أكد شعار العام الدولى للمعاقين مبدأ المساواة والمشاركة كما نص على هذين المبدأين كأساس لبرامج دمج المعاق فى المجتمع ميثاق الثمانينات والإعلان العربى للعمل مع المعاقين الصادر فى الكويت إبريل 1981 أنها روح التعاون والأخوة فى الإنسانية والإحساس والدفاع عن حقوق الآخرين ، أنها إقرار بأننا والمعاقون لنا إهتمامات ومسئوليات مشتركة وأنهم مثلنا أخوة فى الإنسانية هذا الإحساس بالمسئولية يصبح ذو أهمية خاصة عندما تفكر فى أخوة لنا يعانون بسبب أو آخر من نوع من أنواع القصور فى بعض قدراتهم الجسمية أو العقلية ويتوقعون منا التقبل والمساندة وقد يكونوا فى حاجة إلى مساعدة ولكن هذه المساعدة يجب أن تعطى فى إطار من الإحترام لكل منهم كفرد له نفس الحقوق كأى مواطن آخر بعيداً عن مشاعر وإتجاهات الشفقة والإحسان … فهى مساعدة لإخوة ليسوا بأى حال أقل منا قيمة أو قدراً … ومن هنا يتبين لنا أهمية مبدأ المساواة … والمعاق فرد منا وعلينا إن نسعى لحصوله على نفس الفرص التى نتمتع بها فى الحياة ولا يجوز أن تكون نظرتنا إلى ما يعانيه من أحد أو بعض جوانب القصور فى قدراته على أنه شئ شاذ أو عجيب فالقصور ظاهرة طبيعية فى خصائص حياتنا على الأرض وعلينا أن نتذكر جوانب التشابه بين الفرد الذى يعانى من هذا القصور وبيننا (العاديين) أكثر من جوانب الإختلاف وله مثلنا نفس الإحتياجات الأساسية … من بينها حاجته للعمل وتحقيق القدر المناسب من الإستقلال الذاتى … وحاجته للحب والحنان والشعور بالأمن والإنتماء والنجاح والتقدير والتقبل والإحترام … وغير ذلك من نفس حاجات الآخرين أقرانه … صحيح أن بعض هذه الحاجات قد يصعب إشباعها بنفس الدرجة والأسلوب التى يشبع بها معظم الناس حاجاتهم والقصور فى بعض القدرات قد يكون عقبة معيقة ولكنها عقبات من نوع تطبيقى عادة ولكنها فى ضوء التطور العلمى والتكنولوجى المعاصر قابلة للحل يستطيع المعاق التغلب عليها إذ وفرنا له العناصر والمقومات الأساسية الذى تمكنه من ذلك … كتوفير فرص التدريب على إستخدام طريقة برايل أو المكتبة السمعية المسجلة أو أجهزة الإستشعار الإلكترونية للمكفوفيـن أو المعينات السمعية للصم والبكم وضعاف السمع أو إزالة الحواجز والمعيقات فى الطرق والمنازل والمدارس والمكتبات العامة ووسائل المواصلات أمامه الذين يعانون من إعتلال حركى ويستخدمون الكراسى المتحركة أو توفير إمكانيات ممارسة النشاط الرياضى والإشتراك فى المباريات أو غير ذلك من التجهيزات التعويضي
    والفرد المعاق … هو مواطن يستطيع أن يسهم كغيره فى حدود إمكانياته فى تنمية مجتمعه وإسعاد الآخرين فهو قادر على العطاء إذا أعطيناه الفرصة كى يعطى .
    وفيما يلى بعض الأمثلة لما يمكن إتخاذه من إجراءات كفيلة بتحقيق هذا الهدف …
(أ) فى الإسكان … فالمساكن يجب أن تتيح الفرصة للحركة السهلة للمقعد الذى يستخدم الكرسى المتحرك أبواب عريضة واسعة طرقات خالية من الزوايا الحادة … وأن تكون المصاعد ودورات المياه والحمامات متسعة بدرجة تسمح بسهولة الحركة وأن تكون مقابض الأبواب وصنابير المياه فى متناول اليد وأن يكون هناك دائماً من يقدم المساعدة للمعاق حينما يطلبها كذلك يجب أن تراعى فى البيئة المحيطة بالمسكن أن تكون خالية من الحواجز والمعوقات كما أنه فى حالة خلو وسائل المواصلات العادية من التسهيلات التى تمكن المعاق من إستخدامها .
