إجراءات التقاضي عن بعد

في المواد المدنية والجزائية

في ضوء القانون الاتحادي لدولة الأمارات العربية المتحدة

رقم ( 5 ) لسنة 2017 

 في شأن استخدام تقنية الاتصال عن بعد  في الإجراءات الجزائية

في ضوء قرار مجلس الوزراء رقم ( 57) لسنة 2018

في شأن اللائحة التنظيمية

وقرار وزير العدل رقم (260 ) لسنه 2019  في شأن

تنظيم التقاضي باستخدام الوسائل الإلكترونية

دكتور /خالد ممدوح إبراهيم

 مقدمة:

يعتبر التقاضي عن بعد – أو التقاضي الإلكتروني - من أهم تطبيقات التطور العلمي والتقني في مجال العدالة ، وأحد إفرازات ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، على اعتبار أن تطبيق التكنولوجيا في الادارة القضائية بالشكل الصحيح والتدريجي له أثر إيجابي وفعال في تطوير المنظومة القضائية ، ويشمل هذا الأثر سرعة انجاز المعاملات القضائية ، وتوحيد وتبسيط إجراءات التقاضي ، والقضاء علي العدالة البطيئة ، والمساهمة في أمن المعلومات بحفظها في سجل إلكتروني وأتاحه الاطلاع عليها للأشخاص المصرح لهم ، أضافة الى ضمان جودة العمل ومواكبة التطور .

لقد تولد عن ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات العديد من التطبيقات التي أثرت بدرجة كبيرة على عدد من أوجه النشاط الاجتماعي والاقتصادي، كان من أهمها ظهور التجارة الإلكترونية E-Commerce، والحكومة الإلكترونية، E-Government، والتعليم عن بعد Distance-Learning، وكان من أثارها أيضاً التقاضي الإلكتروني أو رفع الدعاوى عن بعد E-File a Case.

ويعتبر مفهوم التقاضي الالكتروني حديثاً نسبياً، بحيث يكاد ينعدم تقريباً استخدام هذا المصطلح في العلوم القانونية والقضائية وكليات القانون.

في الواقع أن التقاضي الالكتروني ، ظهر عند بداية الألفية الثالثة كمصطلح، ويعد أخر ما توصل إليه العقل البشري من إبداع في فقه القانون في ظل التقدم التكنولوجي المعاصر ، لما له من انعكاس إيجابي على عملية التقاضي بصورة عامة، من خلال استثمار الوقت بإتباع إجراءات حديثة ومتطورة من أجل تحقيق العدالة بين المواطنين بأقصر الطرق وأسرعها، كما  ينجم عنه توسع دائرة التقاضي ليشمل مناطق خارج نطاق الاختصاص المقرر سابقا بموجب القانون ليصل إلى مناطق بعيدة ، وعن طريقه يمكن تجاوز مشكلة البعد الجغرافي بين المدن وتكاليفها الباهظة .

وفي رأينا الشخصي يمكن أن نعرف التقاضي الإلكتروني بأنه " تكليف شخص بالمثول أمام القضاء ليقتضي من خصمه حقاً ثابتاً أو مزعوماً باستخدام وسائل إلكترونية وعبر شبكة اتصالات ومن خلال تقنية الاتصال عن بعد ".

ووفقاً لهذا التعريف فإن المتقاضي أو المحامي عند رغبته في إقامة الدعوى بطريقة إلكترونية سوف يرسل صحيفة الدعوى عبر البريد الإلكتروني من خلال موقع إلكتروني مخصص لهذا الغرض ، وهذا الموقع متاح أربعة وعشرون ساعة يومياً لمدة سبعة أيام في الأسبوع ، حيث تستلم هذه المستندات بمعرفة الشركة القائمة علي إدارة هذا الموقع ثم تقوم بإرساله إلي المحكمة المختصة ، حيث يتسلمه الموظف المختص بقلم كتاب المحكمة ويقوم بفحص المستندات ، ثم يقرر قبول هذه المستندات أو عدم قبولها ويرسل للمتقاضي رسالة إلكترونية يعُلمه فيها باستلام مستنداته والقرار الصادر بشأنها .

أولاً: مفهوم مصطلح رفع الدعوى إلكترونياً

يعتبر مصطلح "  " e-filingمصطلحاً عاماً يقصد به تسجيل المستندات الكترونياً وتبادل البيانات والوثائق الالكترونية بنمطيات وأساليب موحدة ، كما يستخدم أيضا ليعرف إرسال الوثائق الكترونياً كعنصر أساسي في المحكمة ، كما يستخدم المصطلح لتعريف تسجيل أراء وأوامر المحكمة إلكترونياً ، أو إرسال مختصرات بالأقراص المرنة أو حتى الإرسال البسيط للوثائق كملحقات للبريد الالكتروني .

كما يستخدم مصطلح "e-filing" في مجال إجراءات التقاضي ورفع الدعاوى أمام المحاكم ، بمعني إمكانية رفع الدعاوى عن بعد في المحاكم المختلفة " E-File a Case " .

