كلمات في الإصلاح والتجديد والاجتهاد
أ.عصام العطار

 

يتوهَّمُ بعضُ الناس أنَّ الواقع العربيّ والإسلاميّ الراهن يحتاج بعضَ الضِّمادات والعلاجات، وبعض العكاكيز ليقف على قدميه ويستأنف المسير!..

ولكن ما فائدة هذا الوقوف الْمُتَرَنِّح، والمسير المتعثّر البطيء، الذي تُلفظ معه أو بعدَه الأنفاس، في عالم ينطلق إلى أبعد الكواكب، ويتحرّك بسرعة الضوء؟!

إننا نحتاج روحاً جديداً، وفكراً جديداً، وعزماً جديداً، وأجيالاً جديدة تَرُدُّ على الإنسانية كلِّها إيمانَها وكرامتَها، وقِيَمَها الجديرة بها، وطاقتَها وقدرتَها على أداء رسالتها التي خُلِقت من أجلها، وعلى التقدّم والسموّ المستمرّ المتجدِّد على كل صعيد
* * *

كم ذا أضيق ببعض الزواحِف البشرية التي لا ترفع عيونها ورُؤاها أبداً إلى السماء، ولا تنظر إلاّ إلى التراب وديدان التراب

* * *

كيف يمكن أن يكون في العالم الإسلاميّ تطوّر وتجدّد وتقدّم إذا خلا من الأعلام المجتهدين المجدّدين في مختلف جوانب الحياة

* * *

الاجتهادُ والتجديد والتطوير الحقيقيّ يحتاج إخلاصاً وعلماً وفكراً وإبداعاً، وسائرَ ما ذكره الأقدمون من الشروط، ويحتاج أيضاً شجاعةً وصبراً وتضحيةً لا تعرف الحدود

* * *

المجتهد المجدّد العظيم لا تصنعه الأيدي الخارجية بمقدار ما يصنعه إيمانُه وغيرتُه وشجاعتُه، وشعورُه بالمسؤولية الدينية والاجتماعية والإنسانية، ورؤيتُه الواضحة لحاجات أمته وبلاده وعالمه، وحاجات الحاضر والمستقبل، وجهودُه الدائبةُ الصادقة في طلب الحقّ والصواب

* * *

كم عانى المجتهدون المجدّدون -وكم يعانون- من أصحاب النظرات المحدودة الضيّقة، والعقول الجامدة القاصرة، والنفوس المريضة الحاسدة، وكم كان بينهم من ضحايا!

* * *

ما أكثر المقلِّدين في ثياب مجدِّدين، والجهلاء المجتهدين على غير أساس من الأمانة والكفاية والرؤية الصحيحة للأمور.. وما أشدّ البلاء بهؤلاء في هذه المرحلة الخطيرة من حياة المسلمين!

* * *

المجدِّدون الزائفون.. يكذبون وهم يدَّعون أنّهم يصدقون، ويُضِلّون وهم يدّعون أنّهم يَهْدون، ويَهْدمون وهم يدّعون أنّهم يبنون، ويقودون إلى الهلاك المادّيّ والمعنويّ وهم يدّعون أنّهم يقودون إلى الحياة الكريمة والمستقبل الكريم

* * *


أكبر الخطأ أن تقعد عن الحركة والعمل مخافة الخطأ، أو أن تتحرك وتعمل وأنت لا تبصر الهدف، ولا السُّبُل الموصلة إلى الهدف، ولا تملك القدر الضروريّ من المؤهّلات

* * *

كيف تصل إلى هدفك المنشود -مهما اجتهدت وتعبت- إذا أخطأت الطريق الصحيح الموصل، أو عجزت عن مواجهة عقباته، ومتابعة المسير؟!

