التلفزيون الاسرائيلي : صفوت الشريف مُتورط بـ اغتيال <<سعاد حسني>>
اتهم الصحافي العربي والمحرر الخاص بالشؤون الفنية في التلفزيون الإسرائيلي شادي بلان رئيس مجلس الشورى المصري السابق صفوت الشريف بالتورُّط في اغتيال الفنانة سعاد حسني في شقتها بلندن.
وأشار بلان إلى أن تورُّط الشريف في قتل سندريلا السينما العربية، جاء عقب علمه بنيتها كتابة مذكراتها وكشف الدور السري الذي أدَّته في العمل مع جهاز المخابرات المصري خلال الستينيات من القرن الماضي، حسب صحيفة 'الأهرام' الاثنين 4 إبريل/نيسان.
وأبرز التليفزيون الإسرائيلي قرار النائب العام المصري عبد المجيد محمود إعادة فتح باب التحقيق في مقتل السندريلا، مشيرًا إلى أن خطورة وحساسية هذا القرار تنبع من تردد شائعات تزعم تورط الشريف في هذه العملية.
من ناحية أخرى، أشارت الإذاعة الإسرائيلية، في تقريرٍ لها، إلى أن أهمية هذه التحقيقات تنبع من الكشف عما سمَّتها 'الأدوار السرية' التي قام بها في الماضي كثير من الفنانين عندما عملوا مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المصرية.
وأضافت أن كثيرًا من هؤلاء الفنانين كانت توكل لهم مهام سرية غير معروفة، وهي المهام التي كانت تنصب على الاستفادة من شعبيتهم في الشرق الأوسط؛ لمعرفة المعلومات السرية من القادة والزعماء العرب.
تجدر الإشارة إلى أن عبد اللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار السابق بالتلفزيون المصري، نفى أية علاقة له بكتابة مذكرات الفنانة الراحلة سعاد حسني، والتي يعتقد البعض أنها السبب في رحيلها المفاجئ في لندن.
وقال المناوي: 'كانت الفنانة سعاد حسني من أهم الأصدقاء لي ولأسرتي، وكانت تزورنا في لندن كثيرًا جدًّا، وتجلس مع زوجتي وأولادي، وكنا على اتصال دائم بها. سعاد كانت من أحب الشخصيات لي، ورفضت كثيرًا الحديث عن هذه الصداقة؛ فهي كانت على مستوى إنساني'.
وذكرت تقارير صحفية أن السلطات المصرية تنوي في الأيام المقبلة إرسال طلب إلى هيئة الأمن البريطاني 'سكوتلانديارد' لفتح تحقيق من جديد، وللمرة الثالثة، في قضية مقتل سعاد حسني.
ويأتي هذا القرار على خلفية تقديم السيدة جانجاه حسني شقيقة السندريلا الصغيرة معلومات وإفادات أشارت فيها إلى أن شقيقتها كانت ستكتب مذكراتها لفضح عدد من الساسة وخصوصا صفوت الشريف، وهو ما تسبب بالتدبير لقتلها لتدوَّن الحادثة على أنها انتحار.
هآرتس : إذا سقط الاسد!
إن محاولة تقدير تأثيرات موجة المظاهرات في العالم العربي تُذكر بشوان لي، رئيس حكومة الصين لعهد ماو تسي تونغ. عندما سُئل عن رأيه في الثورة الفرنسية أجاب انه ما زال من السابق لأوانه جدا ان نعرف. ومعلومة قول صموئيل غولدوين 'لا تُسمعوا أبدا تنبؤات ولا سيما فيما يتعلق بالمستقبل'. يمكن ان نضيف الى ذلك القول فيما يتعلق أساسا بمستقبل الشرق الاوسط. إن خبراء بالمنطقة تجاهلوا الحذر المطلوب تجرأوا على التنبؤ بالوجهة التي تفضي اليها الأحداث ووجدوا أنفسهم خزايا بعد 24 ساعة أو 48.
يخطىء الساسة احيانا ايضا. تذكرون كيف أطرى ايهود باراك بعد ان انتُخب رئيسا للحكومة على حافظ الاسد الذي سماه 'باني سورية الحديثة' ـ سورية التي حكمها الاسد بقسوة مدة سنين بوسائل قمع قاسية. بقيت سورية 'الحديثة' دولة من العالم الثالث طوال حكم الاسد الفاسد كله، وأورث ابنه بشار دولة بائسة. أما ايهود اولمرت فأخطأ فهم التطورات في تركيا وطلب الى رئيس حكومتها، رجب طيب اردوغان 'صديق اسرائيل الكبير'، ان يكون وسيطا 'محايدا' بينها وبين بشار الاسد.
