وصف النظم الزراعية لانتاج الزيتون في الوطن العربي:
تتباين النظم الزراعية الشائعة في قطاع الزيتون العربي من قطر إلى آخر، بسبب تباين العوامل البيئية السائدة في كل قطر منها. وعليه سنقوم خلال هذا الباب باستعراض موجز للنظم الزراعية المتبعة في الوطن العربي قطراً قطراً، بهدف التعريف بالنظم السائدة في زراعة الزيتون في الوطن العربي من جهة ولتبادل المعرفة بين الباحثين العرب في هذا المجال ولتعميم الفائدة من التجارب القطرية المتميزة في هذا المجال من ناحية اخرى. هذا وسيتم استعراض النظم الزراعية السائدة باعتبار العوامل الرئيسية التالية: مصدر الرطوبة الأرضية، كثافة الزراعة، عدد الأنواع النباتية في المزرعة. وسيتم استعراض الدول حسب موقعها الجغرافي من الشرق الى الغرب وهو الترتيب المتبع غالبا في هذه الدراسة.
جمهورية مصر العربية:
من حيث كمية الأمطار:
تتركز زراعات الزيتون في مصر في المحافظات الشمالية على شاطيء البحر الأبيض المتوسط محافظات شمال سيناء و جنوب سيناء و الأسكندرية و مطروح إلى جانب شرق و غرب الدلتا ومناطق الفيوم ومناطق الأستصلاح الجديدة في محافظات الجيزة والوادى الجديد وأسيوط. وتتراوح معدلات كميات الأمطار السنوية في جمهورية مصر العربية بين 150مم إلى 200مم في الساحل الشمالى أما الساحل الشمالى الغربي فيتراوح بين 80مم – 120مم سنوياً . ونظرا لكون هذه الكميات من الامطار غير كافية لري محاصيل الزيتون المنتشرة في هذه المناطق فانه يتم اللجوء أثناء موسم الأمطار (خريف – شتاء) الى إنشاء بعض الأعمال الصناعية لأصطياد كميات المياه بدلاً من ضياعها في البحر المتوسط عن طريق :-
1. السدود الصناعية مثل سد الروافع في وادي العريش .
2. السدود الركامية و هي تعمل على تغيير اتجاة السيول .
3. السدود الترابية التي يتم أقامتها في مجارى الوديان .
4. الآبار الرومانية و هي عبارة عن خزانات أرضية تقام بالقرب من مجاري الوديان أسفل المرتفعات حيث يتم تخزين مياة السيول لأستخدامها في إعطاء ريات تكميلية للأشجار في المراحل الحرجة أثناء فصل الصيف .
كما يتم أستخدام المياة الجوفية في ري اشجار الزيتون والتي يمكن تقسيمها حسب عمقها إلى
1. مياه جوفية سطحية ( يتراوح عمقها بين 4 – 30م ) .
2. مياه جوفية متوسطة العمق ( من 60 – 500م) .
3. مياه جوفية عميقة (من 600 – 1200م) .
وكذلك يتم استخدام العيون الطبيعية والتي هي عبارة عن المياه التي تندفع طبيعيا بدون آلات رفع في ري اشجار الزيتون في مصر، ومن أهم هذه العيون عين الجديرات في سيناء و عين الدكرور في سيوة .
ومن زاوية كثافة الزراعة:
تعتبر الزراعة المكثفة من الانماط الزراعية السائدة لاشجار الزيتون في مصر حيث تزيد نسبة الاراضي المزروعة بالاسلوب المكثف عن 85% من اجمالي الاراضي المزروعة بالزيتون في مصر في حين تشكل الزراعة التقليدية نحو 14٪ فقط والزراعة كسياج نحو 1٪ .
ومن حيث مصادر الري:
يتم ري نحو 20٪ من اشجار الزيتون المزروعة في مصر من نهر النيل، في حين يتم ري نحو 77% من الاشجار من المياه جوفية، ونحو 3% من مصادر أخرى . هذا ويتم ري نحو 14% من المساحات المزروعة بطريقة الغمر في حين يتم ري المساحة المتبقية والبلغة نحو 86% بطريقة الري بالتنقيط.
ومن حيث اعمار الأشجار :
تشكل الاشجار من عمر 40 – 100 سنة نحو 5٪ من اجمالي الاشجار المزروعة في مصر في حين تشكل الاشجار من عمر 10 – 40 سنة نحو 55٪ ، والاشجار التي تبلغ اعمارها اقل من 10 سنوات نحو 40٪.
اما من حيث كثافة الزراعة:
تبلغ كثافة الزراعة في الاراضي المروية نحو 100 – 160 شجرة في الفدان، في حين تقل كثيرا في الزراعات البعلية الى نحو30 – 45 شجرة في الفدان .
ومن حيث نظام التحميل:
تشكل المزارع المتخصصة ( زيتون فقط ) نحو 90% من اجمالي مزارع الزيتون في مصر، في حين تشكل الزراعات المختلطة (مع محاصيل أخرى مثل النخيل و الفواكه) النسبة المتبقية من مزارع الزيتون في مصر.
