قراءة في قصيدة جرأة /حسن حجازي /سمر محمد
قراءة في قصيدة جراة / سمر محمد/حسن حجازي
الشاعر :
حسن حجازي
قصيدة ( جرأة ) )
حسن حجازي
///
أهدتني قلماً
لستُ أدري
كانَ من مسكٍ
أو عنبرْ !
قالت :
هيا يا شاعر
اكتب
عن جمالي
عن دلالي
عن قوامي
عن سحري
هيا ارسم
هيا عَبْر !
هيا طُفْ بنا
جناتِ الكوثر
وانهل من السحرِ
من الشهدِ
من عبير المرمر ،
فردَدْتُ لها القلم
وقلتُ لها:
ما جدوى الفرشاة
والحبرُ والمَرسَم
ما دامَ القلبُ
بحسنكِ لا يشعر ،
كم تمنيتُ أن يعيشَ
الحسنُ
فيكِ يا طفلتي
مع الجوهر !
استدراك:
تمنيتُ
أن يرجعَ قطارُ العمرِ
وأقسمُ
إني كنتُ سأضعها
داخلَ قلبي
وأعطرهُ بالمسك ِ
والعَنبر ،
وأحوطها سنواتِ عمري
وأغزلُ لها
من الربيعِ بيوتاً
من الوجدِ
من الشَهدِ المُكرَر ،
فتركتها والقلبُ
يهيمُ بها وبسحرها
ويُمَني النَفسَ
بقربها بوصالها
أكثر وأكثر ،
ويبكي أيامَ الشبابِ
وما كانَ مكتوباً
علينا في الغيبِ
و مُقَدر !
********
قراءة المبدعة :
سمر محمد
:
في نص"جرأة ""
بعد العولمة و الانفتاح و المناداة بـ التحرّر الأنثوي
( المنفلت أصلاً ) وجدنا أنفسنا و قد تنازلت الأنثى
عن الكثير من خجلها العذري ، و باتت جرأتها في كشف مشاعرها
لا تشكّل أية تُشكل مشكلة لديها بل بالعكس ،
فلم تعد تكتفي بالتلميح
بل بدأت تأخذ المبادرة و تستلم زمام التحكّم في كونها البادئة
.... بعض الرجال قد يستهجن الأمر الذي يعتقد أنه خارج
عن المألوف و منافٍ للتقاليد الشرقيّة التي تربّى عليها
و البعض الآخر قد يجد في الأمر طقوساً جديدة تغريه لـ الغوص أكثر
لـ معرفة أعماق هذا المخلوق الذي يسمّى ( حوّاء)
و ما أدراك ما هي ؟
فـ نجده يحلّق في لغة ٍ و كأنها سواقي ممتدّة على سيقان النعناع
لـ ينثر رياح عطر من حرف متواجد منذ الأزل لكنه بات اليوم يتّخذ رائحة مختلفة
العنوان ... جرأة
حين نقرأ هذه الكلمة نشعر و كأن ريحاً أتت تمسّد ضجر المألوف
و تبعدنا عن جرف الرّتابة ...
تأخذنا إلى حافّة جنون تنزلق فيها
الأحاسيس دون خشية من أن يحرثها الطعن لما سيأتي بعدها
فـ هي مكلّلة بشجاعة و سفورٍ لذيذ يريده الكاتب فاضحاً
دون شوائب تشكّل إعاقة ولوج لـ المتلقّي
الاستهلال في النص حركة لغوية
تُظهِر الخيال المبدع للكاتب و تظهر لنا
درجة تشابكه بـ عروة فِتنة من يتحدّث عنها
نجد هذا في ضياعه في تحديد نوع الهديّة
و ربما يكون إرباكه عائداً إلى اعتناقها مبدأ المبادرة
قبل أن يرفّ طرفه عنها
و بما أن الشاعر كان تحت تأثير لحظة معيّنة تائهاً بين
جماليّتها و بين ما اعتمل في دواخله من حساسية لهذا الكائن
المرهف الجريء أمامه و الذي اقتحم خلوته سابراً أعماقه
دون جهدٍ يذكر
اكتب
عن جمالي
عن دلالي
عن قوامي
عن سحري
هيا ارسم
هيا عَبْر !
ثمّ أتى بعد هذا دعوة لـ الطواف و النهل من الأطايب
و ما جدوى هذا ؟؟؟؟؟
يفاجؤنا الشاعر في البداية فـ نشعر و كأن من تعرض مفاتنها
بهذه الطريقة هي لوحة جميلة صدمه جمالها و أزعجه جوهر ألوانها
لـ يستدرك و ينقذنا من حيرتنا و يتمنى
تمنيتُ
أن يرجعَ قطارُ العمرِ
وأقسمُ إني
كنتُ سأضعها
داخلَ قلبي
وأعطرهُ بالمسك ِ
والعَنبر ،
تحدّث هنا بـ فطرته المصدومة و بدأ بـ تفريغ أولى إرهاصات
ما توارد في ذهنه ألا وهو التقاء الخريف بـ الربيع
و ما ينتج عن اقتحام النار للثلج
أحسّ الشاعر بـ الخفق و كأنه وزرٌ يثقل كاهل قلبه
شعر بـ (أوقيانوس) من العطر لم يعد تتسع له رئتاه
هو الذي بات قطعة غيمٍ شاردة تخشى الرياح
و وجد نفسه يخشى انتهاء الخريف تشظّياً
على أعتاب خماسين الربيع الملتهب
حاول أن يستقرئ على مهل همس الملائكة
لـ يمنح قلبه السلام فـ وجد نفسه يقلّب ذاكرة العمر
و يستعيد محطّات تأرجحت انتظاراً
و ها قد وصل القطار و لكن قدميه أعجز من الوصول لـ يستقلّه
حتى صفاراته باتت تزعج أنين أذنيه بسبب الحسرة
حسرة ارتجلتها حروفه بـ براعة المطلق الماء على الحرائق
ثم أنهى القصيد بـ تصوّف لوني ّ أظهر فيه
الرضا
بما قدّر له حين عاد لـ رشده الحكيم و شجب غوائل الشهوة .
القصيدة تختال ببساطة الحرف و قوّة المعنى
نشتمّ فيها حكمة الشاعر
(ألا ليت الشباب يعود يوماً)
بقلم المبدعة :
سمر محمد
********
ساحة النقاش