لهذا من المناسب ان نحذر جدا عندما نثير تخمينات تتعلق باتجاه الأحداث الحالية. لكن ألا نستطيع بمحاولتنا استراق النظر الى المستقبل إزاء الأحداث الحاسمة أن نلاحظ شيئا ما وأن نُخمن ماذا سيكون تأثيرها في اسرائيل؟.
إن موجة المظاهرات التي تسوق أجزاء كبيرة في العالم العربي موجهة على نظم حكم استبدادية وعلى حكام مستبدين تولوا السلطة سنين طويلة واستغلوها استغلالا سيئا. اسرائيل، على نحو طبيعي تشايع من يدعونا الى انشاء ديمقراطية في بلدانهم. ومع ذلك يثور خوف وبحق ـ لا في اسرائيل وحدها ـ أن تسيطر جهات متطرفة على الدولة بعد انشاء نظام ديمقراطي هناك.
اذا تولى الاخوان المسلمون الحكم في مصر فقد يكون ذلك نهاية اتفاق السلام الاسرائيلي ـ المصري. لا يمكن ان نُقدر احتمالات أن تحدث أحداث من هذا النوع. لكن على كل حال، ستكون ثمة حاجة الى التغلب هناك على عقبات كثيرة. حتى لو تولى الاخوان المسلمون السلطة بانتخابات ديمقراطية تُجرى تحت رقابة الجيش المصري وانشأوا بعد ذلك نظام حكم استبداديا، فسيتوجّب عليهم أن يأخذوا في الحسبان العناصر الليبرالية العلمانية التي كان لها جزء كبير جدا في المظاهرات في ميدان التحرير. ومن المعقول ان نفترض ان هذه العناصر اذا شعرت بأنها خُدعت فستظهر مرة اخرى في الميدان.
إن التدخل العسكري للغرب في ليبيا يزيد بُعدا جديدا على أحداث الشرق الاوسط. يخطر بالبال أن كل مجموعة موجودة في الحكم ستأخذ منذ الآن فصاعدا بحذر شديد عندما تزن عملا حادا في مواجهة معارضي نظام الحكم ـ خشية ان يُسبب هذا العمل تدخلا من الخارج. وهكذا حتى لو أمكن ان ينشأ في مصر نظام استبدادي للاخوان المسلمين وأن يُلغى اتفاق السلام فليس هذا امكانا معقولا في هذا الوقت.
توجد تقديرات مشابهة ايضا فيما يتعلق بسورية التي يواصل فيها الاسد في هذه الاثناء التمسك بالسلطة. من المعقول ان نفترض انه لن يكرر الطريقة الوحشية التي قمع بها والده الانتفاضة في حماة حيث ذُبح عشرات الآلاف من الاشخاص. لكن اذا تم اسقاط نظام حكمه فقد يؤثر ذلك في حلف ايران ـ سورية الموجه على اسرائيل. ستكون هذه بشرى خير لاسرائيل والعالم واذا بلغت موجة الاحتجاجات ايران ايضا فستكون بشرى خير كبيرة.
لهذا ثمة في الحاصل العام مكان لتفاؤل ما.
يديعوت : اسرائيل هي ابرتهايد
من كل صوب يتصاعد التباكي على الموت القريب للديمقراطية الاسرائيلية، بل ان البعض بات يجلس منذ الان في بيت حداد حقيقي. آخرون، وهيا نعترف بالحقيقة، يشمتون. 'قانون النكبة'، و'قانون لجان القبول' هما دليل نهائي وقاطع في نظرهم على ان الصهيونية انزلقت الى العنصرية، او ربما كانت هكذا دوما، ولكنها نجحت فقط، حتى الان، في اخفاء امانيها الكامنة.
الان، يقولون لنا، خرج الامر الى النور. الان اسرائيل تحظر على العرب الحداد على النكبة، وتعطي شرعية قانونية لاستبعاد العرب عن البلدات اليهودية. أبرتهايد على رؤوس الاشهاد، في وضح النهار، تحت رعاية المشرع.
لم يسبق أن كانت الفجوة بين العلاقات العامة للقوانين والواقع سخيفة بهذا القدر. 'فقانون النكبة' لا يذكر النكبة، ولكنه يحظر تذكرها. بشكل عام، القانون لا يحظر. القانون يسمح لوزير المالية يسمح، ولا يجبر بتخفيض دعم الدولة للهيئات العامة ضد قيمها على نحو صريح. مثلا، في الهيئات التي تروج للعنصرية، الارهاب او ضد طابع دولة اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. وكذا وهنا تأتي النكبة عن هيئة تحيي 'يوم الاستقلال او يوم اقامة الدولة كيوم حداد'.