(ب) العمــل … إن تشغيل المعاق يعتبر من أهم العوامل التى تحقق له فرص المشاركة والإندماج فى المجتمع وتحقيق الإستقلال الإقتصادى المناسب … من الطبيعى أن النجاح فى تحقيق هذا الهدف يتطلب أولاً التوجيه والإعداد والتدريب المهنى الذى يتفق مع ما يعانيه المعاق من قصور والذى يستغل إلى أقصى حد ممكن من القدرات الأخرى والمهارات التى يمتلكها أو يكتسبها من ممارسة ومن جهة أخرى يتطلب إجراء التعديلات والتسهيلات التى تمكن المعاق من مزاولة العمل وتزيل من طريقه كافة الحواجز … ومن هذه الإجراءات إصدار التشريعات التى تلزم صاحب العمل بتعيين نسبة من المعاقين 5% ويعتبر إنشاء الورش المحمية Sheltered Workshops من الأساليب المألوفة لتوفير فرص العمل للفئات المختلفة من المعاقين الذين لا يتيسر لهم إمكانيات المنافسة فى سوق العمل المفتوح … كمـا تتطلـب تعديـل فى طبيعة العمل نفسه حيث قد نحتاج إلى رفع أو تخفيض المكاتب وتوفير تليفونات خاصة أو أجهزة معدلة وتسهيل عمليات المرور وتوسيع الأبواب وتوفير المواصلات وتعديل ساعات العمل .
(جـ) الأنشطة الثقافية والترويحية … تسهم مشاركة المعاق فى الأنشطة الثقافية والترويحية والرياضية التى تتاح لهم فى المجتمع فى توفير مقومات الحياة السعيدة لهم والإندماج المناسب فى هذا المجتمع ومن أجل هذا لابد أن تزال من المؤسسات التى تمارس فيها هذه الأنشطة كل الحواجز التى قد تمنعهم من إستخدامها والمشاركة فيها … ومن أهم هذه المؤسسات النوادى الرياضية والثقافية ومراكز الشباب والحدائق والمعارض ودور السينما والمسرح والمكتبات العامة والمتاحف ، ومن جانب آخر يجب تشجيع إنتاج الكتب المطبوعة بطرق تناسب ضعاف البصر والمكفوفين بحروف كبيرة أو برايل وكذلك إنتاج المكتبات الصوتية المسجلة … وفى كثير من الدول العربية يخصص ركن من شاشة التليفزيون لتلفزة برامج خاصة تمكن الصم من متابعة التلفزة كما تتوافر لديها كتب ولعب ووسائل تعليمية خاصة بالمتخلفين عقلياً.
    هذه بعض الإجراءات التى يمكن إتخاذها فى البيئة التى يعيش فيها المعاقون والتى تسهل لهم عملية المشاركة والإندماج فى المجتمع أوردناها على سبيل المثال لا الحصر … ولا نكرر ما قد يواجهنا فى تنفيذها من صعوبات ولكننا على يقين من إمكان تحقيقها لو توفرت الإرادة والإيمان بأهميتها والتعاون مع المختصين والمسئولين والعمل مع المعاقين أنفسهم والجماعات المساندة لقضيتهم والإستخدام الأمثل للتكنولوجيا المتطورة والتقنيات المساندة .
تعريف مفهوم الدمج ومقوماته :
    مفهوم الدمج فى جوهره مفهوم إنسانى إجتماعى أخلاقى تؤكده وتنادى به حركة حقوق الإنسان التى تؤكد :
1-    رفض الوصمة الإجتماعية للشخص الذى يعانى من أى قصور فى قدراتـه علـى التعلم أو توظيف المهارات التى يتصف بها الفرد العادى .
2-    حق ذوى الإحتياجات الخاصة فى تلقى كافة الخدمات التربوية والنفسية والصحية والإجتماعية والإقتصادية التى يتمتع بها الفرد العادى دون تمييز أو تفرقة بسبب الجنس أو الدين أو المستوى الإقتصادى والإجتماعى أو الجذور العرقية الأثنية .
3-    حق أفراد هذه الفئة فى التطبيق التربوى للسياسة العامة للدمج التى توجه التربية الخاصة للتطبيع نحو العادية فى بيئة خالية تماماً من القيود أو العزلة الإجتماعية .
4-    أن تطبيق هذا المبدأ يوفر لذوى الإحتياجات الخاصة تلقائياً فرص وخبرات التفاعل الإجتماعى بينهم وبين أقرانهم العاديين بما يتيح الفرصة لهم بإمتصاص ومماثلة أو مطابقة السلوكيات الطبيعية للأطفال العاديين Identification and Internalisation, Modeling كبدائل لسلوكياتهم الشاذة .
