دكتور خالد ممدوح

دراسات قانونية في عصر الذكاء الاصطناعي وتقنية الميتافيرس

الأطار القانوني للتجارة الإلكترونية - دكتور / خالد ممدوح ابراهيم

 

إن أصل نشأة التجارة الإلكترونية من وراء المحيط الأطلنطي متمثلاً في الولايات المتحدة الأمريكية و انتشرت بعد ذلك في جميع أنحاء العالم ، كما بدأ الإنترنت من أمريكا وانتشر بعد ذلك في جميع أنحاء المعمورة .

       وقبل أن نتعرض لظهور التجارة الإلكترونية يجب أن نبين الهدف والفكرة الرئيسية منها فالهدف من التجارة الإلكترونية هو " خلق مجتمع المعاملات اللاورقية أي إحلال دعائم إلكترونية محل الدعائم الورقية " ، وهو ما يعني الاستغناء عن التعامل بالمستندات الورقية التقليدية ليحل محلها المستند الإلكتروني بعد أن تكشفت بعض سلبيات العمل بالمستندات الورقية خاصة في ظل ثورة الاتصالات و المعلومات التي يشهدها عالمنا المعاصر ومن هذه السلبيات بطء حركة المستندات الورقية ، واحتمال تأخير إجراءات الجمارك وتعرض البضاعة لخطر الفساد والتلف وأيضاً قابلية محفوظات المستندات الورقية للتضخم وشغلها مزيداً من غرف الحفظ بالإضافة إلي صعوبة تداولها.

 

          وتهدف التجارة الإلكترونية أيضاً إلي تحسين كفاءة العملية التجارية مع خفض التكاليف في توسع الأسواق ، كما تهدف أيضاً إلي توفير المعلومات عن الأسعار والأسواق فهي تعطي للمستهلك مساحة أكبر للاختيار و تخفيض السعر فهي في الواقع سوق عالمي يتم فيه تداول جميع السلع والمنتجات علي شاشة الحاسب الآلي .

 

         أما الفكرة الرئيسية للتجارة الإلكترونية تدور حول تجميع البائعين والمستهلكين في معارض أو مراكز تجارية أو فترينات تجارية افتراضية ، وتنقسم هذه المراكز إلى قسمين  القسم الأول يمكن الدخول إليه دون حاجة لإجراءات معينة ولكنه يسمح بالاطلاع والتجول والإبحار فقط من أجل التعرف على السلع والخدمات المعروضة فقط دون الشراء .

القسم الثاني الذي لا يستطيع الدخول إليه إلا بعد اتباع إجراءات معينة تستهدف التحقق من شخصية الزائر وتسجيله والتي تتلخص في أن يذكر رقم البطاقة الائتمانية ، أو يستخدم حافظة النقود الإلكترونية ، وذلك بهدف تيسير الوفاء وأن يكون له توقيع إلكتروني ذو شفرة خاصة  وذلك بهدف أن يعتمد التصرفات التي يبرمها .      

 

خصائص التجارة الإلكترونية

 

        تتميز التجارة الإلكترونية بعدد من الخصائص التي تختلف فيها وتتميز عن التجارة التقليدية حيث تتميز التجارة الإلكترونية بسرعة وسهولة الاتصالات وإمكانية إبرام الصفقات التجارية الإلكترونية بين الأطراف المتعددة في مجالات التجارة والخدمات والمعاملات المالية والنقدية مما يوفر الوقت والتكلفة ، كما تسهل الحصول على المعلومات اللازمة للوصول إلى الأسواق وتعتمد التجارة الإلكترونية وبشكل أساسي على شبكات الاتصالات والمعلومات والتي من أهمها الإنترنت ، ويمكن أن نحدد ست خصائص رئيسية مميزة لها وهى على النحو التالي :

 

1 – اختفاء الوثائق الورقية في المعاملات التجارية

        تتميز المعاملات التجارية الإلكترونية بعدم وجود أية وثائق ورقية متبادلة في إجراء المعاملات ، إذ أن كافة الإجراءات والمراسلات بين طرفي المعاملات تتم إلكترونياً دون استخدام أي أوراق ، وهو ما يتفق مع الغرض من التجارة الإلكترونية وهو خلق مجتمع المعاملات اللاورقية ، وبالتالي سوف تحل الدعائم الإلكترونية محل الدعائم الورقية وهكذا تصبح الرسالة الإلكترونية هي السند القانوني الوحيد المتاح لكلا الطرفين في حالة نشوء أي نزاع بينهما ، وهو ما يثير موضوع أدلة الإثبات الإلكترونية وأثرها كعائق أمام نمو التجارة الإلكترونية .