يدور الحديث إذن عن قانون يعد العنصرية كعذر لتخفيض الدعم العام، ويعد الى جانبها ايضا محاولة جعل يوم الاستقلال يوم حداد. لا أعتقد أنه كانت حاجة لهذا البند حول يوم الاستقلال اساسه استفزاز ولكن هذا لا يعني انه يمس بالديمقراطية. من الجدير بالذكر ان التمويل العام ليس حقا دستوريا. ما يفعله القانون بصخب كبير، تفعله كل الديمقراطيات كأمر مسلم به: فهي لا تمول من الصندوق العام منظمات تسعى الى التنكر لحقها في تقرير المصير.
مسموح الحداد على اقامة الدولة عندنا، بل عمل ذلك حتى في يوم الاستقلال على رؤوس الاشهاد، وفقط على الا تكون الدولة ملزمة بان تمول هذا.
اسرائيل ليست فقط ديمقراطية في هذا السياق بل هي متهاونة حتى حدود انعدام التفكر. الدولة تمنح تمويلا لتعليم اسلامي يتبنى تصفية الصهيونية، ومدارس اصولية تتنكر لها. ليست فقط تسمح. تمول.
في موضوع 'قانون لجان القبول، الذي يقال عنه انه شرعية قانونية لاستبعاد العرب عن البلدات اليهودية (والاصوليين عن البلدات العلمانية)، الفجوة بين ما يقال والقانون الحقيقي حتى أكبر من ذلك. فليس فقط لا يعطي القانون مثل هذه الشرعية بل انه يجعل الممارسة، التي كانت دارجة في اماكن عديدة، محظورة. فهو ليس فقط لا يسمح بالتمييز بل يقرر صراحة: 'لجنة القبول لا ترفض قبول مرشح لاعتبارات العرق، الدين، القومية، الجنس، الاحتياجات الخاصة، المكانة الشخصية، العمر، الابوة، الميل الجنسي، البلد الاصلي، الرأي او الانتماء الحزبي السياسي.
هذا لا يضمن، بالطبع، ان تستغل بنود اخرى في القانون على نحو سيىء، ولكن الحظر الصريح للتفرقة سيعطي المحاكم اداة واضحة ضد وضع كهذا.
الاعلانات الصاخبة عن ان القوانين الجديدة تجعل اسرائيل بلا ديمقراطية كانت سخيفة لا أكثر، لولا الضرر الذي تلحقه هي نفسها. لاعلانات الاسرائيليين بان اسرائيل هي أبرتهايد يوجد وزن هائل في حملة نزع الشرعية العالمية ضد حق اليهود في تقرير المصير. فنحن لا نقول فقط ان الصهيونية عنصرية، كما يقول خصوم اسرائيل، بل ها هم الاسرائيليون انفسهم يقولون ان هذا هو الوضع.
واذا كانوا عندنا يعلنون خلافا للحقائق بان اسرائيل تسن قانونا يحظر على الفلسطينيين أن تكون لهم روايتهم الوطنية، او انه محظور على العرب السكن في بلدات يهودية، فان هذا الخيال المحلي يصبح حقيقة دولية.
اسرائيل اليوم : عرب إسرائيل
قرأت هذا الاسبوع ان مجموعة 'المخلصين لارض اسرائيل' توجهت الى المستشار القانوني ليحقق في ظواهر تحريض بين عرب اسرائيل على افيغدور ليبرمان في مواضيع قوانين النكبة والجنسية التي جازت في الكنيست. ما الذي يطلبه 'المخلصون لارض اسرائيل'؟ هل أن يخرس عرب اسرائيل إزاء الحملة المنظمة المنهجية للمس بهم؟ لست ساذجا ولا أعلم العلاقة الموجودة بين كثير من مواطني اسرائيل بعرب وبعرب اسرائيل خاصة. يزعم شباب في استطلاعات للرأي غير قليلة انه لا مكان لهم في الكنيست، وانه في دولة يهودية وصهيونية يكفي التمثيل اليهودي للتعبير عن أهداف الدولة وقيمها. لكن ولأنني غير ساذج أشك في منطق 'منتدى المخلصين لارض اسرائيل'.
لو كنت منتسبا الى المنتدى لصرخت صراخا شديدا من أقصى الارض الى أقصاها معترضا على تمييز عرب اسرائيل وعلى محاولة 'صهينتهم' وعلى الاعتقاد الخطر بأن نتركهم خارج الجدار ونبقى نحن فقط. إن 'المخلص لارض اسرائيل' هو من يريد وجود الدولة ونماءها ويطمح الى الحفاظ على صبغتها اليهودية. إن تصور اسرائيل بأنها دولة عنصرية تطارد أقلياتها وتسن قوانين مستوردة من قارة افريقية بعيدة، لا تعزز تمسكنا هنا بل تضعفه.
