دار حوار بن رجل وصاحبه , فكان ما يلي..

قال لي صاحبي يوما-وقد ظهرت نتيجة امتحان آخر العام , وحصل أبناؤه على درجات منخفضة-:

ماذا أفعل لهم أكثر مما فعلت؟ لقد كنت حريصا على مصلحتهم أشد الحرص , فجلست معهم الساعات الطوال آمرهم بالمذاكرة و أنهاهم عن اللعب , لقد تابعتهم بكل دقة حتى إنهم معظم وقتهم بين كتبهم ,يذاكرون ويجتهدون ووالله لم يعرف اللعب إلى حياتهم طريق , فملذا حدث ؟؟ لقد احترت وتعبت .. فمذا أصنع لهم ؟!

فقلت والحزن يملأ قلبي : جزاك الله خيرا على هذا الجهد الكريم , ولكن اسمح لي أن أقول لك أنك السبب الرئيسي في تأخرهم الدراسي وحصولهم على درجات منخفضة .. فقال مندهشا : ماذا تقول هل هناك أب يضر بأبنائه ؟لا بد أنك لا تعي ما تقول .. فقلت له : لا تنزعج يا صاحبي ودعنا نناقش الموضوع بهدوء:

إن الطفل بفطرته يحب اللعب حتى إنه يمكننا أن نعد اللعب لازمة من لوازم الطفولة , فكيف تحرمه من حاجة ضرورية ثم تتطلب منه أن يتفوق ؟! فبهذا التصرف تجعله يكره المذاكرة دون أن تدري ..
يا صاحبي ..
إن اللعب والمذاكرة وجهان لعملة واحدة , وذلك لأن الصلة وثيقة بين لعب الطفل وتفوقه الدراسي بل و الأخلاقي , حيث إن اللعب لا يراد به قتل الوقت بقدر ما هو نشاط يتخلص به الطفل من إرهاق التحصيل أو الكسل الخاصل بالنوم , ثم إن اللعب يعد لمرحلة أخرى يكون فيها أقدر على المذاكرة بنفس راضية وقلب مستريح ..
ولذلك قال الإمام الغزالي : "ينبغي أن يؤذن له (أي الطفل ) بعد الإنصراف من الكتاب(المدرسة)أن يلعب لعبا جميلا,فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه بالتعلم دائما يميت قلبه , ويبطل ذكائه ,وينغص عليه العيش حتى يطلب الحيلة في الخلاص منه رأسا".

فقال صاحبي :"معنى كلامك هذا أن اللعب يؤدي دورا مهما في حياة الطفل وذلك لأنه المتنفس المشروع للطاقة الهائلة والزائدة عند الطفل وهو الوسيلة للتعبير عن الأنفعالات العميقة عند الطفل والوسيلة للاستمتاع باللعب والسرور والسعادة , ومن خلاله تنمو مهارات الطفل مثل التفكير والفهم والحفظ...
فقلت له: هذا فعلا ما أقصده بل هي الحقيقة التي دفعت العلماء إلى القول "بأن التعلم في الطفولة لا يؤتى أكله ولا يمكن أن يتحمله الأطفال ولا يستسيغوه إلا إذا سبغ بصبغة من الألعاب, إننا نريد طريقة تعليمية ظاهرها اللعب واللهو وباطنها العمل والجد والتعلم و التربية , ولعل السبب في كراهية أطفالنا للمذاكرة هو:
أن معظم نظمنا التعليمية الحاضرة قد غفل واضعوه عن هذا المبدأ , فأسسو بنيانهم على شفا جرف هار , فجأت فاسدة عقيمة , نائية عن طبيعة الطفل , مرهقة لجسمه وعقله...."

فقال صاحبي :
كان الله في عون أبنائنا , إنني لم أكن أشعر بكل هذه المعانة التي يعانيها أبناؤنا فأنا حريص على مصلحتهم فماذا أصنع ؟

فقلت له: لا يصح أن يكون لعب الطفل على حساب واجبات أخرى يكلف بها .. كأن يشغل معظم وقته في اللعب كرة القدم أو ممارسة السباحة .. على حساب حق الله في العبادة أو حق نفسه في المذاكرة وتحصيل العلم,أو حق أبويه فب الطاعة والبر . إن لعب الطفل يجب أن يكون بحدود الوسط والاعتدال وذلك لإيجاد التوازن مع سائر الوجبات الأخرى دون أن يطغى حق على حق أو يتغلب واجب على واجب تحقيقا لمبدأ التوازن الذي وضعه الرسول –صلى الله عليه وسلم- حين قال لعبد الله بن عمرو بن العاص " يا عبدالله بن العاص : إن لله عليك حقا وإن لبدنك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا ... فأعطي كل ذي حق حقه " .
وهنا قال صاحبي: جزاك الله خيرا وأعتقد أن هذه القضية لا تحتاج بعدما ذكرته إاى كثير كلام , فأولادنا ينتظرون العمل والتطبيق , والله ولي التوفيق.

والآن أخي وأختي بعد هذه اللمحة البسيطة ما رأيك فيها ؟؟؟ علما أن نضرتك ستطبقها وستكون لها نتائج , فأيهما تختار؟؟؟؟؟

Education-Learning

Asmaa Alnahrawy

  • Currently 24/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
7 تصويتات / 1871 مشاهدة

ساحة النقاش

Asmaa Alnahrawy

Education-Learning
Instructor »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,538,134