قال رئيس مجموعة البنك الدولي روبرت زوليك أن الأزمة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حالياً تظهر أن زيادة مشاركة المواطنين وتحسين أسلوب إدارة الحكم عنصران جوهريان من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية بالمنطقة .
وأكد زوليك في كلمته التي ألقاها أمام معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن العاصمة بعنوان " منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا : عقد اجتماعي جديد من أجل التنمية " ونقلها موقع البنك الدولي على الشبكة العنكبوتية ، "رسالتنا إلى البلدان المتعاملة معنا ، أياً كانت أنظمتها السياسية، هي أنه لا يمكن لجهود التنمية أن تكلل بالنجاح في غياب الحكم الرشيد ومشاركة المواطنين "
وجزم رئيس مجموعة البنك الدولي إن " مواطني المنطقة يريدون عقداً اجتماعياً جديداً، ويريدون العيش بكرامة. ويريدون أن يحظوا بالإحترام. وإذا كن نساءً فيردن الحقوق نفسها كاملة غير منقوصة ".
وأضاف أن "البنك الدولي لن يعمل على تشجيع الإصلاحات المؤسسية فحسب،ولكنه سينظر أيضاً في تقديم المزيد من الدعم للمجتمع المدني باعتبار ذلك وسيلة لجعل الحكومات أكثر خضوعاً للمساءلة أمام مواطنيها
وقال زوليك "رسالتنا إلى البلدان المتعاملة معنا ، أياً كانت أنظمتها السياسية، هي أنه لا يمكن لجهود التنمية أن تكلل بالنجاح في غياب الحكم الرشيد ومشاركة المواطنين ".
وأكد أن " البنك الدولي سيعمل على تشجيع الحكومات على نشر المعلومات ، وسن قوانين تنظيم حرية تداول المعلومات، والإفصاح عن إجراءات إعداد موازناتها وعمليات التوريدات والمشتريات أمام الجمهور، واستحداث وظائف مراجعة مستقلة، ورعاية إصلاحات أجهزة العدالة"
ولفت زوليك إلى أن "البنك الدولي ولن يقدم قروضاً مباشرة لتمويل الموازنات في البلدان التي لا تنشر موازناتها، أو تلتزم،على الأقل في بعض الحالات الاستثنائية، بنشر موازناتها خلال فترة لا تتجاوز 12 شهرا "
وأشار زوليك في كلمته التي تأتي قبل اجتماعات الربيع إلى أن البنك الدولي لم يتناول قضايا مثل مكافحة الفساد والمساواة بين الجنسين والشفافية في الماضي نظراً لاعتبارها تدخلاً في الشؤون السياسية
إلا أنه أكد أن " هناك إقراراً على مدى العشرين عاماً الأخيرة بأن هذه القضايا أصبحت عنصراً بالغ الأهمية لنجاح التنمية، وأنها تُعتبر الآن جزءاً من سياسات البنك ".
وأوضح رئيس مجموعة البنك الدولي أن هناك " إقراراً بأن مشاركة المواطنين والحكم الرشيد هما اليوم عنصران أساسيان لتحقيق النجاح الاقتصادي ".
وقال زوليك " ربما كانت السياسة، كما نراها، مسؤولة عن جانب من ذلك، لكن معظمه بالتأكيد يتعلق بالرشد الاقتصادي وحسن التدبير؛ فهي أمور في معظمها مفيدة، كما نعلم، في مكافحة الفساد، وفي تحقيق التنمية المستدامة التي تشمل الجميع".
وأشار إلى أن " الحكم الرشيد لن يتأتى في ظل غياب مشاركة نشطة وفاعلة من جانب المواطنين، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث لم يحقق التحديث سوى نجاح جزئي، وظلت المؤسسات جامدة متصلبة والمؤسسات، أياً كانت طريقة إصلاحها، في حاجة للمواطنين لضمان خضوعها للمساءلة " .
وأكد زوليك أن هناك " دورا مهما ينبغي للمجتمع المدني القيام به في هذا الصدد. لكن منظمات المجتمع المدني لا تزال في طور البداية في معظم مناطق العالم النامية، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ".