 

2 – عدم إمكانية تحديد هوية المتعاقدين

       تتيح شبكة الإنترنت للمنشاَت التجارية إدارة معاملاتها التجارية بكفاءة من أي مكان في العالم ، ذلك أن مقر المعلومات الخاص بالشركة يمكن أن يتواجد في أي مكان دون أن يؤثر ذلك على الأداء ، ولكن قد يترتب على هذا الانفصال المكاني بين أطراف التعاملات التجارية الإلكترونية عدم معرفتهم بكافة المعلومات الأساسية عن بعضهم البعض كما هو الحال في التعاملات التجارية التقليدية ، حيث لا يعرف أي منهما درجة يسار الآخر وعما إذا كان موسر أم معسر وعما إذا بلغ سن الرشد أم ناقص الأهلية .

 

3 - تسليم المنتجات إلكترونيا

       أتاحت شبكة الإنترنت إمكانية تسليم بعض المنتجات إلكترونياً أي التسليم المعنوي للمنتجات ، مثل برامج الحاسب ، التسجيلات الموسيقية ، أفلام الفيديو ، الكتب ، الأبحاث والتقارير الإلكترونية ، إلى جانب بعض الخدمات مثل الاستشارات الطبية أو الهندسية  وهو ما يخلق تحدياً أمام السلطات المختصة حيث لا يوجد حتى الآن آليات متفق عليها لإخضاع المنتجات الرقمية للجمارك أو الضرائب إذ قد يستغل البائعون ذلك للتهرب من سداد الجمارك والضرائب بعدم تسجيل هذه التعاملات في الدفاتر المحاسبية الرسمية .

 

4 – غياب العلاقة المباشرة بين الأطراف المتعاقدة

       تدور المساومات والمفاوضات بين طرفي التعاقد في مجلس التعاقد للاتفاق على تفاصيل العقد المراد إبرامه بينهما ، وقد يحتاج إبرام العقد جلسة واحدة أو عدة جلسات لحين الاتفاق على شروط وتفاصيل العقد ، أما في عقود التجارة الإلكترونية فلا يكون هناك مجلس للعقد بالمعنى التقليدي ، فقد يكون البائع في مكان والمشترى قد يبعد عنه بآلاف الأميال ،وقد يختلف التوقيت الزمني أيضاً بين مكاني البائع والمشترى .

 

      وقد يغيب العنصر البشرى تماماً وتقوم أجهزة الكمبيوتر بالتراسل فيما بينها وهو ما يعرف بالتعاقد بالوكيل الإلكتروني وهو ما دفع البعض إلى القول أن التجارة الإلكترونية لها تأثير سلبي على العلاقات الاجتماعية بين الأفراد نتيجة غياب العلاقات الحميمة بين المتعاقدين ، حيث يستطيع كل شخص الحصول على احتياجاته الضرورية من مأكل وملبس وغيرها عن طريق الإنترنت ودون الخروج حتى من منزله .

 

5 - وجود الوسيط الإلكتروني

       والوسيط الإلكتروني بين طرفي التعاقد هو جهاز الكمبيوتر والمتصل بشبكة الاتصالات الدولية التي تقوم بنقل التعبير عن الإرادة إلكترونياً لكل من الطرفين المتعاقدين في ذات اللحظة رغم انفصالهم مكانياً ، وعادة ما تصل الرسالة الإلكترونية في ذات اللحظة إلى الطرف الآخر ، إلا إذا قد حدث عطل في الشبكة أو انهيار لها فقد لا تصل الرسالة أو تصل مغلوطة أو غير مقروءة ، وهنا قد تثور مسئولية مقدم خدمة الإنترنت عن عدم وصول الرسالة أو وصولها متأخرة أو وصولها في الميعاد ولكن يوجد بها غلط أو تحريف.   

6 – السرعة في إنجاز الصفقات التجارية

      تساهم التجارة الإلكترونية بشكل فعال في إتمام العمليات التجارية بين الطرفين على وجه السرعة إذ تتم الصفقات التجارية دون حاجة لانتقال الطرفين والتقائهما في مكان معين وفى ذلك توفير للوقت والجهد والمال .

