القمر هو أقرب الأجرام السماوية إلى الأرض وتابعها الوحيد، وهو يُعد تابعاً كبيراً نسبياً (فهو خامس أكبر الأقمار في النظام الشمسي)، وهو أيضاً ثاني ألمع الأجرام في سماء الأرض بعد الشمس، وأقرب الأجرام السماوية إلى الأرض. يَدور القمر حول الأرض في مدار شبه دائري، ويُتم دورة كل شهر تقريباً، وفي الآتي شرح مفصل لحركة القمر:

حركة القمر عبر السماء:

يُتم القمر دورة عبر السماء كل شهر تقريباً، أو بدقة 27.3 يوم، وهو يَدور بنفس اتجاه دوران الأرض حول نفسها، أي أنه يتحرّك يومياً نحو الشرق. بما أن الزاوية التي يجب أن تكون أشعة الشمس قادمة منها لكي نرى القمر كهلال تتطلّب أن يكون قريباً منها.. فإننا دائماً ما نرى الهلال قريباً من الشمس، حيث يَغرب بعدها بقليل أو يُشرق قبلها بقليل، لكن تتغير مواعيد شروق وغروب القمر بسرعة على مدار الشهر، فيأخذ القمر بالابتعاد – ظاهرياً – عن الشمس متجهاً أكثر إلى الشرق. بما أن القمر يدور حول الأرض مرّة كل شهر تقريباً.. فإنه يتحرك كل ساعة تقريباً مقدار قطره عبر السماء (والذي يُعادل نصف درجة)، أي 13.2 درجة في اليوم و92 درجة في الأسبوع، وهذا يَعني أن موعد غروبه يتأخر ساعة يومياً، وهذا كله يُمكن الاستفادة منه لتحديد مواعيد شروق وغروب القمر خلال الشهر، بحساب موعد شروقه في أول الشهر ثم التأخير حسب اليوم.

لكن في حين أن القمر يتحرّك عبر السماء باتجاه الشرق، فإن السماء نفسها تتحرك باتجاه الغرب، لذلك فهو يَسير دائماً بعكس السماء، مما يَجعل المدة المتطلبة منه ليُتم دورة واحدة حول السماء هي 24 ساعة و50 دقيقة تقريباً بدلاً من يوم بالضبط، وهذا هو الذي يتسبب بتأخر موعد غروبه بمقدار ساعة (50 دقيقة) يومياً. وهكذا فإن القمر يُمكن أن يُشرق في أي وقت خلال اليوم، وظهوره ليس مرتبطاً بالليل أو النهار كما يُعتقد عادةً، لكن لأنه يكون أسطع أجرام السماء في الليل وأكثر لمعاناً مما يَكون عليه في النهار فإن ملاحظة وجوده تكون أسهل بكثير، وابتداءً من طور التربيع (نصف قمر) أو أكثر بقليل تكون رؤية القمر سهلة في النهار.

بالرغم من أن 13ْ في اليوم هو متوسط سرعة القمر، إلى أن هذه السرعة ليست ثابتة، فسرعة القمر تتغير أثناء دورانه حول الأرض، وذلك يعود لسببين: أولاً.. أن مداره ليس دائرياً تماماً بل هو إهليجي قليلاً، ومن ثم فإن بعده عنها يتغير أثناء دورانه في مداره، وثانيا.. أن الأرض لا تقع في مركز مداره بالضبط، وهذا يُسبب تغيراً أكبر في البعد. تسمّى أقرب نقطة في أي مدار لجرم سماوي بـ"الحضيض" وأبعد نقطة بـ"الأوج"، والفرق بين أوج وحضيض القمر يُقارب 40 ألف كم، وكلما اقترب القمر من الأرض أكثر كلما زاد تأثير قوة الجاذبية عليه أكثر ومن ثم فإنه سيتحرك أسرع، ولهذا السبب فإن سرعة دورانه حول الأرض تنقص وتزداد بمقدار 6% عن متوسطها خلال الأوج والحضيض، ويَنتج عن هذا أيضاً تغيّر في حجم قرص القمر.

 


تُقسم مدة دوران القمر عبر السماء إلى قسمين: الشهر الشمسي والفلكي، يَعتمد الشهر الشمسي على المدة التي يحتاجها القمر حتى يَعود إلى نفس مكانه في السماء بالنسبة للشمس، ويَبلغ طوله 29.5 يوماً، أما الشهر الفلكي فيَعتمد على المدة التي يَحتاجها حتى يعود إلى نفس مكانه بالنسبة للنجوم، وهو الأدق حيث يَبلغ طوله 27.3 يوماً، والسبب وراء أن الشهر الشمسي أطول هو أن الشمس تتحرك ظاهرياً بدورها (نتيجة لحركة الأرض حولها)، لكنها بطيئة لذلك فإن الفرق هو يَومان فقط.

