•    مسئولية الدولة والمجتمع تجاه أطفالنا المعوقين :
الطفل المعوق عقليا – بصرف النظر عن درجة أو مركزه – هو قبل أن يكون معوقا – مواطن وإنسان ... له حقوقه وعليه واجباته شأنه في ذلك شأن أي مواطن عادي يعيش في مجتمع ديمقراطي يكفل الحرية الإجتماعية ويتيح الفرصة المتكافئة للجميع ويحترم القيم الإنسانية والإجتماعية لأفراده .
ولا شك أن الطفل الشاذ أو المعوق أو المتخلف بحاجة إلى رعاية من نوع معين تتناسب مع ما لديه من إمكانيات وقدرات .
وهذا الإحساس بالمسئولية يعكس مفهوم الديمقراطية الإشتراكية الذي يعتمل في نفسية الشعب العربي الذي يؤمن بمبدأ تكافؤ الفرص . وإن من الواجب أن يحمل كل شخص بحسب طاقته مهما كانت سعة هذه الطاقة من الضخامة أو الصغر بغض النظر عن أي إعتبار آخر – هذا المبدأ يتضمن الأطفال غير العاديين ، فللطفل غير العادي على الدولة من الحقوق ما للطفل السوى تماما .
إن رعاية الأطفال غيير العادييين تعكس إلى جانب هذه المثل العليا الإنسـانية تلك المثل التي تعتبر جزء لا يتجزأ من المجتمع العربي وما يعتمل في جوانبه من مقومات تراثية – هذا الميراث الإنسـاني في الديمقراطية يؤمن بالقيمة الذاتية الفردية لكل فرد بغض النظـر عن قدارته أو نواحي النقص في شخصيته .
ثمة إعتقاد آخر وهو إن الإهتمام بهذا النوع من الأطفال إن هو إلا صدى للواقعية الإقتصادية ، فالأموال التي تتفق على الطفل غير العادي لا تضيع هباء بل إن الإتفاق عليه في طفولته يجعله مواطنا ناجحا نافعا لوطنه . بمعنى إن هذا الإتفاق سيعود بالنفع على المجتمع بعكس الحال إذا ما أهمل وأصبح عالة على مواطنيه .
والواقع إن العناية بالأطفال المعوقين تعتبر من بين المؤشرات التي نستطيع أن نحكم بها على مدى تقدم المجتمع . ولقد كانت النظرة القديمة ترى إن هذه الفئة من الأطفال لا أمل يرجى من ورائها وحتى إذا كان هناك ثمة أمل فهو ضئيل للغاية ، إن هذه الفئة كانت تعيش على هامش المجتمع الذي كان يتركهم وشأنهم أو يعمل على إبداعهم في ملاجئ أو مؤسسات حتى تنتهي آجالهم . وهكذا كانوا يعيشون في جو من الشعور بالإحباط والدونية ... ولم يكن بمستغرب – نتيجة لذلك إنهم كانوا يمثلون مشكلة إجتماعية خطيرة ترتبط بها وتلازمها في كثير من الأحيان مشاكل إجتماعية أخرى لها خطورتها على المجتمع كالإجرام والتشرد وغير ذلك .
ولكن مع تطور الفكر الإنساني والديمقراطي ، تقدم الأبحاث والدراسات النظرية والعملية في عدد من الدول الصناعية في هذا الميدان ، بدأت هذه الفئة تأخذ حقها الطبيعي في الرعاية والتوجيه والتأهيل لحياة يستطيعون أن يعيشوها في سعادة وفق ما لديهم من إمكانيات ، بذا أمكن تحويل هذه القوى والطاقات البشرية المعطلة إلى قوى منتجة تساهم " مساهمة فعالة في عملية الإنتاج وأصبح الدور الإجتماعي الذي تضطلع به قائما على الفعالية والإيجابية . لا السلبية واللا مبالاة " .
وفي مصر ظل المتخلف عقليا بعيدا عن الأنظار في زوايا النسيان أمدا طويلا . أما الآن فقد أصبحا ندرك أن المتخلف عقليا لا ينقصه نوع أو عدة أنواع من القدرات العقلية ، وأنه لا يختلف بصفة أساسية عن الشخص العادي إنما مشكلته إن مستوى ذكائه ينخفض عن الطفل العادي .. وجب أن تتضافر الجهود المبذولة لتخطيط وتنفيذ برامج البحث بعيدة المدى في كافة نواحي التخلف العقلي المتنوعة مع زيادة وتطوير خدمات ووسائل التأهيل لأعداد المتخلفين عقليا ووضعهم في مهن توفر لهم الإستقرار النفسي والإستقلال الإقتصادي .
والأمل الآن أصبح معقودا على التقدم والنمو المطرد في البحث وفي خدمات التأهيل لتهيئة الرفاهية الإجتماعية والإقتصادية بصفة خاصة لذوي التخلف العقلي سواء الذين وصلوا سن العمل أو اقتربوا منها والذين لا زالوا في طفولتهم الأولى .
وقد أدرك المسئولون والمتخصصون والمهتمون بمشكلة التخلف العقلي في كثير من فئات الشعب أهمية إتخاذ خطوة جديدة لمعالجة المشكلة وإستكشاف أبعادها . فإتخدت في أوائل 1967 إجراءات إنشاء الهيئة العليا للرعاية الفكرية التي تبنت مشروعا لبدء سلسلة من البحوث والإجراءات الكفيلة بوضع أسس سليمة لرعاية المتخلفين عقليا من شباب جمهورية مصر العربية والعمل على تحريك الرأي العام والهيئات الحكومية والأهلية للقيام بدروها في سبيل هذه الفئة من أبناء الوطن ..