ثانياً: استخدام هندسة الأنطولوجيا القانونية في التقاضي الالكتروني 

نتناول في هذا المجال تعريف المقصود بمصطلح الأنطولوجيا ، ثم نبين استخدام الأنطولوجيا في التقاضي الالكتروني، ثم نتناول أنشاء أنطولوجيا التقاضي الإلكتروني ، وذلك علي النحو التالي .

(أ) : تعريف مصطلح الأنطولوجيا القانونية<!--

يقصد بمصطلح الأنطولوجيا  Ontology باليونانية  "الكينونة " أو علم الوجود ، ويدرس هذا العلم الكينونة being أو الوجود existence ، إضافة إلى أصناف الوجود الأساسية في محاولة لتحديد وإيجاد أي كيان أو كينونة entities .  

وتعرف الأنطولوجية Ontology أو هندسة الأنطولوجيات بأنها " أحد فروع علم هندسة البرمجيات والمعلوماتية، وهي حقل جديد يدرس أساليب ومنهجيات لبناء أنطولوجيات التمثيل الرسمي لمجموعة من المفاهيم ضمن مجال والعلاقات بين هذه المفاهيم " .

وحديثاً تطور أستخدام هذا المصطلح حيث أصبح يستخدم لفئات الأشياء التي قد توجد في نطاق أو مجال معين domain ، وللإشارة الى المعرفة المشارك فيها من قبل أشخاص يعملون في ميدان موضوعي معين مثال ذلك المجال القانوني .

والأنطولوجيا تعتبر الحجر الأساسي للتبادل السليم والفعال للبيانات والمعلومات المتداولة عبر شبكة الإنترنت ، حيث تحتوي على تعريف دقيق للمعنى الدلالي للبيانات ، أي تحتوي علي تعريف للمصطلحات المُراد تبادلها حيث تكتب ھذه التعريفات بلغة المنطق Formal Logic لكي يستطيع أي نظام أن يفهمها بل والأستنتاج منها .

وتهدف الانطولوجيا إلي تحدد طبيعة الواقع reality ، وتحديد المفاهيم والكيانات والمصطلحات والفئات في ميدان معين من أجل وضع نموذج محدد للعلاقات بينها أو صياغتها.

والانطولوجيا قد تكون بسيطة مثل تطبيق خاص بتعريفات معينة , أو قد تكون تقسيماً أو تصنيفاً هرمياً أكثر تعقيداً للمفاهيم والفئات , أو بوصفها حلاً تكنولوجيا للمشكلات القائمة على الدلالة( Semantics)  للمشاركة في المعلومات .

وهناك نوعان من الانطولوجيا :

1- أنطولوجيا المجال المحدد: التي تمثل المعاني المحددة للمصطلحات مثلما تنطبق في ذلك الميدان ، مثل مشروع الأنطولوجيا في مجال الزراعة         Agricultural Ontology Services (AOS) ، الصادر عن المركز العالمي للمعلومات الزراعية التابع لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) .

2- الأنطولوجيا العامة  Ontology Upper: وتمثل المعرفة الممتدة عبر المجالات والميادين، وهي نموذج للأشياء العامة التي تمتد عبر مدى عريض من أنطولوجيات الميادين، وهذه الأنطولوجيات تكون شاملة لكنها غير مفصلة، مثل شبكة الكلمات Word Net أو الأنطولوجيات اللغوية التي تهدف إلى وضع إطار عام لكل الفئات التي تواجهنا.

(ب) : تطور استخدام مصطلح الأنطولوجيا القانونية

 في بداية الألفية الثالثة بدأ استخدم المصطلح في مجال علم تكنولوجيا المعلومات للدلالة على كتل البناء blocks building التي تستخدم لمساعدة أجهزة الكمبيوتر والبشر في المشاركة في المعرفة .

وقد ظھر في السنوات العشر الأخيرة الكثير من التطبيقات التي تعتبر فيھا الأنطولوجيا بالغة الأھمية مثل الحكومات الإلكترونية، التجارة الإلكترونية، ومحركات البحث ، المكتبات الإلكترونية ، وغيرھا من التطبيقات .

وفي رأينا الشخصي نري أنه يمكن عن طريقها الأنطولوجيا أنشاء تطبيقات Application  ومحركات بحث  Search Engineخاصة بمصطلح التقاضي الإلكتروني ومصطلح المحكمة الإلكترونية ، تربط بين المصطلحات ذات الصلة بهذه الموضوعات مثال ذلك ، مصطلح الدعوي الإلكترونية ، والإيداع الإلكتروني ، والسداد الإلكتروني ، والتحكيم الإلكتروني ، والعقد الإلكتروني مما يسهل علي المتقاضين والمحامين عملية التعامل مع عملية التقاضي الإلكتروني وفهم خطواتها وإجراءاتها .

للتواصل مع المؤلف دكتور خالد ممدوح

البريد الالكتروني: [email protected]

<!-- - د . خالد ممدوح إبراهيم ، الدعوي الإلكترونية وإجراءاتها أمام المحاكم ، دار الفكر الجامعي، 2018 ، ص189 .