<!--<!--<!--
هناك الكثير من المنظمات الحقوقية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وهدف هذه المنظمات تحديد مدى التطور الحادث في مجال حقوق الإنسان في جميع البلدان، وخاصة في مجال الحقوق المدنية والسياسية، وأود الإشارة إلى بعض النقاط أو التساؤلات لهذه المنظمات لمعرفة ما الأهداف الحقيقية وراء تلك المنظمات الحقوقية:
- تطالب هذه المنظمات بدعم مادي داخلي وخارجي من المنظمات الدولية فلمن يكون انتماء وولاء تلك المنظمات، لبلادها أم للجهات الدولية المانحة؟.
- تطالب هذه المنظمات بمراقبة وتحليل أداء الحكومات أمام الأجهزة المعنية بحقوق الإنسان داخل الأمم المتحدة، إذن هي تفرض وصايتها على حكومات دول مستقلة ذات سيادة، فأين حقوق الدول من تلك الوصاية؟.
- تطالب هذه المنظمات بتحديد كيفية تعامل أجهزة الحكم مع الاحتجاجات السياسية والاعتصامات والإضرابات، فهي بذلك تطالب بأن تكون بديلاً عن الحكومات طالما أنها هي التي ترسم السياسات للتعامل مع الاضرابات، وهذه شئون داخلية تخص البلد فلماذا يتم عرضها على الدول الخارجية في الأمم المتحدة؟ إذا كانت الشعوب نفسها قبل الحكومات ترفض تلك الوصاية، فبأي حق تتدخل هذه المنظمات الحقوقية في شئون البلاد؟ هل يتدخلون لحماية أقلية على حساب أغلبية، فأين إذن حقوق الأغلبية؟.
- هذه المنظمات الحقوقية تتهم رؤساء الدول العربية والإسلامية بأنها لا تتوافر لديها إرادة سياسية مما يجعلها تتخوف عل مستقبل حقوق الإنسان في المنطقة وانعاكسات ذلك على الأمن الإقليمي والدولي، كما تتهم الحكومات العربية بالاستهتار بالقانون الدولي، فهل ستقبل الحكومات القادمة بعد الثورات العربية بمثل هذا الإتهام من منظمات قائمة على أرضها وتأتمر بأوامر جهات خارجية؟.
- هذه المنظمات الحقوقية تتحدث عن رؤساء الدول العربية والإسلامية بطريقة غير لائقة تجعلهم غير قادرين على حماية أنفسهم وحماية شعوبهم، وهذا اتهام للشعوب قبل الحكام، فليس هناك شعباً يحترم نفسه يقبل بأي حال من الأحوال أن يهان رئيس دولته على مرأى ومسمع من العالم، وكأن هذه المنظمات الحقوقية هي أصلح الجهات في العالم لحماية حق الشعوب.
- هل كل الشعوب العربية والإسلامية لا تستطيع القيام بأمور دولتها فتحتاج إلى حقوقيين يقومون بأداء دور الحكومات ودور الشعوب في آن واحد؟
- هذا العداء الذي تريده المنظمات الحقوقية بين الشعوب وحكوماتها ليس في صالح أحد الطرفين، ولتقوم الشعوب مع حكوماتهم بحل مشكلاتهم الداخلية دون تدخل الآخرين.
- ولماذا يقوم المجتمع الدولي بإصلاح العالم العربي والإسلامي؟ هل سأل الحقوقيون أنفسهم هذا السؤال؟ ولماذا لا يتدخل الحقوقيون لحل مشكلة فلسطين وأفغانستان والعراق؟ الأمم المتحدة منظمة دولية قائمة منذ أكثر من نصف قرن ومع ذلك فالانتهاكات في وجودها لا تعد ولا تحصى فأين وظيفتها التي أنشئت من أجلها، وأين حمايتها للقانون الدولي الذي تتحدث عنه، وأين الحرية والديمقراطية في نظام الفيتو الذي يعطي الحق لأقلية على حساب الأغلبية؟
- ألم يدعم الأمريكان النظام في أفغانستان أثناء الاحتلال السوفيتي؟ ماذا حدث بعد هذا الدعم؟ أظنهم يعرفون الإجابة
- متي كان الدين معادياً لحقوق الإنسان؟
- متى كانت الأقليات غير المسلمة مضطهدة في بلاد المسلمين؟ إنها تعيش بين المسلمين منذ أكثر من ألف عام؟ فلينظر الحقوقيون إلى الأقليات الإسلامية في البلاد الغربية وتقدم لنا تقريراً عما يحدث لها في الغرب؟
- منظمات حقوق الإنسان في تقاريرها ترعى الأقليات بل هي تستخدمهم كوسيلة ضغط على الحكومات العربية والإسلامية، إنهم يتحدثون عن الأغلبية المسلمة في مصر(95%) على أنهم فئة معينة من المواطنين ونسي أنهم هم الأغلبية، هل الديمقراطية هي احترام رغبات الشعوب أم احترام رغبات جمعيات حقوق الإنسان؟ وما هي المعايير التي يتم الاحتكام إليها؟
- تطالب المنظمات الحقوقية بالمشاركة السياسية، والمشاركة في الأحزاب أو النقابات المهنية والعمالية أو المنظمات غير الحكومية، ومراقبة وتقييم الكيفية التي تنفق بها المعونات الدولية الموجهة لحقوق الإنسان والإصلاح السياسي، أظن أن هذه المطالبات توضح تماماً ما تسعى إليه تلك المنظمات، فهي تسعى أن تكون بديلاً عن الحكومات العربية أو على الأقل شريكاً لها.