يجب حتى على اولئك 'المخلصين' غير المستعدين للتخلي عن أي قطعة صغيرة من الاراضي للفلسطينيين أن يعاملوا عرب اسرائيل معاملة مختلفة. فهم نافذة عرضنا والبرهان على أن التعايش ممكن وأن اسرائيل متجهة الى مصالحة اقليمية.
يحاول المنتدى بمنطق أعوج ان يجعل كل متحدث متطرف من عرب اسرائيل هو الصبغة الغالبة عليهم. أنا أتجول منذ سنين في قرى عربية. إن رئيس بلدية الناصرة، رامز جرايسي وهو من أفضل رؤساء البلديات في البلاد هو المثال على قيادة عربية تتحدث الدولة معها عن رغبة في المساعدة لا عن رغبة في الافشال وفي تقزيم مكانتها. وهذا الشخص مثال على قيادة أصيلة لنا معها احتمال لقاء بنّاء خصب. وهو، ومعه رؤساء جمهور كثيرون يعملون في البناء والانتاج، يجدون أنفسهم في مواجهة سن قوانين عنصرية تُغير ترتيب أفضلياتهم. لانه في مواجهة سياسة تؤيد التمييز تنشأ سياسة مضادة تتهم القائمين بالتمييز وبالفاشية. عند ذلك تأخذ في الاختفاء علامات الوجود المشترك ايضا.
ما الصلة بين هذا وبين 'منتدى المخلصين لارض اسرائيل'؟ جوابي أن هذا المنتدى يجب ان يكون الرائد في الحفاظ على مكانة عرب اسرائيل ورفض التشريع المهين الصادر عن مدرسة ليبرمان. يجب على من يريد تقوية الدولة الحفاظ على كونها دولة ديمقراطية تحترم الأقلية. وإن من يمتحن موضوع الجنسية يضعضع الارض التي نجلس عليها. يجب على اليمين الاسرائيلي الذي لا يريد تنازلات حقيقية لاحراز السلام، أن يُغير علاقته بعرب اسرائيل لانهم اللبنة الرئيسية الموجودة 'ليوم آتٍ'.
معاريف:من السهل جعل اسرائيل نازية
لم نُنه الامر مع غولدستون. الامر أبعد من ذلك. إن المطاردة تحت الارض، بعد كل معطى يبرهن على ان اسرائيل غول، مستمرة. تنبع الحكاية الحالية من زعم أن دولة اسرائيل تُجوّع سكان غزة. في هذا الاطار استأنفت جمعية 'غيشه' الى المحكمة لالزام دولة اسرائيل بالكشف عن لوح عرض يحمل عنوان 'استهلاك الغذاء في القطاع ـ خطوط حمراء'.
إن اسرائيل، بحسب المنطق الذي يقوم في أساس الاستئناف، تتحمل المسؤولية عن سلة السعرات الحرارية لسكان غزة. هل يحظون بـ 200 سعر حراري للفرد كل يوم أم بـ 2000؟ تريد الجمعية كشفا عن التفاصيل وعن الضباط ايضا. هذا استئناف مجنون تماما، في ظاهره. لانه مع كل الاحترام للجانب القانوني الضيق، فان الحديث هنا عن أمر سياسي. لانه ليس فقط لا يوجد لاسرائيل أي مسؤولية عن سكان القطاع ولا سيما بعد الانفصال، بل إن لأولئك السكان وللسلطة التي تولت امورهم مسارات تزود ضخمة عن طريق الأنفاق. فايران تهتم بهم. وهم يستطيعون أن ينقلوا كل ما يشاؤون.
أصبحت صناعة الأنفاق ممأسسة تماما وتشتمل على جباية ضرائب منظمة على يد سلطة حماس. وهم لا يخفون ايضا نقل السلع الجماعية. لكن اسرائيل بحسب منطق الاستئناف تتحمل وحدها المسؤولية. لا حماس. هذا منطق غريب شيئا ما، لانه يعفي حماس من كل مسؤولية. وتُدخل حماس في القطاع ايضا سلاحا وذخيرة للمس باسرائيل. وأصبحت القذائف الصاروخية تبلغ ضواحي ريشون لتسيون في حين كانت 'القذائف الصاروخية على أسدود' تُعد خطا أحمر قبل ثلاث سنين. تم تجاوز هذا الخط.
