قال نشطاء ليبيون في مدينة مصراتة شرقي العاصمة طرابلس إن الثوار ألحقوا هزيمة كبيرة بكتائب العقيد معمر القذافي وطردوها خارج المدينة، عقب محاولة فاشلة لاسترجاعها. كما تمكن الثوار في مدينة الزاوية غرب العاصمة من صد هجوم مشابه، في حين شهدت مدينتا راس لانوف وبن جواد معارك كر وفر بين الثوار وكتائب القذافي.
وقال الناشط السياسي في مصراتة إبراهيم المصراتي إن الثوار استدرجوا أرتالا من الدبابات العسكرية إلى وسط المدينة، حيث وصلت إلى مجمع المحاكم ووقعت في كمين محكم أعده الثوار الذين طوقوها من فوق المباني.
وأضاف أن المعركة التي بدأت الساعة 11 صباحا بالتوقيت المحلي وانتهت الساعة الرابعة والنصف عصرا بنصر كبير للثوار، بعدما تمكنوا من قتل 22 جنديا وأسر 20 آخرين.
بالمقابل ذكرت مصادر طبية وشهود أن مواجهات يوم امس خلفت ٢٠ قتيلا على الأقل ، بينهم طفل رضيع، كما أصيب 60 آخرون بجروح ستة منهم وضعوا في العناية المركزة بالمستشفى.
ونقل عن مصادر في مصراتة أن صحفيين أجنبيين من بين المصابين، أحدهما صحفي فرنسي لدى قناة "24 تي في" الفرنسية.
هزيمة مذلة للقذافي
وأشار مراسلون صحافيون نقلا عن عميد كبير في الجيش الليبي انضم إلى الثوار، أن كتائب القذافي تعرضت لهزيمة مذلة بعد الدفاع المستميت لأهالي المدينة أمام هجوم عنيف استخدمت فيه الكتائب الأسلحة الثقيلة وقذائف المدفعية.
وقال نقلا عن ذات المصدر إن قوات القذافي والمرتزقة انسحبوا من المدينة مخلفين وراءهم كما كبيرا من الأسلحة والآليات والسيارات، وأن من هذه السيارات ما يراها لأول مرة رغم خبرته الكبيرة في الجيش.
وأضاف أن ما بين 30 إلى 35 شخصا قتلوا في المواجهات ، وأن بعض الجثث التي عثر عليها كانت عبارة عن أشلاء، كما سقط عدد من القتلى والجرحى والأسرى من كتائب القذافي.
وأكد ان المدينة باتت خاضعة بأكملها لسيطرة الثوار، في حين شكل الأهالي لجانا شعبية لحماية مصراتة ونظافتها، منبها مع ذلك إلى أن الكتائب ما تزال تتمركز على أطراف المدينة وقد تعيد كرتها في أي وقت بعد تلقيها الدعم الكافي.
وفي منطقة بلدة بن جواد غرب راس لانوف جرت معارك كر وفر بين الثوار والكتائب الأمنية، بعد تمكن الأخيرة -تدعمها الطائرات الحربية- من دفع الثوار إلى التراجع نحو راس لانوف شرقي طرابلس.
وقال شاهد عيان من البلدة إن الكتائب الأمنية والمرتزقة احتموا بالنساء والأطفال داخل بلدة بن جواد لقصف الثوار الذين قتل منهم اثنان وأصيب عدد آخر بجروح، مما دفعهم للتراجع إلى راس لانوف.
الانسحاب من بن جواد
وقد اضطر الثوار تحت وطأة القصف العنيف من جانب قوات القذافي للانسحاب من بلدة بن جواد ، وعاد مئات منهم فجأة على متن عربات وشاحنات صغيرة بسرعة كبيرة إلى بلدة راس لانوف النفطية التي يسيطرون عليها وكثيرون منهم قالوا انهم يخشون تقدما لقوات الجيش.
وقال مؤمن محمد احد المقاتلين لرويترز "القذافي يمزقنا. انه يطلق علينا نيران الدبابات والصواريخ. لا اعرف ما الذي سنفعله الآن."
وكان بعض المقاتلين يرغب في العودة إلى خط المواجهة مرة ثانية فيما كان البعض الآخر يفضل البقاء في راس لانوف حتى يعاد تنظيم الصفوف ومواصلة القتال صباح اليوم.
وقال اسماعيل القطاني "لقد اخطأنا بترك بن جواد. كان علينا ان نبقى."
واضاف "كان هناك هجوم من القذافي... شاهدنا المزيد من مركبات القذافي تتقدم."
