المعارضة الليبية تتقدم من أجدابيا لاستعادة البريقة
خاضت المعارضة الليبية المسلحة أمس قتالاً عنيفاً للسيطرة على بلدة البريقة النفطية شرق ليبيا بعد يوم من نجاح القوات الموالية للزعيم معمر القذافي في دفعها للتقهقر على شريط ساحلي تحت وابل من نيران الصواريخ، لتتمركز في أجدابيا التي مازالت تحت سيطرتها، وأكد المعارضون المسلحون الذين يتمركزون خارج البريقة أن القتال لايزال دائراً مع قوات العقيد معمر القذافي للسيطرة على البلدة. وبالتوازي، أكدل متحدث باسم المعارضة أن كتائب القذافي واصلت قصفها مصراتة أمس، وأن عشرات قتلوا خلال الأيام القليلة الماضية عندما أصيبت منازلهم في القصف.
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع البريطانية أن مقاتلات لها قصفت 3 دبابات وآليتين مدرعتين وقاعدة لصواريخ أرض جو تابعة للقوات الموالية للقذافي في مصراتة غرب ليبيا. وأفاد مراسل لفرانس برس أمس، أن سفينة مساعدات إنسانية وصلت إلى سكان مصراتة التي تحاصرها منذ أسابيع قوات معمر القذاف، وفي طرابلس التي شهدت هدوءاً نسبياً نهار أمس، حلقت طائرات الليلة قبل الماضية، حيث سمعت أصوات انفجارات في ضاحية صلاح الدين الجنوبية الشرقية منها حسب ما قال شاهد عيان اتصلت به فرانس برس. بدوره، شدد اللفتنانت جنرال تشارلز بوتشارد قائد العمليات العسكرية لحلف شمال الأطلسي “الناتو” أمس، أن الحلف الغربي يتعامل مع تقارير عن مقتل مدنيين خلال غارات جوية غربية في ليبيا بجدية، وذلك بعد إعلان جيوفاني إنتشنزو مارتينيلي ممثل الفاتيكان في طرابلس لوكالة كاثوليكية للأنباء نقلاً عن شهود أن 40 مدنياً على الأقل قتلوا في الهجمات الجوية التي شنتها القوات الغربية على طرابلس.
وفي سياق متصل، اتهم ناطق باسم المجلس الوطني الانتقالي الليبي، الحكومة التشادية أمس، بمشاركتها كتائب القذافي في قصفها لمدن شرق ليبيا الذي أدى إلى قتل الآلاف وجرح الكثيرين منذ انطلاق انتفاضة “17 فبراير”.
وتراجعت بعض قوات المعارضة أمس الأول إلى بلدة أجدابيا الاستراتيجية بوابة الشرق على بعد نحو 150 كيلومترا جنوبي بنغازي معقل المعارضة، وما زالت أجدابيا تحت سيطرة المعارضة أمس. وخاضت قوات المعارضة والقوات الموالية للقذافي معارك شهدت تقدماً وتراجعاً على جانبي شريط من الأرض يربط بين أجدابيا وبن جواد على مدى عدة أسابيع، ولم يستطع المعارضون الذين يعتمدون بصفة رئيسية على شاحنات صغيرة مزودة بأسلحة آلية وعلى قاذفات للقذائف الصاروخية وبنادق إيه.كي 47، الحفاظ على مكاسبهم على الرغم من الغارات الجوية التي تشارك فيها طائرات أميركية وفرنسية وبريطانية والمستمرة منذ نحو أسبوعين، وقال مقاتل من المعارضة يدعى ربيع عزيلة كان ينتظر على بعد نحو 10 كيلومترات خارج البريقة حيث تجمعت عشرات المركبات، “وقعت اشتباكات مع قوات القذافي حول البريقة عند الفجر”، وقال شاهد إن المعارضين الذين تقدموا قرب البريقة تعرضوا لصواريخ وقذائف مورتر أطلقها جيش القذافي فاضطر المعارضون للتقهقر بضعة كيلومترات قبل أن يعيدوا تجميع أنفسهم ويتحركوا إلى الأمام مجدداً. وسمعت أصوات انفجارات متقطعة من ناحية البريقة وارتفعت في الجو أعمدة من الدخان الأسود، ورغم تجمع الشاحات الصغيرة التابعة للمعارضة المسلحة والمزودة بأسلحة آلية خارج البلدة، لم يطرأ تغير يذكر على مكان الخط الأمامي أمس، واستعادت قوات القذافي رأس لانوف والسدرة غرب البريقة لكن لا تزال الزويتينة شرقي البريقة تحت سيطرة المعارضة.