5-    أن سياسة وإستراتيجيات الدمج لا تقتصر فقط على المجال المدرسى بل أنها يجب أن تمتد إلى كافة المجالات الإجتماعية والمهنية والترفيهية والإسكان والمواصلات والرعايةالصحية.
6-    أن برامج الدمج ليست مجرد خدمات تختتم بها برامج التأهيل الشامل ولكنها تبدأ كعنصر أساسى مبكراً فى حياة الطفل ومروراً بكافة مراحل إعداده للحياة ومؤسسات التدريب المهنى ودخول سوق العمل والتوافق معه والتقدم فيه .
7-    أن نجاح مشروعات الدمج يعتمد على مدى نجاح القائمين به فى تغيير إتجاهات أفراد المجتمع والرفاق نحو المعاق وتقبله ومعاملته كمواطن له نفس حقوق أقرانه من غير المعاقين وكذلك العمل على تغيير إتجاهات المعاق نحو نفسه ونحو الآخرين ، مع أهمية إعداده وإعداد الرفاق والمدرسين فى المدرسة التى سينضم إلى أسرتها لعملية الدمج .
وفيما يلى عرضاً لتطور تطبيق فلسفة الدمج فى الوطن العربى :
    بالرغم من أن مفهوم الدمج كأساس لبرامج تأهيل ورعاية ذوى الإحتياجات الخاصة قد بدأ يدخل فى مسار التنفيذ فى معظم الدول الصناعية منذ منتصف القرن الماضى لتطوير شامل للأساليب التى كانت سائدة قبل ذلك والتى كانت تقوم على فلسفة العزل والرعاية فى مؤسسات ومراكز خاصة تجمع الأطفال والشباب الذين يعانون من إعاقة معينة أو أخرى توفر لهم البرامج المتخصصة التى ينفذها فريق المتخصصين فى تلك الإعاقة … ، فإن فلسفة الدمج فى منظومة التعليم العام من جهة وفى سوق العمل وغيره من مؤسسات المجتمع فى دول العالم لم تبدأ ممارستها على إستحياء فى الدول الغربية إلا منذ عام1983 بعد أن أعلنت الأمم المتحدة دعوتها لإعتبار العام 1981 عاماً دولياً للمعاقين ودعت هذه الدول للتوسع فى برامج التأهيل من جهة وفى تطويرها وتحديثها من جهة أخرى وكان نشر فسلفة دمج المعاق فى المجتمع بدءاً من مرحلة ما قبل المدرسة ومروراً بمراحل التعليم المختلفة ومراكز الإعداد والتدريب المهنى ووصولاً إلى دمجه وتشغيله فى سوق العمل وكافة مؤسسات المجتمع الأخرى التى تخدم الأفراد العاديين وذلك تطبيقاً لشعار السنة الدولية للمعاقين 1981 والذى ينص على أهمية المساواة والمشاركة الكاملة عن طريق تطبيق مفهوم " مجتمع للجميع " بدءاً بالتوجه نحو قيام معلم الصف العادى فى مدارس التعليم العام مسئولية تعليم وتلبية إحتياجات الأطفال والشباب المعاقين فى مسار تعليمى موحد بعيد عن التميز والعزل فى مسار آخر (التربية الخاصة) مع الإهتمام بتوفير نظم ومتطلبات الدعم الإدارى والتنظيمى والتوجيهى والتدريبى للمعلم الذى يصبح مسئولاً عن تعليم فئات الطفولة المختلفة بما فيها ذوى الإحتياجات الخاصة جنباً إلى جنب مع أقرانهم العاديين حتى نهاية مرحلة التعليم وإعداده لحياة الكبار والإلتحاق بعمل وتكوين أسرة وإعداد أسرته والطفل نفسه وجماهير ورفقاء العمل وكافة مؤسسات المجتمع فى الحياة العامة لتقبل الفرد المعاق بإعتباره مواطناً له حقوق أقرانه من المواطنين العاديين بما يحقق فسلفتى المساواة والمشاركة من جانب ومفهوم المجتمع للجميع من جانب آخر وبما يحدد ويوسع مسئولية المجتمع نحو فئاته المختلفة بما فيهم ذوى الإحتياجات الخاصة وأهمية إتخاذ كافة الإجراءات ووضع التشريعات اللازمة لحماية كافة حقوق المعاقين وحمايتهم من الوصم والتمييز وإتاحة الفرصة لهم للإستفادة من كافة الخدمات والأنشطة التى توفرها الدولة ومنظمات المجتمع المدنى للمواطنين .
