تراكمت الجهود الإنسانية في مختلف توجهاتها وبخاصة في النصف الثاني من القرن العشين ورسمت ملامحها عدد من العوامل والمتغيرات يمكن الاستدلال منها على الوضع الراهن في التربية الخاصة والتأهيل فهناك مجموعة مسببات إيجابية ساهمت في تطوير برامج وخدمات التربية الخاصة والتأهيل بمفهومها الحديث.

وفي نفس الوقت هناك مجموعة مسببات سلبية قد تكون قد ساهمت بوضعها الماضي في الكشف عن قصورات أو صعوبات أو مشكلات وعندما تم التعامل معها تلافت الأهداف والاستراتيجيات الجديدة والطرق والأساليب مع ضرورات التطوير الإيجابية في المجموعة الأولى من المسببات.

وبالأخرى نرى أن المجموعة الإيجابية الأولى من المسببات والمجهودات قد ساهمت حتما في حل المشكلات والصعوبات في المجموعة الثانية السلبية. ومن هنا ظهرت تشريعات والتزامات دولية أو إقليمية أو محلية تحدد لنا خصائص الحركة التربوية الخاصة في وضعها الحالي وممارستها التي تحددت ملامحها في معظم ادول حاليا وأصبحت استراتيجيتها وطرقها وأساليبها مجالات تخصص وخبرة في نظام فريد من الإنسانية والعلمية قابلة للتقييم المستمر للوضع الراهن في التربية الخاصة والتأهيل.

إن المجموعة الأولى من المتغيرات كانت إيجابية في طبيعتها وكان لها التأثيرات التراكمية في نمو الحركة التربوية الخاصة، وبالتفصيل فإن جهود المنظمات الدولية أو الإقليمية سواء كانت منظمات حقوق الإنسان أو المنظمات الدولية المتخصصة كاليونسكو واليونسيف والصحة العالمية والعمل الدولية وغيرها، كذلك التنظيمات الدولية والاتحادات الدولية للعاملين في الميدان وحركة الآباء في مختلف البلدان وحركة المعوقين أنفسهم كل هذه التنظيمات كان لها الدول الكبير في تحريك الإيديولوجيات والممارسات في مختلف بلدان العالم.

ومن المجموعة الأولى من المسببات الجهود العلمية المختلفة التي ساهمت في اكتشاف عدد كبير من مسببات الإعاقات المختلفة والسيطرة على بعضها أو في الأقل الاكتشاف المبكر وتقديم العلاجات المناسبة أو التدخل الجراحي أو العلاجي بمختلف أنواعه مع الاهتمام بالإرشاد الأسري كجزء من أي برنامج كما ظهر حديثا نسبيا الإرشاد البيئي كمتلازمة لحركة الاستيعاب الكامل للفرد المعوق في بيئته ومجتمعه كمواطن.

أما الجهود التخصصية في مجالات التربية الخاصة والتأهيل كمتغيرات من المجموعة الأولى من المسببات التي ساهمت في تدعيم حركة المدمج وهي تتضمن المجهودات والبحوث المتصلة والتي أدت إلى تقييم البرامج والنماذج العاملة ذلك الوقت، والبحوث التي كشفت المآثر والمثالب ثم تنوع الإستراتيجيات والطرق والمناهج وتوصيل الخدمات إلى المعوق وأسرته.

وأكبر التغيرات أثرا في عمقها واتساعها هو استخدام البرنامج الفردي في تنفيذ البرامج التعليمية والتأهيلية والتوجيه نحو الإبداع مقابل التحصيل في تحديد أولويات الأهداف البرنامجية.

أن خلاصة المجموعة الأولى من المسببات هي تلك العوامل والمتغيرات التي ساهمت إيجابيا وبطريقة مباشرة في تبني مبدأ الدمج وظهوره بأنه المحور الأساسي في استراتيجيات التربية الخاصة الحديثة.

أما المجموعة الثانية من المتغيرات فهي تلك المتغيرات التي كانت تعمل سلبا لتقوض عناصر وأساسيات البرامج العزلية أو التقليدية فمتغيرات البرامج العزلية كالتكاليف في الإنشاء والتجهيزات أو التشغيل والإقامة كانت فادحة كما كان مستوى الجودة دائما محل شك وأدى الأمر إلى قرارات من السلطات المحلية بضغط الاتفاق أو تحويل المؤسسات إلى وحدات اجتماعية صغيرة.

كما أن البرامج المحمية كانت باهظة التكاليف ولا ضمان لاعتبارها مرحلة يترك الفرد بعدها المؤسسة إلى المجتمع مما جعل التكاليف أكبر وخاصة في حالات إعادة التأهيل.

ومما يلاحظ أن الكثير من الدول المتقدمة الصناعية والتي اهتمت بالتربية الخاصة والتأهيل وأنشأت الكثير من الكليات أو الأقسام الأكاديمية والدبلومات في مختلف تخصصات الميدان تراكم لديها أعداد الخريجين والذين تم تدريبهم على البرامج العزلية والتي انخفض عدد المقبولين فيها علاوة على تراكم العاملين والمختصين في المؤسسات القديمة بلا عمل مناسب فأصبحت الوفرة زيادة نشأ عنها بطالة على جانب والجانب الآخر في المدرسة العادية والتي وجد فيها أن تدريب المدرس العادي أسهل وأرخص من مدرس التربية الخاصة ومن ثم زاد عدد العاطلين من القدامى المتخصصين.

بذلك فإن المجموعة الثانية من المسببات.. هي تراكم صعوبات أو عيوب أو قصورات البرامج التقليدية والعزلية .. والتي كانت حلولها غالبا ما تشير إلى أن عملية "الدمج  الإستيعاب " مع العاديين هي الحل الأمثل لها.

وبذلك التقت المجموعتان من المسببات إلى تدعيم حركة "الدمج".. و " التآلف  و الاستيعاب" في المجتمع التي يبغي الجميع تحقيقها في سن الرشد كمحك  لنجاح أي برنامج.

المصدر: أستاذ دكتور فاروق محمد صادق أستاذ علم النفس التربية الخاصة_ جامعة الأزهر_ القاهرة
FAD

لاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين

ساحة النقاش

FAD
الاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين هيئة ذات نفع عام لا تهدف لتحقيق ربح تأسس الاتحاد عام 1969 العنوان 32 شارع صبرى أبو علم – القاهرة الرمز البريدى 11121 ت: 3930300 ف: 3933077 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,420,570

مشاهير رغم الإعاقة