- إذا كانت تسعى أن تكون فترة رئاسة أي رئيس دولة فترتين كأن ذلك أحد حقوق الإنسان ، وهذا لا يمثل شيئاً للإنسان، فليس كل أفراد الشعب يسعى لأن يكون رئيساً للدولة؟ ما الفرق بين سياسة الرئيس بوش الأب وكلينتون وبوش الإبن وباراك أوباما؟ هل أثر تغيير الرئيس في أمريكا بسياساته في المنطقة؟ فلماذا يثيرون هذه القضية في العالم العربي والإسلامي؟ إنه تدخل لايؤثر من قريب أو بعيد في السياسات إلا إذا كانوا يريدون تعيين الولاة في الدول العربية باعتبارها بعض الولايات المتحدة الأمريكية، قالها يوماً رئيس أمريكا أن عدم الاستقرار في السودان يؤثر في الأمن القومي الأمريكي؟ فهل هناك من يعي تلك السياسات؟
- هل تحدث التقرير عن كيفية القضاء على مشكلة البطالة والفقر والجهل والمرض؟ أم أن هذه المشكلات تُحل بالديمقراطية؟ هل حلت الديمقراطية الغربية المشكلة الإقتصادية والفساد الأخلاقي في المجتمع الغربي؟
- مشاركة النساء السياسية يجب ألا تكون بالتعيين، فأين إذن حرية الاختيار؟ لابد أن تترك الحرية كاملة للنساء والرجال ويختار الشعب من يمثله؟ وهل من تم اختيارهن يصلحن لهذه المهمة؟
- حجب المواقع الاليكترونية الإباحية والتي تؤدي إلى الانحلال وسوء الأخلاق وانتشار الزنى والفواحش والجريمة واجب على الحكومات والشعوب وكل إنسان ذو فطرة سليمة فلماذا تعترض المنظمات الحقوقية على حجب تلك المواقع، لا أدري من متخذ القرار في كل دولة الحاكم أم الجمعيات الحقوقية؟
- إن الجمعيات الحقوقية تلعب على أوتار حقوق الأقليات وحقوق المرأة، وهي لا يهمها هذا أو ذاك من قريب ولا بعيد، كل ما يهمها هو وجودها كعنصر مؤثر في السياسة الداخلية للبلاد ولمصالح خارجية.
- إذا كانت المنظمات الحقوقية تطالب بتفتيش البلاد ومراقبتها في مجال حقوق الإنسان فلماذا ترفض مراقبة الدولة لأدائها وخاصة أنها تطالب بتمويل أجنبي لأنشطتها، أليس هذا ادعى للحكومة أن تقوم بهذه الرقابة لضمان ولاء تلك المنظمات للبلاد التي تنتمي إليها. أم أنها ستنتمي لدولة الكرة الأرضية، اليهود يبحثون لهم عن وطن، فهل تريد الجمعيات الحقوقية أن تكون بلا وطن؟
هذه المنظمات الحقوقية ومن خلال تقاريرها تريدها حرباً أهلية بين الأقليات والأغلبيات، إنها تدافع عن المذاهب الفاسدة بحجة حمايتهم من الأغلبية، إنهم يرفضون المصالحة بين المتنازعين بحجة سيادة القانون (هذا بزعمهم)، أما المصالحة فستجعلهم يكفون أيديهم عن القضية برمتها، ألم تحدث انتخابات نزيهة في فلسطين المحتلة وتحت رقابة دولية، ماذا حدث للديمقراطية عندما فازت حماس في تلك الانتخابات؟ إنهم يريدون ديمقراطية على هواهم، ديمقراطية لا تحترم رغبات الشعوب بل تحترم رغبات المنظمات الحقوقية.