بحسب منطق جمعية 'غيشه'، عندما تكون حماس مشغولة باستيراد جماعي للقذائف الصاروخية، تزود اسرائيل سكان القطاع بسلة غذاء بحسب معايير دولية. ليست المشكلة مع 'غيشه'. حتى لو لم يعد غولدستون غولدستون، ستكون عندنا دائما جمعيات ستكون أكثر تطرفا من غولدستون. هذه هي الديمقراطية الاسرائيلية. والمهم ان قاضية المحكمة اللوائية في تل ابيب، روت رونين، قبلت الاستئناف وأمرت جهاز الامن بالكشف عن المعلومات ذات الصلة. وقبلت ايضا طلب الجمعية الكشف عن أسماء الاشخاص المشاركين في الوثيقة. نقرأ ولا نصدق.
في نفس اللحظة التي سيُكشف فيها عن المعلومات سيكون الغولدستونيون بيننا قد اهتموا بإساءة سمعة اسرائيل وعرضها باعتبارها تنفذ جرائم في الانسانية. كل موظف أو ضابط يُكشف عن اسمه اذا كُشف سيُعد فورا مجرم حرب. ليست هذه نبوءة سوداء فقد أخذ يحدث هذا. في نشرات مختلفة تعتمد على نشاط جمعية 'غيشه' يتم تشبيه اسرائيل بالنظام النازي الذي جوّع اليهود في معسكرات التجميع.
يقرر قانون حرية المعلومات بصراحة في المادة (9) انه ينبغي منع نقل 'ما يوجد خوف بالكشف عنه من المس بأمن الدولة وعلاقاتها الخارجية وأمن الجمهور'. هذا هو الشأن بالضبط. إن المادة (12) تُمكّن غير الاسرائيلي ايضا من طلب معلومات لكنها 'في شأن معلومات تتعلق بحقوقه في اسرائيل'. ليس لسكان القطاع، مع كل الاحترام، أي 'حق في اسرائيل' لكن القاضية، باعتبارها طالبة متحمسة للفاعلية القضائية قررت الاستهانة بالقانون المكتوب.
يمكن ان نضيف ان سلطة حماس لو شاءت لحظي قطاع غزة بالنماء. لا يوجد ثمة أي احتلال. توجد سلطة ظلامية فقط. سلطة تفضل التحالف مع ايران على النماء الاقتصادي أو الاستجابة لشروط الرباعية. الحديث عن سلطة تعلن برغبتها في القضاء على دولة اسرائيل.
أدرك غولدستون هذا الامر وإن يكن متأخرا ولم يفعل ذلك الغولدستونيون بيننا. فقد أصبحوا باسم 'خطاب الحقوق' الخدم المستخذين لحماس. يصعب تقديم استئناف يعترض على تهريب القذائف الصاروخية الى اسرائيل. لكن من السهل جدا جعل اسرائيل نازية لانها بحماقتها الشديدة تنقل الى القطاع مالا وحاجات. هم يطلقون الصواريخ ونحن ندفع. لكن هذه هي اسرائيل التي تُعرض باعتبارها نازية. هذا عكس مدهش لم يحلم حتى غبليز به. كلا هم لا يقصدون. فهم أنصار حقوق الانسان. لكن هذا بالضبط ما يفعلونه.
قضى القاضي اهارون باراك قبل سنين كثيرة بأن 'كل شيء قابل للمحاكمة القضائية'. تتحقق رؤياه بقرار القاضية رونين التي بتت على نحو يخالف أوامر القانون. هذا قرار يرتفع فوقه علم اسود. اذا لم يكن واضحا انه قد حان الوقت لكبح المحاكم فربما يصبح أكثر وضوحا الآن.
اسرائيل اليوم :غولدستون.. لم يعد من الممكن اصلاح الضرر
كان يمكن توقع أنه عندما يشعر ريتشارد غولدستون بواجب متأخر للعودة عن اساءته الأصلية المزعزعة بسمعة اسرائيل، أن يختار وسيلة الاعلام الملائمة للادلاء بتصريحه لا كتابة مقالة غامضة في صحيفة في واشنطن.
كان يجب على غولدستون على الأقل أن يطلب على نحو رسمي من مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، الذي استدعى تقريره، أن يُمكّنه من التصريح عن ذنبه من فوق منصة خطبائه.
لكن لا يجوز لنا التعلق بالأوهام. فلن يستطيع أي تصريح أو عمل أن يعيد الى الوراء الضرر العظيم الذي جلبته فرية غولدستون على الشعب اليهودي. انه بكونه يهوديا يدعي أنه صهيوني، جعل التقرير يأخذ صبغة أشد عند كثيرين. فالكراهية التي انطلقت على أثره غير منعكسة تقريبا وأصبح تقريره أحد العناصر الأشد فاعلية في حملة سلب الشرعية والشيطنة الموجهة علينا. لقد عرضنا على العالم الواسع بصفتنا برابرة ومجرمي حرب نستمد الرضى من القتل العمد للنساء والاولاد الفلسطينيين الأبرياء.