وفي مصراتة، أعلن متحدث يدعى سامي في اتصال هاتفي مع رويترز أن “مذابح ترتكب في مصراتة”. وتابع “استؤنف القصف المدفعي صباح أمس، ولايزال مستمراً. الألوية الموالية للقذافي لم تتمكن من دخول البلدة لكنها تطوقها”، وتابع “قتل 20 مدنياً أمس الأول بعد أن أصاب القصف منازلهم وأصيب عدد كبير”.
ويضاف هؤلاء القتلى إلى عشرات آخرين يقول سكان إنهم لاقوا حتفهم في القتال خلال الأيام العشرة الماضية، ولا يمكن التحقق من الروايات الواردة من مصراتة من جهة مستقلة لأن المسؤولين الليبيين يمنعون الصحفيين الأجانب من العمل بحرية في المدينة، وينفي المسؤولون الليبيون مهاجمة المدنيين لكنهم يقولون إنهم يحاولون استئصال إرهابيين يحتجزون السكان المحليين رهائن. وذكرت وسائل إعلام رسمية هذا الأسبوع أن امدادات المياه لمصراتة التي قطعت لأكثر من أسبوع، عادت وأن المدينة “تنعم الآن بالسلام والاستقرار”. لكن المتحدث باسم المعارضة قال إن هذا غير حقيقي. وأضاف “المياه مازالت مقطوعة عن مصراتة. الناس يحصلون على المياه من محطة صغيرة لا تستطيع امداد سوى عدد قليل من السكان”. غير أن مراسلاً لفرانس برس أكد أمس، أن سفينة مستأجرة وصلت ليل الأربعاء من مالطة ناقلة 150 طناً من المساعدة الطبية والغذائية.
وكانت وزارة الدفاع البريطانية أكدت أمس في بيان أن “طائرات تورنيدو أقلعت من جويا ديل كولي في ايطاليا وقامت بدوريات استطلاع فوق ليبيا الليلة قبل الماضية، و”خلال هذه الدوريات أطلقت صواريخ بيفواي-4 وبريمستون ضد معدات عسكرية للقوات الموالية للقذافي في منطقة مصراتة”. وأضافت أن “3 صواريخ أصابت 3 دبابات وآليتين مدرعتين قتاليتين ومنصة لإطلاق الصواريخ”. وفي طرابلس، أكد شهود أن طائرات للتحالف الدولي حلقت فوق الضاحية الشرقية والضاحية الجنوبية الشرقية للعاصمة الليبية الليلة قبل الماضية، قبل أن تسمع أصوات انفجارات في ضاحية صلاح الدين الجنوبية الشرقية.
وأضاف أن الغارات استهدفت موقعا عسكريا في هذه المنطقة، ومن ناحيتها، ذكرت وكالة الأنباء الليبية الرسمية أن “موقعاً مدنيا في طرابلس تعرض لقصف ليل الأربعاء الخميس”.
وفي السياق نفسه، قال متحدث باسم الناتو أمس، إن الحلف يحقق لمعرفة مدى صحة أنباء عن سقوط قتلى مدنيين في الضربات الجوية الغربية على العاصمة الليبية طرابلس لكنه ليس لديه حالياً معلومات تؤكد هذه التقارير. وكان ممثل الفاتيكان في طرابلس قال في وقت سابق أمس، نقلاً عن شهود عيان إن 40 مدنياً على الأقل قتلوا في ضربات شنتها القوات الغربية على العاصمة الليبية، وذكرت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون” أن عدد الطلعات اجتياز عتبة الألفي طلعة جوية في ليبيا في اليوم الثاني عشر للتدخل الدولي في هذا البلد في حين يستعد الحلف الأطلسي لتولي قيادة جميع العمليات، وقال مسؤول في الوزارة لوكالة فرانس برس إن طائرات الحلفاء قامت بـ2017 طلعة منذ 19 مارس الماضي، تاريخ بدء العمليات، وفق المعطيات التي نشرت عند الساعة 10,00 تج مساء أمس الأول. وذكرت الحكومة البريطانية في تقرير تصدره عن حقوق الإنسان أمس، إنها تعتقد أن حوالي 1000 شخص قتلوا في الاشتباكات بين أنصار الزعيم الليبي معمر القذافي ومعارضيه.
إلى ذلك، نقلت صحيفة “برنيق” الالكترونية الليبية عن العقيد طيار أحمد باني، قوله إن قوات من الحرس الجمهوري التشادي قوامها نحو 3600 جندي “هي التي تحارب ثوار 17 فبراير في مناطق شرق أجدابيا”. وأضاف أن تلك القوات يقودها نائب رئيس المخابرات التشادية عميد عيسى طاهر، وهو من الشخصيات المقربة من الرئيس التشادي إدريس ديبي.
