السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لفظ ظلام الذي جاء في قوله تعالى: " وأن الله ليس بظلام للعبيد " في سورة ( آل عمران / 182 ) ( والأنفال /51 ) و ( الحج /10 ) وفي قوله: " وما ربك بظلام للعبيد " في سورة ( فصلت /46 ) وفي قوله: ( وما أنا بظلام للعبيد ) في سورة ( ق / 29 ) فليس المقصود من هذا اللفظ صيغة المبالغة بل هي للنسب أي : ليس منسوباً إلى الظلم .
فيكون معناه :إن الله تعالى ليس بذي ظلم وصيغة: فَعَّال هنا بمعنى: صاحب وليست للمبالغة قاله الشيخ محمد علي الصابوني[1] وقال :
" أي وليس الله منسوباً إلى الظلم حتى يعذب بغير إساءة فهو تعالى لا يعاقِب أحداً إلا بذنبه وإنما هي صيغة نِسبة مثل:عطَّار ونجَّار وتمَّار ولو كانت للمبالغة لأوهم أنه تعالى ليس بكثير الظلم ولكنه يظلم أحياناً وهذا المعنى فاسد ؛ لأنه يستحيل عليه الظلم جل وعلا ". انتهى. وجاء في ألفية ابن مالك مع شرحها لابن عقيل[2] :
وَمَعَ فَاعِلٍ وفَعَّالٍ فعل *** في نسب أغنى عنِ الْيَا قُبِل
يُستغنى غالباً في النسب عن يائه ببناء الاسم على فاعل بمعنى صاحب كذا نحو : تامر ولابن أي : صاحب تمر ولبن وببنائه على فعال في ... [وقال[3]:]الحرَف غالباً : كبقَّال وبزَّار وقد يكون فعَّال بمعنى صاحب كذا وجُعِلَ .
منه قوله تعالى :" وما ربك بظلام للعبيد " أي :بذي ظُلْم وقد يُستغنى عن ياء النَّسَبِ أيضاً بفعل بمعنى: صاحبِ كذا نحو: طَعِمَ ولَبِسَ أي :" صاحب طعامٍ ولِباسٍ " .انتهى كلام الإمامين[4] .
§ ( فائدة ) : للإمام الزركشي[5] إجابة من أحد عشر وجهاً في توجيه هذا المعنى وما يماثله مما يثبت لله تعالى كمال الأسماء الحسنى والصفات العليا وينفي عنه كل نقص وشَيْن .
[1]- في صفوة التفاسير ( ص 1272 ) تحت الآية ( 46 ) من سورة فصلت .
[2]- حـ 4,ص167
[3]- ص 168
[4]- أي : ابن مالك وابن عقيل .
[5]- في البرهان ، حـ2,ص510- 511وهكذا ينظر إضافة إلى ماسبق مايلي :
§ تفسير روح المعاني للإمام الأوسي , ( حـ 3 , ص 344 ).
§ تفسير فتح القدير للإمام الشوكاني , ( حـ 2 , ص 59 ).
§ تفسير اللباب للإمام ابن عادل الحنبلي , ( حـ 11, ص 384 ).
§ تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل للإمام النسفي , ( حـ 1 , ص 425 ). تفسير التحرير والتنوير للشيخ ابن عاشور , ( حـ 14, ص 70 ).
§ تفسير الشيخ ابن عثيمين , ( حـ 8 , ص 24 ).
§ تفسير السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير للإمام الخطيب الشربيني ( حـ 1, ص 596 ) .
§ درة الغواص في أوهام الخواص للعلامة الحريري ، (جـ1 ص 50).
§ شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى , ( حـ 18 , ص 137 ) وكذلك ما تناثر من أقواله في سائر كتبه .
ساحة النقاش