    وقد أشارت معظم الدراسات والتطبيقات العملية لمشروعات الدمج فى دول الوطن العربى أن أكثرها إنتشاراً ونجاحاً وتحقيقاً لأهدافها هو دمج المعاقين حركياً وحتى منهم الذين يستخدمون الكرسـى المتحـرك وطالما أنهم لا يعانون من إعاقات حسية (صمم أو كف البصر) أو إعاقات ذهنية كالتوحد أو التخلف العقلى أو إعاقات التعلم ، ومن هنا كانت برامج دمج المعاقين حركياً هى أكثر إنتشاراً وتوسعاً مستمراً فى العالم العربى بالإضافة إلى أنها قد بدأت مبكراً قبل دمج غيرها من حالات الإعاقة بل وقبل ظهور حركة الدمج فى برامج تأهيل المعاقين فى الخارج بعد الحرب العالمي الثانية .
    ولكن يتوقف نجاح برامج دمج أطفال وشباب الإعاقات الحركية على عوامل ومتغيرات لابد وأن تؤخذ فى الإعتبار عند الإعداد لبرنامج دمجهم الكامل فى صفوف المدارس العادية …
وفيما يلى بعض تلك العوامل :
1-    مراعاة الفروق الفردية الكبيرة بينهم من حيث نوع وموقع الإعاقة فى جسم الفرد وما يتطلبه ذلك من إستراتيجيات عملية وتطوير فى إعداد وتنفيذ البرامج الدراسية بصفة عامة وبرامج وأنشطة التربية الرياضية والمسابقات والترفيه وعناصر أنشطة التدخل العلاجى الطبيعى أو النفس حركى بصفة خاصة .
2-    إعداد وتغيير وتطوير المبنى المدرسى بهدف إزالة معوقات الحركة والتنقل إلى وداخل المبنى وبين صفوفه ومرافقه المختلفة وممراته ومداخل وأبواب الفصول ودورات المياه وإستبدال السلالم بمنحدرات Ramps وأكر الأبواب وموضع صنابير المياه ومفاتيح الكهرباء وغيرها مما يحد من قدرة الفرد المعاق على الحركة والتنقل والإستعمال الميسر للمرافق الأساسية بالمدرسة .
3-    أن يكون مدرسو المواد عامة ومدرسو التربية الرياضية على خبرة وتدريب كافى للتعامل مع الإعاقات الحركية المختلفة سواء كانت شللاً بأنواعـه المختلفـة أو قعـدان طرف أو أكثر أو ضمور فى العضلات Muscular Dystrophy أو هشاشة العظام أو غيرها.
4-    أن يتضمن البرنامج التعليمى الفردى فرصاً كافية لعلاج حالات سوء التوافق أو التكيف النفسى المترتب على الإعاقة أو العلاج الطبيعى أو العلاج الوظيفى المهنى أو علاج عيوب اللغة والنطق والتخاطب آخذاً فى الإعتبار الحالات التى قد تعانى من قصور فى وظائف القلب أو من أمراض كالربـو أو الشلل الدماغى أو السكر أو حالات الصرع أو غير ذلك من الحالات الخاصة التى تتطلب رعاية أو إحتياطات سلامة معينة أو ملاحظة ومتابعة طبية بواسطة الاخصائى الطبى المناسب .
5-    أن يكون مدرس التربية الرياضية على درجة عالية من التدريب المتخصص فى التعامل مع أطفال وشباب ذوى الإحتياجات الخاصة كعضو فى فريق من المسئولين عن برامج التربية العادية والخاصة فى المدرسة وعن فلسفة وخطة وعناصر وأهداف برنامج الدمج .
6-    أن يكون من ضمن خطة برنامج الدمج لأفراد الإعاقات الحركية – ولغيرها من الإعاقات الأخرى – مكون تقويمى مرحلى يستمر طوال تنفيذ خطة الدمج لتحديد مدى تحقيق الخطة لأهدافها وما تواجهه من صعوبات ومواطن الضعف والقوة فى تنفيذها كأساس لعملية التطوير والتحديث المستمر للخطة الأصلية مع التركيز على آثار الإختبارات المرتبطة بنوع الإعاقة على عملية التعلم وإستمرارية وتطور النمو الطبيعى للفرد .
7-    أهمية تنظيم برامج تدريب وإرشاد نفسى لأفراد الأسرة وتأكيداً لأهمية تعاونها مع المدرسة ومتابعة توجيهات أخصائييها وتنفيذ تعليماتهم .