كما كانت الحال في افتراءات الدم في العصور الوسطى، هذه الأكاذيب الآثمة التي عرضت الجنود الاسرائيليين بصفتهم قتلة عن وعي، يتوقع ان تظل راسخة في وعي الناس مدة مئات السنين.
يواصل غولدستون الآن ايضا الاصرار وبحق على انه لو تعاونت اسرائيل مع المحكمة الميدانية المتنكرة بلباس لجنة التحقيق، لما نشر التقرير بصورته الحالية. ولا يذكر أن اسرائيل زودت على نحو غير رسمي بالمعلومات، لكن لجنته زورت وعرضت الحقائق عرضا مشوها قصدا الى تعظيم شيطنتنا.
يوجد بطبيعة الامر شركاء آخرون في هذه الجناية. وهم يشملون يهودا واسرائيليين تعاونوا مع غولدستون على جهوده لاساءة سمعتنا. يوجد بين الأبرز اولئك المتصلون بصحيفة 'هآرتس' التي مهدت قبل ذلك بعدة شهور الطريق لغولدستون بسلسلة اتهامات هوجاء موجهة على الجيش الاسرائيلي. إن الاستعراض المكثف الذي قامت به الصحيفة لهذه التقارير الداحضة تم عرضه فوق الصفحات الافتتاحية لصحف في أنحاء العالم، وساعدت في انشاء الجو المعادي الذي مهد الطريق لاساءة سمعتنا باعتبارنا مجرمي حرب. ليس من داع الى أن نذكر ان هذه الامور ذات صلة ايضا بالمنظمات غير الحكومية وباليهود المعادين لاسرائيل خارج اسرائيل الذين قبلوا معطيات التقرير، وبمنظمات مثل 'جي ستريت' استقبلت غولدستون ليواجه اعضاء من مجلس النواب الامريكي. ليس من المعقول ان يمضي اولئك الاشخاص وتلك المنظمات على أثر غولدستون ويعتذروا ايضا.
من المناسب ايضا أن نُنبه الى ان ليبيا وسورية وايران والعربية السعودية وهي دول قادت الحملة الدعائية لاساءة سمعتنا موجودة كلها في عين العاصفة، وعندما نفحص عن سلوكها مع مواطنيها، يمكن أن نُقدر التزوير المطلق في الامم المتحدة ولجانها الثانوية.
في بيئة سليمة كانت لجنة حقوق الانسان التي لا يلائمها اسمها تُحل منذ زمن. ومفهوم ان هذا لن يحدث، ومما يشبه الفكاهة ان ننظر الى غولدستون الذي يدعو الآن اللجنة الى التنديد بمنظمة حماس المتهمة بقتل شعب وبـ 'نشاطاتها الوحشية بأقوى الكلمات'. قد يكون تدريبا مجديا أن نستوضح كم من الضحايا المدنيين سبب قصف الولايات المتحدة وحليفاتها في ليبيا، وهل تواجه لوائح اتهام بجرائم حرب لانها قتلت خطأ مدنيين أبرياء؟ ومن المثير أن نعلم هل نشرت قوات التحالف قبل القصف منشورات واتصلت بالمواطنين هاتفيا من اجل تحذيرهم كما فعل الجيش الاسرائيلي في غزة؟
يديعوت : اصوات مقلقة من القاهرة
العنوان الذي صدر عن القاهرة متفائل، ولكن يجب قراءة التفاصيل الصغيرة ـ فهي تشغل البال. ليس سرّاً أن الرب والله يوجدان دوما في التفاصيل المثيرة للاعصاب: بعد شهرين من الثورة التي ادت الى اسقاط الرئيس مبارك، فان وزير الخارجية المصري الجديد، د. نبيل العربي، يقدم 'معتقداته' بشأن ما ينتظرنا، ينتظرهم وينتظر اتفاق السلام.
عن الاحتمال في أن يؤدي التحول الدراماتيكي الى منظومة علاقات جديدة وتعاون لم نشهده حتى اليوم لا يبذر الطاقات. التطبيع؟ الحقائق على الارض تتحدث من تلقاء نفسها. في القدس فهموا منذ الان باننا لا نسير نحو لعق العسل في القاهرة وان السلام البارد، اذا كان هناك احتمال في أن يتغير، فانه سيجري التفافة حادة في طالحنا فقط.
