مصر وإيران وزيارة الرئيس مرسي

د. عصام عبد الشافي

ستبقي إيران، شئنا أم أبينا، أحد أهم القوى الإقليمية في المنطقة، تؤثر في سياسات وقضايا دول المنطقة وتتأثر بها، فالعلاقات بين إيران والدول العربية تربطها العديد من المحددات التاريخية والجغرافية والدينية والثقافية والاجتماعية، وتقوم هذه العلاقات على العديد من القضايا المحورية للطرفين، وإذا كان من الصعب الحديث عن علاقات إيرانية ـ عربية، متسقة نظراً لأن الدول العربية بالأساس منقسمة على نفسها، بل إن الدول العربية ذات الجوار الجغرافي مع إيران، مختلفة فيما بينها في سياساتها ومواقفها تجاه إيران.

إيران سياسياً وإستراتيجيا واقتصاديًا دينيا قوة مهمة، يجب النظر بشكل كلي وشامل في طبيعة العلاقات معها، وصياغتها بشكل يكفل مصالح كل الأطراف، ويضمن تسوية القضايا العالقة بشكل عادل وموضوعي.

إيران يمكن أن تشكل رصيداً ضخما للدول العربية بصفة عامة، ولمصر بصفة خاصة، ونفس الحال بالنسبة للدول العربية ومصر، التي يمكن أن تشكل رصيدا ضخما لإيران.

هناك العديد من الإشكاليات التي تثيرها علاقة مصر بإيران، كالخلاف المذهبي، والموقف الإيراني من سوريا، والمواقف الإيرانية من قضايا الخليج، ولكنها، من وجهة نظري الشخصية، قضايا قابلة للإدارة بشكل فعال، متي توافرت الإرادات وتحركت بإيجابية.

إيران حريصة جدا على تواصلها مع مصر، ويجب أن يكون لدينا نفس الحرص، تواصل ليس ضد أحد وليس على مصلحة أحد، ولكنه تواصل يهدف لخير الجميع وتعزيز المصالح والعلاقات بين الشعوب العربية والإسلامية.

يجب التفكير والتحرك بموضوعية وعقلانية وهدوء، سياسات الدول الكبري، ونحن وإيران منها، لا يجب أن تخضع لقضايا فرعية أو مواقف شخصية من بعض المسئولين هنا أو هناك، ولكن يجب أن تحكمها رؤي إستراتيجية، تصب في صالح الدولتين أولاً وصالح المنطقة ثانياً، بعيدا عن التحيزات المسبقة وبعيدا عن تأثير بعض الخبرات التاريخية السلبية التي شابت علاقات الجانبين.

تعليق:

جاء هذا التعليق من الأخ العزيز والصديق الغالي على باكير الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، حول ماسبق:

حرص ايران الذي تذكره على التواصل مع مصر دكتور لا يتعدى فكرة استخدامها منصّة لقلب العالم العربي، بديل محتمل عن سوريا الحالية...مشكلتنا نحن العرب ان لدينا تفكير "بالأماني" wishful thinking ، لا يستند علىاية معتطيات حقيقية، والأخطر الاعتراف بأن ايران قوة مؤثرة في العالم العربي كأمر واقع بدلا من العمل على تجريمه لانه غير مشروع...اما اذا كان الامر كذلك، فما هي قدرة العرب في التأثير على الداخل الايراني أو حتى لنقل ماهي قدرة مصر؟ الحقيقة (صفر).....من حيث الامنيات الجميع يتمنى ما ذكرتم، اما من حيث الواقع فالفارق كالمسافة بين الأرض والسماء وبشكل مضاد

التعليق على التعليق:

لحديث ليس بالأماني يا علي، ولكنه حديث من واقع إدراك للقدرات التي تملكها الدولتان، مشكلتنا يا علي أننا نبالغ في قدرات الطرف الآخر على التأثير في داخلنا، كما نبالغ في إشعارنا بالعجز على عدم التأثير في أحد، وهذا طبيعي في ظل حالة العجز والانبطاح التي عانت منها معظم إن لم يكن كل النظم السياسية العربية قبل الثورات الشعبية، وهذا طبيعي أن ينعكس على تفكيرنا جميعاً. إيران لها مشروعها الإستراتيجي في المنطقة وهذا حقها، كأى دولة تسعي لتعظيم مصالحها، كما أنه من حق تركيا أن يكون لها مشروعها الإستراتيجي في المنطقة، ومن حق السعودية أن يكون لها مشروعها الإستراتيجي في المنطقة، ومن حق مصر أن يكون لها مشروعها الإستراتيجي في المنطقة، وهذا القوي التى أعتقد أنها تملك القدرة على تنفيذ مشروعاتها، إن أرادت ... إن أرادت، لأنها تملك من القدرات ما تستطيع به ذلك. الأمر يا علي يتطلب إعادة نظر كلية في تفكيرنا ونظرتنا لغيرنا، وإذا كنا أعطينا الحق لإسرائيل، وهي كيان هش دخيل، أن يكون لها مشروعها، أليس من حق إيران أن يكون لها مشروعها، وأن نتعاطي نحن مع هذا المشروع بما يتفق ومصالحنا. الأوضاع تغيرت كثيرا يا علي، وتحديدا في مصر، وعندى قناعة كبيرة تصل لدرجة الثقة في قدراتها وتوجهاتها. المشروعات الكبري لا ينبغي فقط أن يكون كل هدفها البأثير في الداخل، وإن كان هذا مهم، ولكن إذا كانت هناك قوتان إستراتيجيتان العلاقة بينهما وصلت في بعض المراحل لدرجة العداء، لا يجب أن ينصب التفكير في البداية على التأثير في الداخل، وإذا كنا نخشي من قدرات إيران على التأثير في الداخل المصري، هنا يكون العيب والخلل في مصر وفي مؤسساتها، وليس اتهاما موجهاً لإيران

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 309 مشاهدة
نشرت فى 27 أغسطس 2012 بواسطة ForeignPolicy

ساحة النقاش

ForeignPolicy
موقع بحثي فكري، يعني بالعلوم السياسية بصفة عامة، والعلاقات الدولية، بصفة خاصة، وفي القلب منها قضايا العالمين العربي والإسلامي، سعياً نحو مزيد من التواصل الفعال، وبناء رؤي فكرية جادة وموضوعية، حول هذه القضايا، وبما يفيد الباحثين والمعنيين بالأمن والسلام والاستقرار العالمي. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

106,334

ترحيب

يرحب الموقع بنشر المساهمات الجادة، التى من شأنها النهوض بالفكر السياسي، وتطوير الوعي بقضايانا الفكرية والإستراتيجية، وخاصة في  العلوم السياسية والعلاقات الدولية