وأرجع المتحدث تراجع الثوار حتى أجدابيا وفقدهم السيطرة على مدن بن جواد ورأس لانوف والبريقة، إلى أنهم “يحاربون جيشاً منظماً من كتائب القذافي مدعوما بالحرس الجمهوري التشادي الذي يمتلك أسلحة حديثة متطورة ذات قدرة تدميرية عالية”.
القذافي يقول للغرب ان الحرب يمكن ان تخرج عن السيطرة
حذر الزعيم الليبي معمر القذافي القوى الغربية من ان الضربات الجوية المتصاعدة ضد بلاده فجرت حربا بين المسيحيين والمسلمين يمكن ان تخرج عن السيطرة.
وتدخلت دول غربية في ليبيا بعد ان فوضتها الامم المتحدة بحماية المدنيين الذين قالت انهم يتعرضون للهجوم من قوات موالية للقذافي لكن طرابلس تقول ان التدخل العسكري عدوان لا مبرر له.
وجاء في كلمة مكتوبة للقذافي تليت في التلفزيون الحكومي "اذا استمروا فان العالم سيدخل في حرب صليبية حقيقية. لقد بدأوا شيئا خطيرا لا يمكن السيطرة عليه."
وقال "ان الحكام الذين قرروا شن حرب صليبية بين المسلمين والمسيحيين عبر البحر الابيض المتوسط والذين خرجوا عن القانون الدولي وعن ميثاق الامم المتحدة تسببوا في دمار البحر المتوسط وشمال افريقيا وقتلوا اعدادا كبيرة جدا من المدنيين في ليبيا .. هؤلاء الذين اصيبوا بجنون القوة ويريدون فرض قانون القوة علي قوة القانون."
ونقل عن القذافي قوله أنهم "تسببوا في تدمير المصالح المشتركة بين الشعب الليبي وشعوبهم وقوضوا السلام وابادوا مدنيين ويريدون ان يعيدونا الي العصور الوسطي."
وألقى القذافي كلمات بانتظام في الايام الاولى من الصراع لكنه لم يشاهد في العلن منذ عدة أيام. ويقول مسؤولون انه اجبر على تغيير جدول أعماله المعتاد بعد ضربة جوية أصابت مجمعه الذي يخضع لحراسة مكثفة في طرابلس حيث يقع مقره الرئيسي.
بريطانيا ترفض منحه حصانة وأسكوتلندا تريد استجوابه على «لوكربي»
مؤامرات السنوسي وشتيمة المعتصم وراء انشقاق كوسا عن القذافي
واجه نظام العقيد معمر القذافي، نكسة جديدة، الاربعاء، مع انشقاق وزير الخارجية الليبي موسى كوسا، فيما قللت طرابلس من اهمية الامر.
ويعتبر كوسا، الذي جسد على مدى عقدين الوجه المظلم للنظام، واصبح في السنوات الماضية رمزا للانفتاح، من المقربين الاوفياء للعقيد، وقد خاض في السنوات الماضية كل المفاوضات التي اتاحت عودة ليبيا الى الساحة الدولية، ما عرضه لضغوط ومؤمرات داخلية، قادها عبدالله السنوسي، صهر القذافي، ورئيس الوزراء البغدادي المحمودي، ورئيس المخابرات ابو زيد دوردة، عزلته وحجمت دوره.
حتى ان معتصم القذافي شتم كوسا، بعدما اعلن ترحيب طرابلس، بقرار مجلس الامن الرقم 1973، ودعوته الى عدم مهاجمة مدينة بنغازي، معقل الثورة، لئلا يكون ذلك سببا لشن التحالف الدولي بعملية عسكرية ضد النظام الليبي، وهو الامر الذي اثار القذافي ايضا، الذي خرج في اليوم الثاني، ليقول «طز» في القرار الدولي.
وتعتقد دوائر غربية، أن كوسا الحائز على شهادة ماجستير في علم الاجتماع من جامعة ميتشيغن عام 1978، اصطدم مع خميس القذافي، الذي كان كوسا مكلفاً تدريبه وإعداده لكي يتسلم منصباً ديبلوماسياً رفيع المستوى، ما أحدث شرخاً في العلاقة بين وزير الخارجية السابق ورئيسه.
كما يتهم مقربون من القذافي كوسا، وهو من عائلة متوسطة معروفة من منطقة تاجوراء في طرابلس، ولا انتماء قبليا له، بانه اختلس مبلغ 200 مليون دولار، من خلال صفقة لشراء فنادق ومنتجعات مع رجال اعمال سوريين وعرب.
وفي لندن، أكد وزير الخارجية وليام هيغ أمس، أن بريطانيا لم تمنح كوسا، الذي طلب اللجوء السياسي، أي حصانة قد تحول مستقبلاً دون تقديمه إلى العدالة.