من تجارب الدمج فى الوطن العربى :
    لاشك أن قدرة المدرسين على العمل مع أطفال ذوى الإحتياجات الخاصة فى فصولهم العادية ترتبط مباشرة بمدى تأثير إعاقتهم على قدرتهم على إستيعاب مضمون المنهج المدرسى العادى وعلى الإستجابة لأساليب التدريس العادية وخاصة إذا لم تتوفر لهم إمكانيات إستخدام الوسائل السمعية والبصرية اللازمة أو تكنولوجياتها المتطورة أو ما يطلق عليه اليوم فى الدوائر العلمية المعينات التقنية Assistive Technology (AT) وما أصبح منذ أوائل القرن الحالى يتيح آلاف الفرص لجعل حياة وأداء المعاقين أقرب ما يكون من العادية الطبيعية والتى وصلت فى تطورها إلى درجة عالية الفعالية والتى سهلت تطبيق فلسفة الدمج والتوسع فى إنتشارها لإتاحة فرص واسعة للعديد من أفراد بعض الإعاقات – حتى الشديد منها للإندماج فى الصفوف العادية والذين لم تكون نتصور إمكانية نجاحهم فى التجارب والمشاركة والإستيعاب الشامل لمتطلبات المنهج العادى وطرق التدريس فى صفوفه والتى ساعدت على دعم وتسهيل قدرة المعلم العادى على التعامل مع ذوى الإحتياجات الخاصة والإستجابة لحاجاتهم التعليمية المتنوعة حتى إذا كانوا ملزمين بالتقيد بمنهج دراسى منظم وفقاً لجدول زمنى صارم .
    والذى أصبحت A.T وإستخدامها بواسطة المصابين بالإعاقات المختلفة يوفر للمعلم الإستجابة المرنة التى يتطلبها إدماجهم فى الصف العادى .
التعاون بين التلاميذ عنصر أساسى فى الدمج :
     ومن التجارب المشجعة التى كشف عنها المسح المذكور نجاح بعض المدرسين المشاركين فى برامج دمج المعاقين فى صفوفهم العادية تطبيقهم لفلسفة التعاون المتبادل بين أطفال الصف العاديين والمعاقين وتشجيعه على أن يساعد كل منهم الآخر ليس فقط فى المجالات التعليمية وإكتساب وتوظيف القدرات والمهارات بل وفى مجال دعم وتنمية مهارات التعامل والتفاعل الإجتماعى وتعديل إتجاهات كل من الفريقين نحو الآخر ومواجهة ما يعترض ذلك من مشكلات الإجتماعية والواقع الملموس فى هذه التجربة فى غرس التعاون والتوجيه المتبادل بين الأفراد فى الصف الواحد بل وبين الرفاق من تلاميـذ المدرسـة الواحدة فى الأنشطة خارج الصف Extra-curriculum Activities قد أدى إلى دعم ونجاح وفاعلية مشاريع الدمج فى فصول المدارس العادية .
دور المدرس المساعد :
    ومن التجارب الناجحة الأخرى فى مشروعات الدمج التى لمسناها فى المسح المذكور بالإضافة إلى إستخدام ما وفرته المعينات التقنية (AT) وتشجيع التوجيه والتعاون المتبادل بين الأنداد من أطفال المجموعتين المعاقين والعاديين ما قامت به بعض المشروعات من تعيين "مساعد مدرس" فى الصف الذى يجمع أفراداً من الفريقين يساعد من يعانىمنهم من إعاقات-حتى الشديدة منها – من توفير متطلبات التنقل أو إعانتهم على تنظيم معدات التدريس والتعلم وإستخدامها والعناية بها وبحيث يستطيع المدرس الأصلى التفرغ لتعليم تلاميذ صفة وتوجيه مساعد المدرس لمعاونة التلاميذ المعاقين على ممارسة وتوظيف مهاراتهم المختلفة وزيادة حفزهم على إنجاز الواجبات المدرسية والأهداف الفردية والتغلب على ما قد يواجههم من صعوبات .
    ومن هنا تأتى أهمية إختيار المدرسين المساعدين من خريجى التعليم الثانوى (على سبيل المثال) وتدريبهم على أداء دورهم وعلى خصائص وطرق التعامل مع أطفال أنواع الإعاقات المعينة التى يوجد فيها أفراد فى الصف العادى الذين سيعملون فيه ، ويتوقف مدى ما يلزمهم من تدريب على معارف ومهارات على حسب وفى نطاق المهام التى يكلفهم بها مدرس الصف حيث يحتاجون لنجاح مهمتهم إلى تفهم تام داخل السياق المحلى لطبيعة عملهم من حيث علاقته بعمل مدرس الفصل .