من جانب ما يعلن العربي بان مصر ملتزمة باتفاق السلام مع اسرائيل. كما أنه يستغل الفرصة (مقابلة في برنامج تلفزيوني واسع المشاهدة 'العاشرة ليلا'، في قناة 'دريم' الخاصة) كي ينفي نفيا باتا موجة الشائعات وكأنه طالب بالغاء الاتفاق. حتى هنا هذه بالتأكيد بشرى طيبة، سمعنا مثلها أيضا من الحاكم الفعلي في مصر، الجنرال حسين طنطاوي. اما الحقيقة؟ فلمصر لا يوجد سبب يدعوها الى الغاء الاتفاق. في الوضع الجديد يحتاجون الى كل سنت من الملياري دولار من المساعدات السنوية الامريكية.
من جهة اخرى، العربي اياه، يحرص على الايضاح بان يديه نقيتان، كونه نفسه لم يكن شريكا في صياغة اتفاق السلام، 'وكل شيء مفتوح الان'. بين السطور يمكن أن نلتقط تلميحا شديد الوضوح: ما كان لن يكون بعد اليوم، ومصر ليست في جيب أي جهة اسرائيلية. من ناحيتنا، على هذا السلام وقع الطرفان: مصر، الملتزمة بالاتفاق، واسرائيل، الملتزمة بالتفاصيل الصغيرة. واذا حاولت اسرائيل التملص، مثلما حاولت في قضية الانسحاب من طابا، فثقوا بمصر الجديدة بان تجد السبل لاجبارها.
ليس صدفة أن يخرج العربي من الجارور قضية طابا: فقد اخذتنا مصر في حينه الى التحكيم الدولي المتصلب، الذي رجح الكفة في صالحهم. من وقف في حينه على رأس الفريق القانوني الذي حقق الانتصار؟ من غير الصعب التخمين: هو يطل علينا الان الى المشهد الرائع للنيل من داخل مكتب الوزير، في الطابق الاعلى لوزارة الخارجية في القاهرة.
العربي تسلم مهام منصبه بخطى رشيقة. حياته السياسية غنية، خليط مظفر من القضائي والدبلوماسي. رئيس الدولة بيريس، الذي في تصريح متسرع اكثر مما ينبغي وصف مبارك كذخر سقط في ايدينا (وان كان فقط في سنوات ولايته الاخيرة)، يضع العربي في صورة ان اسرائيل لم يعد بوسعها التسلي مع النظام المصري مثلما تسلت مع مبارك، حين استخدمته، على حد قوله، لنقل الرسائل. الذخر تبدد، ولا احتمال في ان يعود. وحين يكون رئيس الوزراء نتنياهو يجلس منذ سنتين ولا يفعل شيئا في الموضوع الفلسطيني، فان العربي ينسج منذ الان لعقد مؤتمر دولي.
بعد قليل ايلول (سبتمبر)، والفلسطينيون يعتزمون الاعلان في حينه عن دولة، ولكن قبل لحظة من ذلك، على نتنياهو أن يحذر من فخ مصري.
انتبه، يا نتنياهو، يوجد فخ آخر: العربي يمتشق، وليس صدفة المادة 8 في الاتفاقات، كي يلمح بالحق بالمطالبات المالية. حتى اليوم، يهزأ هو من أسلافه، بانهم دحروا المواضيع المالية الى اعماق الجارور. الان أنا هنا. توقعوا المفاجآت.
ما الذي يخطط له؟ يمكن التخمين. مثلا، تعويضات لعائلات الجنود المصريين الذين قتلوا في سيناء، استنادا الى ذات الثرثارين عندنا الذين تباهوا بقتل الاسرى. ولكن كل شيء مفتوح للمفاوضات: عدد القوات المصرية في سيناء، اتفاقات الغاز، الالتزامات للفلسطينيين، وحتى النظرة الجديدة للعلاقات مع ايران. يأخذون ما هو مجدٍ، ويطورون ما هو مفيد.
نحن نقف امام خليط سيىء: شباب الثورة ولدوا في السلام معنا، دون تعليم للسلام. قلائل فقط، اذا كانوا موجودين اصلا، التقوا باسرائيليين في أي وقت من الاوقات. اصحاب القرار يعرفوننا اساسا من الزاوية السلبية. لديهم الان عدد لا حصر له من المشاكل، التحديات، المخططات والاحلام. نحن حقا لسنا في رأسهم.
اسرائيل اليوم : حماس ونحن والعالم كله
ان دخول عملية برية في غزة اليوم يجب أن يوزن بصورة واسعة مع تناول مجموع مسارات التطورات في المنطقة. لا يحل الاكتفاء بنقاش ذي قطبين يبحثون فيه اسرائيل وحماس وحدهما. ومع ذلك لا يحل ان نهمل احد اهدافنا المركزية الا وهو الافضاء آخر الامر الى القضاء على حماس.
