5000 جندي من الحرس الثوري الإيراني والجزيرة لم تلتزم الحياد
أكد شهود عيان سوريون تطويق مدينة درعا بـ 5000 جندي من الحرس الثوري الايراني، واحتماء الاسد بعناصر عسكرية من حزب الله في درعا وحلب، بالاضافة الى اعتزام النظام عقد صفقة مع الاخوان المسلمين وعشائر الشرق السوري، وفقاً لمعطيات نقلتها مواقع التعارف الاجتماعي على الانترنت.
دمشق: بين عشية وضحاها، ماج الشارع السوري بتظاهرات واحتجاجات غير مسبوقة، خرج فيها السوريون عن صمتهم، للتعبير عن لاءات كانت في الماضي جريمة لا تغتفر من قبل النظام البعثي، ولم تُفلح الاجراءات الاستباقية بتخفيض اسعار بعض السلع الاساسية في الحفاظ على اتزان المشهد السوري، إذ آثر السوريون ان يكونوا جزءاً من موجة التحرر المناهضة لأنظمة الحزب الواحد.
وأمام مفردات هذا المشهد السريالي، فطن الاسد الى ضرورة احتواء الموقف المتفاقم، للحيلولة دون مواجهة مصير ربما لا يختلف كثيراً عن مصير نظيريه التونسي والمصري السابقين.
تضارب في اعداد القتلى والمصابين
وامام حالة الفزع واجواء المباغتة الجماهيرية، لم يتردد نظام الاسد بحسب صحيفة يديعوت احونوت العبرية في اطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين، ولم يستنكف الاستعانة بمروحيات عسكرية لقمع المظاهرات الحاشدة التي تركزت في معظمها بمدينة الجنوب السوري درعا، ورغم اعلان وسائل الاعلام الرسمية في دمشق انحصار قتلى التعامل العسكري مع المظاهرات على عدد قليل لا يتجاوز اصابع اليدين، فضلاً عن عدد آخر من المصابين، الا ان الصحيفة العبرية نقلت عن مصادر في المعارضة السورية تأكيدها ارتفاع عدد القتلى والمصابين في شوارع مدينة درعا الى اضعاف الارقام التي اعلنتها وسائل الاعلام السورية، لتصل الى ما يربو عن مائة قتيل ومئات المصابين.
وتنطوي حالة التعتيم الإعلامي السوري على تشعبات بالغة التعقيد، وبحسب يديعوت احرونوت فرضت العديد من علامات الاستفهام نفسها على الواقع السوري، سيما ما يتعلق بمدى نجاح اجهزة الاسد في تكميم افواه الاصوات الناطقة بالحقيقة، فهل تمكن من الحيلولة دون تسريب معلومات موثقة عن التظاهرات وعدد الضحايا؟ وما الطريقة التي اتبعها للوصول إلى هذا الهدف؟
بل كيف يحمي الرئيس السوري نفسه من شعبه الثائر؟ هل استعان بقوى خارجية، ام انه اكتفى بأجهزته الأمنية والعسكرية؟
وتجيب الصحيفة العبرية، مشيرة إلى انه منذ اندلاع الثورة في الشارع السوري، مرر ضباط كبار في أجهزة الامن السورية رسائل شديدة اللهجة لعدد ليس بالقليل من مراسلي وصحافيي وسائل الاعلام الاجنبية في سوريا، يفيد مضمونها: "انهم سيتعرضون هم واسرهم للأذى، إذا قاموا بتغطية ما يجري في الشوارع السورية من مظاهرات ضد نظام الأسد".
وأفضت هذه الرسائل إلى تقديم عدد من المراسلين استقالته من عمله، وبات المشهد واضحاً في "قناة المشرق"، وهى قناة سورية مستقلة تبث ارسالها من دبي، ورغم ان القناة - بحسب يديعوت احرونوت - كانت قد لاقت قبولاً وجماهيرية لدى السوريين، الا ان اسهمها هبطت لدى النظام، عندما اعتزم مراسلوها تغطية ما يجري من احداث.
الجزيرة وتغطية ما يجري في سوريا
ورأت يديعوت احرونوت ان الدور الذي قامت به قناة الجزيرة القطرية في تغطية الثورات العربية في تونس وليبيا واليمن ومصر، يختلف الى حد كبير مع الدور الذي تبنته في نقل التظاهرات الاحتجاجية بالشارع السوري، وارجعت الصحيفة ذلك الى تقارب العلاقات السياسية والايدلوجية بين النظامين السوري والقطري، اما قناة العربية التي تبث ارسالها من دبي، والتي كانت من اوائل السباقين بمتابعة الاخبار السورية، فأخفقت بحسب الصحيفة العبرية في تغطية ما يجري حالياً ضد نظام بشار الاسد، نتيجة لما لصعوبة الوصول الى موقع الاحداث خاصة في مدينة درعا.