* * *
ما أكثر الذين باعدتهم خطواتُهم الخاطئة عن أهدافهم، وأوردتهم موارد الضياع والهلاك

* * *

شَتَّانَ بين حَذَرٍ يحمي العمل، وحذر يُقْعِدُ عن العمل، الأوّلُ فضيلةٌ نافعة، والثاني رذيلة ضارة من أقبح الرذائل

* * *
ما أعظم أن يموت الإنسان من أجل مبادئه، وأعظمُ وأصعبُ وأجدى، أن يعيش من أجل هذه المبادئ، وأن يهبها حياتَه كلَّها.

* * *

عندما تتجسّدُ المبادئ في ناس على مستواها يكون التغيير والتطوير والتحسين

أمّا المبادئُ التي لا تتجسّدُ في شُخوص حيّة فاعلة، فلن يكون لها في ذلك أثر

* * *

إذا لم تتحرّر من هذا السؤال:

- ماذا يقول عني الناس؟

غدوتَ عبداً رقيقاً للناس، ولما يقولونه، أو يمكن أن يقولوه..

إسأل نفسك:

- ما هو أرضى لله، وأنفع للعباد، في المعاش والمعاد؟

فإذا استبان لك وجه الحقّ والمصلحة، فامْضِ ولا تُبالِ بما يقوله عنك الجهلاء، أو تقوله الأهواء

* * *


أصلحْ ما بينك وبين نفسك، تكُنْ أقدر على إصلاح ما بينك وبين الناس

* * *

ما أسهلَ الإصلاح بين الناس إذا كان بينهم الحبّ، وما أصعبه إذا كان بينهم البغضاء

* * *

عظماؤنا الغابرون لهم أخطاؤهم وجوانب ضعفهم الإنسانية أيضاً، فالعصمةُ المطلقةُ ليست لمخلوق، ونحن لا نأخذ منهم إلا ما وافق الحقّ والصواب، وطابق الشرع والعقل

* * *

صوابُ العالم المؤتمن يهتدي به أُلوف، وغلطُه -والغلط من طبيعة البشر- قد يضلُّ به أُلوف؛ فلا بدّ من العلم والوعي والحذر فيما نأخذه أو ندعه في مهمات الأُمور

* * *


عندما يتّحدُ في نفس الإنسان الإيمانُ الصادق، والعلمُ والفكرُ والإرادةُ والشجاعةُ والعمل.. تتفجّرُ في نفسه طاقات وإمكانات كبيرة جديدة، ويترك فيمن حولَه، وفيما حولَه أبلغ الآثار، وأنفع الآثار

* * *


أنا لا أيأس أبداً

إنّ أيامَ الشدّة هي التي تولد فيها إرادةُ الكفاح، وأيامَ الهزيمة هي التي تولد فيها إرادة النصر، وأيام اليأس هي التي يولد فيها نورُ الأمل.. وليس أشَدَّ من شِدَّتِنا، ولا أَمّرَّ من هزيمتنا، ولا أكثرَ من دواعي اليأس في حياتنا؛ فلا بدّ بعد هذه المعاناة الطويلة الأليمة، والليل المظلم المظلم، من أن يبزغ لنا وبنا -إن شعرنا بمسؤوليتنا، ونهضنا بواجبنا- فجرٌ جديد لنا وللإنسانية والإنسان

* * *

لا تيأسْ أبداً؛ فالدنيا كلُّها قد تظلم بسحابة يأس، وقد تضيء بومضة أمل

فَكَـمْ أَشْــرَقَتْ دُنْيــا لِمُقْلَــةِ آمِــلٍ

وَكَـمْ أَظلمــتْ دُنيــا لمقلـــةِ يــائِسِ

* * *
ابتسمْ.. ابتسم؛ فالدنيا كلُّها قد تُضيء ببسمة حبّ، وقد تُظلم بعَبْسَةِ كراهية .

* * *

المصدر: كتابات الأستاذ عصام العطار
Eslahmt

# إصلاح #

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 92 مشاهدة
نشرت فى 31 ديسمبر 2012 بواسطة Eslahmt

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

18,957

صفحة الفيس بوك