    لاشك أن نجاح برنامج الدمج لأطفال ذوى الإحتياجات الخاصة فى الفصول العادية يتوقف إلى حد كبير على مهارات وخبرات معلم الفصل وقدرته على معالجة الفروق الفردية بتطوير المنهج وطرق التدريس لتواجه إحتياجات فريقى تلاميذه المعاقين والعاديين مما يتطلب خضوعه لبرنامج إعداد وتدريب خاص لقيامه بهذا الدور فى تنفيذ خطة وبرنامج الدمج قبل بدء تطبيقها بوقت كاف لإستيعاب فلسفتها وطرائقها وأساليب مواجهة صعوباتها المحتملة وعلى دوره كعضو فى فريق العمل فى برنامج الدمج يتكون أفراده من تخصصات متعددة
    ومن الطبيعى أنه إذا كان المطلوب من معلم الفصل أن يتعامل مع التلاميذ المعاقين فى الفصول العادية فإنه يحتاج إلى معاونة من جانب الاخصائيين الملائمين من أمثال :
دور المدرسين الاستشاريين فى مجالات تأهيل المعاقين :
    ومنهم المتخصصين فى التأهيل والتربية الخاصة فى إعاقات محددة كالتوحد والتخلف العقلى (مثل متلازمة داون) والشلل الدماغى أو إعاقات التعلم أو حالات الصرع وغيرها.
    ويتوقف إختيار هؤلاء على نوع وحجم التلاميذ المشاركين فى برنامج الدمج بالمدرسةمن كل إعاقة وهى متغيرات تحدد ما إذا كانوا معينين كل الوقت فى المدرسة أو معارين بعض الوقت من مؤسسات التربية الخاصة فى الحى أو المدينة أو القرية التى توجد فيها المدرسة … ومن مسئولياتهم أيضاً بالإضافة إلى مساعدة مدرسين الفصول بتنظيم برامج تدريب دورية لهم كلما دعت الحاجة إلى ذلك أو تقديم المشورة لهم عند مواجهة مشاكل تبلورت أثناء تعاملهم مع التلاميذ المعاقين والمرتبطة بإعاقة معينة أو تعديل سلوك شاذ مترتب عليها .
دور الاخصائى النفسى :
    وهو مسئول عن عمليات القياس النفسى والمشاركة الفنية فى عمليات تشخيص وتقييم قدرات الطفل وتخطيط برنامج التعليم الفردى للطفل المعاق وتقييم مدى نجاح البرنامج التعليمى الفردى فى إطار برنامج الدمج فى تحقيق أهدافه ن كما أنه مسئول عن توفير خدمات العلاج والإرشاد والتوجيه النفسى لحالات عدم التوافق أو الإنحرافات السلوكية للتلاميذ من معاقين وأسوياء بالإضافة إلى تقديم الخدمات الإستشارية لكل من معلم الفصل ومساعديه واخصائيو التأهيل وغيرهم من المرجعيون والإداريون إذا تطلب الأمر بالإضافة إلى نوعية وتوجيه وإرشاد آباء وأمهات وأخوة الأطفال المعاقين على أساليب التعامل مع أطفالهم والتعاون مع مدرس الفصل وغيره من العاملين بالمدرسة فى تخطيط وتنفيذ برنامـج التكوين والإعداد والتدريب المهنى للطلاب المعاقين .
دور اخصائى عيوب النطق والتخاطب :
    فإن له دور أساسى فى برنامج الدمج حيث أن العديد من تلاميذ الكثير من الإعاقات وخاصة إعاقات التواصل اللغوى (إستقبالاً وتعبيراً) وإعاقات التخلف العقلى والتوحد والشلل الدماغى وإعاقات التعلم يعانون من عيوب النطق والتخاطب والذين هم فى حاجة إلى جلسات التخاطب خارج الفصل المدرسى (أو فى المنزل) بواسطة اخصائى تشخيص وعلاج عيوب النطق والتخاطب والذى يجب أن يكون مدرباً على إختيار وإستخدام التقنيات المعينة الحديثة التى توفرت حالياً فى صور مختلفة والتى تناسب كل منها صورة معينة من صور تلك العيوب ومنها ما يستخدم بشكل مواد مبرمجة Software مع الكمبيوتر وتوجد منها على صورة إسطوانات مدمجة CD’s لا تقتصر فائدة إستخدامها على التدريب ومعالجة عيوب النطق والتخاطب ولكنها تستخدم فى عمليات التشخيص وتقويم مدى إستفادة الطفل من برنامج التدريب وتغذية الكمبيوتر لكافة البيانات والمعلومات والإحتمالات المتوقعة فى التقييم وبناءاً على ملاحظات الاخصائى وتسجيله للمعلومات يستطيع برنامج الكمبيوتر تحليل تلك المعلومات وإستخراج التقارير التى توجه الاخصائى للتدريبات والإرشادات التالية .