أطوار القمر:

بما أن القمر لا يُشع الضوء بنفسه بل يَعكسُ ضوء الشمس.. وبما أنه يَدور حول الأرض (أي حولنا).. فإنه يَنتج عن هذا تأثير طبيعي هو مرور القمر بأطوار مختلفة أثناء تحركه حول الأرض، فعندما يَكون – بالنسبة لراصد من الأرض – أمام الشمس فإنه يكون محاقاً، لأن أشعة الشمس تأتي من خلفه فلا تُضيء منه إلا الجانب الذي يُواجه الشمس، في حين أن الأرض خلفه فنرى الوجه المظلم، أما عندما تكون الأرض بينه وبين الشمس فإن طوره يَكون بدراً لأن أشعة الشمس قادمة من جهة الأرض.

يُمكن أيضاً الاستفادة من أطوار القمر لمعرفة الوقت الذي نحن فيه من الشهر إضافة إلى موقع القمر التقريبي في السماء ومواعيد شروقه وغروبه التقريبية، فكلما ابتعد القمر عن الشمس (أي ابتعادهما عند يُشاهدا من سماء الأرض، وليس ابتعادهما فعلياً) ازداد اكتماله، لأن الضوء يأتي من خلفه عندما يَكون بقربها، وهذا يَعني أن الأهلة لا تظهر لمدة طويلاً قبل الشروق أو بعد الغروب، في حين أن البدر – على العكس – يَظهر بعيداً عن الشمس. ما دام القمر يُتم دورة حول الأرض خلال شهر، فإن دورة أطوار القمر تستغرق شهراً أيضاً، فالشهر الهجري يَبدأ عندما يَكون القمر هلالاً، وفي وسط الشهر يُصبح بدراً، ثم في آخره يَعود محاقاً، وبهذا فيُمكن تحديد التاريخ بشكل تقريبي عن طريق أطوار القمر.

تسمى أطوار القمر: هلال أول الشهر – تربيع أول – أحدب متزايد – بدر – أحدب متناقص – تربيع ثان – هلال آخر الشهر – محاق، يُسمى "هلال أول الشهر" كذلك لأنه يُمثل بداية الشهر الهجري، وهو هلال متنامٍ، أما التربيع فهو نصف قرص القمر، ويُسمى "التربيع" لأن قرص القمر الذي نراه هو وجه واحد من وجهي القمر، أي أنه نصف القمر، والتربيع هو نصف هذا النصف فيُصبح ربع القمر الحقيقي، والأحدب هو المرحلة ما بين التربيع والبدر، أما البدر فهو القمر المكتمل، وبعد ذلك يأخذ القمر بالتناقص ماراً مرة أخرى بهذه الأطوار حتى يُصبح محاقاً (مظلم بالكامل).



أوجه القمر:

كتلة نصفي القمر ليست متساوية، حيث أن أحد نصفي القمر هو ذو كثافة أعلى من الآخر، ولذا فإن جاذبية الأرض تجعل دائماً الوجه الأكثر كثافة مواجهاً لها، ونتيجة لهذا فالقمر يُتم دورة حول نفسه وحول الأرض خلال نفس المدة، يَعني هذا أننا نرى دائماً نفس الوجه من القمر، وقد لاحظ الفلكيون منذ القدم أن معالم القمر التي نراها هي نفسها دائماً، ويُُسمّى وجه القمر الذي نراه عادةً بسبب هذا "الجانب القريب"، أما الوجه الآخر فيُسمّى "الجانب البعيد"، ولم يَكن بإمكاننا رؤية جانب القمر البعيد حتى أواسط القرن الماضي عندما أُرسلت المسابير الفضائية إلى القمر وبَعَثت إلينا الصور الأولى لذلك الوجه.

يتميّز جانب القمر القريب بكثرة بحاره القمرية، فالبحار فيه كبيرة وكثيرة جداً، فضلاً عن أنه يُوجد فيه المحيط القمري الوحيد وهو "محيط العواصف"، وتشكل هذه السهول البركانية ثلث مساحته تقريباً (31.2%). في حين أن الجانب البعيد يتميّز بقلة البحار القمرية الشديدة عليه، فبالكاد تشغل جزءاً ضئيلاً للغاية منه يَصل إلى 2.5% فقط، إضافة إلى كثرة وكثافة الفوهات الصدمية.


المصدر: المنتدي الفلكي العربي
  • Currently 142/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
47 تصويتات / 4222 مشاهدة
نشرت فى 20 سبتمبر 2010 بواسطة Egypt-Telescope

ساحة النقاش

Ahmed Mokhtar Abd El-fattah

Egypt-Telescope
General Manager »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

323,991