يجب على المنظمات الحقوقية أن تعيد النظر في المهام التي تقوم بها، فلا يعقل أن تكون أحد مهامها زيادة النزاع والصراع بين الأطراف المتصارعة بحجة حماية حقوق الأقليات، وكما نرى في المغرب العربي أن هناك صراعاً الآن بين العرب والبربر، وبين العرب والأمازيغ، مع أن الجميع ينتمون إلى دين واحد، وليست اللغة العربية حكراً على أهل الجزيرة العربية بل هي لغة القرآن، والقرآن نزل للعالمين، وأي ناطق بالعربية يصبح عربياً بانتمائه إلى الإسلام، وفضل العرب أن منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم حملوا الرسالة إلى شعوب العالم، وقد رأينا في العالم الإسلامي كيف كانت الأخوة والوحدة بين المسلمين، بين بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وعمرو القرشي، جمعهم دين واحد ولغة واحدة هي لغة القرآن، وجمعهم هدف واحد هو نصرة هذا الدين ونشره في الآفاق لينعم الجميع بالخير والعدل والحق.
لا يجب أن تكون أحد مهام الجمعيات الحقوقية زيادة الفجوة بين الحكومات والشعوب، بل يجب أن يكون الهدف هو تقريب وجهات النظر بينهما وأن يتعاون الجميع، حكومات وشعوب، للعمل لصالح أوطانهم.
يجب أن تكون أحد أهداف الجمعيات الحقوقية نشر العدل بين الدول، فليس من حقوق الإنسان أن تنفرد دولة بقيادة العالم دون أن يكون عليها رقيب أو حسيب وأن تضرب عرض الحائط بمواثيق المنظمات الدولية لمجرد أنها تملك حق الفيتو.
الحريات الإعلامية لا تعنى نشر الفساد والرذيلة والجرائم على مرأى ومسمع من العالم حتى يظن المشاهد أن هذا هو حال العالم الإسلامي، ولا يجب أن نعلن الجريمة لأن إعلانها يؤدي إلى إزعاج عيون المشاهدين بمشاهدة جرائم قد تؤثر على الطفل الذي لا يدرك ويحاول تقليد هذه الجرائم أو هذه المشاهد التي لا تليق، ويجب أن تتخذ الإجراءات لمنع وقوع تلك الجرائم، وليست أمريكا ببعيد فقد أصبح طلبة المدارس بها من حملة السلاح.
يجب على المنظمات الحقوقية أن تساهم في حل مشكلات بلادها أو وضع حلول لها مثل: الجهل والفقر والمرض والبطالة وسوء الأخلاق، وأن تقوم بمعاونة الحكومات بدلاً من كونها سيفاً مسلطاً عليها.
الصراع بين الحكومات والشعوب، وبين الأقلية والأغلبية، لا يصب إلا في مصلحة أعداء البلاد، ويضع هذه الدول تحت الوصاية الدولية، وهذه الوصاية لن تؤدي إلى خير بل ستؤدي إلى مزيد من الدمار والخراب، فهل تقبل الدول العربية والإسلامية أن تظل تحت الوصاية؟.
الأمثلة أمامنا كثيرة، والدول التي طلبنا مساعدتها لحل مشكلاتنا زادتها تعقيداً، وأمامنا المشكلة الفلسطينية شاهد عيان على أن مشكلاتنا لن تحل إلا بأيدينا، وبعقولنا ورغبتنا الأكيدة في الحل، أما المنظمات الحقوقية فيجب أن تكون انتماءاتها للبلد الذي تعيش فيه.
قام المحتل بتقسيم البلاد الإسلامية إلى دول تتصارع فيما بينها والآن يريد صراعاً من نوع آخر، صراعاً داخلياً بين الحكومة والشعب، وبين الأقلية والأغلبية، بل بين المذاهب المختلفة داخل الدين الواحد، لكي يتم تفتيت الدولة الواحدة إلى دويلات لا تستطيع حماية نفسها وتظل في صراع إلى الأبد، ثم صراع على الحدود بين الدول ثم عدم قدرة الدول على حماية نفسها نتيجة الصراعات الداخلية فتطلب الحماية من حماة الدول والشعوب (متمثلا في الغرب) يصبح الاحتلال برغبة من الشعوب نفسها التي ترفض حكوماتها نتيجة فعل المنظمات الحقوقية بأهل البلاد والاحساس المتنامي بالظلم والاضطهاد وخاصة بالنسبة للأقليات والنساء.
وما أذكره ليس بخاف على أحد، فما نراه بطول العالم الإسلامي وعرضه يبين ذلك، السودان وصراعه بين الشمال والجنوب، نيجيريا والصراع بين المسلمين والنصارى، المغرب وموريتانيا والصراع على الصحراء المغربية، الصومال ومحاولة تفتيتها، اليمن والسعي إلى تقسيمها، العراق واحتلالها وما يحدث فيها، أفغانستان وفرض السيطرة عليها بحجة حرية الشعب الأفغاني والقضاء على طالبان المتشددة، كلام لا يقنع إلا من جهل تاريخ الصراع الذي لا ينتهي بين الحق والباطل، بين الإسلام وأعدائه، فهل آن لنا أن نقف وقفة مع أنفسنا لنعرف إلى أين نسير وما نريده لأنفسنا وما يراد بنا، قال تعالى: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم".
مهندسة / سحر زكي