ويعتقد المراقبون السياسيون، أنه في الوقت الذي يمكن فيه للحكومة البريطانية اعتبار كوسا (64 عاماً) صيداً سميناً، فهو يشكل مصدر قلق بالنسبة لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون، نظراً للأدوار الحساسة التي لعبها في السابق، ومن ضمنها منصب رئيس جهاز الاستخبارات الذي يُعتقد أن له علاقة بعملية تفجير طائرة لوكربي عام 1988، بل هو متهم بأنه «العقل المدبر» للعملية، اضافة إلى كونه العقل المدبر لتفجير طائرة الخطوط الجوية الفرنسية في أفريقيا الوسطى.
وقال هيغ ان وزير الخارجية السابق «حضر إلى بريطانيا طواعية على متن رحلة جوية تابعة للخطوط الجوية السويسرية من تونس هبطت في مطار فارانبره جنوب لندن»، معتبراً ذلك علامة على أن نظام القذافي «يتشظى وواقع تحت ضغط وآخذ بالانهيار من الداخل».
وصادف خروج كوسا إلى تونس مع تصريح أدلت به في حينه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، قالت فيه ان «مسؤولين ليبيين كبارا يحاولون الاتصال بالغرب في محاولة على ما يبدو للبحث عن مخرج استراتيجي ممكن من العمليات القتالية».
ويُعتقد أن بريطانيا والتحالف الدولي المشرف على الحملة العسكرية، سيستخدم كوسا لتفكيك نظام القذافي من الداخل. فالمعلومات التي يملكها لا تقدر بثمن.
وكانت الحكومة البريطانية طردت كوسا، عقب إعلانه في مقابلة صحافية عام 1980 بصفته رئيساً للبعثة الديبلوماسية الليبية في لندن عن نية نظام حكم القذافي لتصفية «اثنين من المعارضين الذين كانوا مقيمين في لندن في حينه».
يشار إلى أن كوسا متهم بأنه المسؤول عن اختفاء المعارض منصور الكيخيا، الذي تم اختطافه في القاهرة في التسعينات، ولم يُعثر على أثر له حتى الآن.
ومن ضمن التصريحات الأخرى التي أزعجت الحكومة البريطانية في حينه، إعلان كوسا أن ليبيا ستقوم بتسليح «الجيش الجمهوري الإيرلندي» الانفصالي في إقليم إيرلندا الشمالية، ما لم توافق الحكومة البريطانية على تسليم المعارضين إلى طرابلس.
كما عرف عن موسى كوسا، تسليحه لـ «الالوية الحمراء» في ايطاليا، وبعض المنظمات الارهابية حول العالم.
ولعب دوراً رئيسياً في المفاوضات التي جرت بين النظام الليبي والحكومتين البريطانية والمحلية في اسكوتلندا من أجل الإفراج عن المدان الليبي في تفجير لوكربي عبدالباسط المقرحي (اعلن القضاء الاسكوتلندي امس انه يريد استجوابه)، اضافة إلى دوره في أمرين مهمين الأول التوصل إلى دفع التعويضات لعائلات ضحايا لوكربي، والثاني كشف ليبيا عن برنامجها لإنتاج أسلحة الدمار الشامل وتسليمها الغرب الملفات المتعلقة بهذا البرنامج، حيث نسج علاقات اكثر من قوية مع المسؤولين الاميركيين والفرنسيين وعمل معهما عن قرب في موضوع مكافحة الارهاب، ما اثار حفيظة قادة في النظام الليبي.
ووفقاً لتقارير غربية ومن ضمنها التقارير التي كشفت عنها «ويكيليكس» جرى تصنيف كوسا من جانب الديبلوماسيين الغربيين في طرابلس، على أنه أقوى شخصية سياسية بعد القذافي وأبنائه، ما يجعل من فراره ولجوئه إلى بريطانيا ضربة قوية للنظام، علاوة على أنها تشكل عاملاً نفسياً مؤثراً لرفع معنويات الثوار.
واكد موسى ابراهيم، الناطق باسم نظام القذافي، استقالة كوسا الاربعاء، وقال: «طلب كوسا التوجه الى تونس لتلقي العلاج الطبي. ولقد حصل على الاذن. ثم سمعنا انه قرر الاستقالة من منصبه. هذا قراره الشخصي. ليبيا لا تعتمد على افراد». واضاف ان «ليبيا لن تتأثر» بهذا الانشقاق.
ونفى من جهة اخرى معلومات تحدثت عن انشقاق شخصيات اخرى ومغادرتها البلاد الى تونس، امثال دوردة ورئيس البرلمان محمد زوي.
ساحة النقاش