التوحيد و أقسامه الثلاثة :

في بداية الأمر كان سيِّدُنا محمد r يُعَلِّمُ أصحابه y الدين الإسلامي : كتاباً وسنة و مما ساعدهم على الفهم بعد توفيق الله Y لغتهم الفصحى و لكنهم كانوا يتفاوتون في الفهم تبعاً لحُسْن اعتقادهم والذي نشأ عنه فروق فردية في الفهم و النظر و الاستيعاب ، و قد بوب الإمام البخاري[1] رحمه الله تعالى باباً بعنوان : (( باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا )) هذا وقد أشار إلى ذلك شيخ الإسلام أحمد بن تيميَّة[2] رحمه الله تعالى بقوله : " النبي r كان يخاطب الناس على منبره بكلام واحد يسمعه كل أحد لكن الناس يتفاضلون في فهم الكلام بحسب ما يخص الله تعالى به كل واحد منهم من قوة الفهم وحسن العقيدة". انتهى. فتعلم التوحيد كان بمثابة الشجرة والأحكام الشرعية بمثابة الفروع كما في قوله أيضاً[3] :" فالكلمة الطيبة في قلوب المؤمنين وهي العقيدة الإيمانية التوحيدية كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء فأصل أصول الإيمان ثابت في قلب المؤمن كثبات أصل الشجرة الطيبة وفرعها في السماء { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ }فاطر10والله سبحانه مثل الكلمة الطيبة أي كلمة التوحيد بشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء   ".انتهى.

 

فحينما يعلمهم الرسول r فقد كانوا يفهمون أن هذا متعلق بالتفسير و ذاك بالفقه و هذا بالمعتقد و هكذا لما ازدادت – بحمد الله تعالى – الفتوحات الإسلامية ودخل الناس في دين الله تعالى أفواجاً من العجم و المولدين حتاج الناس إلى جعل الشريعة الإسلامية تنقسم إلى علوم متعددة من : الفقه و التفسير و الحديث و التوحيد        " العقيدة " و الأخلاق و السيرة و ... شأنها كشأن سائر العلوم العربية وغيرها ... ومن هنا نشأ علم التوحيد " العقيدة " كعلم مستقل بذاته وقد تتبع العلماء – رحمهم الله تعالى – بالاستقراء و القراءة الإحصائية فوجدوا أن هناك أدلة بالذات العلية : ذات الله – تبارك و تعالى – من أسماء وصفات و أفعال فأطلقوا عليها توحيد الأسماء و الصفات .

كما وجدوا أن هناك أدلة متعلقة بأفعال الله – تعالى – لخلقه من الإحياء والإماتة و الرزق والحفظ و ... فأطلقوا عليها توحيد الربوبية = فعل الرب للعبيد       ووجدوا أيضاً أن هناك أدلة تتعلق بأفعال المكلفين نحو رب العالمين – عز وجل – فأطلقوا عليها : توحيد الإلوهية = فعل العبد للرب .

ومن هنا كان علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة يشمل الأنواع الثلاثة : توحيد الأسماء و الصفات وتوحيد الربوبية و توحيد الإلوهية .

هذا وقد سار على ذلك المسلمون تطبيقاً عملياً إلى أن كثر اللبس في العامة والتلبيس من الخاصة وعلماء السوء وأهل الشبهات والشهوات فصاغها بعض علمائنا من أهل السنة بعبارات مختصرة فصيحة بأسلوب رقراق...وقد أكثر نت ذكر ذلك الإمام أحمد بن تيمية(ت728هـ رحمه الله تعالى)في مصنفاته.

[فائدة]:

***في القرآن الكريم إشارات[4] إلى ذلك مثل قوله تعالى: { رّبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} مريم/65 .

*** وفي السنة الشريفة المطهرة  إشارة إلى ذلك كما في صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ[وليس له في صحيح البخاري إلا هذا الحديث] عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ إِذَا قَالَ حِينَ يُمْسِي فَمَاتَ دَخَلَ الْجَنَّةَ أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِذَا قَالَ حِينَ يُصْبِحُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ مِثْلَهُ.

 

 

 

 


[1] - في كتاب العلم من صحيحه ،جـ 18 ص 339 .

[2] - في مجموع الفتاوى ، جـ 18 ص 339 .

[3] -نفسه، جـ13 ص 158 .

[4] - قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في تقريب التدمرية،ص110 :" وقد جمع الله هذه الأقسام في قوله تعالى:...الآية".

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 295 مشاهدة
نشرت فى 4 يونيو 2011 بواسطة Islamisright

ساحة النقاش

محمود داود دسوقي خطابي

Islamisright
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

271,700