•    الهيئة العليا للتنمية الفكرية :
قامت " الهيئة العليا للرعاية الفكرية " وهي إحدى الهيئات الخاصة للنهوض بالخدمات التي تقدم للمتخلفين عقليا بجمهورية مصر العربية ، وتبادل الخبرات مع مختلف أقطار الوطن العربي والهيئات العلمية الدولية بقصد معاونة المتخلف عقليا عى شق طريقه في الحياة وإعداده في ضوء قدراته وإمكانياته إعدادا صالحا ليكون عضوا نافعا في المجتمع الذي يعيش فيه .

ويمكن تلخيص أهداف الهيئة فيما يلي :
1)    إجراء البحوث العليمة لدراسة إمكانية التأهيل المهني للمتخلف عقليا في جمهورية مصر العربية .
2)    تشجيع الهيئات الشعبية والأفراد على القيام بالبحوث والدراسات لمشكلة التخلف العقلي وأسبابها وحجمها والتوعية بها وإقتراح والوسائل الكفيلة بوقاية المجتمع منها وعقد المؤتمرات التي تهدف إلى ذلك .
3)    تطوير الوسائل والطرق الفنية في تأهيل المتخلفين عقليا وتكيفهم إجتماعيا  ونفسيا ومهنيا .
4)    وضع الخطط لرعاية المتخلفين عقليا وتحديد الإحتياجات التي تتطلبها هذه الرعاية .
5)    تشجيع الهيئات الأهلية والحكومية على إنشاء المؤسسات ومراكز التدريب المهني التي تتبع أحدث الوسائل لتكفل رعاية وتأهيل هذه الفئة تحت إشراف علمي متخصص .
6)    إتاحة فرص العمل والإعتماد على النفس للمتخلفين عقليا بعد تأهيلهم مهنيا وإجتماعيا تشغيلهم في المصانع والشركات كل فيما أعد له في ضوء ظروفه وقدراته .
7)    إعداد برامج تدريبية للعاملين في ميدان رعاية المتخلفين عقليا في جمهورية مصر العربية وفي الوطن العربي .
8)    نشر الوعي بين الآباء والأمهات والمربين بمشكلة التخلف العقلي ومظاهر وطرق التعرف على الطفل المتخلف عقليا وأساليب رعايته والهيئات المهتمة بتوفير تلك الرعاية .
وكذلك توعية رجال الأعمال والصناعة بالمشـكلة وأهمية إتاحة فرصة العمل للمتخلفين عقليا – عن طريق إعداد النشرات والكتيبات والمقالات وبرامج الإذاعة والتليفزيون والأفلام التسجيلية .
9)    توثيق الصلة مع الهيئات العلمية المشتغلة بمشكلة التخلف العقلي لتباد    ل الخبرات معها والإستفادة مما قد تتوصل إليه البحوث التي تجربها هذه الهيئات في ميادين الوقاية والعلاج وأساليب تأهيل المتخلفين عقليا .
10)    تشجيع الهيئات المتخصصة في جمهورية مصر العربية والعالم العربي على تطوير البرامج التي تهدف إلى وقاية أطفال الأجيال القادمة من مشكلة التخلف العقلي .

وتضم الهيئة العليا للتنمية الفكرية نخبة من ممثلي وزارات الصحة والتربية والتعليم والشئون الإجتماعية والمهتمين والخبراء وأساتذة الجامعات والمتخصصين في ميدان التخلف العقلي من إجتماعيين وتربوين ونفسيين وأطباء وخبراء في التربية الرياضية والتوجيه والتدريب المهني .
وقد بدأت الهيئة العليا للتنمية الفكرية نشاطها عام 1966 وأجرت العديد من البحوث العلمية عن طريق لجانها الفنية كما بدأت رعاية عدد من الأبناء والفتيات المعوقين عقليا وصل عددهم حتى الآن خمسمائة طفل وأنشأت أخيرا مركزا نموذجيا لرعاية هذه الفئة من أبنائنا في المطرية بدأ نشاطه منذ أوائل هذا العام حيث زود بكافة الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لتنفيذ برامج التأهيل بمعناه الواسع إجتماعيا وتربويا نفسيا ومهنيا بما يكفل إعداد أبنائه للحياة في المجتمع مستغلين إمكانياتهم المحدودة إلى أقصى حد ممكن .

المصدر: دراسة مقدمة من الأستاذ الدكتور عثمان لبيب فراج
FAD

لاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين

ساحة النقاش

FAD
الاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين هيئة ذات نفع عام لا تهدف لتحقيق ربح تأسس الاتحاد عام 1969 العنوان 32 شارع صبرى أبو علم – القاهرة الرمز البريدى 11121 ت: 3930300 ف: 3933077 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,502,904

مشاهير رغم الإعاقة