماية الدولية للمستهلك يجب عمل المؤتمرات الدولية للمعاملات التجارية الإلكترونية وخاصة فيما يتعلق بالمعاملات التجارية الإلكترونية التي تتم خارج أوربا ، كما صدر التوجيه الثاني بشأن القواعد التي تحدد ما هي المحكمة الأفضل للمستهلك وبصفة خاصة في ظل معاهدة روما الصادرة في 19 يوليه 1980 ، كما صدر التوجيه الأوربي رقم 13/93 الصادر في 5 أبريل 1993 بشأن حماية المستهلك من الشروط التعسفية التي تفرض عليه من جانب البائع المحترف كالشرط الذي يعفي البائع من ضمان العيوب الخفية ، كما صدر التوجيه الأوربي رقم 99/144 الصادر في 25 مايو 1999 بشأن حماية المستهلك في عمليات البيع وضمانات الأموال الاستهلاكية .

المصدر: د.خالد ممدوح ابراهيم، حماية المستهلك في عقود التجارة الإلكترونية، دار الفكر الجامعي،2017.

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

100,857