ومن حيث مسافات الزراعة:
يتم زراعة غالبية الاراضي المزروعة بالزيتون في الزراعات المرويه على ابعاد تبلغ 6 x6 متر الا انه يتم احيانا الزراعة على ابعاد تبلغ 5 x5 ، 6 x6 ، 6 x7 ، 7 x7 متر. اما في في الزراعات المطرية فالنمط السائد هو زراعة الاشجار على مسافة 10 x10متر.
الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية العظمى:
من حيث مصدر الرطوبة للأشجار:
يوجد نظامان للزراعة في ليبيا حسب مصدر الرطوبة بموجب نظامين هما النظام البعلي والنظام المطري. و تعتمد زراعة الزيتون في النظام البعلي على مياه الأمطار التى تهطل بداية من فصل الخريف أحياناً وتستمر خلال فصل الشتاء.وتزرع أشجار الزيتون تحت هذا النظام حتى خط مطري (200 ملم) جنوباً على امتداد ساحل المنطقة الغربية (من زوارة حتى مصراته).وفى مرتفعات الجبل الغربي.اما فى المنطقة الشرقية حيث يصل معدل الأمطار الى 600 ملم فى بعض المناطق (شحات) فان زراعة الزيتون تتركز فى الجبل الأخضر وعلى نطاق محدود فى سهل بنغازي .
وفى هذا النظام تتوقف مسافات الزراعة بين الأشجار على كميات الأمطار وكذلك طبيعة التربة . فكلما قلت الأمطار وكانت التربة رملية خفيفة كلما زادت مسافات الزراعة حتى تصل الى 20×20 متر أو اكثر.وفي مناطق الهضاب والمرتفعات فان توفر التربة الملائمة يعتبر أهم عنصر بين العناصر التي تتحكم فى نظام الزراعة حيث غالباً ما تكون الزراعات مبعثرة وغير منتظمة .
اما النظام المروي فتتحصل اشجار الزيتون تحته على مياه الري بصورة غير مباشرة وذلك نتيجة تحميل محاصيل اخرى عليها كزراعات بينية مثل محاصيل العلف والخضراوات وأشجار الفاكهة. ويسود هذا النظام فى الحيازات الصغيرة ( سواني). وتحول الجزء الأكبر إلى الزراعات المروية من مزارع كانت تحت النظام البعلي. ونتيجة للتوسع الأفقي فى الزراعة تم حفر آبار مياه سطحية وعميقة لغرض استغلال المسافات البينية الواسعة بين أشجار الزيتون (20 ×20 متر) فى زراعة الخضر وغيرها. ويستعمل الري في الزراعات الحديثة التى خصصت لأصناف زيتون المائدة وذلك للحصول على مردود اقتصادي جيد .
ومن حيث تخصص المزرعة :
فيما يختص بالتخصص المزرعي في ليبيا يلاحظ انتشار الانواع التالية من الزراعات:ي
1. زراعات بعلية مختلطة من أشجار الزيتون واشجار اللوز أو فواكه اخرى.
2. زراعات بعلية مفردة ( زيتون فقط).
3. زراعات زيتون مروية مختلطة مع محاصيل خضر أو أعلاف أو فاكهة مستديمة الخضرة (حمضيات) أو متساقطة الاوراق مثل الخوخ والمشمش والبرقوق وغيرها.
4. زراعة الزيتون كجزء من تركيبة محصولية للمزارع التى تم إنشاؤها فى فتره التنمية الزراعية وهى إما تكون مروية كما هو الحال فى الواحات والوديان مثل وديان سرت أو بعلية كما فى المشاريع الموجودة فى مناطق الشريط الساحلي أو مرتفعات الجبل الغربي
الجمهورية التونسية:
تنتشر شجرة الزيتون في أنحاء البلاد من شمالها إلى جنوبها بشكل غراسات مطرية (بعليّة) في أكثر من 95 بالمائة من الغابة تحت ظروف بيئيّة متنوّعة يسودها اختلاف كبير في كميّة الأمطار الّتي تتراوح بين 1200 مم في أقصى الشّمال و 1500مم بأقصى الجنوب. و بذلك ساهمت هذه الشجرة و لا تزال في إحياء و استغلال مناطق ذات ظروف بيئيّة كادت تتحوّل إلى صحراء لولا هذه الشّجرة. و يعود ذلك إلى ما وفّره المزارعون التونسيّون القدامى من مجهود للإحياء و الغراسة و العناية و استنباط تقنيات زراعية مكنت من استغلال ناجع وانتشار واسع لهذه الغراسات بربوع البلاد. وللتّذكير فإنّ شجرة الزيتون تحبّذ الوسط البيئي المتوسّطي الّذي يتميّز بأمطار من خاصيتها الوفرة في فصليّ الخريف و الرّبيع و القلّة أو الانعدام في فصل الصيّف الحارّ.