7 – التفاعل الجماعي بين عدة أطراف

     التفاعل الجماعي بمعني أنه يستطيع أحد أطراف المعاملة إرسال رسالة إلكترونية إلي عدد لا نهائي من المستقبلين في نفس الوقت و دون الحاجة لإعادة إرسالها في كل مرة وفي هذا المجال توفر شبكة الإنترنت إمكانيات بلا حدود للتفاعل الجمعي بين فرد  ومجموعة وهو شىء غير مسبوق في أي أداة تفاعلية سابقة .

 

 

أشكال التجارة الإلكترونية

       إن التجارة الإلكترونية يمكن أن ينظر إليها على أنها مفهوم متعدد الأبعاد ويمكن أن تتم من خلال ستة أشكال ولعل أهمهما التجارة الإلكترونية بين وحدة أعمال ووحدة أعمال والتجارة الإلكترونية بين وحدة أعمال ومستهلك نتناولها على النحو التالي :

 

1- التجارة الإلكترونية بين منشأة تجارية ومنشأة تجارية ( (Business To Businessويرمز لها بالرمز (B2B) ويقصد بهذا النوع أن تتم المعاملات التجارية بين المنشَات التجارية بعضها وبعض ، باستخدام شبكة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وهذا الشكل هو أكثر أنواع التجارة الإلكترونية شيوعاً في الوقت الحالي سواء داخل الدولة أو بين الدول وبعضها ويستخدم بهدف خفض التكاليف وزيادة الكفاءة للعملية التجارية وتحقيق معدل أعلى من الأرباح .

2- التجارة الإلكترونية بين منشأة تجارية ومستهلك ( Business To Customer ) ويرمز لها بالرمز ( B2C ) وهذا الشكل أنتشر بشكل كبير ويستخدم من قبل العميل لشراء المنتجات والخدمات عن طريق الوب Web حيث أصبح هناك ما يسمى المراكز التجارية على الإنترنت ( Shopping Malls ) أو المراكز الافتراضية ( Virtual Malls  ) وهى تقدم كافة أنواع السلع والخدمات ، ويستخدم هذا الشكل من قبل المنشأة التجارية للوصول إلى أسواق جديدة .

 

3 – التجارة الإلكترونية بين منشأة تجارية والإدارة الحكومية (Business To Administration وهى تغطى جميع التعاملات التي تتم بين وحدات الأعمال والإدارات الحكومية مثال ذلك : ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية وكندا من عرض الإجراءات واللوائح ونماذج المعاملات على الإنترنت بحيث تستطيع الشركات أن تطلع عليها بطريقة إلكترونية وأن تقوم بأجراء المعاملة إلكترونياً دون حاجة للتعامل مع مكتب حكومي .

 4 - التجارة الإلكترونية بين المستهلكين والإدارة الحكومية (Administration To Customer ) بدأ هذا الشكل في الانتشار في الآونة الأخيرة في  كثير من الدول  ومثال ذلك  دفع الضرائب إلكترونيا كما في ماليزيا .

5 – التجارة الإلكترونية من مستهلك إلى مستهلك ( Customer To Customer ) وهو ما يعبر عنه ( C2C ) وقد ظهر هذا الشكل مع ذيوع استخدام الإنترنت وظهور التقنيات الحديثة الخاصة بشبكة الإنترنت والنوع الرئيسي لهذا الشكل هو المعاملات بين المستهلكين عن طريق الرف الإلكتروني حيث يقوم المستهلك بتقديم البضائع إلى المزاد فيستطيع المستهلكون الآخرون أن يزايدوا على الثمن .

       ويقوم الرف الإلكتروني بالخدمة كوسيط حيث يجعل من الممكن للعملاء أن يضعوا بضائعهم للبيع على الموقع الإلكتروني الخاص بالرف الإلكتروني (E Bay) وهذا الشكل يهدد التجارة الإلكترونية التي تتم بين وحدة الأعمال والمستهلك .

   6– يرى جانب من الفقه الأمريكي أن هناك شكلاً سادساً للتجارة الإلكترونية وهو التجارة الإلكترونية البينية داخل المنظمة الواحدة commerce- Intra-organizational-e ويشمل ذلك المنظمات العالمية التي تستخدم تكنولوجيا الإلكترونيات للاتصال بين فروعها أو أقسامها أو الشركات التابعة لها . 

  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 1375 مشاهدة
نشرت فى 24 ديسمبر 2008 بواسطة KhaledMamdouh

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

101,505