ولفت زوليك إلى أنه " من الضروري أن ينظر البنك الدولي الآن في كيفية تقديم المساندة لمنظمات المجتمع المدني، مثلما جرى على مدى الستين عاماً الأخيرة إذ قام بتوسيع تفويضه الأصلي الذي كان مقتصراً على تقديم التمويل إلى الحكومات بحيث أصبح يشمل أيضاً مساندة القطاع الخاص " .
وطبقا لرئيس مجموعة البنك الدولي ، فإن " البنك الدولي يعمل حالياً مع منظمات المجتمع المدني والمستفيدين من مشروعاته في أكثر من نصف عملياته الجديدة ".
لكن زوليك اقترح أن يقوم البنك الآن بدراسة اتخاذ خطوات أخرى من خلال إنشاء برامج أو إضافة قدرات جديدة بغرض المساعدة في تقوية قدرات منظمات المجتمع المدني التي تسعى إلى تعزيز المساءلة والشفافية في تقديم الخدمات.
وأضاف " الآن، ربما حان الوقت للاستثمار في مؤسسات القطاع الخاص غير الهادفة للربح ومنظمات المجتمع المدني، وذلك بغرض المساعدة في تقوية قدرات المنظمات العاملة في مجالات تعزيز الشفافية والمساءلة وتقديم الخدمات " .
ورأى زوليك أنه " قد حان الوقت أن يقوم البنك الدولي، مع مديريه التنفيذيين والبلدان المساهمة، بدراسة ما إذا كان البنك بحاجة إلى قدرات أو برامج جديدة يمكنها حشد الدعم من البلدان ومؤسسات العمل الخيري وغيرهما بغرض تقوية قدرات منظمات المجتمع المدني التي تعمل على تعزيز المساءلة والشفافية في تقديم الخدمات ".
وقال إنه " يمكن للبنك الدولي أن يعطي أولوية للبلدان الواقعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء. ويمكننا دعم هذا العمل برأس مال أولي لبدء عمله، ومن خلال تبادل المعرفة والبحوث التي تستهدف تحسين البيئة المواتية من أجل ترسيخ المساءلة الاجتماعية ".
وأشار رئيس مجموعة البنك الدولي في إطار استعراضه للأداء الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أن المنطقة غير مندمجة اندماجاً فاعلاً في الاقتصاد العالمي، فهي تشهد أعلى معدلات للبطالة على مستوى مناطق العالم النامية؛ وأعلى معدلات للبطالة بين أوساط الشباب الأكثر تعليماً؛ وأدنى معدلات للمشاركة الاقتصادية للمرأة.
وقال أن " حكوماتها تواجه الآن توقعات هائلة لتوفير فرص عمل بسرعة في منطقة تصل التكلفة المباشرة للفرص البديلة للبطالة بين الشباب، وفقاً للتقديرات، إلى 50 مليار دولار سنويا "ً.
وقال زوليك إن " المنطقة بحاجة لخلق 40 مليون فرصة عمل على مدى السنوات العشر المقبلة "...وشدد على ضرورة اتخاذ بلدان المنطقة قرارات في مجال السياسات تتعلق بسبل تعزيز خلق فرص العمل وزيادة الإنتاجية وتحسين الاندماج في الاقتصاد العالمي.
وأكد أن هذا " سيعني ضرورة انفتاح هذه البلدان وحصولها على الدراية الفنية ووسائل التكنولوجيا وأنظمة الصناعات التحويلية والنظم اللوجستية من الخارج، سواء أكان ذلك عن طريق استثمارات أجنبية، أم عقود تراخيص، أم غير ذلك من علاقات وأشكال العمل، وذلك حتى تتمكن من إخراج اقتصادات المنطقة من تقوقعها، وإزالة الحواجز أمام اندماجها في الاقتصاد العالمي".
وأضاف زوليك أن "هناك العديد من الطرق لتحقيق الرخاء والازدهار، لكن يتعين السير في إحداها؛ فالتقاعس عن القيام بما يلزم لا يؤدي إلى شيء".
ساحة النقاش