    هذا ويستطيع اخصائى التخاطب إستخدام أنواع مختلفة متعددة من برامج معدة مسبقاً متوفرة حالياً يختار منها ما يحتاجه كل طفل حسب نتائج تشخيص حالته ومنها على سبيل المثال برامج تدريب على إخراج الأصوات وآخر للتمييز السمعى لأكثر من مائة صوت حيوانات – إنسان أو وسائل مواصلات أو آلات أو أماكن عامة مع صور ملونة لكل من تلك المصادر – كما توجد برامج تقييم وتدريب أعضاء النطق والكلام وتحديد عيوبها – وآخر لتنمية القدرات السمعية وغيرها … مما يسهل مهمة الاخصائى كما يستطيع الأبوان إستخدامها لمتابعة التدريب فى المنزل إذا توفر كمبيوتر وتوابعه CD’s .
    وبالإضافة إلى هؤلاء قد يتطلب الأمر الإستعانة بآخرين مثل اخصائى العلاج الطبيعى Physiotherapy واخصائى العلاج الوظيفى Occupational Therapy ، وكذلك الخدمات الطبية (e.g Neurologists) واخصائيو العيوب النفس حركية واخصائيو التواصل بالإشارة بين الصم وخبراء "البرايل" لتدريب المكفوفين وغيرهم من اخصائيين يتوقف الحاجة إليهم على حسب نوع الإعاقات الداخلة فى إطار برنامج الدمج وقد يكفى الإستعانة بهم بعض الوقت .
دور الوظائف الإدارية :
    وهم الذين يضطلعون بمسئوليات إدارية وينبغى أن يأخذ برنامج الدمج فى الإعتبار المواصفات والمهارات والمعارف اللازم توافرها بينهم وإكتسابهم إياها عن طريق التدريب لتسهيل ودعم نشاط مدرس الفصل فى الإستجابة لإحتياجات الدمج وتكوين علاقات قوية مع الآباء وتوعية الجمهور لتكوين رأى عام مساند لسياسات الدمج .
دور التقنيونOccupational Therapists and Maintenance Technologists :
    ومع الزيادة المستمرة والتقدم العلمى المذهل فى مجال إستخدام الوسائل السمعية والبصرية المعينة فى تدريس المواد العلمية المختلفة ومعامل اللغات والتكنولوجيا المتطورة والتكنولوجيا المعينة Assistive Technology (A.T.) والحاجة إلى إختيار أنسبها والأجهزة التعويضية فى برامج تأهيل المعاقين تزداد الحاجة إلى اخصائى العلاج الوظيفى وإلى التخصصات التقنية المختلفة لصيانة كل تلك التجهيزات وتدريب التلاميذ والمدرسين على إستخدامها .
دور المكتبات العلمية والمراجع :
    يتطلب تنفيذ برامج دمج المعاقين فى المدارس العادية وجود مكتبة ثرية بالكتب والأفلام والمواد المبرمجة ، CD’s للكمبيوتر لإستخدام المدرسين والاخصائيين بالمدرسة كما يتوفر حالياً فى دول أوروبا والولايات المتحدة برامج تعليمية مقننة لتعليم وتأهيل الأفراد المعاقين من أطفال وشباب منها … برنامج FOCUS لإعاقات التعلم وبرنامج TEACCH و LOVAAS لإعاقة التوحد ومقياس Pychoeducational Profile-Revised للتشخيص والتعليم الفردى لمجالات التوحد وإعاقات النمو اللغوى والتواصل ، وهى مصادر تعليمية ذات كفاءة ودرجة مصداقية عالية ونتمنى أن تقوم أحد كليات التربية فى العالم العربى بترجمتها وتطويرها وشراء حق نشرها باللغة العربية لتكون خير عون لمشروعات الدمج الشامل للمعاقين فى المدارس العادية .
الصور المختلفة لبرامج الدمج :
    تختلف مشروعات دمج ذوى الإحتياجات الخاصة من مشروع لآخر حسب الفلسفة التى توجه تخطيط المشروع ونوع أو أنواع الإعاقات التى سيفتح المشروع أبوابه لإستيعابها وحسب الإمكانات المحلية المتوفرة لإحتياجات المشروع والتمويل اللازم له والمرحلة التعليمية التى سيطبق المشروع فى إطارها وتوافر الكوادر الفنية التى يحتاجها المشروع وتوافر التجهيزات السميعة والبصرية والتكنولوجيا المتطورة الداعمة لتنفيذ المشروع وغيرها من العوامل والمتغيرات .