وفي مقابل ذلك لم يتبق من اجهزة الاعلام والتواصل مع العالم سوى شبكات التعارف الاجتماعية مثل "فايسبوك"، و"تويتر"، وهى المواقع ذاتها التي تواصلت من خلالها صحيفة يديعوت احرونوت مع عدد من نشطاء المعارضة السورية وشهود العيان في هذا البلد، لتقصي حقيقة ما يجري هناك، سيما ما يخص علاقة نظام بشار الاسد بالمتظاهرين، ووفقاً لما نقلته الصحيفة العبرية عن المعارض السوري الشاب "عامر مصطفى"، اثبتت قناة الجزيرة عدم الحيادية، عندما تخاذلت في تأدية رسالتها الاعلامية حول ما يجري في سوريا.
واضاف مصطفى: "ينبغي على قناة الجزيرة عدم اخفاء الحقائق، والتخلي عن العناوين الداعمة لنظام الاسد، خاصة ان سوريا تحترق، ويحاصر مدينة درعا ما يربو على 5000 جندي من الحرس الثوري الايراني، وامام هذه المعطيات لا يوجد عنوان واحد في الفضائية القطرية يعكس تلك الحقيقة، لقد واصلت حملتكم في تزييف الحقائق، عندما تلقيتم المعلومات حول عدد ضحايا مواجهات الشعب مع نظام الاسد القمعي من وكالة الانباء السورية الناطقة باسم النظام".
أما المعارض السوري الشاب الذي اطلق على نفسه اسم astfh عبر موقع التعارف الاجتماعي تويتر، فنقلت عنه يديعوت احرونوت قوله: "الجزيرة لا تتعامل مع الاحداث الجارية في سوريا الا من خلال ابواق جماعة الاخوان المسلمين".
صفقة مع الاخوان المسلمين
اذا كانت تلك الانطباعات هى الترجمة الحية لواقع ما يجري في سوريا حالياً، فتطورات هذا الواقع المتلاحقة يكشفها عدد من معارضي النظام في دمشق، إذ اكد احدهم للصحيفة العبرية: "نحن مصرون على التخلي عن نظام بشار الاسد، إذ ان الاخير يفضل ايران وحزب الله على سوريا ولذلك لن نتنازل له عنها، فالاسد ادخل ضباط وجنود حزب الله الى سوريا للدفاع عنه في درعا وحلب".
ووفقاً لمعارض سوري آخر: "نظام بشار الاسد يستقوي بعدد من المؤيدين له في بعض عشائر الشرق السوري، كما انه قام خلال الاونة الاخيرة بتسليحهم للدفاع عنه من الثورة التي لا زالت حتى الان في مهدها، كما ان النظام يسعى حالياً لعقد صفقة مع جماعة الاخوان المسلمين السورية لقمع المظاهرات، ولعل بوادر هذه الصفقة عندما قام بتزويد هذه الجماعة بالسلاح للوقوف ضد الثورة الشعبية التي تطالب بسقوطه، بالاضافة الى ذلك اوفد الاسد عدداً كبيراً من العناصر الفلسطينية المقيمة في سوريا، لاشعال النار في عدد من المؤسسات الحيوية بالبلاد، والصاق الاتهامات فيما بعد بالمتظاهرين وربما باسرائيل، ولعل الهدف من ذلك هو تجريم التظاهر والتمهيد للعمل ضده بقوة السلاح".
إلى ذلك تعددت مجموعات فايسبوك المناهضة للنظام السوري، وكان من ابرزها بحسب يديعوت احرونوت المجموعة التي اطلقت على نفسها اسم "مليون توقيع ضد الرئيس الاسد"، وفي موقع تويتر يمكن بسهولة متابعة سيل الانتقادات اللاذعة للنظام السوري، يرافق ذلك عدد ليس بالقليل من الافلام القصيرة التي تجسد الواقع الدراماتيكي الحاصل في مختلف المدن السورية خاصة مدينة درعا.
ويقول احد المستخدمين السوريين على تويتر: "انني ادعو كافة القنوات العربية والاجنبية الى انقاذنا، هذا النظام السوري الفاسد يقتلنا وينصب لنا المذابح، هناك مذبحة في درعا، انقذونا، انني اتوجه الى الشعب السوري وابلغه بأن هناك مذبحة في درعا، انقذونا، درعا تموت".
ساحة النقاش