وسيطر المحتجون على بن جواد الواقعة على بعد 160 كيلومترا من سرت يوم امس الاول لكنهم انسحبوا في وقت لاحق مما سمح لوحدات من الجيش باحتلال منازل بالبلدة واتخاذ مواقع لقنص المعارضين .
وبعد تقدمهم وقع تبادل للقصف المدفعي حيث اطلق المعارضون القذائف الصاروخية وقذائف المورتر على الجيش الذي رد بالنوع نفسه من القذائف إلى جانب قذائف المدفعية الثقيلة.
وقال بعض مقاتلي المعارضة ان سكان بن جواد انحازوا إلى قوات القذافي خلال الكمين. وقال ابراهيم رقرق وهو مقاتل في صفوف المعارضة "كانت هناك خيانة. رأيت أشخاصا بملابس مدنية يطلقون علينا النار."
لكن بعض المقاتلين العائدين من الكمين عارضوا ما قاله رقرق وقالوا "انهم اخواننا. لقد اجبرهم القذافي على ذلك."
مفاوضات لدخول سرت سلميا
وقال أحد قادة المعارضة المسلحة في وقت سابق إن قواته تحركت من بن جواد غربا وتسيطر على بلدة النوفلية على بعد 120 كيلومترا من سرت اذ ينتظرون دعوة من المواطنين في سرت قبل التقدم.
وقال العقيد بشير عبد القادر لرويترز إن السيطرة على سرت ليست صعبة وأضاف أنه يعتقد أن 70 في المئة من المواطنين هناك مع المعارضة المسلحة غير أنهم طلبوا من المعارضة عدم الذهاب الى هناك خوفا من المعارك العنيفة. وقال إن المعارضة ستنتظر الى أن تتلقى اتصالا من سرت لإبلاغها حين يكون الناس هناك مستعدين.
وقال العقيد عبد القادر الذي تحدث خلال مؤتمر صحفي في راس لانوف بوقت سابق إن هناك نحو ثمانية آلاف من مقاتلي المقاومة بين راس لانوف والنوفلية وإن قوات القذافي تعزز بلدة سرت مسقط رأس الزعيم الليبي.
وقال عبد القادر ان اخوانهم موجودون في سرت وأنهم لن يقبلوا بهذا الوضع وتابع أنهم يعرفون أن القذافي "قاتل" وسرق أموالهم وسيقفون في صفهم نافيا أحدث تصريحات الحكومة الليبية بأنها تسيطر على راس لانوف.
قبيلة القذافي تريد التفاوض
وفي ثاني اكبر مدينة بشرق ليبيا حيث اندلعت الانتفاضة قال العقيد الأمين عبد الوهاب عضو المجلس العسكري لمنطقة بنغازي إن المجلس تلقى اتصالا من أعضاء بقبيلة القذاذفة التي ينتمي لها القذافي في سرت ويريدون التفاوض وأضاف أنه لن تكون هناك مفاوضات مشيرا الى ان افراد القبيلة سألوهم عما يريدونه وكان ردهم هو أنهم يريدون إسقاط القذافي.
وقال عبد الوهاب إن جنودا ينتمون لقبائل الفرجان أعدموا لرفضهم قتال المعارضة المسلحة. وأضاف أن قبيلة الفرجان في سرت انضمت للعصيان بسبب الأعمال الوحشية هذه لكن المشكلة هي أنهم غير مسلحين وقال إن النظام زود قبيلة القذاذفة فقط بالسلاح.
وتابع أن القذافي ربما يكون له اكثر من 20 الف مقاتل في سرت مشيرا الى أن المدينة بها قوات للساعدي ابن القذافي التي تضم أربعة ألوية علاوة على ابناء القبيلة المسلحين.
وقال إن قائد الكتبية التي يمثل القذاذفة 90 بالمئة منها هو عبد الله مسعود ابن عم القذافي.
هدوء حذر في الزاوية
من جهة أخرى ساد مدينة الزاوية غرب طرابلس هدوء حذر بعد سيطرة الثوار على المدينة في أعقاب قصف بري وجوي عنيف صباح امس لليوم الثالث على التوالي.
وقال متحدث باسم الثوار إن كتائب القذافي شنت هجوما جديدا على المدينة كان أعنف من هجوم أمس الاول، سعياً لاستعادة السيطرة عليها في وقت ما تزال فيه الكهرباء والاتصالات الهاتفية والإنترنت مقطوعة عن المدينة.
وأكد شهود عيان في المدينة تجمع قوات كتائب القذافي قرب جسر الزاوية عند مدخل المدينة الشرقي وسط توقعات بمعاودة الهجوم على مركزها، حيث إن المدينة -التي تبعد 50 كلم عن طرابلس- ما تزال مطوقة من عدة جهات.
ساحة النقاش