الدمج الشامل المتكامل :
    وفيه يتعلم التلميذ المعاق مع أقرانه الأسوياء فى الصف العادى داخل المدرسة العادية (حكومية أو خاصة) كـل الوقـت كما يشترك معهم فى الأنشطة المدرسية سواء كانت رياضية أو فنية أو موسيقية أو ترفيهية أو مباريات رياضية أو تنظيمات كشفية أو إجتماعيـة أو رحلات أو غيرها من أنشطة مشتركة ويقوم على تعليمهم مدرس فصل أو مدرسين مواد علمية مختلفة مع توافر اخصائيين فى مجالات تأهيل المعاقين والعلاج الطبيعى والوظيفى واخصائيو عيوب الكلام والتخاطب والتربية الرياضية والاخصائيون النفسيون والإجتماعيون وغيرهم ممن يكونون فريق العمل المساند لمعلم أو معلمى الصف كما توجد بالمدرسة فى هذه الحالة .
غرفة المصادر :
وهى غرفة خاصة فى المدرسة ثرية بالوسائل التعليمية السمعية والبصرية وتجهيزات التقنية المعنية والتكنولوجيا المتطورة والمواد العلمية من كتب وأفلام وتسجيلات وأجهزة وبرامج كمبيوتر مع معلم متخصص وبعض الفنيين المسئولين عن تشغيلها وصيانتها وحيث يقومون بمساندة معلم الصف وحيث يقضى فيها المعاقين بعض الوقت خارج الصف وفى إطار الجدول المدرسى أو كلما ظهرت مشكلة يتطلب مساعدة خاصة خارج نطاق وإمكانات معلم الصف ، ويشترط أن تكون واسعة تحقق إستيعاب عدد من التلاميذ وسهولة الحركة والتدريب وأن تكون فى موقع متوسط بين الفصول العادية حتى يسهل وصول الطالب الذى يعانى من صعوبات معينة يتعذر على مدرس الصف العادى معالجتها وذلك حسب جدول خاص خلال اليوم الدراسى للحصول على مساعدة خاصة بعض الوقت فى مادة معينة أو حل مشكلة تواجهه أو تعديل سلوك معين ثم يعود بعدها ليستكمل دراسته مع أقرانه العاديين فى فصله الدراسى ، والواقع أن غرفة المصادر تعتبر عنصراً أساسياً من عناصر برنامج الدمج أياً كانت صورته حيث أن أنشطتها ترفع مستوى الأداء التحصيلى للطالب المعاق الذى يجمع بين الإستفادة من منهج الفصل العادى بعد التدخل العلاجى اللازم فى غرفة المصادر على يد متخصص .
وبهذا تحقق تلك الطريقة أهداف برامج لأكبر عدد ممكن من الطلاب المعاقين فى بيئة طبيعية مساندة ، ويعتمد عمل مدرس غرفة المصادر على نظام وفلسفة التعليم الفردى الذى يتفق مع قدراته ومستوى نمو قدراته ومهاراته وعلى إحتياجاته الخاصة التى يفرضها نوع وأعراض إعاقته التى تتطلب برنامجاً خاصاً به لا يتوفر للمدرس إعداده وتنفيذه فى الصف العادى .
الدمــــج الجزئــــى :
    وينظم بشكل فصول خاصة لإعاقة أو إعاقات معينة داخل المدرسة العادية حيث يعمل مع تلاميذها مدرس التأهيل أو التربية الخاصة ولكنهم يشتركون مع أطفال وشباب المدرسة العاديون فى أنشطة رياضية وموسيقية وفنية ومسابقات مع أقرانهم العاديين ، ويستخدم الدمج الجزئى بصفة خاصة فى حالة الأطفال الذين يعانون من إعاقات أعراضها شديدة كما فى حالات التوحد والشلل الدماغى والتخلف العقلى الشديد ومتعددى الإعاقة الذين يصعب إستيعابهم فى الصف العادى وخاصة إذا كان المدرس العادى غير مؤهل للتعامل معهم .

المصدر: د. عثمان لبيب فراج
FAD

لاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 539 مشاهدة
نشرت فى 6 أغسطس 2011 بواسطة FAD

ساحة النقاش

FAD
الاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين هيئة ذات نفع عام لا تهدف لتحقيق ربح تأسس الاتحاد عام 1969 العنوان 32 شارع صبرى أبو علم – القاهرة الرمز البريدى 11121 ت: 3930300 ف: 3933077 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,503,020

مشاهير رغم الإعاقة