في الصعيد 'التبادلي' بيننا وبين حماس لا ينبغي ان نزن مصالحات في جانب الاهداف البعيدة الامد. فحماس تريد الاستمرار على العمل في القضاء علينا ونحن نريد الاستمرار على البقاء مع النماء والرفاهة. لهذا فالحديث عن لعبة حاصلها صفر حلها احد أمرين: إما ان تعترف حماس بوجودنا (ويبدو أن هذا لن يحدث)، وإما ان يقضى عليها. لولا التطورات الاخيرة في منطقتنا لأشرت على بنيامين نتنياهو وايهود باراك بالدخول في عملية 'رصاص مصبوب' اخرى تكون غايتها اسقاط حماس في قطاع غزة. لكن التطورات الاخيرة في المنطقة تقتضي في رأيي جعل المعادلة بيننا وبين حماس معركة متعددة الاقطاب.
ينبغي تخمين ان حماس تعمل تابعة للايرانيين وربما حتى للسوريين. وربما يكون السوريون والايرانيون الذين يشعرون بان الشعب يهددهم وهو الذي يريد الحرية، معنيين باشتعال الوضع على الحدود بين اسرائيل وقطاع غزة. ان اشتعالا كهذا سيوحد الرأي العام في ايران وسورية على اسرائيل ويخفف التوتر مع السلطة.
في مقابلة ذلك ليست حماس معنية بعملية كبيرة للجيش الاسرائيلي لانها تخاف ان يمضي السكان على حسب 'الموضة السارية' ويتمردوا عليها. مع ذلك حماس معنية بالسير قريبا من الهاوية. ان حزب الله الذي يخاف 'تمرد' سكان لبنان عليه، يمتنع في هذه اللحظة عن العمل على مجابهة اسرائيل لكن هذا قد يحدث في اللحظة التي تصبح معضلته فيها البقاء او الفناء. ان الاردن ومصر في هذه اللحظة في موقف حساس . فالنظام العسكري في مصر يريد الحفاظ على استقرار نسبي في الدولة. ويريد الملك الاردني الحفاظ على سلطته الى قمع بالقوة. لهذا يفضلان في هذه اللحظة الحفاظ على مضاءلة الظهور في السياق الاسرائيلي. ان اشتعالا في غزة او على الحدود الشمالية سيضطر الاردن ومصر الى شحذ موقفهما من اسرائيل وان تعرضا موقفا معاديا لها والا فستجابهان رعاياهما على خلفية قومانية ايضا ومن المحقق ان هذا لا يريحهما.
الاتراك موجودون قبيل انتخابات ولهذا يراقبون ما يجري هنا بقلق. ان تركيا التي تريد على نحو اساسي الحفاظ على علاقات اقتصادية باسرائيل قد تجد نفسها تقطع العلاقة بالقدس اذا وقعت ههنا اعمال عدائية بقدر كبير. واسرائيل لا تريد هذا بطبيعة الامر.
ان الولايات المتحدة واوروبا اللتين اخذ وزنهما يقل في الشرق الاوسط ليستا في هذه اللحظة عنصرا مؤثرا في المنطقة؛ فالولايات المتحدة متورطة مع نفسها فلا تعلم من تؤيد ولأية مصلحة، وحربها المروجة خارجيا من أجل حرية الشعوب في الشرق الاوسط تُرى نفاقا.
ليس من الممكن ان تساعد الولايات المتحدة 'محاربي الحرية في ليبيا' من جهة وتقمع التمرد بالقوة في البحرين من جهة اخرى (لو أن وكالة الاستخبارات الامريكية سُئلت ما هو الوضع الذي تفضله لاجابت بصراحة ان يعود القذافي ليحكم ليبيا وان يصمد الاسد في سورية وان يكون النظام العسكري في مصر قويا ومستقرا من غير انتخابات حرة).
بحسب هذه المعطيات، كنت اوصي حكومة اسرائيل بعدم الرد بعملية واسعة في غزة أو على الاقل ليس في هذه اللحظة. مع ذلك ينبغي اعمال طريقة مؤلمة جدا اساسها المس بقادة في القطاع أي الاغتيالات المركزة واستعمال وحدات منتخبة مع اقلال ظهورها من أجل القضاء على اهداف حماس والجهاد الاسلامي.
كذلك ينبغي الامتناع عن كل تصريح يتعلق بالعمليات. يجب علينا أن ننشىء وضع نشاط سري غامض مع اقصاء شامل في وسائل الاعلام. هذه طريقة تحدث عند حماس والمدنيين ذعرا وخوفا من المجهول. وفي الحدود الشمالية ينبغي تدريب القوات على شحذ الحواس والانتظار. يجب على الجيش الاسرائيلي عامة ان يعجل دورات تدريبه كي يكون مستعدا لكل تطور وكي يكون قادرا على الردع خاصة.
ساحة النقاش