وتختلف كميّات الأمطار بتونس من منطقة إلى أخرى و من سنة إلى أخرى وتتساقط هذه الكميات في ايام قليلة لا تتعدّى في بعض الأحيان الثّلاثين يوما في السّنة. إلاّ أنّ غزارة الهطول و عدم انتظام الكميّات المتحصّل عليها على المستوييّن الزّمني و المكاني يتسبّبان عادة إمّا في السّيلان المهول للمياه الجارفة للتربة أو في الجفاف إذ أنّ كلّ شهر من السّنة يمكن أن يكون جافّا و هو ما يحث المزارعين على السّعي إلى الرّيّ التكميلي كلّما توفّر ذلك.
وتبعا لهذه الخصائص المميّزة للمناخ بالبلاد التونسية، اعتمد المزارعون القدامى أنظمة زراعيّة تتمثّل في إقامة الحواجز الترابيّة ( الطوابي و الجسور ) و المساقي لتجميع كميّات من مياه السيلان وكثافات تأخذ بعين الاعتبار مجموع كميّات الأمطار المتساقطة و كيفيّة توزيعها و عدم انتظامها.
أظهرت الدّراسات الّتي أجريت في تونس أنّ حاجة شجرة الزيتون من مياه الرّيّ تتراوح بين 3000 و 4000 متر مكعّب للهكتار في السنين المنتجة. ونظرا لكلّ هذا، فإنّ نجاح الغراسة يرتبط أساسا بحسن اختيار التربة لذلك فالأراضي الرّمليّة العميقة ( أكثر من متر دون وجود طبقات كتيمة ) ملاءمة لغراسة الزيتون أينما وجدت و خاصّة بمناطق الوسط والجنوب، على أنّ قلع أو زعزعة الطبقات الصخريّة الكتيمة ( إن وجدت في العمق المستغل من طرف الشجرة) ضروري قبل الغراسة لتسهيل نفاذ الجذور و تحسين هيكلة الأرض و نموّ الشجرة.
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية:
تقع أغلب المساحات المزروعة بالزيتون في الجزائر(حوالي 62 %) في المناطق الجبلية، وتتصف الملكية العقارية عند مزارعي الزيتون بصغر الحجم، فعلى سبيل المثال نجد بان مساحة المزارع في ولايات الوسط (بجاية - تيزي وزو- بويرة - بومرداس-) لا تتعدى 1.84 هكتار. وعلى مستوى الشرق حوالي 3.77 هكتار، أما في الغرب فهي أحسن و تصل الملكية الزراعية للزيتون حوالي 5 هكتار.
هذه العوامل أثرت على نظام الإنتاج في الجزائر وجعلت منه نظاما تقليدياً في أغلب معاملاته التقنية. اما في المساحات المتبقية والبالغة نحو30 ألف هكتار والواقعة بالغرب الجزائري فتتميز بكون أغلبها مساحات عصرية مخصصه لإنتاج زيتون المائدة . و تجدر الإشارة بأن أغلب المساحات الجديدة المغروسة في الغرب أو في الجنوب أو في مناطق منخفظة مغروسة بطريقة عصرية بمعدل 200 إلى 400 شجرة للهكتار وتخص بالسقي بطريقة التنقيط المركز.
و هذا طبعا راجع للدعم الذي تقدمه الدولة لهذه الزراعة، و يتمثل دعم 100 ٪ لشراء الشجيرات، دعم 100 ٪ لشراء الأسمدة، دعم 40 ٪ لشراء عتاد الري، دعم 40 ٪ لحفر الآبار و بناء صهاريج لتخزين المياه.
المملكة المغربية:
هناك أربعة نظم زراعية لإنتاج الزيتون في المغرب تحدد بدورها أربعة مناطق للإنتاج و هي:
أ- مناطق الزراعة المسقية: تبلغ مساحتها 220 الف هكتارا أي 39 في المائة من مجموع بستان الزيتون المغربي. و تنقسم إلى قسمين: قسم مسقي على الدوام (40000 هكتارا) و يخص أحواض السدود التسعة في المغرب و قسم (180000 هكتارا) لا يسقى إلا سقيا تكميليا و يهم مناطق مراكش و قلعة السراغنة وشيشاوة و تادلة وبني ملال و الصويرة و ورزات و تافلالت و فيكيك و بولمان و حوض ملوية وجدة و الناضور.
ب- مناطق الزراعة المسقية بمياه الأمطار الموسمية المتوفرة: تبلغ مساحتها 100الف هكتار ، أي ما يعادل 18 في المائة من المساحة الوطنية للزيتون. وهذه المناطق هي: سايس (فاس و صفرو و مكناس و الحاجب) و الغرب (سيدي قاسم و سيدي سليمان) و حوض اللكوس.
ت- مناطق الزراعة المسقية بمياه الأمطار الموسمية قليلة التوفر: تبلغ مساحتها 40 الف هكتار ، أي ما يعادل 7 في المائة من المساحة الوطنية للزيتون. و هذه المناطق هي: الخميسات و سطات و أسفي و خريبكة.
ث- المناطق الريفية: تبلغ مساحتها نحو 200 الف هكتار، ثمثل 36 في المائة من مجموع بستان الزيتون الوطني. و تضم هذه المناطق جبال الريف (طنجة و تطوان و الحسيمة و شفشاون) و تازة و تاونات و خنيفرة و أزيلال.
ساحة النقاش