حسن حجازي

شعر.. قصة .. ترجمة أدبية هادفة

 

 

 

 

مسافر إلى الغد // بقلم عمر علوي /شاعر مغربي /حسن حجازي

شاعر وقصيدة


حسن حجازي وبصمته الشعرية/نكهة الزمن الجميل
عمر علوي ناسنا
المغرب

________________________________________

غريبة تلك اللحظة التي تبحث فيها عن نص يستطيع أن يدعي معرفته العميقة بصاحبه، معرفته لخلجان روحه ولتفاصيل دروبه ، وفيما تركب موجة البحث تشرئب أعناق نصوص كثيرة لكن قلة فقط تستطيع أن تمنحك ذاك اليقين اللذيذ بأن أنفاس الشاعر في نص ما أثيرة وعميقة.

ذاك ماخالجني وأنا أبحث عن نص شعري في السلة الإبداعية لأخينا الفاضل الجميل حسن حجازي والسؤال الذي يسكنني من يمثل الآخر أكثر ؟ الشاعر يمثل النص أم النص يمثل الشاعر ؟
وبصرف النظر عن ايهما فتح السفارة في أرض الآخر فإن البحث لم يطل كثيرا حين نقر أحد نصوصه نافذة التلقي المشرعة وهو النص التالي:

مسافرٌ إلى الغد !
حسن حجازي/مصر

بينكَ وبينَ الضفةِ الأخرى
لم يبق سوى القليل
أو أكثر بقليل
أو أقل بقليل ,
بين َ الظلمةِ والنور
بين َ خطوطِ اليأس
وآمالِ الرجاء ,
تقدم
لو عمَ السواد
تقدم لو سرقوا من العينِ الضياء ,
تذكر أنك َ على موعد ٍ هناك
أصمد لو كُسِرَ المجداف
لديك َ الف ُ ذراع ٍ وذراع
أصمد
لو بَعُدَ الشط
أصمد
لو تاه الغد
أصمد
لو تجمعت كل ُ المَرَدة
وأعوانُ الشيطان
أصمد
لو تجمعت ألوانُ الزيف
وتجمع كلُ السحرة
من عهدِ فرعون
الى البنتاجون
لا تخف
إلق ِ عصاك
فيكَ بأسُ موسي
نبضُ عيسى
نورُ محمد
تشبث بالإيمان :
" ..... فلا يغرركَ تقلبهم في البلاد " ,
وتذكر " إرم ذات ِ العماد " ,
تقدم
لو سرقوا من النورِ الشطآن
ولا تنس إنكَ إنسان
يسري فيك َ النورُ الأبيض
من ملائكة ِ الرحمن
تتنفسهُ في بسمة
في نسمة
في وردة
في رفرفةِ فراشة
تداعبُ ألوانَ الطيف
فلتمسك بالضوء
وتتمسك بالطهر
يصبح ُ الليل ُ الأسود ُ عندك ظُهر
يهديكَ إلى الشط
أصمد فالمرسى ليس بعيد
تحمل على ظهرك َ همومَ العبيد
احلام َ المقهورين
المنهزمين
البسطاء
الغرباء
ضحايا الغلاء
ضحايا النفط
ضحايا القحط
العطشى لشربةِ ماء
للستر
للكِساء
أصمد فالشاطيء ليسَ ببعيد
ها... قد وصلنا
تشبث بالغد
بالوعد
أثبت يا عبد الله
أثبت ثبتكَ الله
أنظر للطهر
لينابيعِ الخير
هناكَ آلافُ الأحرار
هناكَ الأطهار
هناكَ الأبرار
هناكَ الأحبار
وأخيراً وصلنا للشط
وصلنا للغد
وأخيراً أدركنا الخلد
وأخيراً
وجدنا الله !


--------------------------

مايميز نصوص الأخ الكريم حسن حجازي دائما هو عبق الزمن الجميل أياما يمكن أن تطل عليك من الماضي حاملة صورة عن عالم منسجم , عالم فيه كثير من النقاء وكثير من قدسية الروح، وفي نصوصه الشعرية دائما تحضر المرأة لتمثل كل تلك القيم وتحضر البلدة ويحضر الإنسان هذه المفردات الثلاثة: المرأة / المكان/ الإنسان هي الأنوية التي يتغذى عليها المعجم الشعري للعزيز حسن حجازي وهي ايضا التي تحكم أفق الدلالة عنده في نسيجه الشعري الوافر.

في هذا النص قد يخيل للقارئ أن بحث الشاعر قد خرج عن تلك الأنوية ولكن القراءة المتأنية تكشف عن حضور تيمة الزمن الجميل الذي يتغذى على ذات الأكوان الدلالية الثلاثة.

أختار الشاعر تيمة السفر ومحورها في صورة المسافر وهو ما أعطى للقصيدة بعداً زمنيا وربطها بكل الأسنن الثقافية التي يملكها القارئ عن السفر ومعطياته ، ولأن الأمر يتعلق بالشعر تحديداً فإنَ السفر هنا سيتحول إلى استعارة كلية تجمع كل تفاصيل القصيدة ، وهنا أود أن اشير لإلى أنه أحيانا يلاحظ في الظاهر أن قصائد الأخ حسن حجازي تتجه نحو المباشرية تحذوها حماسة الموضوع ولكن التأمل يكشف عن أمن المباشرية احيانا قد تكون أداة فنية حين تتحول إلى صورة كلية يتغذى عليها كل المشهد الشعري.

السفر هنا يخرج من مجاله المباشر ليستأسد على كل الأزمنة وفي حركة القصيدة وفي محطاتها التي تجمع بين الإجتماعي والقومي وبين السياسي والثقافي يتحول السفر ألى رحلة تطهير يحركها الشاعر بفعل أمر مركزي يوجهه دائماً للمسافر طالباً منه تجاوز الخيبات ومرارة ماتقدمه الرحلة من خيبات ومثبطات اجتماعية وقومية وسياسية
ليتحول فعل الأمر إلى قاطرة وإلى سوط يلفح عزيمة المسافر الذي ينتهي به التطهر والإصرار إلى نقطة مركزية هي المصب الدلالي العميق للقصيدة وهو الله:


وأخيراً وصلنا للشط
وصلنا للغد
وأخيراً أدركنا الخلد
وأخيراً
وجدنا الله !
----------

حسن حجازي أحسن الإشتغال على سفر إلى الله فصنع في المحطات سيرة الإنسان/ إنسان الزمن الجميل.


عمر علوي ناسنا
شاعر
المغرب

________________________________________

المصدر: حسن حجازي وبصمته الشعرية/نكهة الزمن الجميل عمر علوي ناسنا
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 289 مشاهدة
نشرت فى 24 يونيو 2011 بواسطة Hassanhegazy

ساحة النقاش

حسن حجازي حسن

Hassanhegazy
حسن حجازي شاعر ومترجم مصري »

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

88,992